انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
الصفحة 1 من 2 12 الأخيرالأخير
عرض النتائج 1 الى 10 من 15

الموضوع: ذاكرة الأمة

  1. #1
    نقَآء~'s صورة
    نقَآء~ غير متواجد مبدعة استراحة الإخاء "وهج الصوتيات"
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الموقع
    حتـــــــــــما راحلـــــــــه
    الردود
    1,531
    الجنس
    أنثى

    flower1 ذاكرة الأمة


    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على قائد الغر المحجلين المجددين فى كل وقت وحين هذا الدين
    لا تستطيع امة من الامة النهوض عندما تفصل حاضرها عن ماضيها ولأمتنا الإسلامية تاريخها العظيم ، ذلك التاريخ الذي أسرج فيه المجد جواده ومضى في علياء المجد ............

    والشباب المسلم اليوم في أمس الحاجة لاستذكار ذلك التاريخ ليبنوا على أسسه الراسخة صروحا شامخة تعيد للمسلمين ذكرى اليرموك وحطين ........................

    ولكم هذه السلسلة المباركة عن تاريخ امتنا الاسلامية واسأل الله ان يجعلها قليلة المبانى كثيرة المعانى انه ولى ذلك والقادر عليه ..
    الرجاء ان يثبت الموضوع لتعم الفائدة وعدم كتابة ردود شكر وجزاكم الله خيرا
    آخر مرة عدل بواسطة نقَآء~ : 29-01-2006 في 03:13 PM

  2. #2
    نقَآء~'s صورة
    نقَآء~ غير متواجد مبدعة استراحة الإخاء "وهج الصوتيات"
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الموقع
    حتـــــــــــما راحلـــــــــه
    الردود
    1,531
    الجنس
    أنثى

    رسالة أهل سرقسطة الأندلسية إلى المسلمين على مر العصور


    بسم الله الرحمن الرحيم

    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ... و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله... أما بعد،،،

    اتفق أهل العلم أن الجهاد نوعان جهاد قصد وطلب وجهاد دفع... ونظرًا لحالة المسلمين المتردية فإن جهاد القصد والطلب قد اختفى من حياة الأمة باختفاء الخلاقة الإسلامية وآخرها العثمانية، فلم يعد للأمة سياجها الحامي ودرعها الواقي والذي منه تخرج الجيوش لنشر الدين، وصار التركيز الأكبر على جهاد الدفع لما نراه من هجمة شرسة على الإسلام وأهله ودوله، وقال أهل العلم أنه إذا تعرض بلد إسلامي لهجوم الأعداء وجب على جميع أهل البلد كبارًا وصغارًا، رجالاً ونساءً، الدفاع عن البلد، وإذا عجز أهل البلد عن الدفاع وجب على أهل البلد المجاور الاشتراك في نصرة إخوانهم، وإذا عجز البلد المجاور انتقل الوجوب للأقرب فالأقرب، وإذا تكاسل المسلمون عن نصرة إخوانهم أثم الجميع وصاروا مسئولين أمام الله عز وجل يوم القيامة، ولن يرحمهم التاريخ الذي سوف يسطر هذا التخاذل وترك نصرة المسلمين المستضعفين، ولن يكون هناك مجد ولا فخر بأي عمل كائنًا ما كان طالما أن صفحات التاريخ ستسطر الخزي والعار الذي ستجلل به كل الأمم، والعجيب أن هذا الأمر ما زال يتكرر في كل عصر وزمان كأن المسلمين ما وعوا درسًا ولا قرأوا تاريخًا.

    هذه رسالة أرسلها أهل مدينة سرقسطة لإخوانهم المسلمين بالأندلس يطلبون منهم النصرة والعون ضد عدوهم الصليبي وذلك سنة 512 هـ. وهي رسالة تكاد تنطق على واقع المسلمين الآن، وهذه الرسالة أرسلها أهل المدينة للأمير تميم قائد جيوش المرابطين بالأندلس والذي خاف من لقاء العدو واستضخم قوته، فجبن عن لقائه وترك إخوانه نهبًا للكلاب والذئاب من أعداء الإسلام، وجاء في الرسالة ما يلي: [وما كان إلا أن وصلت [يعني الأمير تميم] وصل الله برك بتقواه على مقربة من هذه الحضرة ونحن نأمل منك بحول الله أسباب النصرة بتلك العساكر التي أقر العيون بهاؤها وسر النفوس زهاؤها، فسرعان ما انثنيت وما انتهيت وارعويت وما أدنيت خايبًا عن اللقاء ناكصًا على عقبيك عن الأعداء، فما أوليتنا غناء، بل زدتنا بلاء، وعلى الداء داء بل أدواء، وتناهت بنا الحال جهدًا والتواءً، بل أذللت الإسلام والمسلمين واجترأت فضيحة الدنيا والدين، فيالله ويا للإسلام، لقد اهتضم حومه وحماه أشد الاهتضام إذ أحجمت أنصاره عن إعزازه أقبح الإحجام، ونكصت عن لقاء عدوه، وهو في فئة قليلة ولمة رذيلة وطائفة قليلة، فما هذا الجبن والفزع وما هذا الهلع والجزع، بل ما هذا العار والضياع ..

    أتحسبون يا معشر المرابطين وإخواننا في الله المؤمنين إن سبق على سرقسطة القدر بما يتوقع من المكروه والحذر أنكم تبلعون بعدها ريقًا، وتجدون في سائر بلاد الأندلس عصمها الله مسلكًا من النجاة أو طريقًا ... كلا، والله ليسومنكم الكفار عنها جلاءً وفرارًا، وليخرجنكم منها دارًا فدارًا ، فسرقسطة حرسها الله هد السد الذي إن فتق فتقت بعده أسداد، والبلد الذي إن استبيح لأعداء الله استبيحت له أقطار وبلاد، فالآن أيها الأمير الأجل هذه أبواب الجنة قد فتحت، وأعلام الفتح قد طلعت، فالمنية لا الدنية، والنار لا العار، فأين النفوس الأبية، وأين الأنفة والحمية، ولن يسعك عند الله ولا عند مؤمن عذر في التأخر والارعواء من مناجزة الكفار والأعداء، وكتابنا هذا أيها الأمير الأجل اعتذار تقوم لنا به الحجة في جميع البلاد، وعند سائر العباد في إسلامكم إيانا إلى أهل الكفر والإلحاد ونحن مؤمنون، .... ، ومهما تأخرتم عن نصرتنا فالله ولي الثأر منكم ورب الانتقام، ويغنينا الله عنكم وهو الغني الحميد.

    هذه الرسالة التي تقطر دمًا وحزنًا وكمدًا على تخاذل المسلمين عن نصرة إخوانهم تقرر لنا عدة نقاط هامة مستقاة من نص الرسالة:

    1 ـ أن أعداء الله عز وجل مهما عظمت قوتهم وطغى نفوذهم إنما هم فئة قليلة ولمة رذيلة إذا ما كان أمامهم جند الإسلام المخلصون.

    2 ـ أن ترك نصرة المسلمين المستضعفين في شتى بقاع الأرض لا سبب وراءه سوى حب الدنيا وكراهية الموت وكراهية مفارقة اللذات والشهوات، حتى صار أعداء الإسلام أجرأ على الموت منا، وأين جند المسلمين الآن من مقولة خالد بن الوليد لرسول هرقل: [لقد جئتكم برجال يحرصون على الموت كما تحرصون أنتم على الحياة].

    3 ـ أن المسلمين إذا تخاذلوا الآن عن نصرة إخوانهم وأسلموهم لعدوهم فإن الدور حتمًا سيأتي عليهم، وسيأتي عليهم اليوم الذي تدور عليهم الدوائر ويقع فريسة للعدو، فعقلية ابن نوح عليه السلام ما زالت تحكم المسلمين ويظنون أنهم بمنأى من الطوفان، وإذا أنهدم السد وانثل الجدار فلا أرض تبقى ولا دار.

