العربية - حماسنا دوت كوم - القاهرة



أكد د. عطالله أبو السبح وزير الثقافة في حكومة حماس و المنتمى لجماعة الإخوان المسلمين " فرع فلسطين " أنه لم يفرض الحجاب على الموظفات في وزارته ولو لم يفعلن لاعتبر ذلك أمرا يخصهن ويدخل في اطار حريتهن الشخصية.



وقال في حوار هاتفي مع "العربية.نت" من الصين التي يزروها حاليا إن (حماس) لن تلجأ إلى توسيع مساحة الممنوع، ولم ترفض إنشاء دور للسينما في غزة، ولم تمنع فنانين مصريين من احياء حفلات في قطاع غزة، مشيرا إلى أنه سيجري تنظيم معرض دولي للكتاب، وتم الاتصال بأدباء ومثقفين وفنانين عرب من أجله.



وأوضح أن السينما الهادفة يمكنها أن تخدم القضية الفلسطينية، وأنه تأثر وجدانيا بفيلم "في بيتنا رجل" الذي شاهده عندما كان صغيرا في الستينيات. وقال أيضا إنه لا يعلم شيئا عن فيلم "شفرة دافنشي" وأنه لا يضره كوزير للثقافة أن يقول إنه لم يقرأ عنه أو يشاهده.

وقال د.عطالله أبو السبح وزير الثقافة في حكومة حماس والحاصل على دكتوراه في الفقه المقارن في حوار مع (العربية.نت): لم نوسع دائرة الممنوع لأن المشترك بيننا وبين أبناء شعبنا واسع جدا. إننا نعمل في ساحة المشترك وأما المختلف عليه فلا بد أن نخضعه للحوار. والحرام البين لا نحاور فيه، وما لنا فيه سلطان، وإن كانت الصحافة قد حرفت وأوّلت وزادت ونقصت.. إلى آخره.

واستطرد: نمنع ما نتفق –من خلال الحوار- على أنه يضر بمصالح شعبنا وما نشمّ من خلاله رائحة المكر والدهاء الموسادي أو الصهيوني. في هذا الأمر نتعاون جميعا كمثقفين واداريين وأصحاب قرار، و"نفلتر" ما يضر بشعبنا وننبذه بعيدا.




لم نعارض فتح دور سينما

وعن افتتاح دور سينما في قطاع غزة قال: نحن مع فتح السينما، ولكن السينما المرشدة، وليست التي تعرض أفلام (البورنو) أو الاباحية. دور السينما قليلة جدا في أراضي السلطة الفلسطينية، وفي قطاع غزة كله لا توجد دار سينما واحدة، وعلى مدى وزارات ثلاثة في تاريخ السلطة لم تفتح دار سينما في القطاع، ليس معاندة ورفضا لها، ولكن لأن الظروف لا تسمح بذلك.



وأضاف أبو السبح: نحن نتعرض كشعب إلى مسح الهوية العربية والاسلامية من خلال استهداف صهيوني ماكر ومجرم لإسقاط شعبنا في مستنقع الرذيلة، فلا بد أن نحمي أبناء شعبنا من ذلك. الحقيقة أننا نقترب كثيرا من شعبنا في أفكاره، ونحاول أن نسوق لما نعتقد أنه الصواب بالحكمة والموعظة الحسنة، لا بالقهر أو الكرباج ولا بالسجن والسجان بأي حال من الأحوال، لأنه عندئذ سنضيف أعباء شديدة على شعبنا.




أذبنا الجدار الجليدي مع الحداثيين



واستطرد بأن "التغيير الفكري أو الأيدولوجي في الشعوب لا يمكن أن يأتي بين يوم وليلة ولا يمكن أن يأتي طفرة، ولكن بالصبر والمثابرة والتبليغ بما قال الله عز وجل. ومن هنا فلو جادلنا لا بد أن نجادل بالتي هي أحسن، وقد عقدنا كثيرا من المؤتمرات، وحدث الكثير من الاحتكاكات مع المثقفين والحداثيين، كنا نتكلم معهم بالقلب والعقل المفتوحين، ونجيب على أسئلتهم، وكانت كثيرة جدا، نحاول أن نكسر الهوة بيننا وبينهم ونجحنا والحمد لله في إذابة معظم الجدار الجليدي الذي كان بيننا وبين الحداثيين الذين ينظرون إلى الأمور بنظرة فيها التحرر من كثير من المنظومة القيمية التي نؤمن بها كشعب مسلم وعربي".



وأضاف: وصلنا في غالب الأحيان في تصوري بلا مبالغة إلى قلوب الناس وأذهانهم من خلال الاحتكاك وهدم الجدار المفتعل أو المتوهم بيننا ووبين أبناء شعبنا بمختلف توجهاتهم الثقافية والفكرية والسياسية.




