يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
: " من بات آمنا في سربه ، معافى في بدنه ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بأسرها " أخرجه الترمذي وابن ماجة .
اختلفت قناعات الناس حول مفهوم السعادة ، كل حسب ميوله وأهوائه وتكوينه ، فمنهم من يراها في جمع المال ، ومنهم من يراها في إشباع الرغبات العاطفية والجسدية ، ومنهم من يراها في الانفلات والحرية ، ومنهم من يراها في الصحة والعافية ...
هؤلاء ، عندما يتمكنون مما ظنوه سعادة .. إذا بهم بعد قليل يملون ويسأمون . أما أهل العقل والخبرة والإيمان ، فغالبا ما تصح قناعاتهم ..
السعادة في رحاب الإيمان :
فالمؤمن كل أمره لفي خير ، لا يغشى هما ، ولا يخشى فقدا ، أو مفقودا عنه ، وليس ذلك إلا للمؤمن . ومن هذا المنطلق فإن الإيمان بالله تعالى هو رأس الفضائل ولجام الرذائل ، وسند العزائم ، وبلسم الصبر عند المصائب . يقول الشاعر الحطيئة :
ولست أرى السعادة جـمع مال***ولكن التـقي هو الـسـعيد
وتقوى الله خير الزاد ذخــرا***وعند الله للأتقى مـــزيـد
وما لا بد أن يأتي قــريــب ***ولكن الذي يمـضي بــعيد
وتأمل المقابلة القرآنية بين الهدى والفلاح ، وبين الضلال والشقاء . يقول تعالى : " فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى * )
وصدق أحد الصالحين حينما قال : نحن في سعادة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف .
السعادة في عافية النفس والجسم :
إن هذه السعادة لا يقدرها إلا الذي يعيش ليله ونهاره مروع البال ، فاقدا للطمأنينة ، مهددا في أي وقت بالطرد أو بالسجن أو بالقتل ، كذلك من ذاق طعم الجوع ، وعانى آلام ولوعة المرض ، فنطق بها الحكيم : الصحة تاج على رؤوس الأصحاء ، لا يعرفها إلا المرضى .
السعادة في نقـاء الضمير :
والإحساس بالعطاء والنبوغ ، وليست كما يعتقد الكثير أنها في الشهوة ، وحيازة المال ، ومعيشة الترف . يقول الشاعر أحمد شوقي :
فإن الـسعادة غير الظهـور***وغير الـثراء وغير التـرف
ولكنها في نواحي الـضمـير***إذا هو باللوم لم يكـتشف
وروموا النـبوغ فمن نـاله ***تلقى من الحظ أسنى الشرف
الـسعادة في أن تكون ذا رسالة تعيش لها وبها في الحياة :
ولا تعيش حياة الخنوع والخمول ، ومع السائرين خلف كل ناعق ، وقد عبر عن ذلك ببراعة الشيخ العالم يوسف القرضاوي :
قالـوا السـعادة في السكون***وفي الخـمول وفي الخــمود
في العــيش بين الأهــل لا***عيش المـهاجر والــطريد
في المشي خلـف الركب فـي ***دعة وفي خطو وئــيــد
قلت : الحياة هي الــتحرك ***لا السكـون ولا الهــمود
وهي الجـهاد ، وهل يجــا ***هـد من تعلق بالـقـعـود
هي أن تعيش خــليــفة ***في الأرض شأنــك أن تسود
الروابط المفضلة