انتشرت مؤخرًا موجةٌ من الكتب تُعَلِّم الناسَ فنون اللياقة الاجتماعية أو ما يُسَمَّى الإتيكيت. وتُعَدُّ عودة هذه الكتب بقوة إلى الأسواق ظاهرة جديدة وملفتة للنظر، خاصة مع كثرة الحديث عن الحريات الشخصية التي أصبحت تتعدى على حقوق الآخرين وحقوق المجتمع، وانتشار ظواهر الفردانية والنفعية التي قضت على الكثير من المجاملات الاجتماعية في الأونة الاخيرة .
كنا نعلم أولادنا احترام الكبير، واحترام المرأة، واحترام الجار والمعلم ، وعدم التلفظ بالعبارات الخارجة، والتأدب في الحديث مع الغير .
نشاهد اعداد كثيرة من الجيل الجديد الواحد ممهم لا يحترم والديه بدعوى "عدم التكلف" في العلاقة، ويسُب أصدقاءه بأبشع الألفاظ بدعوى "التَّبسُّط والفكاهة"، ويهزأ من المدرس ورجل الأمن والقاضي والمسؤول ، بدعوى "الحرية الشخصية"، ويسخر من رجل الدين ومن المثقفين والمفكرين لأنهم في نظره "يحلمون بِماضٍ لن يعود، أو مدينةٍ فاضلة لن تقوم"، المهم أن كل المجتمع يستحق السخرية والتهكم والاستهزاء في نظر هؤلاء .
والمرض ليس في هذه النماذج فقط، ولكنه طال بآثاره السيئة معظم فئات مجتمعاتنا. فلم يعد غريباً أن تسمع امرأة تتلفظ بألفاظ معيبة أو رجلاً كبيراً في السن، ولكنه في الأخلاق ليس كبيراً. التعامل بين فئات المجتمع أصبح أشبه بالمصارعة منه بالحوار أو بالتراحم ، نظرتنا إلى بعضنا البعض أصبحت نظرة غريبة لا تمت لمجتمعاتنا وتقاليدنا بصلة. الصغير يتعالى على الكبير، والكبير يحقر الصغير. المرأة تنظر للرجل وكأنه عدو، وتنسى أنه الأب والأخ والزوج والابن.. وينسى الكثيرون أن المرأة هي الأم والزوجة والأخت والابنة، وليست ذلك الكيان الغريب الذي يتعرى ويتلوى في القنوات الفضائية بدعوى "الحرية".
نحن في حاجةٍ إلى عودة "الذوق" إلى كلماتنا؛ ولا يعني ذلك النفاق الاجتماعي البغيض. وفي حاجة إلى سيادة مفاهيم "الاحترام" مرة أخرى في مجتمعاتنا؛ ولا يعني ذلك تسلط الكبير على الصغير أو القوي على الضعيف أو الغني على الفقير. إننا نحتاج إلى استعادة "الأدب" في نظرتنا إلى أنفسنا وإلى الناس وإلى العالَم مِن حولنا.
لقد بُعِث خير البشر صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق، ووُصِف في أفضل كتاب بأنه على خُلُقٍ عظيم، ووصفته زوجته عائشة رضي الله عنها أن خلقه كان "القرآن".
من أين تستمِد أخلاقك؟ وما هو مصدر "اللياقة الاجتماعية" أو الإتيكيت الذي تتحلى به؟ قد يطول بك البحث عن خيارات معاصرة تناسب حضارة القرن الحادي والعشرين، ولكنني أجزم أنك - في النهاية -
ستجد أن أفضل كتاب معاصر يجمع أسمى معاني اللياقة الاجتماعية لزماننا القادم هو الكتاب الجامع الشامل لكل امورنا موجود في المكتبات والمساجد يُسمَّى "القرآن". . وبه فقط مستطيع ان نعيد اخلاقنا المفقودة لحياتنـــــــــــــــــــا ،،،
الروابط المفضلة