خص الفنان الاماراتي حسين الجسمي لحن، لنشر خطابه الذي يعتذر فيه عن إحياء حفل قرطاج هذا العام، والحفلات الجماهيرية المصورة، بسبب الأحداث التي يشهدها لبنان، وهذا نص الخطاب كما وصلنا:
دبي في 29 من تموز/يوليو 2006.
إلى جـمهوري الغـالي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
قرطاج ...
هذا الحلم وهذا السحر الذي بات قريباً منّي ، بل في متناول يدي والذي كنت أحلم أن أقف على خشبته متحدياً نفسي أولاً لأثبت مرة جديدة بأنني فنان حقيقي لا تنقصه الخبرة في التعامل مع مختلف المهرجانات مهما كبرت أوعَظُم شأنها . هذا الحلم الذي كنت على موعد من يوم الرابع من آب أغسطس سأتركه حلماً وأؤجله للأعوام القادمة راجياً أن تكون الظروف وقتئذ أفضل من ظروف اليوم .
أجل !! .. فأنا أعتذر رسمياً عبر هذا الخطاب عن المشاركة في مهرجان قرطاج تماماً كما ألغيت جميع حفلاتي الجماهرية المصورة و التي كانت مقررة في سورية ولبنان
والمغرب.
جمهوري الحبيب ...
والحب يحكم قبل العقل أحياناً ...
اليوم أعزائي ، قلب لبنان الغالي ينزف دماً وشهادةً ، وينبض بطولةً ومقاومَةً ...
فكيف يمكنني أن أقف وأن أغني، وضمير المعمورة يغنو على أشلاءِ أطفالٍِ عُزل يهتفون "وكلّنا جنوبٌ وكلّنا لبنان !" .
كيف لي أن أغني وذاكرتي تضجّ بأطفال ٍِ جياع ، تُبتَرُ أوصالُهم ... تُغتصَبُ جنَّاتهم ... وآلة عدُوٍّ تدمِّر حجراً ... تُبِيدُ بشراً ... وتَسحَقُ لبناناً !!
لبنان يبكي وأنا أعتصِرُ ألماً عليه ، وفي الحقيقة أنني حاولت عدم الإعتذار وحاولت أن أشارك لأساهم بأجري الذي سأجنيه من قرطاج لإنقاذ ما يمكن عليه من موجوعين لبنانيين وكنت سأطلب من كل الجمهور الذي سيحضر الحفل أن يتبرع بما يقدر عليه .
ولكن كلما مرت الأيام وقصرت المدة الزمنية بيني وبين قرطاج كلما إزداد الوجع في قلبي على لبنان الجميل الذي شوهه العدوان الإسرائيلي الغاشم وكلما شاهدت في نشرات الأخبار مزيداً من الدمار والموت والتشرد في لبنان كلما إزداد في ضميري رفضي للغناء ورفضي السرور والسعادة ...
حقيقة الأمر أنني أحب لبنان وزياراتي له كثيرة ... ولي فيه أصدقاء كثيرون لذلك أجد نفسي غير قادر على العطاء وسط هذا الحزن الكبير الذي أعيشه والذي يعيش بداخلي ... وحتى الأغاني الوطنية لم تعد تخرج من قلبي لأنني غير قادر بالأساس على الغناء ...
وهنا أؤكد للبنان الذي أحب أنني سأبقى أحبه مهما دمره الأعداء وأتمنى أن يبقى صامداً وأن يعود ليسطع علينا حباً وفناً وعظمة كما عرفناه...
سوفَ أُبقي حلمي قرطاجاً ، بل قرطاجي حلماً الى أن يقهرَ الباري عزَّ وجلِّ قدره كابوس العدوان الهائم في زُرقةِ سماء لبنان ...
لِذا...
أتوجّه من قرطاج إدارةً وجمهوراً بالإعتذار الشديد لعدم تلبيتي دعوتهم التي كنت أنتظرها. وأعدهم أن أكون عندهم بكل الحب وبكل التقدير عندما تسنح الفرصة، فأرجو المعذرة من أهل تونس ولأهل لبنان كل الدعوات الصادقة من فنان يحبه ولا يستطيع إلا أن يحبه ...
والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته .....
الفنـان الإمـاراتي حســين الجســمي
الروابط المفضلة