    4 ـ أن المسئولية أمام الله عز وجل جسيمة وهائلة فأين الاعتذار من هذا الخذلان وترك نصرة المسلمين، والسنة الماضية أن الله عز وجل ولي الثأر، وهو عزيز ذو انتقام.

    فهل وعى المسلمون مضمون الرسالة؟؟‍‍‍‍!!
    منقول من مفكرة الاسلام

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2002
    الموقع
    ღ♥ღ .. وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ القَرَار ღ♥ღ
    الردود
    34,635
    الجنس
    امرأة
    التدوينات
    10
    1 ـ أن أعداء الله عز وجل مهما عظمت قوتهم وطغى نفوذهم إنما هم فئة قليلة ولمة رذيلة إذا ما كان أمامهم جند الإسلام المخلصون.

    2 ـ أن ترك نصرة المسلمين المستضعفين في شتى بقاع الأرض لا سبب وراءه سوى حب الدنيا وكراهية الموت وكراهية مفارقة اللذات والشهوات، حتى صار أعداء الإسلام أجرأ على الموت منا، وأين جند المسلمين الآن من مقولة خالد بن الوليد لرسول هرقل: [لقد جئتكم برجال يحرصون على الموت كما تحرصون أنتم على الحياة].

    3 ـ أن المسلمين إذا تخاذلوا الآن عن نصرة إخوانهم وأسلموهم لعدوهم فإن الدور حتمًا سيأتي عليهم، وسيأتي عليهم اليوم الذي تدور عليهم الدوائر ويقع فريسة للعدو، فعقلية ابن نوح عليه السلام ما زالت تحكم المسلمين ويظنون أنهم بمنأى من الطوفان، وإذا أنهدم السد وانثل الجدار فلا أرض تبقى ولا دار.

    4 ـ أن المسئولية أمام الله عز وجل جسيمة وهائلة فأين الاعتذار من هذا الخذلان وترك نصرة المسلمين، والسنة الماضية أن الله عز وجل ولي الثأر، وهو عزيز ذو انتقام.

    أثابك الله أختي الفاضلة
    الرجاء الرد من الأخوات فقط

    قريباً .... تجربتي مع الـ ديرم إميلان Dermamelan Mask بـ..الصور

  4. #4
    نقَآء~'s صورة
    نقَآء~ غير متواجد مبدعة استراحة الإخاء "وهج الصوتيات"
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الموقع
    حتـــــــــــما راحلـــــــــه
    الردود
    1,531
    الجنس
    أنثى

    يا منصور:كل الناس مسرور إلا أنا

    جزاكى الله خيرا اخيتى

    ربما لا يعرف الناس من قائل العبارة أو متى قيلت وما مناسبتها،وربما لا يخطر ببالهم من منصور هذا الذى يخاطب بهذه العبارة الحزينة المبكية،ولكنها كانت دوماً تقفز أمام ناظرى وتقتحم ذاكرتى إقتحاماً كلما هل علينا العيد خاصة عيد الأضحى، عيد الأمة الكبير،أتدرون لماذا؟ اسمعوا معى الخبر وعندها تعرفون لماذا؟



    [كان عصر الحاجب المنصور بن أبى عامر من سنه369-392هجرية، هو العصر الذهبى للأندلس،حيث بلغت دولة الإسلام فى الأندلس أوج قوتها وأقصى إتساعها، وكان المنصور شغوفاً بالجهاد فى سبيل الله، لا ينقطع عنه صيفاً ولا شتاءً،وقد انزوى الصليبيون فى عهده فى أقصى شمال الأندلس وأقصى أمانيهم أن يكف المنصور عن غزو بلادهم،وذات مرة خرج للجهاد فى سبيل الله،وبعد أن حقق النصر كعادته على الإسبان، عاد إلى قرطبة ووافق رجوعه صلاة عيد الأضحى والناس فى المصلى يكبرون ويهللون، وقبل أن ينزل من على صهوة جواده، اعترضت طريقه امرأة عجوز، وقالت له بقلب متفطر باكى: يا منصور كل الناس مسرور إلا أنا، قال المنصور:وما ذاك؟ قالت:ولدى أسير عند الصليبيين فى حصن رباح ،فإذا بالبطل العظيم الذى لم ينزل بعد من على ظهر جواده، والذى يعلم قدر المسئولية الملقاة على عاتقه تجاه أمة الإسلام، والذب عن حياض الأمة والدين، إذا به يلوى عنق فرسه مباشرة وينادى فى جيشه ألا ينزل أحد من على فرسه ثم ينطلق متوجها إلى حصن رباح ويظل يجاهدهم حتى يجبرهم على إطلاق سراح أسرى المسلمين عندهم ومنهم ولد العجوز]



    والناظر إلى هذا الموقف،والعبارة التى أطلقتها العجوز يجد أن تنطبق على واقع أمتنا الإسلامية الأن، فالناس من حولنا من شتى الأجناس والملل والنحل،ينعمون ويفرحون وعلى أشلاء أمتنا يرقصون،أمتنا التى سرقت من على شفاه أطفالها البسمة والسرور والفرح،فلسان حال أمتنا الأن: كل الناس مسرور إلا أنا، فأطفال فلسطين لا يمكنهم الفرح والسرور واللعب،ليس بسبب الحزن على من فقدوه من أب وأخ وصاحب،فهم قد اعتادوا ذلك منذ زمن، ولكن لأن السلطة الفلسطينية التى ولدت سفاحا من رحم أوسلو وغيرها، قد أصدرت قراراً بمنع الإحتفالات بالعيد الكبير تعاطفاً مع الشعب الإسرائيلى الصديق والجار!



    في مصابه بزعيمه وقائده رجل السلام السفاح شارون!، ورياحين العراق وزهورها، لا يستطيعون الخروج للعب والسرور فى ربوع العراق و مروجها حتى لا تحصدهم طائرات الاباتشى الأمريكية،أو فيالق بدر الرافضية، أو مغاوير الشرطة العميلة، وأما أطفال النيجر ومالى وتشاد والصومال ، فهم لم يدركوا يوما معنى العيد أو ما هو العيد أصلاً،ولم يعرفوا يوما ًمعنى السرور والفرح بالكلية،فقد ماتوا وهلكوا قبل أن يعرفوا هذه المعانى ،قتلهم القحط والجوع وإهمال إخوانهم المسلمين لهم،وأطفال الشيشان وأفغانستان وكشمير والبوسنة وكوسوفو وبورما وتايلاند والفلبين والأوجادين و…… …………………. القائمة طويلة، كل هؤلاء لا يعرفون للعيد طعماً ولا فرحة أبداً

    ونحن لانملك أمام هذه المأساة العامة ألا أن نهتف بأعلى صوت لربنا عزوجل فى علاه قائلين [اللهم أعد علينا المنصور وأيامه] اميييين
    منقوووووول
    اللهم انصر الاسلام واعز المسلمين

  5. #5
    نسائم - الرحمه's صورة
    نسائم - الرحمه غير متواجد مبدعة استراحة الإخاء-مبدعة صيفنا إبداع1431هـ
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    الموقع
    (أدخلو مصر إن شاء الله آمنين)
    الردود
    5,278
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    2
    جزاكى الله خيرا اختى قلب مشتاق

    والله لقد اجبرتى الدموع على ان تنزل من عينى بهذا الموضوع الرائع

    بارك الله فيكى

  6. #6
    نقَآء~'s صورة
    نقَآء~ غير متواجد مبدعة استراحة الإخاء "وهج الصوتيات"
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الموقع
    حتـــــــــــما راحلـــــــــه
    الردود
    1,531
    الجنس
    أنثى

    بسم الله الرحمن الرحيم

    من يملك حق التكلم أو التفاوض عن مقدسات هذه الأمة؟ أو يتخذ قرارات بشأنها؟ من يستطيع أن يحدد مصير هذه المقدسات أو يتصرف في أمرها؟

    إن من يملك هذه المقدسات هو وحده الذي يستطيع أن يجيب عن هذه الأسئلة، والإجابة الوحيدة عن هذه الأسئلة أن الأمة الإسلامية بأسرها عرب وعجم قريب وبعيد هي صاحبة ومالكة كل القرارات الخاصة بهذه المقدسات، فلا يستطيع أحد مهما كان شأنه وعلو مكانه أن يتصرف وحده فيما يخص مقدسات الأمة الإسلامية، فهي ملكية عامة لكل مسلم فيها نصيب باستخلاف الله عز وجل لهذه الأمة على هذه المقدسات ، وهذا الحق العام والرأي الجماعي فيما يخص تلك المسألة هو الضمان الأمثل من الوقوع في أمثال تلك الخطايا الكبرى التي ارتكبت قديمًا وترتكب حديثًا والضحية في النهاية مقدسات الأمة وكرامتها.