اللعب على وتر الفتنة

ويمضي د.أبو السبح قائلا: عندما أدرك أعداؤنا ذلك حاولوا أن ينفخوا في النار وكبروا المسألة، وانبرت بعض الأقلام المسمومة التي تبالغ فيما صرح به الوزير، وأنه كذا وكذا، لدرجة أنهم لعبوا على وتر إيقاع الفتنة بيننا وبين بعض الأشقاء العرب عندما تحدثنا عن الأفلام التي تعرض الرقص الشرقي وهز البطن، ودبجت أفلام ومقالات، قابلناها بكثير من الصبر وأعرضنا عنها. لا نرد عليها حتى لا نجعل المسألة بين أخذ ورد وموضوع للجدل، فانطفأت تلك الفتنة، وأغمد هؤلاء أقلامهم، ولدي ملف كامل عنها، يحوي أقلاما مهاجرة إلى بريطانيا كانت تهاجمني، ولكن لا نقول إلا "إنا لله وإنا اليه راجعون".




معرض دولي للكتاب



وعن نشر الكتب في مناطق السلطة الفلسطينية قال: نحن والحمد لله مزمعون على أن نقيم معرضا للكتاب الدولي سنستقدم إليه الكثير من دور النشر، واتصلت بالأستاذ عبد الرحمن الأبنودي (الشاعر المصري المعروف) واتصلت بالأخ الفنان (المصري) إيمان البحر درويش وغيرهما من المثقفين والأدباء والشيوخ، بعضهم استجاب حتى الآن وبعضهم لم يستجب نظرا لوجود العلم الاسرائيلي على المعابر.



وقال د.عطاالله: نحن منفتحون، وما يستحق أن يفلتر (ينقى) لا نتوانى معه عن ذلك. ونضرب هنا مثالا بكتاب In Bed with Madonna (مع مادونا في الفراش) وهو كتاب عن المطربة مادونا مرفوض حتى الصين، وقد قرأت عنه تحقيقا كاملا في صحف محلية وعربية ولم أقرأ الكتاب نفسه ولم أره، لكنهم زعموا أنني قلت عنه كذا وفعلت بشأنه كذا، وهذا أمر أعرضت عن الرد عليه أيضا. وأضاف: هذا الكتاب لم يأت إلى الأراضي الفلسطينية، وفي حالة مجيئه سنمنعه مهما كانت النتائج.

وتحدث الوزير عن الكتابات المنتقدة والسخافات التحليلية التي تقابل بها تصريحاته عن رفض مشاهد بعض المطربات اللاتي يغنين بأجسادهن. وقال عن ذلك: صدقني.. أنا لا أرى تلك المشاهد ولكنني أقرأ عنها في الصحف.



وأشار إلى أن "الصين قامت بفلترة كتاب (مع مادونا في الفراش)، وأنا حاليا في زيارة لهذا البلد. لقد قامت بانتزاع بعض الصور وصفحات الكتاب على حد الخبر الذي نشر بشأنه ونقلته بعض وكالات الأنباء".




تأثرت بفيلم "في بيتنا رجل"

يعود أبو السبح لتناول موضوع السينما.. "قلت نريد سينما هادفة وانسانية، ولابد من أن نعمقها. لقد شاهدت في صباي فيلم "في بيتنا رجل" بطولة عمر الشريف وزبيدة ثروت وقصة احسان عبدالقدوس. صدقني لقد شكل هذا الفيلم وجداني أو ساهم في تشكيله. فلو أكثرنا من هذه الأمور ونحن في معركة مستمرة مع الإسرائيليين لاستطعنا أن نتصدى للقيم الثقافية التي يروجونها، فمثلا صوروا في فيلم (21 ساعة في ميونيخ) الشعب الفلسطيني بأنه ارهابي وغير ذلك من الصفات، فتعاطف العالم معهم وذرفت الدموع عندموا رأوا مشهد الرياضيين وهم يقتلون. لو سوقنا للقضية الفلسطينية بهذا المنهج فسنكسب كثيرا ان شاء الله".




لا نملك حقوق مراقبة الكتب

وردا على ما اذا كانت هناك كتب عربية منعت أو تعرضت للرقابة والحذف قال الوزير الفلسطيني: ليس لدينا حتى الآن حقوق طبع ومراقبة. إننا في بداية الطريق. نحن (حكومة حماس) لم نكمل 80 يوما في الوزارة. لكننا نطبع الكتب التي تشرف على طباعتها وزارة الثقافة تشجيعا لأهلها، نحن مثلا طبعنا كتابا لـ(سرائيل شاحت) وهو رجل يساري يحلل القضية الاسرائيلية والاحتلال من منظور يدين هذا الاحتلال، وهذا هو النمط الذي نسير عليه.




