الجزار والنجار
ذهب الجزار الى النجار وقال له: ممكن أن تجد لي جذعا لأقطع عليه اللحم، فأجاب النجار نعم، ولكن أمهلني يوما أو يومين .. ذهب النجار الى الغابة، وأخذ يبحث عن جذع للجزار، عاد النجار وقد وجد جذعا عريضا ومتينا.
عاد الجزار الى النجار في اليوم التالي: أخبرني ياعم .. هل وجدت الجذع المناسب؟
نعم نعم .. هذا هو نصب أعينك وقرب يمينك، هكذا قال النجار.
أخذ الجزار الجذع وسال النجار .. هل تأخذ ثمنه أم تشتري بثمنه لحما طيبا من عندي؟
أجاب النجار: هذه لا كلام فيها .. سأتي اليوم وأشتري اللحم بإذن الله.
ذهب النجار الى الجزار بعد أن أنهى عمله .. وقال: كيف حالك ياسيدي، فأجاب الجزار أهلا أهلا .. طلب النجار من الجزار اللحم ولكن قال الجزار: هذه اللحمة ليست كما أشتهيها لك فلتمر بعد ثلاثة أيام، سيكون لدينا لحما طيبا.
ذهب النجار وهو يشكر الجزار على أمانته وحبه له .. وفي اليوم الثالث عاد اليه وسأله عن اللحمة فقال: أتأخذها اليوم أم تنتظر يومين آخرين وأضاعف لك الكمية .. قال النجار: أكيد سأعود إليك بعد يومين .. عاد النجار الى الجزار ولكن الجزار غير موجود .. فقال: ياصبي، أعطيني لحما من هذا.
قطع الصبي اللحم للنجار كما يريد .. آخذ النجار اللحم وهم بالذهاب .. سأل الصبي النجار عن الثمن .. فقال الحساب عند الجزار .. قله يخصم من اللي عنده .. فإرتجل الصبي وقال: لا ياعم إدفع الحين وبعدين صفي حسابك معاه .. إحنا متعودين ما نخربط الحسابات.
دفع النجار للصبي وهو يقول "أكيد ما عندك خبر أنني أريد فلوسا منه"
وبعد إسبوع: ذهب النجار الى الجزار ليشتري لحما .. فلم يجد الجزار .. فإشترى ودفع الثمن.
يبدوا أننا أكلنا لحما كثيرا هذه الأيام .. سنوقف موضوع اللحم الى شهر كامل.
وبعد شهر: ذهب النجار الى الجزار ليشتري لحما .. وجد الجزار، الحمد لله، كيفك يا سيدنا: الحمد لله، وينك من زمان ما بينت. موجود والله بس مشغول في شراء الأغنام الجديدة.
طيب أعطينا لحمة على كيفك .. معلش أخبرني الصبي بما حدث، وأعتذر والله أنني إنحرجت منه جدا .. قال النجار: مش مشكلة، الحساب اللي بينا مش ضايع. رد الجزار: أكيد أكيد، بس اللحمة هاليومين مش تمام .. خليك للإسبوع القادم .. طيب بسيطة.
ذهب النجار الي الجزار في الإسبوع التالي، ولم يجد الجزار .. ياصبي: أعطيني لحمة على كيفيك .. حاضر يا معلم، جهز الصبي اللحم وأعطاها للنجار وقال له: الحساب يا معلم، فرد النجار على الصبي: ألم يبلغك معلمك بالحساب اللي بينا، رد الصبي: نحنا من زمان ما نحب نخلط في الحسابات بينا، وبعدين بأشوفك بتيجي وبتروح عليه، لماذا لا تطلب حقك منه.
قال النجار: سأنهي هذه المهزله .. أخذ اللحم وخرج وهو غضبان .. وحضر في اليوم التالي: أين الجزار .. نعم يا حج .. إسمع أعطيني فلوسي ومش عاوز فيها لحمة .. قال الجزار أي فلوس؟؟! رد النجار حق الجذع اللي بتقطع اللحم عليه هذا.. رد الجزار: أولا هذا الجذع عندي من سنة وبعدين متى أخذت من عندك جذع، ياصبي: نعم يامعلم، متى نحنا شرينا هذا الجذع ومن مين؟ إشتريناه منذ سنه من الحطاب العم أبو أحمد، وقال الجزار: إيش مالك ياحج؟ يبدوا أنك تعبان شويه أو عندك مشكلة.
رد النجار: بدون لف ودوران أنا عاوز ثمن الجذع اللي أخذته من شهرين؟
قال الجزار: وكمان من شهرين، ياخي الواحد بالعافية لمن بيصبر على أخوه لمدة يوم أو يومين، لمن تجي وتقول شهرين.
توتر النجار وإنفعل وأخذت الأصوات تتعالى، والنتيجة .. ضرب الجزار صاحبه النجار وأهانة .. ولا تزال القصة قائمة فالنجار ينادي في الحارة أحيانا، ويكب الأوساخ على باب الجزار أحيانا والمحاولات مستمرة في إعادة الحق لصاحبنا.
وأعتقد إن اللي حيجيب حق النجار هو إبنه وفي حاله واحدة فقط .. إذا كان أقوى من إبن النجزار نفسه.. وهذه حكاية القوة في كل زمان وكل مكان تتكرر مع إختلاف الشخصيات فيها
ابن غريب
الرياض 17/08/2003م
الروابط المفضلة