بسم الله الرحمن الرحيم
أختي الفاضلة ......... ،
السلام عليكم روحمة الله وبركاته وبعد ،
فقد قرأت ما تفضلت بالاستفسار عنه في موضوع ............... ،
ولم أشأ أن أرد عليك في نفس الموضوع لأني لا أود إثارة أمثال هذه الأمور ، بل يعلم الله كرهي الشديد للتنابز واتهام النيات والكلام في أعراض العلماء والدعاة ،،
ولذا عمدت إلى إرسال هذه الرسالة لكم تبييناً لما خفي عليكم ، سائلاً الله تعالى لي ولكم التوفيق والصلاح في الدنيا والآخرة .
أختي الفاضلة ،
إن الصفة التي امتدح الله بها الخلف هي في قوله تعالى :
{ والذي جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم } ،
ولذا كان الواجب علينا أن نقتفي هذه الآية وأن نطبقها واقعاً عملياً ، وأن ندعو لأنفسنا ولإخواننا بالمغفرة ، وأن نطهر قلوبنا من الغل والحقد لأي أحد من المؤمنين ، بل الواجب علينا ولاء المؤمنين ظاهراً وباطناً ،،
نعم ، لقد قرأت ما ذُكر ..... ، ولقد استأت أشد الاستياء أن يوصف الشيخ ...... بمثل هذا الأوصاف ،
لربما أخطأ الشيخ ...... في مسائل جانبه فيها الصواب ، وتبيت فيها خطؤه ،،
ولربما اجتهد في أمور يحتملها الدليل لم يوافق فيها غيره من المجتهدين ،
فلنقبل من الشيخ وفقه الله ما وافق فيه الحق الذي نعلمه ،
ولنرد عليه فيما أخطأ فيه بالتي هي أحسن ،
ولنعذره مع بذل النصح له ،
ثم لنترك ما تنازع هو أو غيره فيه من مسائل الاجتهاد التي لم يرد فيها نص قاطع ، والتي فيها مسوغ شرعي للخلاف ولكل دليل فيها .
إن نقل نزاع العلماء في مسائل العلم ليكون مجال تجريح في العلماء واتهام نياتهم والنيل من أعراضهم من الأمور المنكرة التي يجب أن نتنبه لها ،
بل لقد حرص كبار علماء الأمة على أن أقوالهم إنما هي آراء قابلة للأخذ والرد ، ولقد أثر عنهم كلهم ( أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ) أنه إذا وجد الدليل يخالف ما ذهبوا إليه ، فالواجب أخذ الدليل وطرح أقوالهم ،،
فإذا كان هؤلاء العظماء رحمهم الله أثر عنهم هذا الأمر ، فما بالكم بمن دونهم ؟!!
إن الشيخ الفاضل ....... رحمه الله من العلماء الذين نحسبهم من الصادقين ولا نزكيهم على الله تعالى وله جهده وجهاده وعلمه الذي لا ينكر ، ولكن لا نفترض فيه ولا في أحد غير النبي صلى الله عليه وسلم العصمة وعدم الخطأ حتى كبار الصحابة ، فكل أحد - كما قال الإمام مالك رحمه الله - راد ومردود عليه إلا النبي صلى الله عليه وسلم .
ولكن فضلهم - أعني الصحابة والعلماء - محفوظ ، وقدرهم في النفوس محفوظ ومحبتهم وموالاتهم واجبة واحترامهم وتوقيرهم أمر متحتم ولازم ، ولا يعني ذلك إن أخطأ أحدهم أن ننسف بكل فضله وسابقته ،،
نعم ، ما ضر الشيخ .......أن لا يعرفه الشيخ ......،
وما ضر الشيخ ...... أن يخالفه غيره في مسائل الاجتهاد التي يحتملها الدليل ،
إنما يضره لو خالف في تلك المسائل التي لا مجال للاجتهاد فيها أو دليلها ظاهر وواضح ؛ كمسائل الإيمان الكبار فتلك لا يُقبل فيها الخلاف ، ونرده على من جاء به كائناً من كان ، مع ما ذكرت سلفاً من أنه ينبغي أن نحفظ للعلماء سابقتهم وإن أخطئوا ، فيجب علينا نصحهم والدعاء لهم بالهداية ،،
إن مما يؤسف له أن تكون صفحات الانترنت مجالاً للنيل من العلماء والدعاة ، وأن تبلل أفكار عوام المسلمين وتوغر صدورهم على علمائهم ودعاتهم أو تشكك العامة في علمائهم ودعاتهم ،
إن هذا الأمر مما يؤسف له أشد الأسف ،
ولذا فإن الواجب على المسلم أن يتخير من المنتديات ما يراه أصلح لدينه ، وأن يبتعد عن كل شائبة تشوب ذلك ، كما يجب عليه أن يحسن الظن بالعلماء ، وأن يدعو لهم بالصلاح والتوفيق والهداية إلى طريق الحق والثبات عليه ،
وقبل ذلك كله عليه أن ينشغل بعيب نفسه قبل عيب الآخرين ، وأن لا يتكثر من لحوم العلماء فإنها مسمومة ،،
وإن كان من أهل العلم وطلبته وجب عليه أن ينصح لهم بالسر دون التشهير واتهام النيات ،، إلا إن كان الأمر أمراً عاماً لا يحتمل التكتم عنه فلا بد من النشر نصحاً للأمة ، لكن مع الاقتصار على المراد دون التجريح والقذف والسب والثلب ،،
أسأل الله تعالى لكم التوفيق ،
وأعتذر إن كنت قد أزعجتكم برسائلي ، فو الله إن قصدي النصح ، بارك الله فيكم ، وأصلح الله لي ولكم النية والذرية ،،
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم ،،،
أخوكم
صوت الأحساء .
الروابط المفضلة