تأملات في الواقع (9) ... [حسين بن محمود] 2 رجب 1428هـ

بسم الله الرحمن الرحيم



لال مسجد

قبل أيام انتهت فصول كارثة جديدة من كوارث الأمة الإسلامية على يد جنود سعوا في خراب بيت من بيوت الله .. وقد بيّنت هذه الكارثة عظم وقاحة المرتدين وتخاذل المسلمين عن نصرة الدين .. أيام ، والمسجد الأحمر محاصر ولم تحاول الأحزاب "الإسلامية" فك الحصار ومنع أفراد مرتزقة "مشرف" من قتل المصلين وطلبة العلم والنساء والأطفال داخل بيت الله !! لما انتهت المأساة خرج علينا "قاضي حسين أحمد" ورفاقه بمظاهرات في شوارع البلاد منددين ومستنكرين !! أين كانت هذه الأحزاب وقت الحصار ووقت قذف المسجد بالرصاص والقنابل !! أي كانت هذه الأحزاب يوم تبايع من بداخل المسجد على الموت لتحيى أمة السند المخدّرة !! لقد كانت ردة الفعل الهندية يوم هدم المسجد البابري أفضل من هذه الأحزاب السياسية "الإسلامية" !!

ماذا بعد هدم مساجد الله يا باكستان !! هل يكون الإنتقام بقتل بعض رجال الجيش هنا وهناك !! وهل يعتقد هؤلاء بأن مشرف يأبه بهؤلاء الجنود أو يحزن عليهم !! ألا يستحق بيت الله أن يسفك له دم "مشرف" ورفاقه وكل من شارك في تلك العملية القذرة !! ألا يستحق بيت الله أن ينقلب الشعب الباكستاني المسلم من أجله على هذه الحكومة المرتدة العميلة فتقطع رقاب من شارك في مذبحة المسجد الأحمر !! والله لو قتل مليون "مشرف" لما وفّى قطرة دم طفل أو امرأة أو رجل مسلم داخل ذلك المسجد الطاهر ..


ماذا ينتظر المسلمون في باكستان وقد : باع مشرف بلادهم للنصارى ، وجعل قاضي قضاتهم هندوسياً ، وطوّق قدراتهم النووية ، وأهان علمائهم ، ودمر مساجدهم ، وقتل أطفالهم ونسائهم !! ألا ينتدب له من باع نفسه ابتغاء مرضاة الله !! أليس في جنرالات الجيش الباكستاني مسلم واحد !! هل فعلا استطاع برويز تفريغ الجيش الباكستاني من المسلمين !! هل يعتقد أي جنرال في الجيش الباكستان أن ينتطح على قتل برويز تيسان !! إن الذي يقتل مشرف اليوم سيكون بطلاً إسلاميا قوميا مخلّصاً للبلاد من هذا الكافر المرتد الخائن العميل ..





نهر البارد



أكثر من خمسين يوما والمسلمين محاصرون في نهر البارد .. أكثر من خمسين يوما وهذه الثلة المجاهدة تتصدى للجيش النصراني الماروني المدعوم من أمريكا وفرنسا والرافضة والمرتدين الفلسطينيين وحكام العرب المرتدين ويهود !! تذكرنا هذه الأحداث بخبر أخرنا به النبي صلى الله عليه وسلم يقع في آخر الزمان ، فقد جاء من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ ، فإذا تصافوا قالت الروم : خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم ، فيقول المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا ، فيقاتلونهم فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدا ، ويُقتل ثلث هم أفضل الشهداء عند الله ، ويفتتح الثلث لا يفتنون أبدا ; فيفتتحون القسطنطينية فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان : إن المسيح قد خلفكم في أهليكم فيخرجون ، وذلك باطل ، فإذا جاءوا الشام خرج .. فبينما هم يعدون للقتال يسوون الصفوف إذ أقيمت الصلاة فينزل عيسى بن مريم فأمهم ، إذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء فلو تركه لا نذاب حتى يهلك و لكن يقتله الله بيده ، فيريهم دمه في حربته" (رواه مسلم) ..



