بسم الله الرحمن الرحيم

عندما يردنا خبر مفجع..كوفاة احد و بخاصة اذا كان المتوفي في ربيع العمر.. و بخاصة اذا كانت الوفاة "فجائية" او ليس لها مقدمات (كالمرض و غيرها..)
لا بد لنا حينئذٍ ان نقف وقفة شبيهة بهذه الوقفة..

شخص كان وجوده كحدث يومي في الحياة..
كنت تراه كل يوم و كأن رؤيته حدث يومي طبيعي و مستديم
تتوقع رؤيته و وجوده كما تتوقع طلوع الشمس كل يوم


تتوقع ان وجوده في محيطك.. امر طبيعي .. كوجود تلك الشجرة او ذلك الحائط..

و في يوم اذا بك تفاجئ ان الشمس لم تشرق اليوم.. و ان تلك الشجرة ما عادت موجودة.. او ذلك الجدار.......

نعم ان وجوده كان امر طبيعي و عادي و حدث متوقع
و لكن الحدث الذي لم تتوقعه...هو غيابه الفجائي .. غيابه الذي ليس بعده ظهور





.......
دفعني لكتابة هذا هو الخبر الذي قرأته في احدى المنتديات
عن وفاة احدى المشاركات به
.. كنت اعتبر وجودها في المنتدى و كتاباتها هو امر طبيعي مثل شروق الشمس كل يوم
و اليوم لم اتوقع للشمس ان تغيب وقت الظهر .....!

و لا أجدني الآن الا اريد البحث عن مقالات و كتابات تدلني على كيف ينبغي ان نذكر الموت
كــــل يــــــــوم
و في كل حين.. و في كل لحظة


إنا لله و إنا اليه راجعون

قال تعالى"وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً" قال تعالى"إنا كل شيء خلقناه بقدر"وقال تعالى"وكان أمر الله قدراً مقدوراً"، وقال عز وجل"وكان أمر الله مفعولا، وقال سبحانه"ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه"

الموت سنة من سنن الله فى هذا الكون والله سبحانه وتعالى أقام هذا الكون كله على الأسباب والمسبَّبات والسنن التي لا تبديل لها ولا تحويل (فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا)فالموت قدر من الاقدار وسبب للزوال من هذه الحياة الدنيا، فالأسباب مقدورة والمسبَّبات مقدورة فالإنسان يقيم أعماله أو ينشئ أعماله بالإرادة التي أعطاها الله له وبالقدرة التي أودعها الله فيه ولله ما اعطي ولله ما اخذ.
ان الله قدر الأشياء في القدم وعلم أنها ستقع في أوقات معلومة عنده سبحانه على صفات مخصوصة فهي تقع على حسب ما قدر الله، ، هذا وقد تظاهرت الأدلة القطعية من الكتاب والسنة واجماع الصحابة وعلماء الأمة سلفا وخلفا على اثبات قدر الله سبحانه وان العبد يجب عليه ان يؤمن بأن كل ما يقع في العالم من الخير والشر وأعمال العباد وغيرها، جميعها بتقدير الله، وانه تعالى قدر الكائنات في الأزل فلا يقع شيء في هذا الكون الا بعلم الله ومشيئته وخلقه وايجاده وكتابته في اللوح المحفوظ.
ولله در الشافعي حينما قال :
ما شئت كان وإن لم أشـــــأ وما شئتُ إن لم تشأ لم يــــكن
خلقت العباد على ما علمت ففي العلم يجري الفتى والمُسِن

على ذا مننت وهذا خذلـت وهذا أعنت وذا لم تعـــــــــــــن
فمنهم شقي ومنهم سعيـد ومنهم قبيح ومنهم حســــــــــن

