قد تبدو غريبة الدعوة إلى التعلّم من المعوّقين أو المصابين بعاهات، فالعادة جرت أن يتعلّم هؤلاء من الأصحّاء الأسوياء، لا أن يتعلّم هؤلاء منهم.
في الحقيقة أنّ مدرسة الحياة تعلّمنا درساً كبيراً وهو أن كل شيء في هذه الحياة يمكن أن يكون (معلّماً) و (متعلّماً) في نفس الوقت.
إنّ الذي بترت ساقه فتكيّف مع الحالة الجديدة وكأنه ولد بساق واحدة .. يعلّمني درساً بليغاً أنا صاحب الساقين والقدمين السالمتين.
والذي يعمل بيد واحدة، وينظر بعين واحدة، بل حتى الأعمى يعلّمني بدقته في تشخيص وتثبيت موضع قدمه درساً في تحرّي الدقة في حياتي.
فلقد قيل لأحد الحكماء: ممّن تعلّمت الحكمة؟ فقال: من العميان! فقيل له! وكيف؟ قال: لأنّ الأعمى لا يقدّم رجلاً ولا يؤخّر اُخرى حتى يتبيّن موضع قدمه!!
وحين نقرأ سيرة العمياء الصمّاء (هيلين كيلر) وكيف تغلّبت على مصاعب الصمّ والبكم، ونقرأ عن قصص الذين حوّلوا عاهاتهم إلى عوامل دفع وتحريك لعطاءات قد يعجز عنها بعض الأسوياء. نتعلّم دروس الصبر والمثابرة والتصميم والهمّة العالية.
إذاً في كل شيء، وفي كل ظاهرة، مادة للدرس ..
فما أكثر المعلّمين .. وما أقل المتعلّمين!!
الروابط المفضلة