بسم الله الرحمن الرحيم
تمر بنا الأيام ... وتنطوي صفحاتها
ومع بداية كل عام جديد,تتجدد صفحات دفاتر أعمالنا
نبداء العام بدفتر ابيض نقي نقاء اللبن المصفى
ثم ما نلبث أن نملاء صفحات الأيام بعدة ألوان
فيوم تكون الصفحة سوداء مظلمة تشكو من ازدحام الآثام
ويوم تكون الورقات حمراء من شدة ما نلاقي من الآم
وآخر تملاءُ صفحاته بالمداد الشفاف الذي لا يعكر بياضها ولا يشوه من شكلها البسام
وهكذا تمضي الأيام
وتليها الأشهر والأعوام
وعلى حسب عمر كل منا تحسب صفحاته وكتبه المطوية وما أكثرها
تطوى صحفنا ونطوي معها ذكريات أيامنا الماضية
ننسى ما اقترفناه على أنفسنا من معاصي
وننسى أن هذه الصفحات ستفتح لابد يوما ما
حينها لا نستطيع مسح أو تعديل صفحات الحياة
الصفحات التي احتوت كل الألوان
من الأبيض إلى حالك السواد
إننا بمجرد غياب هذه الصفحات ننسى أننا عاهدنا ربنا في بداية كل كتاب مطوي
مع بداية كل عام على أن نقلع عن الآثام
ونقبل بكل جوارحنا على رب الأنام
وهذا النسيان جعلنا نتساهل في ما بعد الطي من الأيام
فقد نأتي الذنب والذنب
والمعصية منا تتلو أختها
لكننا لا نشعر بأننا نسوِدُ صحائفنا
ونعكر صفاء سجلاتنا
وكل هذا لأننا لم نفكر بأنه سيأتي اليوم الذي نقراء فيه كل ما هو مكتوب في هذه الصحف
وهاهي سنة جديدة قد أقبلت وأهلت علينا بأيامها ولحظاتها
ومعها نبداء صفحات كلها بياض ونقاء
ويبقى لنا الخيار في اختيار ألوانها وتعبئة صفحاتها
فان أردنا الراحة الأبدية فلتكن كل ألوان صفحاتنا بيضاء وشفافة
وان أردنا أن نقلِب المواجع و الأحزان فلتكن ألوانها حمراء مؤذية
لان المسلم مهما واجهته من الآم فهو يرضى بالقدر المكتوب ويبتسم ابتسامة الرضا واليقين
ولا يجعل من حياته جحيم
بسبب أشياء لا يستطيع دفعها وان أمضى في الحزن سنين
فما علينا سوى تقوية إيماننا بخالقنا وبارئنا
وان نرضى بما قسمه لنا بعد الأخذ بالأسباب في كل أمورنا
وان أردنا من صفحاتنا أن تكون مخيفة وموحشة فعلينا بريشة سوداء
مدادها المعاصي والآثام
فمن التساهل في الخوض في أعراض المسلمين إلى قضاء الوقت فيما لا يفيد
ومن مشاهدة الحرام إلى سماع المعزف والقيان
ومن الغيبة والنميمة إلى القذف والاتهام
وغيرها مما لا يغيب عن الجميع من المعاصي التي أصبحت لدى البعض من الروتين اليومي
نسأل الله العافية والسلامة
لكن وقبل أن نفكر في التلوين بهذه الريشة علينا أن ندرك العاقبة
ثم بعدها يصدر القرار السليم في اختيار ريش التلوين
أسأل الله العظيم أن تكون صحفنا مليئة بالاستغفار والذكر وحسن العمل والخلق
وأسأله سبحانه أن يثبتنا على الحق
وان يجعل في هذا العام وكل عام النصر والتمكين والعز للإسلام والمسلمين
الروابط المفضلة