هذا الحديث فيه فوائد كثيرة جدا لمن تدبره ، فمنها :



1- أن الروم النصارى لا زالوا حربا على المسلمين ، فما يسمى بسلام دائم وشامل ليس له مستقبل ولن يدوم وإن صدق اليهود والنصارى في بعض وعودهم الكثيرة الكاذبة .

2- وأن الملاحم لا تزال قائمة في الشام : فالأعماق ودابق موضعين بجانب حلب.


3- وأن جند الشام سيرجعون إلى سابق عهدهم من جهاد وتضحية.

4- وأن أهل المدينة (أهل الحجاز) سيكونون مجاهدين في آخر الزمان ، وهذه بشارة بأن مُلك حكام الرياض الخونة زائل لا محالة .. وفي أحاديث أخرى أن أهل "عدَن أبْين" (منطقة في اليمن) سيخرجون مع هذه الجيوش الإسلامية مددا لهم.

5- وأن أحكام السبي المعطلة سترجع وسيسبي المسلمون من الروم ، وهذا تكذيب لمن قال بأن هذه الأحكام لم تعد تصلح الآن.

6- وأن عقيدة الولاء والبراء باقية وستكون قوية جدا في آخر الزمان.

7- وأن الأخوة الإسلامية ستتوطد أواصرها في آخر الزمان.

8- وأن القسطنطينية ستفتح فتحاً آخر غير الفتح الأول ، ولا ندري أتكون المدينة بيد الأتراك أم بيد الروم حين فتحها ، وجاء أنها تُفتح بالتهليل والتكبير ، وأن بعدها فتح روما.

9- وأن الجهاد في آخر الزمان لن يكون بجيوش نظامية تأخذ راتبا من دولة ، لأن هؤلاء لا يُعطون غنائم ، وإنما سيكون ستكون الشعوب المسلمة هي الجهادة في سبيل الله. وهذا يدل على أن المجاهدين هم المنصورون إعلاميا وعمليا ، وأن جند الله هم الغالبون ، وأن المستقبل لهم إن شاء الله. وأن جميع محاولات الكفار لطمس معالم الجهاد مصيرها الفشل بإذن الله.

10- وأن الدعايات الإعلامية والإرجاف والكذب والحرب النفسية من قِبل الأعداء باقية إلى ذلك الوقت.

11- وأنه لا زال البعض يصدق دعايات الأعداء وإعلامهم الكاذب المخادع.


12- وأن الشام ستكون بأيدي المسلمين ، وأن هذه الحكومات المرتدة العميلة ستصير إلى زوال.

13- كذب نظرية "نهاية التاريخ" السخيفة ، فالعاقبة ستكون للمتقين.



إنما تذكرنا هذا الحديث لقرب الموقع من نهر البارد ، ولأن النصارى اجتمعوا على حرب المسلمين ، ولأن بعض أهل الحجاز نهد لنصرة المسلمين في نهر البارد .. ولا نزعم بأن هذه الحادثة هي التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما هذه تشبهها في بعض حيثياتها ، وليست هي ..

إن المرء ليعجب من صمت المسلمين اليوم !! ألا ينهد بقية شباب الإسلام يتخطفون جيوش النصارى ويجتثونهم من فوق الأرض المباركة !! هل ينتظر المسلمون أن يموت هؤلاء المرابطون ثم يخرجون في مظاهرة باردة كما جرى في باكستان !!