    [IMG][/IMG]
    البلاد بعد صلاح الدين:

    أنقذ الله عز وجل أمة الإسلام بصلاح الدين الأيوبي في فترة حاسمة من حياة ومصير البلاد وتصدى صلاح الدين لنيل شرف مهمة استعادة بيت المقدس، وقاد حملة جهادية ضد الوجود الصليبي بالشام طيلة عشرين سنة استطاع خلالها أن يستعيد بيت المقدس سنة 583 هـ، ويتصدى لثلاثة حملات صليبية متتالية، ثم مات رحمه الله في 27 صفر سنة 589هـ. وبموته تفرقت البلاد بالشام ومصر بعدما كانت مجتمعة كلها تحت قيادته بين أبنائه وهذا التفرق دائمًا قرين الخذلان والفشل وأول مقدمات التسلط والاستعداء، وبالفعل دب الخلاف بين أبناء صلاح الدين خاصة؛ بين العزيز عثمان [صاحب مصر]، والأفضل علي [صاحب دمشق].

    ـ تعدى هذا الخلاف إلى طور الحرب والقتال مما استدعى تدخل الملك محمد أبي بكر الأيوبي الملقب بالعادل، أخي صلاح الدين، ورفيقة على درب الجهاد المقدس من البداية، وكان من أكثر الناس حزمًا وسياسة وعدلاً استطاع أن يقضي على هذا الخلاف وأن يتخذ الخطوة الصحيحة في هذا الظرف الراهن، فأعاد توحيد الجبهة الشامية والمصرية تحت إمرته وعادت للبلاد وحدتها وقتها. [[وفي ذلك درس وعبرة في أسباب النجاح وعوامل الفشل مهما كانت قوة البلاد وتقدمها طالما كانت متفرقة ومختلفة فإن الهزيمة والفشل هو طريقها ولو بعد حين]].


    ـ ورغم حكمة الملك العادل الأيوبي ورؤيته لما جرى للبلاد عندما تقسمت بين أبناء صلاح الدين وحجم الخلاف الذي وقع بينهم إلا أنه لم يستفد من هذا الدرس المجاني من أبناء أخيه وأقدم على نفس الخطأ فقسم البلاد بين أبنائه الثلاثة كالآتي:

    ـ الأمير محمد الملقب بالكامل: على الديار المصرية وفلسطين.

    ـ الأمير عيسى الملقب بالمعظم: على دمشق وباقي الشام.

    ـ الأمير موسى الملقب بالأشرف: على منطقة الجزيرة 'بين الشام والعراق'.

    ولاستمرار الحملات الصليبية على الشام ومصر لم يظهر بين هؤلاء الثلاثة خلافات بسبب تصديقهم للحملات الصليبية واشتغالهم بقتال الأعداء عن الخلافات المتوقعة.

    ـ الحملة الصليبية الخامسة:

    ـ لم يكف أبدًا الباباوات في روما عن إثارة عزائم وحفائظ ملوك وأمراء أوروبا من أجل استئناف سلسلة الحملات الصليبية التي هدأت قليلاً بعد وفاة صلاح الدين والفشل المدوي للحملة الصليبية الرابعة التي بدلاً من أن تتجه لقتال المسلمين بالشام اتجهت إلى قتال النصارى الأرثوزكس بالقسطنطينية وذلك سنة 600هـ، واستغل البابا 'أنوسنت' الثالث فرصة موت الملك المجاهد العادل الأيوبي وحشد جيشًا كبيرًا يقوده الفارس 'جان دي بريين' وكان مرشح البابوية ليكون ملكًا على بيت المقدس إذا استعادها من المسلمين.

    ـ قررت هذه الحملة التوجه إلى دمياط لاحتلال مصر التي تمثل مركز الثقل في المنطقة وكان أمير مصر وقتها هو محمد الكامل الذي تصدى للحملة بمنتهى الشجاعة وطلب المساعدة من أخويه بالشام والجزيرة، بفضل الله عز وجل وحده ثم بطولات الشعب المصري استطاع المسلمون هزيمة تلك الحملة الخامسة التي ارتكب قائدها خطأ تعبويًا عسكريًا أدى لوقوعه في منطقة غيطان النيل وغرق معظم أفراد الحملة الجائرة.

    ـ الإمبراطور فريدريك الثاني:

    ـ توقف نشاط الحملات الصليبية بعض الوقت حتى حركها الإمبراطور فريدريك الثاني إمبراطور الدولة الجرمانية المقدسة وذلك سنة 625هـ بأن لبس شارة الصليب ـ وهذا إعلان بالخروج لحملة صليبية جديدة ـ وكان الخلاف بينه وبين بابا روما 'هونوريوس الثالث' شديدًا وذلك لأن فريدريك قد وعد البابا يوم اعتلائه لعرش الدولة الجرمانية بأنه سيشن حملة صليبية هائلة يستعيد بها بيت المقدس، ثم تراخى فريدريك عن ذلك واشتغل بأملاكه في منطقة صقلية ولومبارويا مما أدى لاصطدامه مع بابا روما الذي كان يعلن دائمًا أن منطقة إيطاليا وما حولها أملاك خاصة بالبابوية.

    ـ أقدم فريدريك على خطوة أخرى زادت من حنق وغضب 'هونوريوس' عليه وذلك أنه تزوج من إيزابيلا ابنة جان دي بريين قائد الحملة الخامسة الفاشلة على دمياط والذي كان مرشحًا من قبل ـ كما ذكرنا ـ لإمارة بيت المقدس، وقد أعلن فريدريك بعد هذا الزواج أنه الأحق بملك بيت المقدس، وأظهر أنه خارج بقيادة الحملة الصليبية السادسة على بلاد الإسلام.

    ـ خرج فريدريك يقود الحملة الصليبية السادسة دون أن يأخذ موافقة البابا مما أدى لغضبه عليه بشدة ثم تحول هذا الغضب إلى ثورة عارمة عندما ترك فريدريك الأسطول وعاد مسرعًا بحجة المرضى ودوار البحر، وهذا الأمر عمَّق الخلاف بشأن تلك الحملة فكان من المقدر لها أن تفشل كما حدث مع الحملة الرابعة والخامسة، ولكن الأغرب هو ما جرى على الجبهة الداخلية للمسلمين.


    ـ المسلمون إلى أين؟

    ـ كلما كانت الظروف عصيبة والمواجهة على أشدها كلما كان ذلك يقتضي من المسلمين الحيطة والحذر والمرابطة والاتحاد، خاصة من كان على ثغور الإسلام، ونعني بذلك الشام ومصر، ولكن الأمر العجيب حقًا أن يشاهد المسلمون ما جرى لهم مرات ومرات جراء تفرقهم واختلافهم وتناحرهم وأن عدوه على بابهم ينتظر هذه الفرصة لينقض عليهم ... وقد حدث ... ومع ذلك هم يعادون الكرة المرة بعد المرة ثم هم لا يتعظون ولا ينتهون، فلقد سبق وأن تسلط الصليبيون في الحملة الخامسة عندما افترق الصف وتناحر الإخوة، ومع ذلك عادت النغمة الرديئة فاختلف الأمير محمد الكامل مع أخيه الأمير عيسى المعظم على الحدود المشتركة بينهما، وطمع كلاهما في الآخر، واشرأب الخلاف بينهما ونجمت الصراعات العلنية، وطارت أخبار ذلك للصليبيين فقاد فريدريك حملته السادسة.

