اكتب إليكم لأنكم غرباء
أتعرفون لماذا اكتب إليكم ؟؟؟

لأنكم غرباء.غرباء لا اعرف أسماءكم ولا أرى وجوهكم ولا اسمع أصواتكم ,ولست مضطرة إلى النظر في عيونكم ولا معرفة أرائكم وردودكم فعلكم.
اكتب إليكم
كل شيء ولا اخبي أمرا بلا خجل ولا وجل كمن يفرغ نفسه من نفسه كمن ينظف بيتا كان مهملا لأعوام ,كمن يطرد الغبار عن رفوف ذاكرته ,اكتب لاكمن يخاطب صديقا ولاكمن يبوح أمام طبيب نفسي ولاكمن تفيض بئر نفسه في لحظة غضب.
اكتب لكم لصبح اخف وزن .اكتب لان الأصدقاء تعبوا من الاستماع ,ولان الأطباء النفسيين يأخذون أجرا عاليا..
اكتب
لان كل شيء يستحق الكتابة :حركة النملة على الأرض رقص الشجرة عند الغروب صباحات الجمع الساكنة والهادئة , رائحة الشواء عند الظهيرة ,أنين المرضى في المستشفيات , نوبات الغضب والجنون والطالبون بالحرية والحقيقة وهو يخافون منهما,الم المعدة عندما يعرنا عصرا ,الرغبة في أن يمسك احدهم يدك ليقول لك أن كل شيء سيسير نحو الأفضل ,الخوف من الحرب في بلد لا هاجس لأبنائه إلا السهر والحرب,الأفكار التي تدور في الرأس بدءا من العمل مرورا بمشاهد سخيفة من الأفلام وصولا إلى مأتم شاب .
كل شيء يستحق الكتابة ليس بالضرورة لأنة مهم ,بل لأنة عابر وهش ولايمكن الامساك بة .ولذلك اكتب إليكم عنة انتم الغرباء الذين لا أريد أن التقى بكم لأني لا اعرف ماذا أقول لكم لا اعرف كيف أدافع عن كلماتي أو كيف اشرحها أو اعلق عليها . ومع ذلك فانا لا املك شيئا أخر كأني فارغة إلا من الكلمات التي تهدر كشلالات جبالنا التي تذهب هدرا إلى البحر ولا تجذب إلا المتفرجين ولاتفيد الا بعض المزارعين.
اكتب إليكم لأنكم غرباء
لا تعرفون الناس الذين اكتب عنهم .ولا تعرفونني فلا تعنيكم إذا المشاعر التي تنتابني والهواجس التي تتاكلني ولن تبحثوا عن وسيلة كي تخففوا عني , وانا أيضا لا أريد أن اعرف شيئا عنكم.. فالمعرفة التزام ,وانا أتعبتني الالتزامات التي أعطيتها صحتي وعاطفتي.
فلتمتد المسافات بيننا , ولتصل كلماتي التي تحكي عني وعن الذين اعرفهم عبر الرمال والهواء ووسائل الاتصال الحديثة.وليبق الأمر هكذا.
لا أريد وجوها جديدة تسدي إلى النصائح. وتصف لي مباهج الحياة.ولااريد علاقات جديدة فيها انتظار وتوقع وخيبات.
أحبكم.لأنكم غرباء
عابرون لا تعنيكم الأمي الا بمقدار الوقت الذي تستغرقه القراءة. أحبكم لأنكم لا تتظاهرون بالاهتمام ولا تسعون إلى مد يد المساعدة .أحبكم لأنكم بعيدون فلا انتظر منكم الا وقتا قليلا
للقراءة ولو من باب الفضول ,لا تتعاطفون خلاله ولا تشفقون بعده ولا تتساءلون عما بعده.
اقرءوا وامضوا كما أقول كلمتي وامضي . اقرءوا وتابعوا أعمالكم هوايتكم فانا لا أريد أن تغير الكتابة فيكم شيئا ولا أن تضيف إلى ما عندكم . فكلكم أكثر ثقافة مني وأكثر علما مني وأكثر بلاغة مني وأكثر عمقا مني.أنا أريد من الكتابة أن تشفيني أنا.أن تسمح لي بالجلوس على قارعة الطريق في بلاد غريبة لأتحدث عن نفسي كالمجانين أما من لا يعرف لغتي ولا يعنيه أمر تشردي ولا يكترث لدموعي وابتساماتي.
اكتب
لا شفي .لا لأعالج مسائل فلسفية أو لغوية أو اجتماعية أو قومية أو وطنية , وكيف افعل ذلك وانا مشغولة حتى النفس الأخير بما تركه كل ذلك علي. فلم يعبر شيء إلى جانبي الاوترك أثره علي .ولم اقرأ كلمة الا وحفرت أحرفها في مكان ما من نفسي .ولم اسمع شيئا إلا واستعدته ولو بعد زمن.
كل شيء عابر .ولكن كل هذه الأشياء تبدو كأنها تلتصق بي وحدي كان في جسمي مغناطيسا يجذب كل ما يعبر أمامه.أو كان في عقلي لا قطا يتمسك بأبسط الذبذبات .ولا اخلص منها كلها إلا بالكتابة.
أي معاناة هذه؟ أن تكون الكتابة ملجئي .اختبئ فيها مما أظن إنني اهرب منة فإذا أنا مسمرة علية.وإكليل يدمي راسي ويملا عيني بالدم.
لأنكم غرباء أخبركم ذلك .أفكاري مجرد رسالة قنينة ضائعة في محيط .مجرد خربشات في دفاتر المراهقة التي لا تريد أن تنتهي . مجرد صرخات في واد لا يقيم فيه إلا الصدى.
لا أريد أن أنقذ العالم ولا أريد أن يعرفني احد أريد أن أشفى فقط..
لا أريد أنا أمحو الأمية فقد علمت أعدادا لا تحصى من التلاميذ ولاثقة عندي بأنهم صاروا أناسا أفضل مني.
لا أريد أن اسمع إلى ماسي الآخرين لان الذين استمعت إليهم تركوا لي ما سيهم وعبروا.
لا أريد أن أحرر الوطن لأني أنا نفسي اعتدت على العبودية والكآبة وأدمنت الأنين.
اكتب لكم لان مشاكلي لا تعنيكم ولن تؤرق مضاجعكم ولن تسد قابليتكم عن الأكل .فانتم غرباء والأمور الأكثر أهمية لم تحرك فيكم عصبا فهل سيعيينكم أن ثمة امرأة تجتر ألامها وأحزانها وكلماتها وتكتب عنها لترتاح.
لأنكم غرباء

غرباء لا اخجل من نقاط ضعفي ولا ابحث عن الكلمات في المعاجم لأبهركم ببلاغتي.ولا اخطط ولا ارسم أهدافا ولا افكر في قارئ معين.
اكتب لأني وبكل بساطة لا اعرف أن افعل شياء اخر..لاني انسانة متواضعة