هنا بدرُ ...
والفتح والقادسية ...
هنا صولة الحق ...
رمز الكرامة درع الحِمى والحمية ...
وهبت كأجنحة الموت أحقادهم ...
غارة ً إثر غارة ...
ويلمع كالبرق سيف القدر ...
ليمحق رجساً يسمى حضارة ...
ويملأ كأس العدى بالمرارة ...
ويهبط جيش الملائكِ ...
عوناً من الله رب القوى والـُقـدر ...
_________________________________________
مائدة رمضان ...
حين ُيقبل علينا شهر رمضان المبارك في كل عام ، ُيقبل بخيره العميم الذي عود المسلمين عليه في كل مرة يأتيهم فيها زائراً ، ويقبل بمنارات ُتضيء الظلام لمن أراد أن يسير ؛ منارات تحفز ذوي الهمم لتبوئ مقعد الصدارة في هذه الدنيا ، حتى وإن بدا الأمر غير ذلك ! ، منارات ُتلهمه العزة إلهاماً و تنبئه بخبر يقين بأن المستقبل لهذا الدين .
من هذه المنارات ...
منارة نزول القرآن العظيم سبيل الرشاد لهذه الأمة ..
منارة الفرقان يوم معركة بدر وكيف فرقت بين الحق والباطل ..
منارة فتح الأندلس بيد طارق ، منارة عين جالوت وهزيمة التتار ..
منارة الزلاقة بقيادة المرابطين ، منارة الفتح الأكبر فتح مكة ..
ثم منارة هدم خالد للبيت الذي يعبد فيه صنم العُـزى ..
منارة إسلام وفد ثقيف وهدم صنم اللات .
تلك المنارات المباركة هي التي تجعل المسلم ـ إذ يتـلبسه شهر رمضان ـ يقبل على مائدة الله لعباده ـ القرآن الكريم ـ ليتزود فإن خير الزاد التقوى .
و تجعل المسلم يفرق بين حق أدلج وباطل لجلج ؛ يُراد له أن يكون نظاما عالمياً .
تجعل المسلم يتذكر أن حضارته الإسلامية هي التي أنارت أوربا بفتح طارق لأندلس .
تلك المنارات تجعل المسلم وهو يتذكر هزيمة التتار يتقين بأنه مهما حلك الظلام وتأصلت الذِلة ؛ لابد من عين جديدة ـ كعين جالوت ـ تروي ظمأه لعزة هو مالكها لو أدرك .
تجعل المسلم يعتقد أنه لابد من فتح ٍ عظيم حتى وإن ُمنع ذلك الفتح منعاً . تجعل المسلم ُيصرُ على أن الناس سيدخلون في دين الله أفواجاً .
تلك المنارات ُتلزم المسلم أن يفتش في نفسه عن أصنام لابد أن تهدم ليخلص الأمر لربه ، واهب هذه المنارات من جديد .
لينتفض من سبات غطّاه وينتبه من غفلته ، فيدرك حال أمته ، وما ألم بها من خطوب ، فهي فلسطين مغتصبة ، وهي شيشان جريحة ، وهي أفغانستان مدمرة ، وهي فلبين ممزقة ، وهي أوطان مسلوبة ، وأموال منهوبة ، ومسلمون فرض عليهم الذل فرضاً ... وتنير له تلك المنارات طريق نفسك وطريق أمته ، ويحرك القرآن الكريم حنايا العزة في نفسه : ( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ ) وتصدع في جنبات نفسه سورة المائدة أنْ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) فيتذكر عقداً عقده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره به البخاري : ( الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) فلا يُسلم إخوانه في فلسطين ليهود ، ولا ُيسلم إخوانه في أفغانستان لصليبيين ، ولا ُيسلم إخوانه في الشيشان لشيوعيين ... بل ينصرهم بماله ، ودعائه ، وتحديث نفسه بالجهاد لينجو ..
فهذا البخاري يروي عن النبي عليه الصلاة والسلام : ( مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا ) ويخلفهم في أهلهم إذ هم يذودون عن حمى الإسلام ، فـُيطعم مسكيناً ، وُيسعد يتيماً ، وُيواسي أرملة ، ويَخلف سجيناً ، ويفرج عن مسلم كربة ، إذ الـُكربات أمامه في يوم ُتبلى فيه السرائر ...
ولا يضيره الواقع المظلم ، بل يتذكر : ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) وأنه : ( َلَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ ) فيجمع قلبه على أن يجعل من الدعاء وجبة يومية في كل إفطار لأنه : ( ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ دُونَ الْغَمَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَيَقُولُ بِعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ ) صححه الألباني رحمه الله ، وجبة يطوف بها أرجاء أمته ، يجمع عليها أهل بيته صغاراً وكباراً ، يسكبون في وجبتهم العبرات على حال أمة المجد والخلود ، متيقنين بأنه : لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ ...
فأي ظلم يخيم على أمتنا مما نحن فيه اليوم ... ثم ُتفتح لدعواتنا أبواب السماء ... فلنلهج لربنا بالدعاء ولا نغفل ولا ننسى أننا من أمة الإسلام وعلينا أن ننصر إخواننا لننصر أنفسنا .
أيها المؤمن ـ أيتها المؤمنة ـ الكرماء في شهر الجود والكرم : أنفق أيها المسلم ولا تخشى من ذي العرش إقلالاً ، فهو ربنا : ( وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ) أخرج من مالك ما تحب فهو الذي يبقى لك: ( مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ) وأدفع مالك لنصرة إخوانك ولا تتأخر ولا تعجز ... وتخير واجتهد أين تضعه !
واجعل لسانك يلهج صباح مساء بالدعاء لإخوانك المسلمين ، والله ِ إن الله لناصر دينه فكن أنت ستاراً لقدر الله ، ولا تكن كما ُيراد لك ! بل كن كما يريد ربك وخاطبك به في كتابه الكريم : ( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) ...
تذكر يوم القيامة ... فالخلق فيه طعام الفناء وإذ الأرض مائدة...
أخوكم : أمير المعالي *
الروابط المفضلة