السلام عليكم ورحمة الله
في الوقت الضائع!!
بعد فجر يوم الثلاثاء .. في تمام الساعة 49 :21 : 6 صباحاً .. رنّ هاتفي المحمول !!
فنهضت من غفوتي .. متعجباً .. مستغرباً ..
فلمّا رأيت المُتصل .. ذهلت وزاد فزعي !!
لقد كان من شخص لا أتوقع منه أن يتصل عليّ يوماً .. وخصوصاً في وسط الأسبوع .. وبعد الفجر !!
فظننتها مصيبة ..
فأخذت الهاتف وأجبت .. مرحباً ..
فأجاب علي .. وسألني .. هل أنت نائم ؟؟ فقلت ..نعم .. لكنني سأنهض بعد قليل للذهاب إلى المدرسة ..
فقال لي أريد منك أن تسدني خدمة .. فقلت تفضل !!
فقال إني أريد أن آتي إليك الآن .. لأجل واجب جامعي أو إدخاله إلى الحاسوب عن طريق الماسح الضوئي ..
وإرساله إلى بريد ( الدكتور ) الإلكتروني ..
فقلت : وهل هو ضروري الآن ؟؟
فأجاب : نعم ....
أتى بعد ذلك الحوار .. على الساعة 32 : 6 .. أي بعد 10 دقائق تقريباً ..
أتى ووضعنا الورقة على الماسح الضوئي .. لكـــن ...
لم يعمل الماسح الضوئي .. وحاولنا .. ثم حاولنا .. ولم يفلح ...
وكان (الدكتور ) يريده في الساعة الثامنة من نفس اليوم ..
وكان يجب عليّ إتمام المهمة .. قبل أن أذهب إلى المدرسة .. وقبل أن يذهب هو للجامعة ..
وأخيراً .. وفي الوقت الضائع .. أصلحنا العطل .. وأدخلنا الواجب ..
ثم وضع الملفات في حافظة مشتركة عل شبكة الحاسوب .. لأجل إكمال باقي العمل من منزله ..
وذهبت أنا للمدرسة ... وأنا في طريقي ..
ظللت أفكر في الوقت الضائع الذي كان يتوجب علينا إرساله ..
وكيف أنه حين علم أن حاسوبه لا يعمل .. اطمأن إلينا دون أن يسأل حتى عنه .. هل الحاسوب يعمل .. أم لا .. أم به عطل ..
ماذا لو لم يعمل ؟؟ وماذا لو لم ننجز العمل .. ماذا كان ليحصل ؟؟
فقلت إي والله .. حتى أنا نفسي .. كم لجأت للوقت الضائع ..
دون تفكير بما قد يكون في الوقت الضائع من ظروف .. أو عقبات .. أو مشاكل ..
ففي الوقت الضائع ...
نريد أن ننهي كتابة المقال.
في الوقت الضائع ...
نريد أن نأتي بهدفين ليتم الفوز.
في الوقت الضائع ...
نريد أن نسلم البحث المطلوب تسليمه قبل شهر.
في الوقت الضائع ...
نريد أن نختم سورة الكهف كاملة قبل المغرب بخمس دقائق.
في الوقت الضائع ...
نريد أن نختم الأجزاء الثلاثة الأخيرة من القرآن قبل ضرب مدفع العيد بربع ساعة.
في الوقت الضائع ...
نريد أن نلحق الطائرة وقد أغلق الباب.
في الوقت الضائع ...
نريد أن نتحرك من بيوتنا للحاق بالموعد في وقته وبيننا وبينه 20 كم.
في الوقت الضائع ...
نريد أن نذاكر آخر عشرين صفحة من المقرر.
في الوقت الضائع ...
نريد أن نقطع التفكير الخاطئ وقد قررنا وحكمنا.
في الوقت الضائع ...
نريد أن نعتذر وقد سببنا كوارث.
في الوقت الضائع ...
نريد أن نتراجع ووراءنا ألف حق وحق.
في الوقت الضائع ...
نريد أن نندم ولا ينفع وقتها الندم.
في الوقت الضائع ...
نريد أن نتأكد من صلاح الأجهزة في قاعة الاحتفالات.
في الوقت الضائع ...
نريد أن ننادي الخبير ليصلح الخلل، والخلل موجود منذ أسابيع.
في الوقت الضائع ...
نريد أن ندعو الناس، والعشاء بعد ساعة.
في الوقت الضائع ...
نريد أن نعقد اجتماعاً، وقد وقع الفأس على الرأس.
في الوقت الضائع ...
نريد أن نفوز، وأن ننتج، وأن يصفق لنا الناس، وأن يشكرونا على الإبداع، وأن يحتفوا بنا.
في الوقت الضائع ...
نريد أن ننجز كل شيء وبكل إتقان، وفي الوقت الضائع نريد أن نتوب ونكون من الصالحين، وفي الوقت الضائع نريد السعادة.
وليتنا نسأل أنفسنا هذا السؤال البرئ: ألا يمكن أن ننجز كل ما سبق وأن نسعد وأن نفرح في الوقت الحقيقي الطويل وندرب أنفسنا على ذلك، بدل الوقت الضايع القصير؟!.
منقول
الروابط المفضلة