لم نمنع حضور فنانين مصريين

وعما إذا كانت حكومة حماس منعت فنانين مصريين من إحياء حفلات غنائية في غزة خلال هذا الصيف رد أبو السبح: حماس لم تمنع أحدا أبدا. هذا الكلام كان قبل الانتفاضة الأولى، يعني قبل 1987 ولم تكن حماس في الصورة ولم تكن قد ولدت بهذا الاسم على الاطلاق. حينئذ جاء المطرب مصطفى قمر وجاءت المطربة أنوشكا وغيرهما. لم تكن حماس تحمل عصا وتمنعهم، ولكن الذي حصل أن الشارع الغزي أو الفلسطيني، يمثل شعبا فقيرا تحت الاحتلال وبالتالي اندفع الناس بفقرهم وعوزهم الى هذا الشئ الجديد الذي جاءهم، فتشاجروا أثناء الزحام على شبابيك التذاكر كما يحدث في كل دول العالم، فقدرت المسألة على غير حقيقتها. لو اتصلت بمصطفى قمر سيجيبك بأنه لم يؤذ من أحد.

وأضاف: لكننا لا نتخيل أبدا أن تستقدم بعض الأمور التي تخالف منظومة القيم، وهذا أيضا لا ننفرد في القراربشأنه، وإنما نصل إلى اتفاق من خلال الحوار.




اقنعت موظفات وزارتي بارتداء الحجاب

وقال: لم أجبر الموظفات في وزارة الثقافة على ارتداء الحجاب اطلاقا ما حصل انني حاولت ذلك عن طريق الاقناع. لقد دخلت الوزارة وأكاد أقول إنه لم يكن فيها إلا القليل من الموظفات ممن تضع على رأسها حجابا. تعال الآن ستجد أنه ليس في وزارة الثقافة إلا فتاة مسيحية لا تضع غطاء على رأسها، وتقبلنا ذلك بقناعة وهدوء ومحبة. ونحن متحابون جدا وندير الوزارة بشكل أسري.

استطرد: أنا أتحدث الى هذه الموظفة مخاطبا إياها "يابا" وأقول لها "كيف حالك يا اختي وحال بنتك وابنك وابيك ابنها. واهلا وسهلا يا بوي" هذا هو الذي جرى، لم نتخذ قرارات بأي حال من الأحوال نجبر بها أي موظفة على التحجب. كل ما هنالك أننا أدرنا حوارا وجلست مع كل موظفة. ثم اننا دعاة ولسنا بغاة أو قضاة، وعلى هذا الأساس كنا نبلغ هذه الدعوة، وقد استجابت بناتنا في الوزارة والحمدلله.



ويضيف: عندنا بعض الموظفات غير الفلسطينيات وهن متزوجات من فلسطينيين وقد استجابوا لدعوة ارتداء الحجاب بشكل جيد جدا، وانجزنا في هذا المجال انجازا طيبا. أنا لا أريد من الناس أن يكونوا "حماس" بأي حال من الأحوال. لا نقوم بالتنظير لحماس. كل ما هنالك أننا نذكر (الموظفة) بالله عز و جل.




من ترفض فهذه حريتها الشخصية

سألته: لو لم تحصل استجابة، هل كنت ستعتبر الموضوع حرية شخصية لهن؟.. رد وزير الثقافة: بالتأكيد كانت المسألة ستبقى في اطار الحرية الشخصية. انا قلت لك إن هناك موظفة نصرانية لا تغطي رأسها، لكن أيضا هناك أخرى مسلمة قالت لي ان هذه حرية شخصية، فقلت لها: بارك الله وفيك انت وشأنك وانتهى الأمر إلى هنا.



وحول توزيع أفلام اباحية رخيصة منسوخة ووجود أيد تقف وراء ذلك قال: هذا كلام صحيح. في سياق حديثي معك قلت اننا نتعرض لهجمة موسادية صهيونية مجرمة، والموساد أو الشاباك أو جهاز المخابرات الاسرائيلي يضع في نصب عينيه اسقاط الشباب الفلسطيني في الرذيلة. وعليه فنحن مع وزارة الداخلية ومع الدعاة ومع خطباء المساجد ومع مدراء المدارس والمدرسين والمدرسات، قمنا بحملة لنكسر هذه الهجمة واستطعنا ان نحقق فيها انجازا طيبا خلال هذه الثمانين يوما منذ تولينا الوزارة.



