شر الناس





مشكلة البعض أن يجيد مسألة تعليق أخطائه على أقرب ما قد يطرأ على باله فتجده يبرر خطأه وسوء خُلقه بأنًّه هكذا هو قد وجد نفسه مطالباً بأن لا يُلام على طبعهِ السيِّئ، وهذا أجده من البذاءة ذلك الخلق الممقوت لدى العُقلاء فقط، أما البُلهاء فيروق لهم ذلك، وتلك عجيبة! وما دام الحديث عن البذاءة وأربابها فمن المناسب أن نتعرف على البذيء، وهو كل من تركه الناس اتِّقاء بذاءته واتِّقاء شره؛ لأنه يُعبِّر عن كل قبيح بقوله أو فعله، وكل شرير بذيء، كما أن كل بذيء شرير؛ فالبذاءة أصل الشرّ وعنصره الأساس، ودليل ضعف الإيمان وقلة الحياء وخبث الطوية، وسبب لقلة الأصحاب والهوان لدى الناس، وفي الحياة كم نلاقي من الناس منهم بذيئوا الخلق والتعامل قليلوا الحياء!! نلاقيهم في الشارع والسوق والعمل والمجتمعات واللقاءات، اللعن عند أحدهم كالتحية وكذلك المدح؛ فإذا أعجب أحدهم بأحد قال وهو يرى أنه قد بالغ في مدحه: (فلان ملعون؛ يتقن كذا وكذا!!). وتصل به البذاءة إلى أن يلعن نفسه ويلعن والديه كليهما أو أحدهما؛ فتجد ديدنه اللعن والسباب وسيئ الألقاب!! وكلما كثرت البذاءة في أسرة أو مجتمع كان أهله بعيدين عن الخير قريبين من الشر، وقد حذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها؛ فقال: (الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة، والبذاءة من الجفاء والجفاء في النار). والبذاءة ليست من خلق المؤمنين؛ قال عليه الصلاة والسلام: (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش البذيء)، والبذيء مبغوض من الله ومن الناس؛ قال عليه الصلاة والسلام: (ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء)، وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الفحش والتفاحش ليسا من الإسلام في شيء، وإن خير الناس إسلاماً أحسنهم خلقاً). والبذاءة والفحش يفسدان الأمر وإن كان قصد صاحبه حسناً!!، وكم هي معبرة تلك القصة التي تقول إن أبا الدرداء - رضي الله عنه - رأى امرأة سليطة اللسان؛ فقال: لو كانت هذه خرساء كان خيراً لها!! نعم صدق - رضي الله عنه - فكم من الناس في زمننا هذا لو كان الواحد منهم أخرس لكان خيراً له! هذا إذا كان بذيئاً بلسانه، وكم من الناس لو كان لا يعرف القراءة ولا الكتابة لكان خيراً؛ لأنه بذيء بقلمه! وكم من الناس لو كان لا يعرف الإنترنت لكان خيراً؛ لأنه بذيء بمشاركاته وأطروحاته وربما بذيء بموقعه عموماً! وكم من الناس من لو كان مشلولاً لكان خيراً له؛ لأنه بذيء بحركاته وسكناته وغمزاته ولمزاته! وكم من الناس لو كان فقيراً لكان خيراً له؛ لأنه يؤذي بماله حيث سخره لأذية الناس! وقس على ذلك!! البذاءة خلق ذميم لا شك أن للوالدين دوراً فيه؛ فهما سبب رئيس وقدوة سيئة إذا أهملا الطفل ولم يربياه على الحياء وحسن الخلق، ومن المُؤسِف أنَّ من الآباء والأمهات من يشجِّع الطفل على البذاءة من باب الفُكاهة والتبسُّط معه؛ فيعلِّمانه - على سبيل المثال - أن يلعن أخاه أو أخته أو خاله أو عمه، لا لشيء إلا ليضحكا ويضحك معهما محبو البذاءة والفحش!!، وما علما أنهما بذلك يربيانه على سوء الأخلاق، ذلك السوء الذي لا ريب أنه سيكوي قلبيهما عندما يبلغان من العمر عِتِّياً؛ فرُبَّما يلعنهما كما ربياه صغيراً!!!، والفرق شاسع بين من يلعنهما كما ربياه صغيراً، ومن يبتهل في سجوده وفي الثلث الأخير من الليل: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} الإسراء24

المصدر : شبكة نور الاسلام .. أضغط هنا ..


والله الموفق ..