إن اقتتال المسلمين واليهود مشروع ، وقربى إلى الله سبحانه ، أما أن يكون الاقتتال بين المسلمين والمسلمين – وإن تعددت مشاربهم – فهذا أمر يحتاج إلى دراسة ، لقد طالعتنا جريدة الأهرام المصرية فى يوم 15/6/2007م ص/1 بأن حصيلة الاقتتال بين "الفرقاء المسلمين" بفلسطين خلال أربعة أيام فقط (47) قتيلا و (107) من المصابين ، وواسعادتاه يا يهود !! إن حصيلة المجازر اليهودية بفلسطين عند اجتياحها لمخيم جينين أو للضفة بعددها وعدتها وقوتها وغيظها لم يبلغ هذا الرقم المعلن!! وسمينا ما فعله اليهود بإخواننا بفلسطين "مجزرة" وهب العالم كله غاضبا (طبعا) مستنكرا منددا ... أما اليوم ، فإن المصيبة أن القتل بيد الأخوة الذين انقلبوا بحكم المخطط لهم إلى "أعداء".
وأصل الحكاية منذ سنين عندما شاركت حركة حماس فى العملية الانتخابية التشريعية ، وعندها قلنا إن الحركة قد تجاوزت الخطوط ، وأن اليهود والأمريكان سيفسحون المجال لنجاحها لتحقيق عدة أهداف:
1) اختبار قوة الاتجاه الإسلامى فى هذه المنطقة الحساسة استراتيجيا ؛ لشدة قربها بل محاككتها للكيان اليهودى!!
2) معرفة ما يمكن أن يطبقه الحل الإسلامى لو تمكن من صنع القرار ؛ لاتخاذ التدابير المناسبة لإجهاضه وإجهاض كل حركة مشابهة فى الظرف المشابه فى الوقت المناسب.
3) تعرية الحركة عمليا ، وإفشال سعيها ، وتخسيرها أمام المستويين المحلى والإقليمى بل والعالمى.
4) إنهاك الحركة والقضاء عليها من خلال تسميم وتعكير الأجواء بالخلافات الأيديولوجية والدينية ، التى قد تفضى إلى مواجهات عسكرية دامية.
إنهم لن يسمحوا مطلقا بوجود إسلامى حاكم فى هذه المنطقة ، إلا فى ظروف خاصة وخاصة جدا ، هذه الظروف يتأباها أصحاب المناهج والعقول النيرة والقلوب القوية الموصولة بالله ... وعليه فإن الجهد والاجتهاد لا يكون فى تضييع الأوقات والفكر والأموال فى عملية انتخابية فسادها أعرض من مصالحها ، وشرها المتحقق أعظم من خيرها المظنون ، بل يكون بتربية جيل صالح وتهيئة الأمة لقبول الإسلام عقيدة وشريعة حَكَما وقدوة وإماما ، قبول الإسلام الذى يقود الحياة إلى الله ، الإسلام لتصبغ الحياة فى شتى مناحيها (الاقتصادية ، التربوية ، التعليمية ، الاجتماعية ، الإعلامية ، العسكرية ، السياسية ، الرياضية ...).
وعليه كانت النصيحة لإخواننا – أصحاب الطرح الانتخابى – ألاّ جدوى من ذلك ، والسبيل هو التربية ، وألا يكونوا أداة طيعة – دون قصد – فى يد عدوهم ... نعم هم إخواننا ، والرئاسة مدعومة من أمريكا وإسرائيل تريد الاستيلاء والاستعلاء على القرار الحاكم فى فلسطين ... نعم هناك ضغوط هائلة تمارس على "حماس" لتخضيعها وتقليم أظافرها الدينية وسحب إرثها التاريخى ... نعم محاولات الإفشال المتعمد للحركة بمنع دخول الأموال وتقييدها محليا ومحاصرتها كى لا تقوم بدورها المؤثر ، بل تقصد هذه المحاولات حرق أوراق الحركة على المستوى الاجتماعى عند المواطن الفلسطينى الذى يقيم الأداء فى ضوء الخدمات!!!
نتفهم جميعا ، ونعلم أن ما حدث ما حدث إلا بعد ضغوط هائلة مارسها الأمريكان واليهود وأذنابهم ، لكن أليس من الأولى أن نقبل النصح ، وتتسع صدورنا لنقبل الرأى المخالف لندرسه ونقيمه ، ولو كان صوابا – ولو من عند الكفرة – أجريناه وطبقناه وفق ظروفنا وإمكانياتنا ... سامحهم الله!!!
وليس أَدَلّ على ما ذكرت من أن هذا الاقتتال أدَّى إليه وشجع عليه وقواه وأشعله: اليهود ، ما ذكرته جريدة المسائى المصرية اليوم (الجمعة 15/ 6 /2007) أنه يوم الخميس الفائت 14/ 6 تقمص اليهود شخصية المتحدث الرسمى للحركة الإسلامية (حماس) وذلك على قناة الفضائية الإخبارية "العربية" وأدلى ببيانات وتصريحات على الهواء مباشرة عقب دخولهم على محمول "المتحدث الرسمى" الأمر الذى دعى إلى مسارعة الحركة إلى نفى ما حدث!! ما هذا؟!!
إن الحل ، لن يكون فى المؤثرات أو الدائرة المستديرة أو المربعة أو المكعبة!! ولكن فى التفكير الصحيح المرتبط بالإسلام روحا وشرعا وقصدا ، لابد من تربية الأجيال على الإسلام بدلاً من تربيتها على الانتماء الحزبى الضيق الذميم ، لابد من أن يتسع نطاق الاعتقاد ليتجاوز مرحلة المعرفة ليعانق الممارسة والعمل ، نريد المسلم العقائدى القوى لا المسلم الخوار الشائه الضعيف ، حقيقة هذه نفثة مصدور فى خبر لعله لا ينتهى ، لاسيما فى ضوء الأحداث المتلاحقة الأخيرة ، والتى ستنتهى – حتما إلى إيجاد صيغة للتفاهم لن تكون حلا ، بل ستكون بداية الفوضى الشاملة ... فالحذر الحذر ، وعليها بالمتين المكين ، والله يهدينا سبيله المستقيم ، وإلى لقاء فى خبر أفضل ، ولعل هذا التعليق يغنى عن مقال الأسبوع.
منقول من موقع البصيرة (الموقع الرسمى للدكتور أحمد النقيب)
واليكم رابط لبعض دروس الشيخ الدكتور أحمد النقيب حفظه الله: ومضات من الخير
الروابط المفضلة