استثمار العاقلين
ماذا لو أن هناك مصرفا يضع في حسابك دفعة يومية بعدد ثواني ذلك اليوم أي 86400 ريال إلا أن هذا المصرف يسحب ما تبقى في نهاية النهار و لم تستطع الاستفادة منه بعد فهو لا يسمح لك بترحيل ما تبقى إلى بوم آخر و لا يسمح لك بأن تسحب اليوم من حساب الغد .. ماذا ستفعل ؟
حتما ستسحب كل هللة في الحساب قبل غياب شمس كل يوم . هل تعلم أن كلا منا لديه مثل هذا المصرف . إنه الوقت يعطيك مع إشراقة كل صباح 86400 ثانية و في نهاية ذلك اليوم تخسر ك مالم تستطع تسخيره في عم مثمر بناء .
تعرف قيمة سنة واحدة اسأل طالبا رسب في الامتحان !
لتعرف قيمة شهر واحد اسأل أما و ضعت وليدها في الشهر الثامن !
لتعرف قيمة أسبوع اسأل رئيس تحرير مجلة أسبوعية !
لتعرف قيمة يوم واحد اسأل عاملا بالأجر اليومي يرعى عشرة أطفال !
لتعرف قيمة ساعة واحدة اسأل عريسا ليلة زفافه ينتظر لقاء عروسه !
لتعرف قيمة دقيقة واحدة اسأل شخصا فاته القطار !
لتعرف قيمة ثانية اسأل شخصا نجا لتوه من حادث سيارة !
لتعرف قيمة جزء من ألف في الثانية اسأل شخصا كسب ميدالية فضية في الألعاب الأولمبية !
هذه بعض من مقال كنت قد نشرته في إحدى الصحف المحلية فبل عامين و مستقاة من رسالة إلكترونية مجهولة الهوية و صلتني عبر الإنترنت . رأيت مشاركتكم إياي تعميقا للمنفعة خاصة و أني ما زلت أعتبر كلما قرأتها . فنحن كمسلمين أولى باستثمار الوقت فواجباتنا كلها محددة و معروفة بالوقت ابتداء بالصلاة و انتهاء بفريضة الحج .
ترى كم مرة جلس أحدنا إلى نفسه في نهاية النهار و حاسبها ؟ كم تلك الثواني التي أودعت في حسابه ذلك الصباح أحرقها في عمل لا يرضي الله و لا خلقه ؟ و على سبيل المثال لا الحصر و طالما أننا باسم التقنية نتحدث كم من ليلة قضيتها أمام شاشة الإنترنت تتحاور مع آخرين في لغو الكلام بينما قطعت لغة الحوار مع أهل بيتك ؟ و لن أطيل في سرد كيف أننا نخسر ثروة هائلة تتجدد كل يوم منحنا إياها الخالق لنسعد بها دنيا و آخره دون أن نلقي بالا حتى يأتي يوم يسأل الفرد منا عن عمره فيما أفناه و شبابه فيما أباه و عن ماله من أين اكتسبه و فيما أنفقه و عن عالمه ماذا عمل به .
و اليوم والحديث موجه لمن هم في إجازة و قد مضى شهر من عطلة الصيف أي ثلاثون يوما و ذلك يساوي سبعمائة و عشرين ساعة أي ثلاثا و أربعين ألفا و مائتي دقيقة أما إذا شئت معرفة ذلك بالثواني فغن الرقم يتجاوز المليونين و نصف !!
كيف يا ترى قضيتم هذا الكم الهائل من الوقت ؟ كان البعض منكم قبل بدء الإجازة يحلم لو كان لديه الوقت الكافي للتفقه في القرآن ؟ و علوم الفقه ؟ أو أن يتعلم ببعض علوم الحاسب أو أن يقرأ بعضا من أمهات الكتب القابعة في مكتبة المنزل فيثري فكره و يغذي بها روحه ؟ كم تمنى أحدنا لو أن لديه الوقت ليزور كافة أقاربه فيبر كبارهم و يود صغارهم ؟ هل تمنيت لو أن لديك الوقت لتقضيه مع أفراد أٍرتك مستمتعا بصحبتهم ؟ لو أن لديك الوقت لتبر والديك و تزورهما يوميا بدلا من أسبوعيا لتقوم على رعايتهما بنفسك ؟ أرجو أن نكون قد أنجزنا شيئا مما أردنا واستمتعنا به . و إن لم تفعل بعد فافعل إلى أن و ابدأ في استغلال رصيدك المتاح من الوقت فاستمتع بكل دقيقة ، ولا بل كل ثانية من وقتك . لا تقلل من أي عمل خير تقوم به أو أي معرفة أو مهارة تستطيعه نقلها لمن حولك و لا تبخل بوقتك على من تحب و قبل ذلك على من يحبك .
مقال لـ د.أسماء بنت محمد باهرمز من مجلة التدريب و التقنية –العدد السادس عشر-ربيع الآخر 1421 هـ
الروابط المفضلة