بسم الله الرحمن الرحيم
الثلاثاء 25/4/1427 هـ
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
فإن من واجب النصح لولاة الأمر وللأمة ومن لوازم الغيرة على الدين والفضيلة ، ومن واجب البيان الذي أخذه الله على أهل العلم في قوله تعالى: ((وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ))
(آل عمران187).
أن نحذر الأمة من عصابة معروفة بالتوجه التغريبي المنحرف قد تمكنت من التأثير على القرار، والتولي على بعض المؤسسات ذات الأثر الكبير في هوية المجتمع ومستقبله.
هذا مع ما تمر به بلادنا من ضغوط وكيد خارجي، صارت هذه العصابة عيناً وأذناً وأداةً لذلك العدو الخارجي مستندة إلى تأييده ومنفذة لأهدافه.
إن خطر هذه العصابة على المجتمع عظيم جدا ، فإنها التي تعمل لحرب الفضيلة وتشويه القيم الإسلامية وتغيير هوية المجتمع ، يضاف إلى ذلك سعيها الحثيث نحو تجفيف منابع الخير فيه وجره إلى ضروب الانحراف والبعد عن الدين بتحجيم المؤسسات الشرعية وتقليص المناهج الدينية في المؤسسات التعليمية الرسمية والأهلية .
وبعد ، فإننا إذ نحذر من هذه العصابة ومخططاتها ننبه إلى أمور:-
الأول:
أن من حكمة الله تعالى وحكمه أن تكون هذه الجزيرة هي معقل الإسلام وأن الإسلام يأرز بين المسجدين كما تأرز الحية إلى جحرها كما أخبر المصطفى- صلى الله عليه وسلم- في حديث ابن عمر المخرج في صحيح مسلم، والإسلام الذي نعنيه هو الذي رضيه الله لنا شرعة ومنهاجا مما جاء في الكتاب والسنة وفهمته القرون المفضلة ومن سار على نهجهم، ومنهم علماء الشريعة الذين كانوا ركيزة هذه الدعوة المباركة والتي كانت ركيزة قيام هذه الدولة ، وأساساً لشرعيتها ، وهو الدين المهيمن على كل مناحي الحياة ، وليس هو الدين الذي تريده هذه العصابة على حسب أهوائهم الضالة وشهواتهم المنحرفة ، وإن الأمة حكاماً ومحكومين مستأمنون على حفظ جناب الدين وحماية الشريعة والأخلاق من عبث العابثين وأهواء المبطلين التي بدأت تظهر اليوم في مجتمعنا .
إن محاولات هذه العصابة لإضعاف الشرعية الدينية لهذه البلاد من خلال مراكزهم وصحفهم ومن ثم تقويض كيانها للانقضاض عليها ستبوء بالفشل ، لأنها ستجد إن شاء الله أمامها أمة واعية لمخططها ، واقفة ضد مؤامراتها الخبيثة .
الثاني :
إن الإصلاح المطلوب الذي تستقيم به أمور الدين وأمور الدنيا لا يحصل إلاّ بالالتزام بأحكام الشريعة وقواعدها في الإصلاح ، وليست الدعاوى الباطلة التي يدعو إليها هؤلاء المفسدون في مجتمعنا ، وهم الذين ذكر الله سبحانه وتعالى أسلافهم في القرآن فاضحاً إياهم بقوله: (( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ، أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ )) (البقرة:11).
إن الانفتاح على كل ما فيه مصلحة للعباد مطلب لكل مخلص لهذا البلد ، وإن تنمية البلد وتطويره والمسارعة في حل مشكلاته واجب شرعي ولن يتم ذلك بالانفلات من أحكام الشريعة وآداب الفضيلة والمسارعة في تحويل المجتمع إلى صورة من صور المجتمعات المنحرفة عن هذه الأحكام والآداب ، مما تستبطنه وتستحسنه عقول هذه العصابة الخبيثة ونفوسهم المريضة .
الثالث:
ليعلم هؤلاء المنافقون أن أهدافهم مكشوفة وأجندتهم مرصودة ، وهم وإن تمكنوا ساعة فإن العاقبة للمؤمنين (( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ )) (الشعراء:227) .
