السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
تأملت فى سبب هداية من يهتدى وتحوله من ظلمة الضلال الى نور الهداية ومن عمى القلب الى نور البصيرة فما وجدت لذلك سببا الا أنها مشيئة الله اذا شاء هدى واذا شاء أضل كما قيل ( اذا ارادك لأمر هيأك له) فتارة تكون الهداية الالهية حين يبصر الانسان حقيقة ذاته فيعلم أن لنفسه صانعا وربا قادرا له حق عليها كما يجب شكر نعمته فينبغى ان يدعوه خوفا وطمعا هذا ما أخبرنا به الله تعالى فى قوله عن أهل الكهف ( اذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والارض) قال المفسرون:" ان كل واحد منهم القى فى قلبه يقظة فقال لابد لهذا الخلق من خالق فاشتد كرب بواطنهم من وقود نار الحذر فخرجوا الى الصحراء فاجتمعوا عن غير موعد فكل واحد يسأل الاخر ما الذى اخرجك؟ فتصادقوا.
وقد يبدوان الفكرة والنظر هو السبب فى الهداية اما عن موعظة يسمعها أو يراها الانسان ولكن هذا هو السبب الظاهر اما السبب الحقيقى فهو ما القاه الله فى قلب من يختار ويصطفى من نور البصيرة والناس فى ذلك احوال وانواع فمنهم من يغلبه هواه ولا يستطيع مفارقة ما يشتهى رغم تيقظه فيستمر على حاله فانتباه مثل هذا زيادة فى الحجة عليه ومنهم من هو واقف فى مقام مجاهدة النفس بين نار الهوى ونور التقوى تنازعه الفضيلة والرذيلة فان غلبت الاولى فهو من الناجين وان انتصرت عليه الثانية فهو من الظالمين .
ولله عباد على طاعته قائمون ومن معصيته هاربون كلما عبروا مقاما الى مقام رأوا نقص ما كانوا فيه فاستغفروا ومنهم من يرتفع عن شهوات النفس الدنيئة لخسة ما تدعو اليه لأنه منشغل بشرف ما يطلبه من سمو واستقامة يستحق بها أن يكون عيدا حقيقيا لله تعالى فيبلغ قمم العز ويحيا اسمى معانى الحرية " الحر من تحرر لله والأسير من أسره هواه" .
وقد اعجبنى فى هذا الشأن قول الامام عبدالرحمن بن الجوزى رحمه الله" ان الطريق الموصلة الى الحق سبحانه ليست مما يقطع بالاقدام وانما يقطع بالقلوب وانما يتعثر من لم يخلص وانما يمتنع الاخلاص ممن يراد" فعلى العبد ان ينتبه من غفلته ويطلب من الله الهداية ومن اقبل على الله اقبل الله عليه ومن أدبر فالله غنى عنه وصدق الله اذ يقول ثم تاب الله عليهم ليتوبوا" .
اللهم نجنا برحمتك من النار وعافينا من دار الخزى والبوار وادخلنا بفضلك الجنة دار القرار وتاملنا بكرمك وجودك يا كريم يا غفار واغفر لنا ولوالدينا
اللهم صلى على اشرف الخلق محمد وعلى اله وصحبه وسلم
منقول
الروابط المفضلة