المشهد :
دخل احد الاخوة على جدته العجوز فوجدها تريد ان تنهض بصعوبة كعادة المسنات وهي تقول: توكلت
عليك يا رسول.. توكلت عليك يا محمد.
الحفيد اصيب بالذعر وقال: ما هذا الكلام يا جدة؟
فقالت: هذا برنامج نجيب سالم في اذاعة القران علمنا هـ الكلام.
وجلس الحفيد يعلم جدته انه لا يجوز التوكل الا على الحي القيوم الذي لا يموت.
هذه مشاهد ليست من الخيال وليست افتراء بل هي من واقع اذاعة القرآن الكريم من اذاعة الكويت
التي انتشر عبر اسلوب ادارتها رائحة الفساد والتضليل في نوعية برامجها التي يسيطر عليها النفس
الصوفي بل وحتى الترويج للشركيات التي اتسم بها برنامج «مدائح النبي» اعداد وتقديم عبدالله نجيب
سالم والذي كان يقدمه في فترة العصر وهي الفترة الذهبية لمدة شهر كامل.. هذا البرنامج اوله شرك
واخره شرك وكمكافأة لصاحبه وامعانا في تضليل المؤمنين تمت اعادة البرنامج بالكامل.
ولا اعرف لماذا تغيب الاسماء الكويتية عن الفترة الذهبية بعد صلاة العصر وهي فترة مخصصة لغير
الكويتيين.. اما الكويتيون من اهل العلم والمشايخ الذين نحترمهم ولهم مكانتهم الادبية والعلمية فهم
دائما في الظل وافساح المجال لمشاركاتهم اليتيمة من باب (اعطيناهم فرصة) لكن في الواقع تتم
محاربتهم. اما برفض افكار جديدة تقدموا بها أو ترحيل برامجهم الرائعة الى فترات ميتة بالمفهوم
الاعلامي والامثلة على ذلك كثيرة منها توقف برنامج الدكتور عادل المطيرات وعدم التعاون معه رغم
ثقل وزنه في تخصصه الا ان هذا لم يشفع له فكان من المغضوب عليهم عند مسؤول القناة احمد حاجية
الذي يعطي الضوء الاخضر لأسماء معينة مثل محمد سنان والمفتي الاول والاخير لاذاعة القرآن الكريم يوسف الشراح ومعه عيسى زكي.
ومن البرامج الرائعة التي تمت محاربتها برنامج «التناسق بين الآيات والصور» وقد أبدع الشيخ
عدنان عبدالقادر ابداعا وهو برنامج «متعوب عليه» لأنه يحمل فكرة جديدة وبديعة فماذا كانت المكافأة..
كانت في توقيت بث البرنامج تخيلوا في الساعة الرابعة فجرا.
من يسمع الاذاعة في هذا الوقت فالسهارى يسمعون اذاعة الـ FM، اما الملتزمون فهم يتوجهون الى المساجد لصلاة الفجر وقبلها قيام الليل... وللاسف لم يكن يعاد في فترة اخرى وذهب جهد الشيخ عدنان هباء منثورا.
اما آخر ضحايا اذاعة القرآن الكريم فهو الشيخ خالد قزار الجاسم الذي تميز بهدوء شديد ورخامة صوت
تدخل الى القلب قبل الاسماع اضافة الى علم متمكن وتركيز دقيق للعودة الى الاسناد الصحيح فقدم
برنامج «آداب واخلاق» ثم برنامج «اياكم والغلو» وهو يتحدث عن الغلو والتطرف في كل تفاصيل
ومناحي الحياة وكان يبث في العاشرة والنصف مساء واعتبره توقيتا متأخراً اضافة الى عدم تجديد
التعاون مع الشيخ خالد قزار رغم ان برنامجه «اياكم والغلو» يدعو الى الوسطية والتسامح واحترام
الآخر في ظروف يشكو العالم كله من سطوة فكر الخوارج والارهاب وكان لا بد من الاعتناء الشديد
بتوقيت هذا البرنامج واعداد حلقات خاصة منه توجه الى الشباب تحديدا في توقيت مدروس لكن للاسف
ليست هناك نظرة ثاقبة من المسؤولين في اذاعة القرآن الكريم فهم لا يريدون الا الترهات والاكاذيب
والتضليل ويصافحون اصحاب الفكر المنحرف عن السنة ويتجاهلون اصحاب السنة والجماعة الذين
يقدمون العلم الشرعي النير الفاصل بين الحق والباطل خصوصا في فوضى الفتاوى التي صارت السمة
الغالبة لاذاعة القرآن الكريم واعجب من مفتي يستضاف من قبل مذيع عبر سؤال وجواب ثم في نهاية
البرنامج يقال اعداد وتقديم الشيخ فلان الفلاني كيف وهو ضيف.. أم ان هذا له علاقة بسياسة التنفيع التي يتبعها حاجية.
والاغرب من هذا ان يكمل المفتي حديثه بينما يعلن المذيع عن دخول صلاة العشاء أو غيرها بينما
المفتي يكمل البرنامج.. اسأل نفسي ألا يقوم المفتي الكريم للصلاة وكيف نأمنه على اسئلة تواجه الناس
وهو يسدل الستار عن صلاته ولا يهب لها.. اين المصداقية وهل هو شخص مؤتمن أم ممثل جاء الى اذاعة القرآن الكريم بالخطأ من احد استديوهات الدراما.
منى الشمري
جريدة الوطن
فكر ورأي - السبت 16/7/2005
الروابط المفضلة