إذكاء الفتنة بالوهم



نشاهد اليوم مسلسل التراجعات الأمريكية في العراق : فالديمقراطيون وبعض الجمهوريون يكتبون مذكرات تلو أخرى لبوش كي ينسحب من العراق ، وبوش يعترض ويستخدم حق النقض ، وأهل العراق بين شد وجذب وأمل وخيبة أمل .. هذه الحرب النفسية الرخيصة ينبغي أن لا تنطلي على المجاهدين ، فبقاء الأمريكان في العراق أمر لا يقرره بوش ولا حكومته ، بل هي استراتيجية قومية مصلحية كان مخطط لها قبل بوش ، بل قبل كلنتون .. هذه التصريحات والمناوشات السياسية ما هي إلا لعبة وخدعة يخدع بها الأمريكان بعض المسلمين في العراق فيمنّونهم ويُطمِعونهم فيشتد هؤلاء لمنافسة بقية العراقيين قسمة ما بقي من غنائم العراق ، ويتناحر المجاهدون فيما بينهم للسيطرة على مناطق نفوذ ، وتعمل الطائفية عملها ، وينسى المسلمون جهاد الأمريكان ويتقاتلون فيما بينهم ، وتستغل أمريكا هذه الفوضى لتقوية مركزها وبناء قواعدها العسكرية في الصحراء العراقية استعدادا لغزو بقية البلاد الإسلامية ..

إن هذه الحيلة بسيطة رخيصة ولكنها مؤثرة :


يخرج الأمريكان أم لا يخرجون !!

أعلنوا ، ولكن تراجعوا !!

ناقشوا ، لا بل اختلفوا !!

فيذهب عقل المسلم بين هذه المتاهات لتزرع الإحباط المتكرر اللاشعوري في قلبه فينعكس على فعله ..

إن الجهاد لا ينبغي أن يتوقف حتى لو خرج الأمريكان من العراق ، ولو توقف لحظة فإنها المعصية لله ، لأن الأمر سينقلب قطري لا إسلامي ، والجهاد فرض عين لاسترداد بلاد الإسلام .. ولو تقاعس المجاهدون فسيكون بأسهم بينهم ، فيفشلون وتذهب ريحهم (كما حدث في أفغانستان في الحرب الأولى) ..

ينبغي أن لا يخرج الأمريكان قبل النكاية بهم ، نكاية لا ينسونها أبدا ، ويشرّدُ بهم من خلفهم ، وليكن شعار المجاهدين في هذه المرحلة "لا يجتمع كافر وقاتله في النار أبداً" (مسلم) ، فليكثر المرء من الزج بالكفار في جهنّم فلا يراهم بعدها أبدا ولا يجتمع بهم ..

ثم ليعلم المجاهدون بأن الجهاد لا يتوقف بخروج الأمريكان ، فهناك الحكومة الرافضية الكافرة ، وأهل الرفض والردة ، ثم بعد هؤلاء : النصيرية في دمشق ، والمرتد في عمّان ، والنصارى في لبنان ، واليهود في فلسطين ، وحكومات الردة في مصر وبلاد المغرب وجزيرة العرب وبلاد فارس والسند والهند وخراسان وما وراء النهر ، ثم القسطنطينية وروما بإذن الله ..

لقد كانت بداية القائد "عماد الدين زنكي" من الموصل ، ثم استرجع ابنه "نور الدين محمود" بلاد الشام ، واسترجع قائده "صلاح الدين الأيوبي" مصر من يد الرافضة ، فكانت بداية تحرير بيت المقدس من العراق بعد ثلاثة أجيال مجاهدة في سبيل الله ، ثم لما أوقف الأيوبيون الجهاد سلط الله عليهم التتر فاستباحوهم وأبادوا خضرائهم حتى رُفع علم الجهاد على يد المماليك البحرية في مصر ، إنها سنة الله التي بينها نبينا صلى الله عليه وسلم حين قال "ما ترك قوم الجهاد إلا عمهم الله بالعذاب" (رواه الطبراني في الأوسط ، وحسنه ابن النحاس الدمياطي في "مصارع العشاق " (1 / 107) ، وهو في السلسلة الصحيحة 2663) ..