وحول مساحة الانتشار التي تجدها أفلام الفيديو كليب وموجة أفلام العري في قطاع غزة قال: أكرر بأنه ليس لدينا دور سينما، وبالتالي فان الأمور السرية تحتاج إلى مراقبة وإلى بحث ومباحث جنائية ومتابعة إلى آخره. الأمور ليست قاصرة على الأفلام الاباحية أو أفلام الموجة الحديثة وغيرها. هناك مهربون يهربون الكوك والهيروين ويزرعون البانجو، يوجد دائما شياطين من الأنس وهؤلاء لا تخلو منهم دولة أو شعب. على المرء أن يسعى وليس عليه ادراك النجاح. نحن نحاول، واذا وقعت أشياء من هذه تخل بمنظومة القيم فسنمنعها بالتأكيد.



وقال د. عطالله: ليت الأمر يتوقف على أفلام وعلى كتب، فالمنطقة كلها مستهدفة من هذا الغزو المجرم في عولمة مجرمة ومن خلال عدوان صهيوني أكثر اجراما. ونحن لابد أن نكون على درجة من اليقظة بحيث نقف أمام ذلك السيل الجارف من الانحطاط الخلقي. لابد أن تكون لنا وسائل للمقاومة وهي ليست تروسا وسيوفا وحرابا فقط. بل لابد أن نقاومهم بكل شئ.




لا أشاهد سينما حاليا



سألت الوزير: قلت انك شاهدت في صباك فيلم "في بيتنا رجل".. هل زلت تشاهد أفلاما حتى الآن؟.. أجاب: لا. وشرح أسباب ذلك قائلا: أولا: أنا قلت إنني شاهدت فيلم "في بيتنا رجل" في صباي.. ظهر الفيلم في الستينيات. كان عمري حينها 15 او 16 عاما. الآن وقد بلغت من الكبر عتيا، ومعي 13 بنتا وولدا، فلابد أن أعطي في بيتي القدوة لأولادي وبناتي، وكذلك أعطي القدوة في المجتمع. وثانيا: إنني داعية وخطيب جمعة قبل أن أكون وزيرا، وثالثا: عندما شاهدت "في بيتنا رجل" لم أكن أحمل درجة الدكتوراه في الفقه المقارن. الآن اختلفت المعايير واختلفت الأمور، ثم أنني لا أملك الوقت لذلك من وقت بأي حال من الأحوال. كما أن المفاهيم تمنع ذلك.



ويضيف: لكن فيلم"في بيتنا رجل" كان من أروع ما انتجته السينما المصرية في ذلك الوقت، لأنه يؤرخ لمرحلة صراع وقتال وجهاد الشعب المصري ضد المحتل البريطاني البغيض. أذكر أنني تألمت جدا لدرجة البكاء عندما "استشهد" بطل الفيلم ابراهيم حمدي. وكنت أكبر جدا دور نوال كفدائية وهو الذي أدته الممثلة زبيدة ثروت، لكن هذه الأيام وجدت أنه ينبغي أن تصير نوال "ريم الرياشي" مثلا (ريم هي الفلسطينية قامت بتفجير نفسها في عملية ضد اسرائيل في يناير 2004)، وليس بالضرورة أن تحب وتعشق عمر الشريف، بل الضرورة غير ذلك. فلو قدر لي أن أعدل سيناريو الفيلم هذه الأيام لجاء على غير ما انتج في ذلك الحين.

ويقول أبو السبح حول شهادته العلمية: "تحصلت على الدكتوراه في الفقه المقارن من الجامعة الأردنية وجامعة أم درمان، لكن اساتذتي ومن فكوا لجمة لساني ووضعوني على الطريق هم اساتذتنا من المصريين في المرحلة الثانوية والمرحلة الجامعية الأولى. والمصريون لهم فضل عظيم، وهم اساتذتنا عبر الفضائيات، فلا زلنا نتتلمذ على علماء الأزهر وهم على العين والرأس".




لا اعلم شيئا عن "شفرة دافنشي"

سألته: هل يمكن أن توافق على عرض فيلم "شفرة دافنشي" في غزة؟.. قال: للأسف لم أسمع به ولم أره، ثم أضاف ضاحكا: معنى ذلك أنني لا أصلح لأن أكون وزير ثقافة ما دمت لم أر هذا الفيلم، فلابد أن يكون وزير الثقافة قد شاهد فيلم "شفرة دافنشي". لم أشاهده ولا أعلم به، ولي قدوة في ذلك الامام مالك رضي الله عنه عندما سئل فلم يجب إلا في أشياء قليلة، وقال ما ضرّ مالك أن يقول لا أدري، فما ضل عطالله أن يقول "لا