    ـ ظهر تهديد آخر على ساحة الأحداث يوضح مدى ضياع الرابطة الإيمانية بين المسلمين وكيف أن الدنيا أهلكتهم كما أخبر بذلك الحبيب صلى الله عليه وسلم، وهذا التهديد كان متمثلاً في القبائل الخوارزمية المسلمة التي هاجرت من ديارها تحت وطأة الاكتساح التتاري لبلادهم، وكانت هذه القبائل قوية وشرسة وصمدت طويلاً أمام التتار، ولكنها انهارت أمام الضربات الساحقة للتتار، توجهت هذه القبائل هائمة على وجهها ناحية منطقة الجزيرة والشام واشتبكت في معارك كثيرة مع المسلمين هناك، مما أوجد ضغطًا كبيرًا على المسلمين بالشام فمن يواجهون؟ الصليبيين أم إخوانهم المسلمين.

    ـ بريق الكراسي:

    ـ عاود فريدريك المسير ناحية الشام بعد ضغوط كنسية ولحق بالحملة عند مدينة عكا وانضم إليه ملك جزيرة قبرص الصليبي 'آندرو دي لوزينان' فاستولت الحملة على مدينة صور وصيدا، وانتشرت الشائعات عن قوة هذه الحملة وضخامتها، وعم الإرجاف بالشام ومصر، ولكن فريدريك كان يضمر في نفسه شيئًا آخر؛ فلقد كان يخطط منذ خروجه بهذه الحملة على عدم القتال والتفاوض مع المسلمين.

    ـ كان فريدريك يخشى على أملاكه بأوروبا إذا دخل في قتال طويل مع المسلمين خاصة بعد صراعه وخلافه الحاد مع بابا روما 'هونوريوس' قبل الخروج للقتال، فأرسل إلى الأمير محمد الكامل أمير مصر يعرض عليه أن يتنازل محمد الكامل عن بيت المقدس ـ وكان من ضمن أملاكه مع مصر ـ نظير أن يرجع فريدريك عن غزو مصر وباقي بلاد الشام، ويتعهد بمنع الحملات الصليبية مهما كانت ومن أي مكان على الشام ومصر، ويعقد حلفًا مع المسلمين لمدة عشر سنين ونصف لا يحاربهم فيه أبدًا، وأيضًا يمنع المدد والمؤن عن باقي الأمراء الصليبيين بالشام، ويتعهد أيضًا بحفظ المسجد الأقصى وإعطاء المسلمين الحرية التامة في ممارسة شعائر دينهم.

    ـ كان الأمير محمد الكامل يحب الدعة والسكون ويكره القتال رغم بطولاته الرائعة في صد الحملة الصليبية الخامسة على دمياط، وكان أيضا محبًا للملك والإمارة، وقد أعماه بريق الكرسي وأثر ملكه وماله وضياعه على مقدسات الأمة فوافق على العرض الذي تقدم به فريدريك، وتنازل عن بيت المقدس في ربيع الآخر سنة 625هـ طواعية بلا ضرب ولا جهد، وتسلمها الصليبيون غنيمة باردة، وعُدَّ ذلك إهانة عظيمة ومصيبة كبيرة، وركب المسلمون في أرجاء البلاد الهم والحزن والبكاء عن هذا الخزي والدنية التي قام بها محمد الكامل الذي آثر الدنيا وحبها عن الدفاع عن المقدسات.

    ـ وكان محمد الكامل صاحب همة في العمل والعمران وتقدمت الديار لمصرية في عهده تقدمًا كبيرًا بفضل ما قام به من إصلاح الري وتحسين حال الزراعة، وبني المدارس العلمية، ولكن ما يساوي ذلك كله بجانب تفريطه في المقدسات من أجل مكاسب زائلة وأوهام فانية، فارتكب غلطة شنيعة أهالت التراب على كل تاريخه وجهاده السابق، وذهب ملكه بعد ذلك بقليل، فلا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى، وبقيت ذاكرة الأمة تحفظ له هذه الغلطة البالغة.


    ـ الزنديق الأكبر:

    ـ الأمر العجيب الذي يبكي العيون حقًا ويدمي القلوب فعلاً هو رد فعل الصليبية العالمية وكبيرها 'هونوريوس' على هذه المعاهدة بين الصليبيين والمسلمين؛ حيث أرسل إلى فريدريك يسبه ويشتمه ويقول له: 'إن الفرسان الصليبيين لا يذهبون إلى بلاد المسلمين من أجل التفاوض، وإنما من أجل القتال وسفك الدماء'. ثم أصدر قرارًا كنسيًا بحرمان فريدريك من الرحمة وطرده من الكنيسة للأبد، ومن يومها أطلق على فريدريك لقب 'الزنديق الأكبر'، واشتهر بهذا الاسم في كتب التاريخ الأوروبية، بل أرسل البابا له مجموعة خاصة من أجل اغتياله ولكن فريدريك نجا من هذه المحاولة.

    [[يا لها من عصبية وحقد أعمى على المسلمين ما زال المسلمون يتجرعون لوقتنا الحاضر من حملات صليبية أمريكية وإنجليزية على بلاد المسلمين، فهم ما جاءوا للحرية ولا للعدل ولا للإصلاح، إنما جاءوا للسفك والقتل والاغتصاب واحتلال البلاد، واسألوا أهل العراق وسكان أبي غريب]].


    منقووووووووول
    وجزاكى اكثر غاليتى
    فعلا حال امتنا يسيل الدم بدل الدمع

  7. #7
    نقَآء~'s صورة
    نقَآء~ غير متواجد مبدعة استراحة الإخاء "وهج الصوتيات"
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الموقع
    حتـــــــــــما راحلـــــــــه
    الردود
    1,531
    الجنس
    أنثى

    بسم الله الرحمن الرحيم

    عجيب جدًا حال أعداء الإسلام في عداوتهم للإسلام والمسلمين فهم لا يكفون ليل نهار في حرب المسلمين, يقطعون أوقاتهم ويفنون أعمارهم في التدبير والتآمر على الأمة المسلمة، ويفكرون ليل نهار في كيفية إسقاط هدف الأمة لذلك فقد وصلوا بالفعل إلى معرفة كاملة وتفصيلية عن مواطن قوة الأمة وعوامل قيامها وأسباب تخلفها وضعفها؛ فعملوا جاهدين على القضاء على كل أسباب القوة وتنمية وإبراز كل عوامل الضعف ووضعوا مناهج ومقررات ومخططات تمثل عصارة تجاربهم وخبراتهم في حرب الإسلام وأصبحت هذه المخططات والمناهج ميراثًا هامًا يورثه كل جيل للذي بعده تمامًا كما وضع الصهاينة مخططهم الشرير والمعروف باسم 'بروتوكولات حكماء صهيون' والذي أصبح بعدها دستور لليهود في كل جيل وكل مكان, وبين أيدينا نص رسالة أرسلها البطريرك 'جريجوريوس' كبير قساوسة اليونان أيام حكم الدولة العثمانية إلى قيصر روسيا يشرح له فيها كيفية هدم الدولة العثمانية من الداخل وذلك سنة 1820 ميلادية, مع العلم أن البطريرك 'جريجوريوس' هذا كان معينًا من قبل الدولة العثمانية ويقيم باستانبول تحت رعاية وحماية الدولة العثمانية وله صلاحيات وامتيازات واسعة, ومع ذلك يرسل بهذه الرسالة ليوضح لنا مدى حقيقة موقف غير المسلمين 'الآخر' من الدول الإسلامية التي يعيشون تحت رايتها, وهذه هي نص الرسالة:

    'من المستحيل سحق وتدمير الأتراك العثمانيين بالمواجهة العسكرية؛ لأن الأتراك العثمانيين ثوريون جدًا ومقاومون وواثقون من أنفسهم, وهم أصحاب عزة نفس واضحة, وهذه الخصال التي يتمتعون بها إنما تنبع من ارتباطهم ببعضهم ورضائهم بالقدر وتشبعهم بهذه العقيدة, وأيضًا من قوة تاريخهم وطاعتهم لسلطانهم.