بين بلير وغوردن



في اللحظات الأولى من ذهاب بلير ومجيء خلفه "غوردن براون" فُتح ستار المسرحية البريطانية التي عنوانها : "الإهاب باقٍ" ، فهذه سيارة مفخخة ، وهذه قنبلة ، وهنا مواد متفجرة ، وهذه مجموعة من العناصر الأساسية للصناعات العسكرية وجدت في بيت رجل مسلم .. الملفت للنظر أن هذه المسرحية لم تكن بالمستوى البريطاني المعهود ، فمحتوياتها كانت ضعيفة ، وكاتبها لم يكن شكسبير ولا نصفه ، فهذه السيارات التي شك فيها أدق وأعقد جهاز مخابرات في العالم لم يستطع خبرائه معرفة كنه المتفجرات التي فيها ففجروها عن بعد دون فحصها !!

هل يُعقل أن يترك "إرهابي خطير" سيارته المليئة بالمتفجرات ويذهب يأكل "فش آند تشيبس" (سمك وبطاطس : وهي وجبة بريطانية مشهورة عندهم) في مطعم في الزاوية لتأتي أجهزة المخابرات وتكتشف سيارته فتفجرها !! ليست سيارة واحدة ولا اثنتان !! لا ندري من ننتقد : أهذا "الإرهابي" الغبي الذي دوّخ أمريكا والإتحاد السوفييتي وهزم دول العالم كلها (في العراق وأفغانستان) ثم لم يُحسن أن يفجر سيارة مفخخة واحة في وسط لندن بعد عدة محاولات ، أم المخرج البريطاني الذي لم يحسن اختيار حيثيات مسرحيته اللاشكسبيرية !! إنها فلسفة حكومية بريطانية وليست فلسفة "بليرية" فقط : فغوردن براون أراد أن يقطع الطريق على من يعلم أنهم سيطالبونه بسحب قواته من العراق فعمل هذه المسرحية السخيفة على عجل ليقول للناس : إن الإرهاب باق ولو ذهب بلير ، وهو إنما يقول : إن رئيس وزراء بريطانيا لا يزال كلباً على عتبة البيت الأبيض (على حد وصف الصحافة البريطانية) ..





اقتراح



لماذا لا يعلن المجاهدون قيام وحدات خاصة مدربة تدريبا عالياً دقيقا هدفها : استئصال الحكام وأصحاب السلطة خاصة : من أمثال بوش وبلير ومشرف وغيرهم ممن كانوا سببا مباشرا في قتل المسلمين وتخريب ديارهم وحرب دينهم .. لا يكفي أن نقاتل الحكومة الأمريكية ونترك بوش وتشيني ورامسفيلد وإخوانهم الذين جمعوا مليارات الدولارات من وراء قتل المسلمين وتدمير بلادهم بعد فترة حكمهم ليستمتعوا بهذه الأموال ، وقل هذا عن بلير الذي انتهت فترة حكمه وأصبح هدفا أسهل .. لماذا نتركه يذهب هكذا دون عقاب ونتعامل مع خليفته !!

إن الشباب المجاهد المستعد لعلميات الإنغماس يستطيع أن يصل إلى بلير بطرق خاصة بعد تدريبات خاصة ، ولا بأس أن يكون لكل فرد من هؤلاء خلية خاصة هدفها تصفيته ولو أدى ذلك إلى انتظارها سنوات ، فلا ينبغي لهؤلاء أن يبقوا أحياء دون عقاب مزلزل يخلع قلب من تسول له نفسه معاداة أهل الإسلام ، وإذا كان الشباب يستطيعون الإنتظار تسعة أشهر لتفجير سفارات كينيا ونيروبي ، فلينتظروا تسع سنوات لقتل بوش وبلير ومشرف وتشيني ورامسفيلد وأمثالهم ، وإن مات أحدهم فليقتلوا أبناءه وليسبوا ذراريه فهم حربيون ..


بذلك يعلم صناع القرار ما ينتظرهم إذا فكروا في إيذاء المسلمين ، وهذه الحرب ليست بين الجيش الأمريكي والمسلمين وإنما بين صناع القرار في الحكومة والشركات الأمريكية وبين المسلمين ، ولو أُعطي الجندي الأمريكي الخيار لولّا هاربا من بلاد الإسلام ، فهؤلاء كالأنعام يسوقهم ساستهم للذبح على أيدي المجاهدين ..





