بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف المرسلين وخاتم النبيين سيدنا محمد ٍ
و على آله الكرام وصحبه الميامين.
من المعلوم لدى الجميع انه لا يوجد بيت في مجتمعاتنا الا ونجد التلفاز فيه، مصان في زاوية أو مكان مثبت فيه، الا ما ندر،
وتقوم ربة المنزل بتنظيفه والمحافظة عليه وأفراد الاسرة، كونه وسيلة هامّة في نقل الاخبار والترفيه والتسلية،
وكأن المسألة أصبحت مسألة عادة برأيي، لاننا نستطيع ان نستقي الاخبار والمستجدات من الاذاعات الغير مرئية(الراديو)،
والترفيه والتسلية من الممكن الحصول عليها من نشاطات عائلية، وحوارات اسرية هادفة ،
وقد يحقق التواصل بين الوالدين والابناء جزء كبير من التسلية داخل البيت بدون وجود التلفاز.
قد يكون للبعض منا تحفظاته على مسألة وجود التلفاز في البيت أو عدمه، لاعتبارات دينية أو أخلاقية أو تربوية،
حيث انني وجدت الكثير من الآباء يرفضون وجوده داخل بيوتهم وبشدة بحجة أنه مؤثر سلبي
على تحصيل الابناء في مدارسهم وحتى جامعاتهم، بل وأنه يسرق الوقت منهم بدل أن يبدعوا في هواياتهم
وابتكاراتهم البسيطة، وعندما تسألهم هل عرفتم ماذا حصل في فلسطين أمس او اليوم، فإنه يهز رأسه نفياً،
لأنه لا يستمع الى الاذاعة كونه يعتبرها ممله ، ولا يشاهد التلفاز وصور الاحداث على الساحة التي ينتمي اليها.
هناك وجهة نظر يجب ان نسلط الضوء عليها، هي جزء من التحفظات الدينية،ألا وهي
الحرب على الاسلام
من خلال هذا الجهاز الذي يضم بداخله الهيئات الاعلامية والشركات الباثة لبرامجها، فتخوف الآباء أحيانا
يأتي في محله، والمحافظة على عقول ابنائهم من الانجراف خلف الافكار المسمومة بدبلوماسية خبيثة،
من خلال الاستماع الى الاخبار والبرامج الحوارية والمهاترات السياسية التي تؤثر على ابناءنا في أعمار معينه
يحتاجون فيها الى تكوين آراءهم ، فموقف اللآباء هنا مراعى بسبب الخوف الفطري عليهم من سموم البرامج،
ولكن كيف سيتعلم ان يدافهع عن قضاياه عندما يلتقي بالعالم الخارجي ،حتما ستفاجأ من اتهاماتهم
أو دفاعاتهم حول قضايا ربما لم يسمع بها ، أو سيتفاجأ من الهجوم على قضية معينة وأفرادها لم يناقشها مع والديه
أو لم يتعلم فن دحض الحجج الواهية واستكشاف البراهين مما يجعل موقفه يتصف بنوع من السلبية
أو يكون رأيه محجم جداً بحيث يفتقر الى النقاش والرد.
التلفاز والاطفال
كل ما يهم الاطفال هو الصوت والصورة، ولكن ما ندركه نحن الكبار ان الطفل يتأثر عقليا وفكريا بما يشاهد
ويسمع مرة تلو الاخرى، فلا بد ان يكون الآباء على درجة من الثقافة والمعرفة لدرء الاخطار المبثوثة والتي
من الممكن ان تكون لى اطفالهم فكرا معينا ينشأ معهم ويزداد ثباتاً عبر مرحلة الطفولة الى مرحلة التمييز والبلوغ،
وقد رأينا رسوم متحركة تنشر افكار هدامة خارجة عن اهداف الاطار الديني والاخلاقي، بلباس الفتيات
واختلاطهن بالرجال، وتصوير الشر بأنه خفيف الظل وأن الخبث والمكر فن يوجه اليكَ نظرات الإعجاب،
عدا عن خلوها من الافكار البناءة المجدية، وغالبا ما تكون مترجمة، ورغم ذلك هناك فوائد لبرامج الاطفال
والبرامج العامة بشكل عام ، فقد أوضحت دراسة ان التلفاز يتمتع كوسيلة سمعية وبصرية بقدرات هائلة قد يكون
لها دور في تنمية وظائف النمو العقلي والتعلم المجدي عن طريق التسلية، ولا ننسى أن الطفل
بعمر ثلاث سنوات الى ثمانِ سنوات يكون بمرحلة الاكتساب الثقافي والفكري للخبرات والمعلومات،
فليعرف الآباء ماذا يقدموا لأبنائهم ليشاهدوه ويحرصوا على التحكم بالبرامج والقنوات الموجوده لديهم.
