بسم الله الرحمن الرحيم
يتعاقب الليل والنهار ونحن نسير في رحلتنا الى الله كلما مر يوم نقص من اعمارنا وهانحن نودع
عاما وتختم صحائف الأعمال فكتبت هذه الكلمات موعظة وذكرى لعلها تقوي إيماننا ولعل غافلا ينتبه..لعلنا نراجع انفسنا ونقف معها وقفة جادة للمحاسبة ..لعلنا نراجع حياتنا فننظر للحسن فنبقيه ونزيد منه..وننظر للسيء فنحاول تفاديه والا بتعاد عنه..
مر عمر بن عبدالعزيز بالمقابر يوما فأنشد:
أتيت القبور فنــاديتها***فـأيــن المعظم والمحتقر
تـفـانوا جميعا فما مخبر***وماتوا جميعا ومات الخبر
فيا سائلي عن اناس مضوا***أما لك فيما مضى معتبر
نسير الى الله فيحاسبنا على الصغير والكبير والجليل والحقير..فهل أعددنا للوقوف بين يديه؟؟؟
(يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية)..هل فكرنا في هذا اليوم العظيم؟؟..(ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ..)نظرة من النظرات لا يغادرها..تلك الليلة التي جلست فيها ثم فتحت المسجل و بدأت باستماع الغناء لا يغادرها.. تلك الليلة عندما فتح الرجل التلفاز ليشاهد الأخبار وكانت امرأة مذيعة فجلس ينظر اليها ويقول أخبار..عندما جلست ذلك المجلس تسمع/تسمعين فيه الغيبة والنميمة وتقول أنا ما تكلمت أنا أستمع فقط..ذلك اليوم عندما ذهبت للسوق وخرجت بعباءة مخصرة او على كتفيك او مخرجة عينيك وخرجت متزينة متعطرة تلفتين نظر الرجال بزينتك او مشيتك او ضحكتك لا يغادرها..مساكين مساكين (لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا)
هكذا ضعيف الإيمان-ونحن منهم والله المستعان- يتهاون بالصغائر حتى يبلغ به الأمر بالوقوع في الكبائر ..بل قد يفعل المنكرات ويجاهر بها ..يفتخر انه يعصي الله سبحانه وتعالى (كل أمتي معافى إلا المجاهرين)..
كان بعض السلف يبكي بكاء شديدا عندما يقرأ قوله تعالى ((وبدالهم من الله مالم يكونوا يحتسبون))
يخاف انه يظن انه من اهل الجنة فيكون من اصحاب السعير والعياذ بالله..هكذا كان السلف..
مضى الدهر والأيام والذنب حاصل***وجاء رسول الموت والقلب غافل
نعيمك في الدنيا غـرور وحـسرة***وعيـشك فيـها مـحال وباطل
هل فكر أحدنا في لحظة الموت وفراق هذه الدار ..والله لو يفكر أحدنا في هذه اللحظات والله ما يتجرأ أن ينظر إلى امرأة ..والله ما تتجرأين أن تلبسي عباءة غير شرعية..والله ما تتجرأين أن تفتني الرجال في الأسواق او الأماكن العامة بمشيتك او تزينك او ضحكتك..
هذا لو فكرنا في تلك اللحظات(كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق..) تخيل /تخيلي وأنت على فراش الموت ولعل حولك ابوك وامك وزوجك او زوجتك ولعل حولك الأبناء لعلهم يبكون عليك
لعل ابنك الصغير يتعلق برقبتك أبتاه أماه.. مالك لا تجيب او تجيبين ..وأنت تنظر إلى ساقك ما بال الساق تبرد ..إنها تيبس (والنازعات غرقا*والناشطات نشطا) ..بدأ ملك الموت بانتزاع الروح
إلى الآن لم تتب من تلك المعاصي ..الى لم تتب من سماع الغناء.. الى الآن لم تتب من تأخير الصلاة..إلى الآن...إلى الآن...((رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت*كلا...))لا رجعة..
(كلا اذا بلغت التراقي وقيل من راق.)ينادي الأب من يداوي هذا الولد..وينادي الأب من يداوي هذا الأب..وتنادي الزوجة من يداوي هذا الزوج..أما هو((وظن انه الفراق)) هو متيقن من انه مغادر لهذه الدار..إلى الآن البيت لم يكمل أثاثه..الى الآن هو في السنة الأخيرة من الدراسة لم يأخذ الشهادة..هو يستعد للزواج إلى الآن لم يتزوج...((وظن انه الفراق والتفت الساق بالساق الى ربك يومئذ المساق))..
يقول عليه الصلاة والسلام(أكثروا من ذكر هادم اللذات)..والله ماتسوى هذه الدنيا..والله الأموال والأبناء والأهل لا ينفعون بشيء ..ستحاسب وحدك لن ينفعك الا عملك الصالح..
والله لا ينفعك أصحاب وصاحبات السوء (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين)
( يوم تجد كل نفس ماعملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو ان بينها وبينه امدا بعيدا)
تلك اللحظة التي أغلقت على نفسك الباب ..ثم بدأت بانتهاك المعاصي ..تلك اللحظة تودون لو ان بينكم وبينها امدا بعيدا...
كف الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى..
واصنع كماش فوق ارض الشوك يحذر ما يرى..
لا تحقرن صغيرة ان الجبال من الحصى..
تزود من التقوى فإنك لا تدري***إذا جن ليل هل تعيش الى الفجر
فكم من فتى أمسى واصبح ضاحكا***وقد نسجت أكفانه وهو لايدري
وكم من عروس زينوها لزوجها***وقد قبضت أرواحهم ليلة القدر
وكم من صغار يرتجى طول عمرهم***وقد أدخلت أجسادهم ظلمة القبر
وكم من صحيح مات من غير علة***وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
هذه موعظة وذكرى ..أعظ بها نفسي قبل أن أعظ الغير..أسأل الله أن يجعلنا هداة مهتدين..
وأن يغفر لنا الزلات والخطيئات..وأن يرفعنا في الجنة الدرجات ..وأن يختم لنا بالصالحات..
ولا تنسوا ان تختموا هذا العام بالصالحات لعل الله أن يعفو عما سبق وفات..
( إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين )
واحرصوا على بدء الصفحة الجديدة بالطاعت ..حتى يبيض الله وجوهنا يوم الحسرات..
هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أخوكم أحمد..