جند الدجال



قال النبي صلى الله عليه وسلم "أُنذركم الدجال , أنذركم الدجال , أنذركم الدجال , فإنه لم يكن نبي إلا و قد أنذره أمته , وإنه فيكم أيتها الأمة وإنه جعد آدم , ممسوح العين اليسرى , وإن معه جنة ونارا , فناره جنة وجنته نار ..." (السلسلة الصحيحة) .. بمجرد أن حررت حماس غزة ، انهالت الوعود والبركات على عباس وزبانيته الدجالين الصغار ، وأغدق اليهود المال على عباس ووعدوا أن تكون الضفة أكثر أمناً وانفتاحاً ورفاهية وحرية وديمقراطية ، وأعلنوا أنهم يريدون من وراء ذلك أن يقارن الفلسطينيون بين من يبايع الدجال ويدخل جنته ممن يثبت على دينه ويدخل نار الدجال .. لقد أصبحت الضفة اليوم : جنة الدجال حقا ، وكل من اغتر بالأموال التي ألقهاها اليهود والأوروبيون والأمريكان وحكام العرب على "عباس والأربعين حرامي" إنما سقط في امتحان "دُجَيْل" صغير ، فكيف بالدجال الأعور !!

اليوم يُعلم من يختار الله ممن يختار الدجال .. اليوم يُعرف الإيمان الحق ، ويُعرف أهل التوكل الحق ، وأهل العقيدة الحقة ، وأهل الصدق واليقين والمبادئ .. هل يستسلم المسلمون في فلسطين للدجالين أم يثبتوا على دينهم ويتوكلوا على ربهم ويجاهدوا عدوهم ليستحقوا نصر الله !!

إنه اختبار وامتحان جديد ، فهل يصمد أهل الإيمان في غزة !! وهل يُصيِّر المؤمنون جنة الدجال في الضفة إلى جحيم !!

يا أهل فلسطين : أنذركم الدُجال , أنذركم الدجال , أنذركم الدجال ، إنه عباس ممسوح القلب والبصيرة مطموس الفطرة جنته نار وناره جنة ، فاثبتوا {يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ} (إبراهيم : 27) ..






أسامة بخمسين مليون دولار



لا زالت أمريكا تحلم برؤية الشيخ أسامة حفظه الله ، وقد زادت من القيمة السابقة للشيخ وجعلت مبلغ خمسين مليون دولارا لمن يدلها عليه (وهذا يعادل معدل الراتب السنوي لـ 2500 جندي أمريكي) !! أي أن الحكومة الأمريكية ترى أن راحة 2500 عائلة أمريكية ومصاريف أبنائها وبيوتها ومدارسها وعلاجها تساوي لمحة من لمحات أبي عبد الله حفظه الله !!

إن حلم رؤية الشيخ أسامة يراود الكثيرين من أبناء الأمة الإسلامية ، بل وغيرها من الأمم ، وأنا أعرف الكثير من الناس ممن هم على استعداد لدفع هذا المبلغ (إذا كان عندهم) في سبيل دقائق يرون فيها أبي عبد الله حفظه الله ..

لعلنا نقترح على الحكومة الأمريكية أن تجعل مبلغ خمسين ملياراً أو خمسين تريليوناً بدلاً من هذا المبلغ الزهيد ، فأسامة أغلى عند المسلمين من خمسين مليون دولار ، خاصة وأن الدولار اليوم بات رخيصا في سوق الصرافة العالمي ..

لو قلتم : خمسة ريالات لمن يأتي بعبد الله بن عبد العزيز ، أو روبيتان لمن يأتي ببرويز مشرف ، أو قرشين لحسني مبارك لكان هذا معقولاً ، فهذا هو سعرهم (على حد أقصى) عند المسلمين ، أما أسامة فلا يقدّر بثمن ..

