المضايقات الجنسية في العمل
الدكتورة ثريا محمد صالح
أستاذة علم النفس الإكلينيكي / جامعة أم درمان
تتعرض كثير من النساء في أنحاء العالم وتعانى من أشكال المضايقات والتحرشات في مجال العمل تقتضي الكشف عنها واتخاذ التدابير الخاصة في معالجتها ، حيث أنها تعتبر نوعاً من أنواع العنف الذي تتعرض له المرأة في مجال العمل وقد تركز الاهتمام بهذا الموضوع وبصورة واسعة بعد التقارير التي رفعت للأمم المتحدة ونوقشت في مؤتمر بكين 1995 حيث طالبت جمعيات حقوق الإنسان والجمعيات الحكومية والنسوية بضرورة الكشف عن صور العنف التي تواجه المرأة عموماً ومن ضمنها المضايقات في العمل ومعالجتها .
ويقصد بالمضايقات: محاولة الشخص بطريقة مؤذية غير ملائمة ، وقد تأخذ عدة أشكال : منها ما هو موجه لفرد أو مجموعة من الأفراد ومنها ما هو موجه بصورة علنية مثل الرغبة أو عدم الرغبة في شخص بعينه لجنسه أي كونه (ذكر أو أنثى ) وقد تكون غير صريحة وهى في الحالات التي يفشل الشخص في معرفة كل الأمور التي تهمه في العمل .
وهناك من المضايقات الجنسية Sexual harassment وهو سلوك غير مرغوب فيه ذات صبغة جنسية وفيها يعامل الشخص أساس الجنس يؤثر على هيبته ووقاره .
والمضايقات في العمل تعتبر نوعاً من الغطرسة تصدر من أشخاص يشعرون بعدم الأمن وبالتالي يتم تعويض ذلك بفرض سيطرتهم ومضايقتهم للآخرين .
وتشير فيزجيرالد لويس 1993 Fitzgeralel Loris إلى عدد من المسوحات الكبيرة في أمريكا كشفت نتائجها أن امرأة من بين كل امرأتين تعرضت في حياتها الأكاديمية أو العملية للمضايقات الجنسية التي تبدأ من التحقير أو الازدراء أو التهديد وأحيانا تصل إلى العنف الجسدي .
وقد أشارت دراسة لملك زغلول 1992 في مصر إلى أنه برغم صعوبة البحث في موضوع المضايقات التي تتعرض لها المرأة في مجال العمل لحساسيته إلا أن هناك عدداً من النساء قد اشتكين من هذه المضايقات بلغت نسبتهن 18.5% في الحضر و7.3% في الريف وذلك في قطاع الحكومة والقطاع العام الخاص وغيرها أما عن مصادر المضايقات : فهناك مضايقات من الزملاء الذكور بلغت 41% ومضايقات من الجمهور 32.8% ومضايقات بنسبة 6% ومضايقات بسبب التمييز ضد المرأة 5.4% وغيرها كما أن المرأة تتعرض للمضايقات عموماً في العمل أكثر من الرجل 56% بينما هناك بعض المضايقات يشتكى منها كل من الجنسين43% .
الآثار المترتبة على المضايقات
تنعكس المضايقات التي تتعرض لها المرأة في نتائج سلبية على أدائها لعملها وإنتاجها.
تكون المرأة عرضة للإصابة بالضغوط والاضطرابات النفسية والمشاكل الصحية عموماً .
في بعض الأحيان ونتيجة لهذه المضايقات قد تضطر المرأة إلى البحث عن عمل آخر أو تطلب النقل إلى أحد الأقسام داخل المؤسسة .
تتعرض المرأة لفقدان الثقة بالنفس ، وأن التقليل من أدائها أو السخرية منها أو الإحباط الذي تتعرض له يشعرها بالدونية مما يؤثر في حياتها العملية والأسرية .
قد تفكر المرأة في وسائل للانتقام مما يعرضها لمشاكل أكبر .
كما أن أصحاب العمل والرؤساء يعانون من المشاكل التي تنتج من افتقار القيم والمثل لدى العاملين وبالتالي تنعكس المضايقات سلباً على العاملين والرؤساء والعمل نفسه من حيث الإنتاج والمناخ الذي يسوده .
كيفية التعامل مع مشاكل المضايقات
إذا شعرت المرأة العاملة بأنها تتعرض لأي نوع من المضايقات فعليها معرفة إذا كان ذلك الأسلوب متعمدا أم لا ، فما يعتبر مؤذياً ومضايقاً قد لا يعتبر كذلك من البعض الآخر قد لا يدرك الشخص الذي بدرت منه تلك المضايقات بأنه تسبب في إيذاء وجرح الشخص الآخر وبالتالي فلابد من تنبيهه إلى ذلك السلوك الذي صدر منه .
أن تنظر المرأة إلى معرفتها والسلوك الذي يصدر منها فمن المحتمل أن تكون دون قصد قد تسببت في خلق مثل تلك المضايقات أو ساعدت في حدوثها .
التأكد من معرفة الحقوق والواجبات المنصوص عليها بالعمل وما إذا كانت شروط ومواصفات العمل تنطبق على ما يطلب منها عمله .
التدرج فى معالجة المشاكل التي تحدث نتيجة للمضايقات، فتبدأ بطريقة ودية ومواجهة الشخص الذي تسبب في المضايقة وتعريفه بأثر ذلك على النفس وبرجائه عدم تكرارها خاصة إذا لم تستطع المرأة مواجهة الشخص بما حدث في العمل أو رئيسها المباشر بسبب طريقة أداء المرأة للعمل وضعفها في هذا الجانب فمن الممكن أن تستفسر عن مواطن الضعف ومعالجته.
إذا لم تجدي الوسائل غير الرسمية يمكن التقدم بكتابة شكوى إلى رئيس العمل لالتماس مساعدته وكذلك النقابة وعلى رؤساء وأصحاب العمل اتخاذ التدابير الكافية وطمأنة العاملين وحمايتهم من المضايقات التي يتعرضون لها وعليهم اتخاذ الخطوات الإيجابية لحل مثل تلك المشاكل لأن التغاضي عنها وترك الشخص المتسبب فيها يدعوه إلى التمادي في سلوكه .
رد مع الاستدلال
الروابط المفضلة