الغار مايزال هناااااك
فهد عامر الأحمدي
قبل فترة استوقفني أحد الحجاج وسألني "أين غار ثور؟" لم أستوعب السؤال فصمتُّ برهة ثم قلت : "أنت الآن في المدينة؛ فهل تعني جبل ثور!؟" قال "لا لا؛ غار ثور" قلت "إن كنت تقصد الغار الذي اختبأ فيه الرسول أثناء هجرته الى المدينة فهو في مكة" فقال بامتعاض "لكنني كنت للتو في مكة" فابتسمت قائلاً "والغار ما يزال هناك" !!
... هذا الموقف الطريف ذكرني بأسئلة كثيرة مشابهة سمعتها - منذ طفولتي - من زوار المدينة؛ فبعضهم يسأل أسئلة ذكية تدل على سعة الاطلاع (تحرج أصحاب البلد أنفسهم) والبعض الآخر "على نياته" لا يفرق بين المعالم المختلفة ويعتقد أن مزدلفة في المدينة وجبل أحد في مكة ..
وذات يوم استوقفني حاج تركي وسألني "أين النخل السليماني !؟" فتعجبت من سؤاله وقلت له "لا يوجد شيء في المدينة يدعى النخل السليماني!؟" فرد عليَّ بلغة عربية فصيحة "بلى يوجد" وتركني ومضى في سبيله .. وأذكر بعدها أنني طرحت هذا السؤال على عدة أشخاص - من أهل المدينة أنفسهم - دون أن أحظى بإجابة شافية . وبالصدفة سمع سؤالي زميل قديم فقال "وينك ووين النخل السليماني، قطعوه من زمان، ولا يوجد الآن إلا في الكتب" قلت "وماهي قصته!؟" قال أبدا "أكل الرسول من رطبه وارتاح تحته بعد عودته من بني قريظة" ...
هذا الموقف المحرج ذكرته في مقال سابق بعنوان (يوم تفرغت للمدينة) قلت فيه أن "أهل البلد" يجهلون في الغالب مواقع أثرية وسياحية يعرفها الزوار الأجانب أكثر منهم.. وهذه النقيصة لوحظت في مدن سياحية مشهورة حول العالم (كبرشلونة وباريس ولندن وطوكيو ونيويورك) لا يعرف أهلها معالم فيها يستفسر عنها السياح . ولتلافي المواقف المحرجة - وتشجيع السياحة المحلية نفسها - نظمت تلك المدن جولات سياحية ورحلات تثقيفية للمواطنين داخلها. واليوم يوجد مثل هذا البرنامج التثقيفي في برشلونة وروما وطوكيو ونيويورك ويشارك فيه على مدار العام مواطنون تجاوزا الخمسين والستين !!
... وفي المقابل من غير المستهجن أو المستغرب أن يتعرض (الزائر الغريب) للخطأ والحيرة وطرح الأسئلة المتداخلة .. فمقابل السؤال الذكي عن "النخل السليماني" سمعت شخصيا أسئلة غريبة كثيرة طرحها بعض الحجاج أثناء وجودهم في المدينة .. ومن الأسئلة العجيبة التي أتذكرها الاستفسار عن موقع جبل سينا، وبئر زمزم، والتين والزيتون، وبقيع الغرقد (وكنا داخله) وباب الشاهي (ويقصد باب الشامي) وقلعة الحبشة (التي لم أسمع بها في حياتي) !!
...واليوم بالذات تذكرت هذه المواقف بعد قراءة قائمة طريفة (أصدرها مجلس السياحة البريطاني) عن أغرب الأسئلة التي طرحها السياح الأجانب في العام الماضي .. فهناك مثلا :
- هل توجد أي بحيرة في "منطقة البحيرات" !؟
- هل تفتح ويلز خلال الشتاء !؟
- ومن أي نافذة ستظهر الملكة اليزابيث ؟
- وهل ظهرت معلومات جديدة بخصوص موت ديانا ؟
- وكم كلفة الاستحمام في باث (.. وباث مدينة وليست حماما) !؟
- وفي متحف مدام توسو : أرغب بمقابلة مدام توسو نفسها !؟
- وفي مكتب جرينتش : في أي وقت يعود القطار حسب توقيت جرينتش ؟
- أما في اسكتلندا فطرح أحدهم هذا السؤال : في أي ساعة يطل الوحش من بحيرة نيس !؟ ... أكاد أجزم أن معظمكم طرح "أسئلة سياحية" مماثلة في لحظة حيرة وموقف ارتباك (فياليت أسمعها في موقع الزاوية)!
الروابط المفضلة