كغيره من ملايين البشر, باسم كان ماراً بهذه الحياه بدون هدف محدد. لا ليس بالضروره هدفه في الحياه فذاك يعرفه تماماً, ولا حتى شعوره بخدمه البشر, فضميره حي. ولكن احساسه بالانتصار, ذلك الانتصار الشخصي الذي لا يشاركه به احد الا هو, يرافقه شعور بالفخر.
الى ان انتاب باسم بدون ايه مقدمات, شعورغريب, شعور لم يخالجه من قبل, شعور بفهم رسالته في هذه الحياه. وذهب من توه في حديقه سريه منزويه من الافكار, كانها غار وحدته. فابتسم, ثم نظر حوله عسى احداً يراقبه, وما ان اختلجه ذلك الشعور الا ان قام من توه بتجاهله بضحكه دوت في اصداء هذه الحديقه السريه المملؤه بكل ما في وجدان هذه الحياه من جمال. ثم تبعها بضحكه اخرى واخرى واخرى. ثم راح يهرول حول الحديقه, وحوله فراشات ترفرف ترحيباً به وبفهمه معنى الحياه, ومعها انظمت مجموعه من الطيور كثيره الاشكال والالوان. ترفرف فوقه بجوقه موسيقيه تفتقر الى الاوتار والدفوف, ولكنها تحمل اسمى واجمل ايات الالحان, موسيقى ازليه لا تسمع وانما تُحس.
فراح يرقص على انغامها وهو يطارد الفراشات الجميله تاره, ولاحق صغار الحيوانات التي هي الاخرى لا تريد ان تفوت على نفسها هذا الحفل الكريم. والوان الطيف الشمسي التي بدورها ابت الا ان تسدل الوانها عليه كسجاده نسجت من نور. لم لا, فباسم اكتشف سر الحياه.
اكتشف انه من الجميل ان تحب الاخرين, ومن الرائع ان تتمنى لاخيك ما تتمنى لنفسك. انه من ابعد حدود الانسانيه ان تحب العطاء.
لم؟ لان في العطاء حب وجمال وانسانيه, ان في العطاء حياه. ولكن ايضاً, اكتشف باسم لتوه ان في العطاء ربح ايضاً.
ما خطر في بال باسم ابداً ان يحب لنفسه ما يحبه للاخرين, خوفاً من ان تقف نفسه بينه وبين الناس, فتغلب انانيته عطاءه.
ولكن لا, لقد اكتشف باسم من توه ان حب النفس الكريمه لا يمكن ابداً ان يقف بين الانسان وعطاءه للاخرين. وانما على العكس تماماً, فالشعور بغبطه العطاء يزيد النفس الكريمه اصراراً على العطاء. فما تاخذ النفس بالمقابل هو اكبر بكثير من العطاء نفسه, تاخذ النفس الكريمه الازليه والخلود. هذا الى جانب الحب التي سوف تغدقه عليه سائرالبشر من حب وامتنان.
وبعد الرحيل, تبقى صورتك وعطاءك في قلوب الناس وحكاياهم للابد, اسطوره, اسطوره تتغنى بها الاجيال لمئات بل الاف اذ لم يكن ملايين سنين قادمه.
فما اجمل ان تتمتع بعطاءك وانت تعطيه, بذلك الطبق الشهي من المحبه, وعندما تحين ساعه الوداع.
ياتي غيرك وياخذ مكانك في الحياه, وعندما يسئل القادم الجديد عن سر نظرات البشر اليه, يخبروه انه كان قد اخذ مكان رجل كريم, قد يرفض في بدايه الامر ان يتحمل المسؤليه, ثم يخاف من الموت او الفشل, ولكنه حالما ياخذ نظره عميقه في اعماق ما ورث عنك من عطاء, فانه بالتاكيد سوف يتقدم الى الصداره وياخذ زمام الخير. وينشره ابعد وابعد مما عجزت مخيله باسم عن ادراكه.
فراح يقفز فرحاً, ثم تسائل في قراره نفسه بعد وهله, اذا كانت ارجلك لا تلامس الارض, فهل هذا يعني انك تطير, هزت الفراشات والطيور رؤؤسها بانحنائه جميله. وهي تحمله فوق السحاب, بالموافقه. فابتسم باسم ابتسامه تدل على الامتنان.
الروابط المفضلة