ايجابيات عدم وجود التلفاز
من ايجابيات عدم وجود هذا الجهاز في المنزل ما رأيته بأم عيني ، غاية في الروعة والجمال،
وهو تواصل الوالدين مع بعضهما البعض والحوارات والنقاشات العامة والاسرية الخاصة، وإتاحة الوقت لأفراد الاسرة
للإجتماعات على الطاولة وتبادل الكلام والنقاش الطويل مما يزيد من تحسن العلاقات بينهم والتواصل
الذي ينمي الثقافة ويُكسب المعرفة لدى الافراد ، حيث يتحدث كل فرد ويعبر عن رأيه ويستمع للآخر،
وإتاحة الوقت للتعرف على تفاصيل لم يكونوا ليعرفوها بدون اجتماعاتهم وجلوسهم مع بعض لفترات ليس قصيرة،
مما يزيد من ترابط ومحبة الافراد وتقربهم لبعض.ايضا إتاحة الوقت الكافي لتنمية الهوايات والمهارات اليدوية والفنية للفتيات والقراءة والكتابة،
فعندما تجد الفتاة متسعا من الوقت لديها تحاول ملئ الفراغ بما ينفع ، وهذا يؤدي الى تطوير الشخصية
واكتساب الخبرة بأمور تفتقدها غيرها من الفتيات، ربما تصنع منها شخصية مؤثرة ناجحة في حياتها مستقبلاً.
قنوات بنّاءة للشخصية المسلمة
نلاحظ في الآونة الأخيرة تزايد عدد القنوات الدينية المختلفة في أساليب الدعوة الى الله، منها ما يركز
على القرآن الكريم وما فيه من كنوز وأحكام، للكبار والصغار، ومنها من يهتم بالشباب المسلم ويبحث في قضاياه
ودوره في الدعوة الى الله، ومنها من يركز على الحوارات وقضايا الأمة الاسلامية والتعريف بالاسلام الحنيف
لغير المسلمين، كله بحمد الله هادفة ومؤثرة ، وتهتم بأمور العقيدة وتحارب الشركيات وتعرض الاسلام بنقائه
وقوة تاعقيدة التي يحملها وأحكامه وإعجازه، وتدافع وترد على المغرضين اساءاتهم.فالحمد لله أن يسر لهذه الأمة
من يحمل همومها ويجعل الهدف من حياته خدمة هذا الدين والدفاع عن قضاياه، فمهما اختلفت الآراء
والمناهج والافكار، طالما لا تعارض العقيدة ولا تحاول تشويهها، فهنيئا لهم صنعهم ومباركة جهودهم.
لا ننسى....
ولا ننسى أن البيت هو المدرسة الأولى لتلقي علوم الاخلاق والتربية الاسلامية، فالبيت هو الجامعة الكبرى التي تخرج الافراد
وتهيئهم للدخول الى ساحات العالم الخارجي والخوض في ملابسات الحياة، هذه رسالة ربما مبهمه بعض الشيء،
إلا اني اقدمها للأهل واقطاب الاسر المسؤولة عن تأهيل ابنائها ذكوراً وإناثاً.
قال تعالى: "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" صدق الله العظيم
شاكرة لكم قراءة الموضوع
بقلم ام طلال
الروابط المفضلة