للمسلمين صرح طالما استظلوا بظله الوارف .. واستضاءوا بنوره الجلي .. عانق السماء شموخاً وعزةً وفخراً .. وانطلقت منه صيحات المؤذنين ، وترتيل المصلين ، وكتائب المجاهدين .. وكان ملتقى العلماء والعارفين ، وملجأ للعباد والتائبين ... مررت به وقد طأطأ رأسه وحنا ظهره كأنه شيخ هرم هده طول الزمن ، فتوكز على عكازهينتظر ساعة وفاته .
سألته وقد بلغ مني العجب مبلغه : مالك أيها الصرح العظيم .. ؟؟ أهو المرض أم طول الزمن .. فأجابني بصوت سبقته زفرات : أتسألني عن حالي .. أما ترى فنائي وقد فارقه رواده وساكنوه إلا رهطاً لا تسمع لهم حساً ولاركزا .. أما ترى مئذنتي التي كانت زهرة نرجس تبث شذى عطرها في أنحاء المدينة قد جعلوها مجرد أثر ، أما ترى منبري الذي اعتلاه أبوبكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم من الأفذاذ قد أخرسوه .. أما ترى فيروس الماسونية في جسدي وطاعون العلمانية في أحشائي وقد حمل كل أعدائي معولهم لهدمي ،، فكيف يطيب لي العيش وجسدي يتساقط جزءاً جزءاً .. وزواري يفارقونني وهم لي أكسجين الرئة ودم العروق وخلايا الجسم ..
أين ألوية الجهاد التي كانت تعقد في ساحتي ، أين من كانوا يتدارسون في فنائي وقد جثا كل واحد على ركبتيه يلتقط العلم من شيخه .. أين من نصبت شباكي في قلبه فأصبح متعلقاًبي قلبه .. أين هؤلاء وهؤلاء ..؟؟ إني ألمح في جبينك بصيصاً من نور ، فمتى يبلغ هذا النور تمامه ويجلو ظلمة الليل ؟؟ بك وبصحبك يعود الدم إلى عروقي والهواء إلى سمائي ( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لاتلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار )
كن أنت وأصحابك من هؤلاء الرجال يذهب عني هذا الداء العضال...!!! .....
(منقول من مجلة الأسرة)
الروابط المفضلة