أقسم لن أرثيك يا بغداد فما سقطتِ .. بل سقط الغزاة وانتحروا على أسوارك..
في مثل هذا اليوم.. بعد مرور 5 سنوات بظل الحرية الحمراء المجبلة بدماء الأبرياء وديمقراطية الشواذ وعدالة القابعين بسراديب العفن المجوسية, التي أرساها المحرر الأمريكي وأقام دعائمها سواعد شذاذ الآفاق وسفاحي العصر وشراذم البغاة وأفاقي العهد الأسود البهيم, ففاضت أزقة بغداد حفلات موت وزيّنت الشوارع عزاءاً وتوشحت بالسواد..
ورفرفت بيارق جيوش الموت بانتصارها على بيوت الله وأئمتها وهللت بتمزيق المصاحف والقرائين, وصرخ جندي الامام المنتظر: (هيهات منا الذلّة) وهو يفجر منارة لمسجد وسحل حافظ قرآن ونحر مسنٍ حتى لو كان في السبعين.. والجنديّ الأمريكي يقهقه منتشياً.. فبغداد الرشيد أضحت بيد قطاع الطرق وسراق قوت الثكالى وتجار الموت والقبور..!
في مثل هذا اليوم يتذكر كلّ عراقيّ حمل بعروقه نبض الوطن الجريح, شواهد النهب والسلب والتنكيل.. وسرقة وطن بوضح النهار بيد دعاة الدم قراطية ورافعي راية المظلومية والناعقين بالتحرير, فحرروه من قيمه وثرواته وارثه وحضارته وتاريخه, وحرقوا الحرث والنسل وخطفوا اللقمة من يد الطفل اليتيم.. شهدوا أشلاء الصغار تمزّق والوطن يهدم.. ويصرخون : هل من مزيد.. فيضاعف المحتل المحرقة ويجعل من شعبنا وقودها.. ويعاود المارق الدجال صارخاً: هل من مزيد..!
وكأنّ دعاة المظلومية قدموا من أجل التمتّع بأهازيج الموت البطيء والطرب على نواح المعذبين وبكاء الثكالى والمحرومين, حولوا الوطن لزنزانة, ونحروا كلّ وطني شريف.. زرعوا الفتن والمحاصصة وتبادلوا العناق وهم يرتدون عمائمهم العفنة مع الشيطان الكبير..! والقطيع الضال يسير بجيوش الموت وفرق القتل يجوب منفذا الاعدام بالمفكرين والأدباء والقادة والغيارى المخلصين.. وهل يا ترى اكتفى لاعقي بساطير الاحتلال بهذه المذبحة التي فاقت ما ارتكبه هولاكو..! لا.. إنهم ما زالوا يصطرخون هل من مزيد..!
تناسوا أن النار المضطرمة التي أوقدوها ستحرقهم.. فها هم حلفاء الأمس يحرقون بعضهم البعض والمحتل المنتشي غارق لأذنيه بدماء جنوده وخراب اقتصاد بلاده وفضائح قادته وانهيار كلّ ما فيه.. وها هي عروش الذل والعار المستعربة تتجرع سمّ مشاركتها بجرم احتلال العراق.. فلعنة الوطن ستحرق كلّ من شارك بهذه المقتلة الآثمة.. نعم إنه تاريخ يعيد بنا الذاكرة لذلك اليوم المشؤوم.. لكنه العراق العظيم ما أن يكبو حتى ينهض..
تناسى هؤلاء الذين أصيبوا بفقدان الذاكرة, ونسيان التاريخ أن في العراق رجالاً جرعوا امبراطورية الشر السمّ الزؤام, وأبكوا جنودها وجعلوا البعض منهم يدفع ثمن هروبه, والبعض الآخر أضحى حبيس القهر والجنون والادمان.. تناسوا أنها أسقطت اكذوبة الجيش الذي لا يقهر.. وتناسوا أن هذه الامبراطورية الآفلة سيكون انهيارها على أيدينا.. كما انهارت قبلها امبراطوريات فارس كسرى والتتار..
فالعراق باقٍ وهم من سيندثرون..
العراق باق وهم من سيقبرون..
سيذكر التاريخ هذا اليوم.. يوم بزوغ أعظم مقاومة مرغت أعتى قوة في الأرض ودقت مسمار في نعشها..
وسيذكر أن العراق ماردٌ جبار ما أن يكبو حتى ينهض شامخاً..
نعم أقسم أني لن أرثيك يا بغداد فما سقطتِ ولكن سقطَ العالم الحرّ بأسره وقبلهم سقط وانكشف المتأسلمون وحملة شعارات المظلومية الذي سيحشرون مع جوقتهم بمزبلة التاريخ.. فلينتظروا مصيرهم المحتوم.. فشمس ظلمهم قاربت على الافول..
الروابط المفضلة