    الأتراك العثمانيون أذكياء وهم مجدون مجتهدون متجاوبون مع رؤسائهم مما يجعلهم قوة هائلة تخشى منها, وإن كل مزايا الأتراك العثمانيين هذه بل وبطولاتهم وشجاعتهم إنما تأتي من قوة تمسكهم بدينهم وارتباطهم بأعرافهم وتقاليدهم وصلابة أخلاقهم, ولذا فإن السبيل لهدم هذه القوة يكون كما يلي:

    أولاً: لابد من كسر شعور الطاعة عندهم تجاه سلطانهم وقادتهم وتحطيم روحهم المعنوية, وروابطهم الدينية, وأقصر طريق لتنفيذ هذا تعويدهم للتعايش مع أفكار وسلوكيات غريبة لا تتوائم مع تراثهم الديني.

    ثانيًا: لابد من إغراء العثمانيين لقبول المساعدات الخارجية التي يرفضونها من إحساسهم بعزتهم وتعويدهم عليها حتى لو أدى ذلك إلى إعطائهم قوة ظاهرة لمدة محدودة.

    ثالثًا: لابد من إعلاء أهمية وقيمة الأمور المادية في تصوراتهم وأذهانهم وإفسادهم بالإغراءات المادية؛ فإنه ليس بالحرب فقط تهدم الدولة, بل العكس هو الصحيح؛ لأننا إذا اتبعنا طريق الحرب وحده لتصفية الدولة العثمانية سيكون هذا سببًا في سرعة إيقاظهم ووصولهم لمعرفة حقيقة ما يخطط ويبيت لهم في الخفاء.

    وإن ما يجب علينا عمله هو إكمال هذه التخريبات في بنيتهم الذاتية والاجتماعية ومكانتهم الدولية دون أن يشعروا بذلك'.

    انتهت الرسالة وما زال المخطط قائمًا.

    فالأمة المسلمة غارقة في الديون حتى رأسها, ونظير هذه الديون التنازلات مستمرة والتراجعات على أشدها, والصمت تجاه ما يحدث للمسلمين في شتى بقاع الأرض رهيب ومطبق، والهزيمة النفسية تعتصر أبناء المسلمين فلا يرون الأمور إلا قاتمة سوداء, والعادات الغربية تعصف بأبناء المسلمين والتقليد أعمى, وأهم شيء الآن تحصيل أكبر قدر من المتاع الدنيوي واللذات الفانية, وهكذا تهدم الأمة من الداخل.
    منقووووووووول

  8. #8
    نقَآء~'s صورة
    نقَآء~ غير متواجد مبدعة استراحة الإخاء "وهج الصوتيات"
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الموقع
    حتـــــــــــما راحلـــــــــه
    الردود
    1,531
    الجنس
    أنثى

    البطل قتيبة بن مسلم



    بسم الله الرحمن الرحيم


    سحر الشخصية الجهادية

    هو البطل المغوار والقائد العظيم ميمون النقيبة وكبير مجاهدى الدولة الأموية بلا منازع وناشر الإسلام فى أقصى ربوع الأرض من ناحية الشرق وصاحب الراية التى لا تجاوز آى فاتح بعده مكانها، ومدخل الإسلام إلى بلاد الصين، صاحب الشخصية الجهادية الساحرة التى بهرت كل من رآه، وأسرت نفس كل من سمع أخباره، من أسلم على يديه الألاف من الكفرة حباً فيه وفى جهاده وشجاعته الذى انتصر على كل اعدائه، وحطم معابد الشرك والأوثان، ولم يفر أو يهزم فى معركة قط، صاحب الراية المباركة على الإسلام والمسلمين الأمير أبو حفص 'قتيبة بن مسلم بن عمر بن حصين بن ربيعة الباهلى' الذى أثبت بكل قوة ويقين كيف يكون الإنسان عصامياً وليس عظامياً، وأن وضاعة الأصل لا تؤثر بحال على صاحبها طالما كان صاحب همة وعزيمة وإيمان راسخ، ذلك لأن قبيلة 'باهلة' التى ينتمى إليها بطلنا العظيم، كانت من القبائل المرزولة والوضيعة عند العرب قبل الإسلام، يدلنا على ذلك الحديث الصحيح عندما سأل الأشعث بن قيس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال 'يا رسول الله أتتكافأ دماؤنا ؟ قال نعم ، لو قتلت رجلاً من باهلة لقتلتك' والرسول صلى الله عليه وسلم لا يهزأ أو يصخر من باهلة بهذا الحديث ولكن يضرب له المثل بأقرب المعانى والأفكار المتبادرة عن الشرف والوضاعة، فالإسلام جاء فألغى كل هذه الأوهام والعصبيات القبلية المقيتة وجعل ميزان التفاضل بين الخلق التقى والعمل الصالح لا الأهل أو النسب، وبفضل الله ورسوله ودينه ظهرت أمثال شخصية هذا العملاق الجهادى، الذى لولا الإسلام لم يكن له ذكر ولا ظهور ولا أثر .

    مولد البطل

    ولد قتيبة بن مسلم سنة 48 هجرية بأرض العراق، وكان أبوه 'مسلم بن عمرو' من أصحاب 'مصعب بن الزبير' والى العراق من قبل أخيه أميرالمؤمنين 'عبد الله بن الزبير'، وقتل معه فى حربه ضد 'عبد الملك بن كروان' سنة 72 هجرية، وقد نشأ 'قتيبة' على ظهور الخيل رفيقاً للسيف والرمح، محباً للجهاد، وكانت منطقة العراق مشهورة بكثرة الفتن والثورات، لذلك عمل كل ولاة العراق على شغل أهلها بالجهاد فى سبيل الله لاستغلال طاقاتهم الثورية فى خدمة الإسلام ونشر الدعوة، لذلك كانت أرض العراق هى قاعدة الانطلاق للحملات الجهادية على الجبهة الشرقية للدولة الإسلامية، وقد اشترك 'قتيبة' فى هذه الحملات منذ شبابه المبكر، وأبدى شجاعة فائقة وموهبة قيادية فذة، لفتت إليه الأنظار خاصة من القائد العظيم 'المهلب بن أبى صفرة' وكان خبيراً فى معرفة الأبطال ومعادن الرجال فتفرس فيه أنه سيكون من أعظم أبطال الإسلام، فأوصى به لوالى العراق الشهير 'الحجاج بن يوسف الثقفى' الذى كان يحب الأبطال والشجعان، فانتدبه لبعض المهام ليختبره بها ويعلم مدى صحة ترشيح 'المهلب' له، وهل سيصلح للمهمة العظيمة التى سيؤهله إليها بعد ذلك أم لا؟



    رحلة المجد الجهادى

    بدأت رحلة المجد الجهادى لهذا القائد الفذ منذ 86 هجرية، وذلك عندما ولاه 'الحجاج بن يوسف الثقفى' ولاية 'خراسان' وهو إقليم شاسع مترامى الأطراف، لم يكن المسلمون قد واصلوا الفتح بعده، وكان 'المهلب بن أبى صفرة' والياً على خراسان من عام 78 حتى 86 هجرية، وقد رأى 'الحجاج' أن يدفع بدماء شابة جديدة فى قيادة المجاهدين هناك، فلم يجد أفضل من 'قتيبة بن مسلم' لهذه المهمة .



    سار 'قتيبة بن مسلم' على نفس الخطة التى سار عليها آل المهلب، وهى خطة الضربات السريعة القوية المتلاحقة على الأعداء، فلا يترك لهم وقت للتجمع أو التخطيط لرد الهجوم على المسلمين، ولكنه امتاز عن آل المهلب بأنه كان يضع لكل حملة خطة ثابتة لها هدف ووجهة محددة، ثم يوجه كل قوته للوصول إلى هدفه، غير عابىء بالمصاعب أو الأهوال التى ستواجهه، معتمداً على بسالته النادرة وروح القيادة التى امتاز بها وإيمانه العميق بالإسلام .