ومن فضل الله أن مخططهم التغريبي يرفضه عامة المجتمع لأنه مجتمع يغلب عليه الخير وحب الفضيلة ، وقد أثبت هذا المجتمع – بتوفيق من الله - من خلال الأحداث والوقائع أنه قادر على إحباط هذه المشروعات ، لأنه يريد الإسلام ، ويرفض غيره، وأنه مجتمع واعٍ لهذه المخططات مهما وظفوا منابر الإعلام من صحافة وقنوات ، ومهما جندوا من كتّاب - في قلوبهم مرض - لمشروعهم التغريبي السافر ، ومهما حاولوا تشويه أهل العلم والدعوة والقضاء لدى ولي الأمر وحاولوا إبعادهم عنه وحالوا دون رسائلهم الإصلاحية أن تصل إليه .
إن هذه العصابة شرذمة قليلة يعيش معظمهم حالة عزلة واغتراب عن مجتمعه ، ومع ذلك يتكلمون باسم الأكثرية وباسم المجتمع – زوراً وتدليساً وتلبيسا – لأنهم تمكنوا من بعض المواقع الحسّاسة ليثأروا من هوية مجتمع متدين يبغضهم وينبذهم ، بل أفشل مخططاتهم وأسقط راياتهم طيلة عقود سابقة .
الرابع :
ولما للمرأة من أثر بالغ في المجتمع فقد بذلوا الجهود الماكرة لتغريبها تحت شعارات خداعة مكشوفة من الدعوة لحقوق المرأة زعموا وتحريرها من القيود وتطويرها حسب ثقافتهم المنحرفة ، وتباكوا على وضعها الراهن الذي لم يرضهم ليؤثروا على عواطفها ثم يجروها وراء سرابهم الخادع ، ويا للأسف ! فقد خدعوا بعض النسوة فاستخدموهن آلةً لتنفيذ مخططاتهم .
لقد تولى كبر هذا الدور التخريبي – مع الأسف – جهات وشخصيات تنتمي إلى هذا الوطن جعلت همها تنفيذ المخطط الغربي الماكر ؛ يوما باسم توسيع عمل المرأة وعلاج البطالة ويوماً باسم تمكين المرأة وتنميتها، متناسين ضوابط عمل المرأة في المجتمع داعين إلى تطبيع الاختلاط بين الجنسين مع أنهم لم يبذلوا وسعهم في علاج البطالة عند الشباب، وهي محط اهتمام جميع الدول.
لقد ضرب صناع هذه القرارات بعرض الحائط خصوصية المرأة في هذه البلاد وطبيعة دورها وتكوينها التي راعاها الإسلام في تشريعاته وأحكامه، وقد بلغ بهم الاستهتار إلى حد إلغاء بند في المادة ( 160 ) من نظام العمل والعمال الجديد وهو الذي ينص على منع الاختلاط في العمل بين الجنسين بل أعرضوا عن كل القرارات والتعاميم السابقة الخاصة بهذا الشأن ومنه تعميم سمو وزير الداخلية ( رئيس مجلس القوى العاملة سابقا ) رقم 8721/ق ع في 1/12/1423هـ والذي نص على أن تتم الموافقة على عمل المرأة حسب شروط مذكورة في ذلك التعميم ، ولو كان هذا التعميم هو المرجع لعمل المرأة لكان فيه عصمة من كثير من الشرور .
لقد بلغ مكرهم أن شجعوا كل شاذة عن الشرع خارجة على المجتمع بالإشادة بها وتقديمها كمثل ونموذج ، ودعمها ماديا ومعنوياً ، وما رواية بنات الرياض تلك الرواية الساقطة معنى ومبنى إلاّ نموذجاً لهذا الكيد حيث يقدم لها شخصية مسؤولة ذات مركز سياسي وثقافي فيشيد بالرواية وبالكاتبة ويدعوها إلى المواصلة مستهتراً بقيم المجتمع الإسلامية متحدياً أعراف البلد .
يتبع
الروابط المفضلة