إذا كانت الحكومة الأمريكية مستعدة فعلاً لدفع هذا المبلغ الضخم لمن يدلها على أسامة ، وكانت مستعدة لدفع 25 مليون لمن يدلها على الزرقاوي رحمه الله ، وعشرات الملايين لرجال آخرين ، فلم لا تستغل هذه الأموال في وجه آخر يعود على شعبها بالنفع : كأن تشتري أرجل وأيادي صناعية أفضل لجنودها المبتورين ، أو تعطي حصة أكبر لعائلات الجنود القتلى في حربها ضد المسلمين .. أم أن أسامة أغلى عندها من شعبها وجنودها البائسين !! هل وقف جندي أمريكي لحظة وفكّر في هذا المبلغ الذي سيُدْفع من ضرائبه وقوت عياله لغيره !! أم أن داء الحمق انتقل من بوش إلى سائر جنوده !!





تذكرة :




لا أعرف عاقلاً من العامة أو العلماء إلا ويسأل : لماذا لا يجتمع المجاهدون في العراق تحت راية واحدة !! وهو سؤال مشروع يؤرق بال كل مسلم مخلص لأمته ودينه ..

يقولون : الأمور معقدة وصعبة وفيها حيثيات كثيرة وتراكمات تاريخية واختلافات منهجية وغيرها من الأسباب التي تمنع مثل هذا الإجتماع الآن ..

الحقيقة أن الأمر لا يحتاج إلّا إلى إخلاص ووعي ، وكل شيء بعد ذلك هيّن ، ولو أن القادة تفكّروا قليلا في كتاب الله لأدركوا حقيقة وضعهم ، فهناك قواعد أساسية في كتاب الله جعلها الله لعباده في أبسط صورة وأوضح بيان حتى لا يكون لبس :



القاعدة الأولى : قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} (الحجرات : 12) .. فإذا أُجتنب الظن وكثير من اللغو تقاربت القلوب وتآلفت النفوس.

القاعدة الثانية : {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (آل عمران : 103) ، فإذا أدرك الناس عِظم نعمة الله في تآلف القلوب ، وعُرف المطلوب ، جاء الإعتصام والإجتماع ..

القاعدة الثالثة : قال تعالى {وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (الأنفال : 46) ، فإذا كان التآلف والإجتماع ، وتُرك سوء الظن ، وكان الصبر على طاعة الله ورسوله : نُبذ كل نزاع وتقاربت وجهات النظر وحُلّت جميع الخلافات بالتشاور المقدِّم للمصلحة العامة ..


القاعدة الرابعة : قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (محمد : 7) ، فإذا كان كل ما ذكرنا : استحق المجاهدون النصر لنصرهم دين الله بإتيان ما أمر وترك ما نهى ..



كل هذا أساسه الإخلاص لله وحده دون سواه : من جماعة وحزب ومصالح شخصية وأهواء .. فالإخلاص أساس استحقاق النصر ، ولو أخلص الناس لامتثلوا لأمر الله في كتابه وما أمر به نبيه صلى الله عليه وسلم ، ولكان النصر المحقق بإذن الله ، ولكن لما دخلت حظوظ النفوس وعصبيات الأحزاب وتراكمات الخلافات وسوء الظن مع مكر الأعداء بين أهل الجهاد : كانت الفرقة وكان النزاع المؤخر للنصر الإلهي الموعود ..

ما يضر أمراء الجهاد لو أنهم اصطلحوا على أمير فيما بينهم وبايعوه فكانوا يدا واحدة على من سواهم !! ألا يخشى هؤلاء أن يكونوا - في هذه - عصاة لربهم !!

إنها سنّة ، والسابقون يذهبون بأجور من يلحق بهم ، فليسارع الأمراء برص صفوفهم ، وليجمعوا كلمة المسلمين ، وليكونوا قدوة لمن خلفهم ، وليُدخلوا السرور في قلوب المؤمنين ، وليُغيظوا الكافرين ، فيكون النصر المبين بإذن القوي المتين .. اللهم اجمع كلمة المجاهدين ووحد صفوفهم وانصرهم على عدوهم ..





والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آهل وصحبه وسلم ..



كتبه


حسين بن محمود

2 رجب 1428هـ

___________