    استراتيجية الفتح الإسلامى

    من ضمن الأباطيل التى يروجها المستشرقون على سيرة الجهاد الإسلامى فى الصدر الأول هو عدم وجود استراتيجية واضحة للفتوحات الإسلامية، يقول المستشرق 'أنتونى نتنج' وهو يجزم بباطله [ والحملات بعيدة جداً على أن تكون نتيجة لتدبير مقصود هادىء، إذ يبدو أنها بدأت كغارات قصد منها أن توجد مخارج جديدة للروح الحربية التى كانت تسود القبائل، والتى خطرعليها أن تشتبك فى معارك أخوية] وهذه شبهة واهية وباطل يرده أحداث التاريخ، ووقائع الفتوحات الإسلامية، وما قام به الأمير 'قتيبة بن مسلم' من تقسيم لحملاته الجهادية خير دليل على بطلان هذه الآراء والشبهات .



    قام 'قتيبة بن مسلم' بتقسيم أعماله لأربع مراحل، حقق فى كل واحدة منها فتح ناحية واسعة فتحاً نهائياً ثبت فيه أقدام المسلمين للأبد :- وهى كالآتى: -

    المرحلة الأولى --> قام فيها 'قتيبة' بحملته على 'طخارستان السفلى' فاستعادها وثبت أقدام المسلمين وذلك سنة 86 هجرية، وطخارستان السفلى هى الآن جزء من أفغانستان وباكستان .

    المرحلة الثانية --> قاد فيها حملته الكبرى على بخارى فيما بين سنتى 87 –90هجرية وخلالها أتم فتح بخارى وما حولها من القرى والحصون، وكانت أهم مدن بلاد ما وراء النهر وأكثفها سكانا وأمنعها حصوناً .

    المرحلة الثالثة --> وقد استمرت من سنة 91- 93 هجرية، وفيها تمكن 'قتيبة' من نشر الإسلام وتثبيته فى وادى نهر جيحون كله، وأتم فتح إقليم 'سجستان' فى إيران الآن، وإقليم خوارزم 'يوجد الآن بين دول إيران وباكستان وأفغانستان'،و وصلت فتوحاته إلى مدينة 'سمرقند' فى قلب آسيا وضمها إلى دولة الإسلام نهائياً .

    المرحلة الرابعة --> وامتدت من سنة 94-96 هجرية، وفيها أتم 'قتيبة' فتح حوض نهر سيحون بما فيه من مدن، ثم دخل أرض الصين وأوغل فيها ووصل مدينة 'كاشغر' وجعلها قاعدة إسلامية وكان هذا آخر ما وصلت إليه جيوش الإسلام فى آسيا شرقا ولم يصل أحد من المسلمين أبعد من ذلك قط.



    الأمير 'قتيبة' وقبائل الأتراك

    #عندما قام المسلمون الأوائل بحركة الفتح الإسلامى فى شرق المعمورة كان هناك نوعان من الأجناس البشرية، القبائل الساسانية أو الفارسية والقبائل التركية، وكان نهر 'المرغاب' هو الحد الفاصل بين هؤلاء وهؤلاء، وقد تم إدخال القبائل الفارسية فى الإسلام فى عهد الخلفاء الراشدين، أما القبائل التركية فقد كانت أكبر عدداً وأوسع انتشاراً منهم الأتراك الغزية والأتراك القراخطاى والأتراك القوقازيين والأتراك الأيجور والأتراك البلغار والأتراك المغول .

    #ونستطيع أن نقول أن الأمير 'قتيبة بن مسلم' هو صاحب الفضل الأول بعد الله عز وجل فى إدخال الأتراك شرقى نهر المرغاب وفى بلاد ما وراء النهر فى الإسلام، فقد سحرت شخصيته الجهادية الأتراك فدخلوا فى دين الله أفواجاً حباً فى بطولات وشجاعة هذا البطل الجسور الذى رأى فيه الأتراك الرمز الحقيقى للفضيلة والشجاعة والرجولة، ومعانى الإسلام النقية المتجسدة فى شخصه، وكان دخول هؤلاء فى دين الإسلام من أكبر الفتوحات والانتصارات التى حققها المسلمون وكان لهم أعظم الأدوار فى نشر الدعوة فى قارة آسيا كلها، فكان من قبائل الأتراك الغزية مثلاً السلاجقة العظام والعثمانيون الأبطال والأوزبك الشجعان والمماليك قادة العالم وهؤلاء أدوا خدمات جليلة لا تنسى فى خدمة الإسلام، ومن الأتراك القوقازيين ظهر أبطال داغستان والشيشان، ومن الأتراك الهياطلة ظهر الغزنويون والغوريون فاتحو الهند الكبار وهكذا كان ذلك كله على يد من ألقى البذرة الأولى 'قتيبة بن مسلم ' .



    خصال الأسد الجسور

    لقد كانت شخصية 'قتيبة بن مسلم' مثالاً حياً وتجسيداً حقيقاً لقيم الإسلام وتعاليمه، وجمع من الصفات والخصال التى رشحته لأن يكون عملاق الجهاد الاسلامى فى هذه الفترة من الزمان حتى أن مجرد ذكر اسمه كان يلقى الرعب فى قلوب أعدائه، والطاعة الكاملة والمهابة الشديدة فى نفوس أتباعه، ومواقفة البطولية، وأيام جهاده خير دليل على ذلك .



    أولاً: غيرته على الإسلام والمسلمين

    عندما فتح 'قتيبة'مدينة 'بيكند' وكانت تابعة 'لبخارى'، صالحه أهل المدينة فجعل عليهم والياً من المسلمين وترك بها مجموعة من المسلمين لتعليم الناس الإسلام، فلما رحل عنهم نقضوا العهد وقتلوا الوالى المسلم وجدعوا أنوف من كان بالمدينة من المسلمين ومثلوا بجثثهم، فلما وصلت الأخبار إلى قتيبة وكان محاصراً لمدينة أخرى، ترك حصارها وعاد مسرعاً إلى 'بيكند' وحاصرها شهراً وهدم سورها فحاول أهل المدينة الصلح من جديد ولكنه أبى، فلا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، وأصر على فتحها بالسيف حتى تم له ذلك، فقتل المقاتلين وسبى الذرية وغنم الأموال، ليرتدع الكفار والخارجون عن مثلها فلا يعودوا لنقض ذمة المسلمين وعهدهم، وليعلموا أن قطرة دم واحدة من مسلم أعز وأغلى من كفار الأرض جميعاً، ومن المواقف الرائعة فى هذا الفتح التأديبى، أن الذى ألب على المسلمين وحرض أهل المدينة على نقض عهدهم، رجل كافر من أهل المدينة أعور العين، وقد وقع هذا الرجل أسيراً بيد المسلمين، فقال لقتيبة [أنا أفتدى نفسى بخمسة ألاف ثوب حريرى قيمتها ألف ألف] فأشار أمراء الجيش على قتيبة أن يقبل ذلك منه، فقال 'قتيبة' [لا والله لا أروع بك مسلماً مرة أخرى] ثم أمر به فضربت عنقه، وهذا يوضح مدى غيرة الأسد 'قتيبة' على دماء الإسلام والمسلمين وحرصه الشديد على أرواحهم وتأديبه القوى لمن يتعدى على حرماتهم، كما أرسل برسالة واضحة بأن المسلم لا يبغى بجهاده وقتاله سوى وجه الله عز وجل ونصرة الدين ، ولا يريد من الدنيا مالاً ولا متاعاً لأنه وبمنتهى البساطة قد آثر الآخرة على الأولى، واشترى الجنة بالدنيا .



