من ترك شيئاً لله
لما ترك الصحابة ديارهم وخرجوا منها وفتحها لهم ، ولما يوسف الصديق ضيق السجن شكر الله له ذلك بأن مكن له في الأرض يتبوأ منها حيث شاء ….
ولما تغيرت رائحة أفواه الصائمين له كان خلوف فم الصائب أطيب عنده في الآخرة من ريح المسك ولما ترك أهل المعاصي معاصيهم أبدلهم الله بسيئاتهم حسنات وزادهم حلاوة الإيمان في قلوبهم .
وأهل المعصية لا يقنطهم من رحمته إن تابوا إليه فهو حبيبهم فإنه يحب التوابين ويحب المتطهرين وإن لم يتوبوا إليه فهو طبيبهم يبتليهم والمصائب ليطهرهم من المعايب فهذا شأن الرب وإحسانه وهذا شأن العبد وعصيانه وهم يقيمون أعذار أنفسهم ويحملون ذنوبهم على أقدارهم ومن أحسن ما قيل :
تطوي المراحل عن حبيبك دائبا***وتظل تبكيه بدمــع ساجم
كذبتك نفسك لست من أحبابه***تشكو البعاد وأنت عين الظالم
كم هي جميلة تلك الحياة حين تتجمل القلوب بذكر الله وتصفو من الأدران والأثام
فتنطلق إلى ربها مرددة وعجلت إليك ربي لترضى تهفو لطاعة ربها وتسارع إلى التوبة والأوبة دون تردد ولا تسويف فقطار التوبة ربما مضى إلى غير عودة والقلوب شديدة التقلب فالحذر الحذر من سوف فإنها المهلكة وما مثال
المسوف إلا كمن احتاج إلى قلع شجرة فرآها قوية لا تنقلع إلا بمشقة شديدة فقال أؤخر فلعلها سنة والمسكين لا يعلم أن الشجرة كلما بقيت زاد رسوخها وهو كلما طال عمره زاد ضعفه .
الروابط المفضلة