انا لله وانا اليه راجعون...
اختي العزيزة الثريا..
هذا ما افكر به دائما ,وبالكاد لايمر علي يوم الا وقد جال بخاطري ,موت الفجأة وخوفي ان افقد عزيز لدي ...
والان اصبحت افكر كثيرا كثيرا كثيرا بهذا الامر ..
خاصة بعد وفاة جارتي قبل عدة اشهر .....
لم يمض على زواجها سنة الا وهي تحت الثرى....
وكانت تحدثني بالهاتف تقريبا يوميا , ذهبت لحضور مناسبة في مدينة اخرى وكانت حامل في الشهر الخامس, وعندما عادت من السفر كانت تحس بالم في اقدامها وراجعت الطبيب لكنه اعتقد ان هذا بسبب الحمل وبعد شهر زادت آلامها فما كان الا ان ولدت قبل موعدها بثلاثة اشهر,ووضعت الطفلة في الحضانة ,اما هي فمكثت شهر وهي في المستشفى تعاني ولم يستطيعوا تحديد مرضها فقد كان يتنقل في جسمها ,وفي النهاية اكتشفوا ان مرضها هو الذئبة الحمراء (وقد اصابها في دمها ..)ولكن المشائخ الذين كانوا يرقونها ,وجدوا انها مصابة بالعين ,بعد حضورها لتلك المناسبة ..
المهم عادت جارتي رحمها الله الي بيتها ,وخرجت ابنتها من المستشفى ,وكانت دائما تحدثني كيف انها ستضع الحناء في يد ابنتها ,وستلبسها الفساتين اذا كبرت الطفلة قليلا لان جسمها كان نحيلا جدا ..وكانت الطفلة دائمة الصياح وتظهر عليها بعض الامراض وهذا كله خلال فترة بسيطة لاتتعدى الثلاثة اشهر...وفي ذلك اليوم كلمتني وكانت صائمة ,وعندما اسألها عن حالتها كانت صابرة ولاتشتكي ,بل تقول الحمدلله على كل حال...وبعد خمسة ايام من تلك المكالمة ..اصبحت جارتي تحت الثرى ...رحمها الله رحمة واسعة وجميع موتى المسلمين..
والمدهش ان ابنتها شفيت تماما من كل الامراض ولاتحتاج للعمليات التي كانت مقررة لها,واصبح جسمها ماشاء الله بصحة جيدة ...بعد اسبوع واحد فقط من وفاة الام (قال الشيخ ان العين التي في امها كانت اصابت الطفلة ,وهي جنين وبعد وفاة الام ,ذهبت معها العين...سبحان الله)...
عذرا للاطالة اختي الثريا...
نحن لسنا بحاجة لمواضيع تعيننا على تذكر الموت ,فما نراه من واقع حولنا كافئ لجعلنا نتذكر القبر واحواله ,خاصة حين يضع الانسان رأسه على الوساده ويقوم بمحاسبة نفسه ,ويفكر بانه اذا نام قد تكون هي النومة الاخيرة التي لايفيق بعدها ,ويتخيل في هذه اللحظه كيف سيكون حاله في القبرلو جاءه الملكان ليسألانه و كيف سيكون جوابه عليهم؟؟
احدى صديقاتي وهي داعية لله ,بارك الله في وقتها وجهدها ,كانت تقول لي انها دائما تدخل غرفتها وتغلق الباب وتطفئ النور(اي تجعلها مظلمة جدا) ثم تتمدد وتتخيل حالها انها في القبر ..
فكانت هذه الطريقة تساعدها على ان يقوى التزامها ,ويشتد تعلقها بالله والدعوة اليه ..رغم انها كانت قبل التزامها بعامين ,من الطالبات المرحات اللاتي لا هم لهن سوى الضحك ,اي من الغافلات ثبتها الله ..والان هي تقوم بتغسيل المتوفيات تطوعا جزاها الله خيرا, وتقوم بالرقية ايضا تطوعا لوجه الله ..بجانب المحاضرات التي تقيمها...
اذا هناك قصص تحدث لمن هم حولنا كفيلة بتذكيرنا بالموت ..وبالاخرة....وبحقارة هذه الحياة وتفاهتها .....
-------------------------
اللهم احسن خاتمتنا وخاتمة من نحب ,وارزقنا من اليقين ماتهون به علينا مصائب الدنيا ...اميييين

ياحي يا قيوم ......يا بديع السموات والأرض ياذا الجلال والإكرام......
يا أرحم الراحمين.....
ارحم جميع موتى المسلمين واغفر لهم ......
ياأرحم الراحمين......
أسال الله لجارتك ياشماليه أن يرحمها ويغفر لها ويسكنها الفردوس الأعلى.....
كفى بالموت واعظا......

بسم الله الرحمن الرحيم

أسال الله ان يرحم جارتك يا اختي شمالية غربية و يغفر لها..
و لجميع موتى المسلمين....
--------

عقوبة نسيان الموت:

1- تسويف التوبة.. (اي تأجيلها .. و يظن ان في العمر بقية ..للتوبة)

2- ترك الرضا بالكفاف (اي ان الذي لا يذكر الموت يضيق به العيش و لا يتذكر ان هذه الدار هي دار فناء .. فلا يصبر على مصيبته.. و ما ابتلي به في الدنيا)

3- التكاسل في العبادة
(إذا غاب ذكر الموت و ما يليه عن ذهن العبد فَقَدَ الدافع الذي يدفعه و يحثه على فعل الخيرات..)


( من منشورات "العباد" - بعنوان كيف ينبغي ان نذكر الموت )