    ثانياً: خبرته بالرجال

    كان الأسد أبو حفص 'قتيبة بن مسلم' من نوعية القادة الذين لا يسع اى جندى يعمل تحت رايته إلا أن يطيعه، ولا يسع آى خليفة أو والى إلا أن يجعله قائداً على الجيوش، فهو قائد بالفطرة يعرف كيف يوجه رجاله نحو تنفيذ أشق المهام التى يستحيل على غيرهم تنفيذها، فهو خبير بقيادة الرجال وتوجيه النفوس والطبائع البشرية، فلقد علم أن المسلمين يقاتلون وهم بعيدون عن أرضهم وعيالهم وتشتاق قلوبهم لديارهم وأهليهم، فاستأذن 'الحجاج بن يوسف' والى العراق فى أن يوزع أموال الغنائم على المجاهدين حتى تقوى قلوبهم ونفوسهم على القتال ضد عدوهم الكافر، فوافق الحجاج على ذلك، حتى كثرت الأموال فى أيدى المجاهدين وصاروا قوة عظيمة لا تقهر بأرض ما وراء النهر .

    # كانت خبرته بالرجال تمتد إلى أعدائه، فيعرف كيف يحاربهم ومتى يهادنهم ومتى يشتد عليهم ؟ وهكذا لا يستطيع أن يخدعه أحد أبداً، ولقد حاول أهل 'بيكند' أن يخدعوه بواسطة عميل مزدوج كان يعمل لحساب 'قتيبة' أولاً ثم استمالوه أهل البلد ليفك الحصار عنهم، وكان اسم هذا العميل 'تندر' فحاول خداع 'قتيبة' وإيهامه بأن 'الحجاج' والى العراق قد عزل من منصبه وأن الأسلم أن يفك الحصار ويعود مسرعاً للعراق، ففطن 'قتيبة' للخدعة وقتل العميل الجاسوس، ثم اشتد فى حصار البلد حتى فتحها بإذن الله .



    وكان 'قتيبة' يعرف كيف يختار رجاله، ويعرف كيف يشجعهم ويحمسهم فى القتال، خاصة فى المواقف الصعبة، ففى أثناء فتح 'بخارى' اشتد الكفار فى القتال ضد المسلمين حتى انهزمت بعض قبائل العرب مثل 'الأزد' ، فانتدب 'قتيبة' قبيلة بنى تميم لمهمة فى غاية الصعوبة وهى الأصطدام مع معسكر الكفار الكبير المطل على نهر المدينة وكان المسلمون قد أحجموا على هذه المهمة المستحيلة، فأحسن 'قتيبة' الأختيار عندما اختار بنى تميم لأنهم أشجع العرب فى قتال الأتراك، ثم نادى فى باقى جيشه [ من جاء برأس كافر فله مائة دينار] فاشتد الناس فى قتال الكفار حتى فتحت المدينة وكافأ 'قتيبة'بنى تميم أعظم مكافأة على شجاعتهم وبطولتهم فى القتال .

    ** فلا عجب أن تأسر شخصيته قلوب الكفار قبل المسلمين ويدخل الأتراك فى دين الله أفواجاً بل يقاتلوا بنى جلدتهم مع قتيبة والمسلمين .



    ثالثاً :- إيمانه بالله وتوكله عليه

    *كانت دولة بنى أمية معنية طول مدتها بشأن الجهاد فى سبيل الله ونشر الإسلام شرقاً وغرباً، فلم يأتى عليها مدة إلا وراية الجهاد مرفوعة وخفاقة لذلك فقد كان خلفاء بنى أمية معنيين بإختيار القادة الأكفاء الموصوفين بالديانة والشجاعة، كان 'قتيبة' واحد من هؤلاء الذين تغلغل الإيمان بالله عز وجل فى قلوبهم وتوكلوا عليه بالكلية، وهذا يتضح من إقدامه على القتال ضد جيوش الكفار وإقتحام مدنهم وقلاعهم على الرغم من التفاوت الكبير والضخم بين القوتين، ذلك لأنه كان متوكل على الله عز وجل وحده، معتمداً عليه لا على قوة أو متاع ، حتى أن ملك الصين وكان من أكبر من ملوك الدنيا يخاف منه ويؤثر مهادنته ويرسل إليه بتراب بلاده وأربعة من أولاده وهدايا مهولة من أجل أن يبر قسم قتيبة أن يطأ أرض الصين ويفتحها، فأى عز هذا ؟؟ وأى قوة إيمانية تلك ؟؟ التى تهزهز عروش ملوك الأرض .

    مواقف البطل الرائعة

    *ومن مواقفه الإيمانية الرائعة التى كانت سبباً لإسلام الكثير من قبائل الأتراك أنه لما فتح مدينة 'سمرقند' وكانت قاعدة ملك الأتراك الهياطلة، اشترط 'قتيبة' على أهل سمرقند شرطين :-

    أولهما : أن يبنى فى المدينة مسجداً لله عز وجل ويضع فيه منبراً ويصلى فيه ويخطب على المنبر .

    ثانيها : أن يحطم أصنام المدينة ومعابدها ، وبالفعل نفذ الشرطان .



    *فلما أخذ الأصنام والأوثان ألقيت بعضها فوق بعض حتى صارت مثل الجبل الكبير، ثم أمر بإحراقها، فتصارخ أهل المدينة وبكوا، ثم قالوا له [ إن فيها أصناماً قديمة من أحرقها هلك فى الحال] فقال القائد المؤمن 'قتيبة' [أنا أحرقها بيدى فكيدونى جميعاً ثم لا تنظرون] ثم قام إليها وهو يكبر الله عز وجل وألقى فيها النار حتى احترقت كلها .



    رابعاً :- صبره وشدته فى المواقف العصيبة

    القائد الحقيقى هو الذى يستطيع أن يصبر فى الشدائد بل ويتخذ القرار الصائب وسط سحائب الشدة والمخاطر، ولقد تعرض الأمير 'قتيبة' لعدة مواقف عصيبة صمد أمامها كالطور العظيم، وأظهر شجاعة وثباتاً لا يعلم مثله إلا من الصحابة رضوان الله عليهم، من هذه المواقف أنه بعد أن فتح مدينة 'بخارى' فر منها ملكها 'وردان شاه' وراسل ملوك الترك الكفرة الذين كانوا من قبل صالحوا 'قتيبة' فأجابوه ونقضوا الصلح مع 'قتيبة' واتفقوا عليه وحشدوا أعداداً هائلة من الكفار، وأقبلوا فى جيوش جرارة فى تحالف وثنى على أهل الإيمان، ووصلت الأخبار للأمير 'قتيبة' فأعد جنوده البواسل بعدما حرضهم وشجعهم على الجهاد والشهادة، فكشر الأسد عن أنيابه ووثب هو وجنوده على جيوش الكفار فى معركة رهيبة، أبدى فيها المسلمون شجاعة نادرة وبسالة هائلة، فانتصروا على القوم الكافرين وقتل منهم عشرات الألاف، وحتى يردع الكافرين عن مثلها، صلبهم على مسافة أربعة فرسخ فى نظام واحد، الرجل بجوار الرجل، وذلك فى كل أتجاه من الجهات الأربعة، فلم يقم للكافرين بعدها قائمة .



    ** وبالجملة كان هذا البطل من أعظم الفاتحين فى الإسلام وصاحب شخصية آسرة، كانت سبباً فى إسلام أمم بأكملها من الأتراك، وكان علم الجهاد المقدم فى الشرق حتى أدخل الإسلام لأرض الصين النائية، ولا يعلم أحد بعده قد وصل براياته إلى ما وصل إليه من بلاد كاشغر بالصين، فرحمه الله رحمة واسعة وغفر له زلته التى راح ضحيتها، ويكفى لنعرف مدى شدة هيبة 'قتيبة' فى نفوس أعدائه، شهادة أحد ملوك الأتراك وهو 'الأصبهند' عندما سأل عن قتيبة بن مسلم ويزيد بن المهلب وهو من ولى العراق بعده أيهما كان أعظم عندكم وأهيب ؟؟ فقال [لوكان قتيبة بأقصى حجر فى الغرب مكبلاً ويزيد معنا فى بلادنا وال علينا لكان قتيبة أهيب فى صدورنا وأعظم من يزيد ] .
    منقوووووول

  9. #9
    نقَآء~'s صورة
    نقَآء~ غير متواجد مبدعة استراحة الإخاء "وهج الصوتيات"
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الموقع
    حتـــــــــــما راحلـــــــــه
    الردود
    1,531
    الجنس
    أنثى

    مواقف فى تاريخ امتنا ......... سهام الليل


    بسم الله الرحمن الرحيم

    يروى أن أهل بغداد اشتكوا إلى الخليفة المعتصم إساءة غلمان الأتراك وقد أكثر المعتصم من شرائهم ليقوي الجيش بهم, حتى ملئوا بغداد وكانوا عجمًا جفاة, وجاء وفد من الصالحين للخليفة المعتصم وقالوا له: 'تحول عنا بجيش الأتراك هذا وإلا قاتلناك' فقال لهم المعتصم: 'وكيف تقاتلوني وفي عسكري ثمانون ألف دارع؟' فقالوا: 'نقاتلك بسهام الليل'. فقال: 'لا طاقة لي بذلك'. وتحول بجيشه إلى مدينة جديدة اسمها 'سر من رأى' أو سامرا الآن.

