إرحموا عزيز قوم ذل
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
أكتب لكم هذا الانفعال ... وأنا في شدة الانفعال لدرجة الغليان ... لتنكر بعض الناس لأناس كانوا في يوم من الأيام سندهم الأقوى الذي يتكئون عليه في كل صغيرة وكبيرة
سبحان الله ... سبحان مغير الأحوال
سأروي لكم الأحداث بشتاتها وإنتظامها
رجل ... كان من أصحاب الملايين التي أكتسبت بكل الطرق المشروعة ... كان مؤمنا سخيا كريما عطوفا روؤفا رحوما ... مبادرا للخير وسباقا إليه ... وأترك لكم تخمين أوجه الخير التي كان الرجل يسعى لها
دارت دورة الأيام وابتلاه الله بخسائر فادحة ... ونتيجة لذلك صدرت ضده الأحكام الجزائية والمدنية
وحجزت ممتلكاته المنقولة والثابته لسداد مديونياته ولم يبقى منها الا سكنه وسيارته ومكتبه الرئيس
مكتبه الذي كان كخلية نحل وسكرتايريته وموظفوه وعماله وزبائنه والضجيج والنقاشات والصفقات وأصحاب الحاجات التي كان يقضيها
لم يعد شيئا من ذلك
كل شيء تلاشى في لمح البصر
الكل تخلوا عنه حتى أقرب أقربائه ... حتى طاقم عماله وموظفي شركاته الأسيوين
رفعوا ضده دعاوي عمالية للمطالبة بحقوق نهاية خدماتهم
كل ذلك في كفة ... وشماتة الشامتين في كفة أخرى
والذي وصل بي لأعلى درجات الغليان
أن شخصا تشمت بالرجل وأستطيع أن أقول كما يقال في المثل
بأن لحم أكتاف المتشمت من خير الرجل
نعم لهذه الدرجة .
الرجل في حاجة لدعم نفسي نتيجة الانهيار الذي أصابه
محتاج للتذكير بالابتلاءات الربانية .... وجزاء الصابرين
ولكن للأسف تشمت هذا الشامت والذي هو في الاصل مهمش في هذه الحياة ...
تطوق نفسه أمراض شتى لؤم وعدم وفاء
كان حريا به حسب مبادئه أن يلطم الخدين وينوح لانه فقد موردا
ولكن هذا ماحصل يتشمت ... حسبي الله عليه
لي عدة زيارات لمكتب ذلك الرجل ... لأنه كان زميل والدي أيام دراسة الكتاتيب
لم يبقى في مكتبه إلا أطلال العمل كالملفات والأوراق في الرفوف وأثاث المكتب الذي ينطق بالصمت المطبق ... حتى مبرد المياه جفت المياه فيه
لم يبقى له من الأشياء التي يستخدمها .. إلا نظارته ... وسجادة صلاة يصلي عليها النوافل ..ومصحف
إقترحت عليه أكثر من مرة بعض المشاريع الصغيرة لعله يستعيد شيئا ... أو ينشط من جديد لافائدة
الرجل مصدوم صدمة عنيفة
ولكنه مؤمن بقضاء الله وقدره
جمعت له من الإنترنت أدعية وآيات لازالة الهم والحزن ... شكرني عليها وقال لي
يا إبني لم يبقى لي إلا الله وكلامه وقرآنه
ومن أهم أحاديثه التي أحييه عليها وهو غائب الآن وأنا اتحدث عنه
أنه يقول لي
المتحدث هو:
يختم القرآن في كل أسبوع مرة
عندما تضيق به السبل .... يذهب للبحر ... ويقرأ 40 الى 50 مرة سورة ياسين ويعود لبيته
وأحيانا يذهب للمقابر ليتفرج على القبور المجهزة بلحودها لانه ينتظر ساعته على حد قوله ليبقى في رعاية الله ... ومن ثم يقرأ هناك الرحمن من 30 الى 40 مرة ... وعلى حد قوله يدعو لوالداه وكل المسلمين بالرحمة ومن ثم يعود لبيته
الأخوة والأخوات ...
اعتذر لهذا السرد المأساوي
ولكني أضفت هذا الموضوع لعدة أسباب
وأولها
ليخف عن كاهلي لؤم ذلك اللئيم
ثانيا
هذه دعوة للوفاء سواء في الشدة أو الرخاء
ثالثا
لعل هذه القصة تكون فيها عبرة
وأخيرا أختم بما بدأت به
إرحموا عزيز قوم ذل
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الروابط المفضلة