بسم الله الرحمن الرحيم

استدار المُعلِّمُ عن "السبُّورة" نحو طُلاَّبه .. وقال :

(موضوع الدرس اليوم عن التكاثر أو "التناسل") ..

وبالكاد أكمل عبارته .. حتى دفع الفضول أحد الطُلاّب إلى أن يُبادر مُعلِّمه بسؤال بريء كبراءة سنِّهم في تلك المرحلة (الإبتدائية) :

"أيش يعني تناسل يا أستاذ" ؟! ..

عَلَتْ بعض الضحكات في الصف مُنبئة عن خُبْث !! ..

التناسل هو الطريقة التي من خلالها يوجود الصغار سواء لدى الحيوانات أو لدى البشر وباقي المخلوقات .. (قال المُعلِّم) ..

والتكاثر نوعان (أكمل المُعلِّم) :

تكاثر جنسي .. يشترك فيه الإنسان مع بعض الحيوانات .. ولا بد فيه من وجود طرفين .. الذكر والأنثى ..

وتكاثر غير جنسي .. كذلك الحاصل بين النباتات مثلاً ..

يُبادر تلميذ آخر مُهتبلاً فُرصة إشباع فضوله هو الآخر :

"وكيف يصير التناسل يا أستاذ" ؟! ..

أُسقط في يد المُعلِّم .. كل الأعين التي في الصف ترقبه .. وكل الآذان مُصغية لسماع الإجابة .. تردَّد للحظة .. أيُجيبه على سؤاله موضحاً كيفية التناسل على الرغم من صغر سنِّهم وعدم مناسبتها البتَّة لطرح مثل هذا الموضوع وحساسيته .. أم يتجنَّب ذلك ؟! ..

وقرَّر ألاَّ يُجيب على سؤال ذلك الطالب .. مُعللاً ذلك بأنه خارج المنهج .. وأن المنهج في هذه المرحلة يُركِّز ويُسلِّط الضوء على التناسل وأطرافه بصفة عامة دون الدخول في تفاصيل الكيفية ..

كان ابني أحد أولئك الطُلاَّب .. يملك ذكاءً يكبُر سنَّه بكثير ولله الحمد .. ونصف وزنه -إن لم يكن أكثر- عبارة عن فضول .. لا يكاد يهدأ عن مُلاحقتي بالأسئلة في جميع الجوانب طالما كُنَّا سوياً .. وأن غبت عنه لأي سبب نالت أمَّه نصيبها من أسئلته ..

اهتبل فرصة مرافقته لي لعيادة أحد أقاربي .. ونحن نسير في طريقنا .. سألني ذات السؤال الذي بقي عالقاً في ذهنه دون إجابة شافية وافية كافية .. تُشبع فضوله الذي يكاد يحرمه النوم !!! ..

وبطريقتي .. استطعت -على الأقل من وجهة نظري- أن أُشبع رغبته وأُغلق هذا الباب دون أن أفتح عقله وذهنه على ما لا ينبغي الاطلاع عليه في مثل هذه السنَّ ..

والسؤال الذي بقي عالقاً في ذهني أنا :

ما الجدوى وما المنفعة من أن يعرف طُلاب صغار السن يدرسون في المرحلة الابتدائية ماهيَّة التناسل ؟! ..

قد يقول قائل :

إن هذا يُفيدهم مُستقبلاً .. فأن يعرفوا بعض الشيء وتدريجياً خير من ألاَّ يعرفوا شيئاً البتَّة .. ويبقوا جهلة وعاميَّون في هذا الجانب ..

وهنا أسأل من يقول مثل هذا القول :

هل درس آباؤنا ذلك ؟! .. لا .. فهل أثَّر ذلك على حياتهم ؟! ..

قد يقول قائل آخر :

ولكن آباءنا لم يحظَ أكثرهم بالتعليم وكانوا في غالبهم أميِّون لا يقرأون ولا يكتبون ..

وأقول :

دعونا من آبائنا وأجدادنا .. لنتركهم جانباً ولنأخذ أنفسنا ومن يكبرنا من إخوتنا وأخواتنا مثالاً :

هل درسنا نحن أو من يكبرنا سناً مثل هذه العلوم ؟! .. لا ..

فهل أثَّر عدم دراستنا لها سلباً في حياتنا التي نعيشها الآن ؟! .. لا .. فالغالب الأعم منا يعيش حياة زوجية مثالية أو على الأقل غير ناقصة على الرغم من عدم تلقِّينا دروساً في مثل هذه الأمور ..

إذاً .. مع المغزى من إدراج مثل هذه الدروس في مناهج أطفالنا ؟! ..

لا شك عندي أن الغرض من ذلك هو التدرُّج في تدريس أبنائنا "الثقافة الجنسية" كما يُطلق عليها في القادم من مراحل تعليمهم ..

وهو الأمر الذي قد توقَّعت حدوثه قبل ما يُقارب العامين من الآن بناءً على مُعطياتٍ توافرت في ذلك الوقت .. وقد كتبت موضوعاً في هذا الخصوص أُحذر فيه وأعارض الفكرة جُملة وتفصيلاً بعنوان :

ألف .. باء .. تاء .. منهج الجنس لمدراسنا جاء .. على هذا الرابط :

http://70.86.165.21/vb/showthread.php?t=106044

وأظن أن هذه هي البداية لما هو أعظم وأطمُّ من ذلك ..

والله المستعان ..

تحياتي ،،،