    حقًا إن سهام الليل لا يقوى على صدها أحد ولا يعرف قيمتها الآن إلا القليل فإنها السلاح الأقوى والسيف الأمضى الذي سقط من حسابات المسلمين, إنها وصلة العبد برب الأرض والسماء, ومسامرة المظلومين في حوالك الظلامات, فكم من سهام كشفت مظلمة وقمعت ظالمًا وردت طاغيًا, نحن في أمس الحاجة لأن نبري سهامنا ونشد أوتارنا ونرفع أقواسنا ونأجر في جوف الليل الغابر لمن وسع سمعه الأصوات كلها, ولمن يشك في قوة سهام الليل ومدى فاعليتها فليسمع لتلك المواقف.


    لما قتل الحجاج العالم الرباني 'سعيد بن المسيب' ووصل هذا الخبر للحسن البصري رفع يديه في جوف الليل وقال: 'اللهم يا قاصم الجبابرة اقصم الحجاج' فمات الحجاج من ليلته.


    كانت دولة الأغالبة ولاة الأمور على 'إفريقية' أيام الخلافة العباسية, وفي سنة 196هـ كان الوالي الأمير عبد الله بن الأغلب وكان سيئ السلوك والأخلاق ظلومًا غشومًا, وأسرف في ظلم الناس, فجاءه عالم إفريقية وقتها وهو 'حفص بن حميد' فقال له: 'يا أيها الأمير اتق الله في شبابك وارحم جمالك وأشفق على بدنك من النار, وارفع هذه الضرائب الجائرة عن الرعية, وخذ بكتاب الله وسنة رسول الله'. فأعرض الأمير عبد الله عن سماعه ولم يأخذ بنصيحته بل غالى في المكوس والضرائب كرد فعل عكسي للوعظ والإرشاد, فقال حفص بن حميد: 'قد يئسنا من المخلوق فلا نيأس من الخالق فاسألوا المولى وتضرعوا إليه في زوال ظلمه عن المسلمين فإن فتح في الدعاء فقد أذن في الإجابة' فقام الناس فتوضئوا وساروا إلى المصلى ودعوا الله بعد صلاة العشاء أن يكف عن المسلمين أذى هذا الأمير الظالم وأن يريحهم من أيامه, فإذا بالأمير الظلوم تصيبه قرحة تحت أذنه لم يستطع أن يصمد أمام وجعها سوى خمسة أيام فقط وخلالها تغير لون بشرته البيضاء وكان من أجمل أهل زمانه حتى ضربوا به الأمثال في الوجاهة والوسامة إلى اللون الأسود كأنه زنجي بعد هذه الخمسة أيام مات غير مأسوف عليه ولا مبكى.

    عندما مات صلاح الدين الأيوبي رحمه الله سنة 589هـ تقسمت مملكته بين أبنائه وإخوته وكان حكم الديار المصرية من نصيب ولده 'العزيز عثمان' وكان هذا الولد مخالطًا لصحبة سوء من أصحاب العقائد الضالة وأتباع الفرق المنحرفة وكان معظمهم من فرقة الجهمية التي شعارها نفي الصفات والأسماء والقول بالجبر في القدر, وقد زين له هؤلاء الجهمية أن يقوم بطرد علماء الحنابلة وحتى أتباعهم من العوام من الديار المصرية بأسرها, وبالفعل عزم 'العزيز عثمان' على ذلك وشاع الأمر وانتشر الخبر فاجتمع علماء الحنابلة في أحد المساجد وأخذوا في الدعاء عليه في ليلة من شهر محرم وبالتحديد 19 محرم سنة 595هـ, فما كان من 'العزيز عثمان' إلا أن قد خرج من يومه للصيد فساق خلف ذئب بفرسه فكبا به فرسه فسقط من فوقه فمات في الحال وأهلكه الله عز وجل سريعًا وعظم قدر الحنابلة بين المسلمين بمصر والشام.


    كان الحافظ عبد الغني المقدسي من كبار علماء الحديث وصاحب تصانيف بارعة في علم الحديث وأحوال الرجال كما كان من كبار علماء الحنابلة ومشهورًا بين العامة والخاصة بالورع والتقى والصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهر بالحق, لا تأخذه في الله لومة لائم, هذا إضافة لكونه واعظًا شديد التأثير, رقيق القلب, سريع الدمعة, له قبول كبير عند العوام, وكل هذه الصفات جعل حساده كثير والساعين عليهم أكثر, وفي يوم 24 من ذي الحجة سنة 594هـ جلس الحافظ عبد الغني بمسجد دمشق يلقي درسًا في العقيدة على مذهب السلف فغضب منه رجلان من الأشاعرة هما القاضي ابن الزكي والخطيب ضياء الدين الدولعي, وأثاروا عليه أمير البلد وعقدوا له مجلسًا للمناظرة انتصر فيه عليهما مما زادهما حسدًا وغيظًا فسعوا به عند الأمير حتى أخرجه من دمشق, فقام الحافظ عبد الغني فدعا عليهما دعوات بالغة فما كان من الاثنين إلا أن ماتا في نفس الفترة وقد أصيب القاضي ابن الزكي بالجنون والصرع فجأة فكان يصرع ثم يفيق ثم يصرع حتى مات.

    وصدق الشاعر عندما قال:

    أتهزأ بالدعاء وتزدريه ولا تدري بما صنع الدعاء
    سهام الليل لا تخطي ولكن لهن أجل وللأجل انقضاء
    منقووووووووووووول
    ودمتم على طاعة الله






  10. #10
    ام قتيبه's صورة
    ام قتيبه غير متواجد كبار الشخصيات "نبض وعطاء""زهرة الحوار "
    تاريخ التسجيل
    Dec 2004
    الموقع
    السعودية
    الردود
    12,696
    الجنس
    امرأة
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    بارك الله فيكِ أختي الغااليه القلب المشتاق

    أسأل الله ان يرفع قدركِ ويغفر لكِ

    مشاء الله موضوع رائع يالغاااليه

    اتمنى من الجميع الأستفااده

    ودمتي بحفظ الرحمن

مواضيع مشابهه

  1. اللمة والشاهي واللوزاهلا بكم في اللمة رقم 232
    بواسطة الحالمه3 في ركن الألعاب والترفيه
    الردود: 291
    اخر موضوع: 19-06-2010, 01:12 AM
  2. ذاكرة الجوال
    بواسطة anfal في ركن الكمبيوتر والإنترنت والتجارب
    الردود: 21
    اخر موضوع: 15-04-2009, 12:59 AM
  3. ثقب في ذاكرة أمل !
    بواسطة ^شوووق للجنان^ في فيض القلم
    الردود: 1
    اخر موضوع: 23-09-2008, 08:42 PM
  4. لا ذاكرة ..
    بواسطة يمامة الروض في ركن التصاميم
    الردود: 8
    اخر موضوع: 20-08-2006, 11:16 AM
  5. ذاكرة زجاجية !!!
    بواسطة أم عمار في فيض القلم
    الردود: 6
    اخر موضوع: 25-06-2002, 09:50 PM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