كسر حواجز اجتماعية تعتبر دخول الرجل إلى المطبخ عيبا
مهندس سعودي يطبخ للألمان وجبة بحرية خليجية ويصدر لهم سمك "دارين"

الدمام: عبد السلام الخالدي
كسر المواطن حسين الذوادي حواجز اجتماعية تعتبر دخول الرجل السعودي للمطبخ عيبا، وفي نفس الوقت صمم على أن يحقق لنفسه طابعا مميزا، فلم يجد أفضل من بيئة الجزيرة التي تربى وعاش فيها جزيرة دارين، فاختار أن يتخصص في تقديم أطباق الأكلات البحرية الخليجية، ولكن في مطعم تكون له تقاليد خليجية مميزة تحمل ثقافة الخليج إلى العالم مثله مثل تقاليد المطاعم الإيطالية والصينية والشامية.
ولم يخطر ببال الذوادي في يوم من الأيام أن يأخذه هذا المسار، فهو في الأصل مهندس كمبيوتر في شركة أرامكو السعودية درس وتخرج في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن طبيعته الاجتماعية التي تميل إلى الصداقات والرحلات ومفاجأة رفاقه في الرحلات بطبق يقوم بإعداده لهم وتشجيعهم له جعله يفكر في مشروع يقدم هوية أهل الخليج في أسلوب إعدادهم للأطباق البحرية
عن هذه الفكرة يقول " ماجعلني أتردد في تنفيذ هذه الفكرة أنني كنت أنظر إلى أي مطعم بأنه مشروع ثقافي بحت مثله مثل الحرف أو الأزياء أو الموسيقى يعبر عن ثقافة وهوية أي شعب من الشعوب، فالوجبات السريعة مشروع ثقافي يعبر عن الثقافة الأمريكية، وكذلك الأمر للسباكتي في إيطاليا والأطباق الصينية التي تعكس التاريخ والعراقة في جنوب شرق آسيا".
ويضيف " كنت أسافر إلى الشرق والغرب، وزرت أكثر من 100دولة حول العالم، وكان أول ما أقوم بها في هذه الزيارات دخول المطاعم، وتتبع التفاصيل في هوية الطعام وتركيبته، بل إنني كنت أدخل إلى مطابخها، وأراقب طريقة الطهاة في إعداد الأطباق، وأتتبع أسلوب تقديم الطعام، وحتى لبس العاملين وديكور المطعم، تعرفت في هذه الزيارات على ثقافات الشعوب في أساليب إعدادهم للطعام، وكون ذلك لدي الثقة في النفس في أننا نمتلك في منطقتنا مقومات لتقديم أطباق بحرية مستوحاة من صميم هويتنا الخليجية، وتعريف الآخرين بهويتنا وثقافتنا الخليجية من خلال هذه الأطباق البحرية.
يقول الذوادي " الألمان معروفون بحبهم لأسماك منطقة الخليج، في إحدى زيارتي لألمانيا تعاقدت لتصدير أسماك جزيرة دارين إلى هناك، وفي أحد الأيام أحضرت سمكتي "العين والحمراء" وهما من أسماك الخليج المشهورة التي يحبها الألمان، ودخلت المطبخ، وأعددت مائدة بحرية بنكهة المطبخ الخليجي، ودعوت مندوبي عدد من الشركات الألمانية، فأعجبوا جدا بها، والألمان يحبون الطهو ويقدرون إبداع الطاهي ويعاملونهم تماما مثل قائد أوركسترا أو فنان تشكيلي أبدع لوحة فنية رائعة ويقفون ويصفقون له ويتعاملون معه كمبدع"
يقول الذوادي "بعد أن لمست هذه الاستجابة المشجعة قررت أن أقدم المطبخ البحري الخليجي للمقيمين من الجاليات الأجنبية الموجودة في المنطقة الشرقية، وكان الإقبال مشجعا، ونجاحي يرجع بشكل أساسي إلى أنني قدمت المائدة البحرية الخليجية بالخلطة التي يتذوقها الأوروبي والأمريكي والآسيوي على حد سواء، فلم أكن ناقلا كما وقع الكثيرون ممن استثمروا في المطاعم التي ادعوا أنها شعبية فبنوا، البناء التراثي، ولكن بقيت الأطباق المقدمة منقولة كما هي دون أي تحديث أو تجديد وهو ماجعل إقبالها يقتصر على السعوديين فقط، أما المطاعم الأخرى فهي نتاج للانفتاح السياحي للشعب السعودي على الثقافات الأخرى، ويقتصر دور المواطن كمستثمر يقوم بعملية استيراد كاملة لمطعم شامي أو تركي، وهي الأكثر انتشارا في السوق السعودي.
وذكر الذوادي أن المطاعم جانب اقتصادي مهم، ففي مدينة الرياض وحدها 2000مطعم تبلغ مبيعاتها المليار ريال، مشيرا إلى مستثمرين في كافة المدن السعودية دخلوا هذا المجال فتكبدوا خسائر كبيرة، لبعدهم التام عن أصول هذه المهنة
ويدعو الذوادي الغرف التجارية السعودية والهيئة الوطنية للسياحة الى إنشاء كليات أو معاهد لتخريج الطهاة المدربين ودعمهم الدعم المادي المناسب لوقف الهدر الكبير من جراء التستر في مطاعمنا ولتقديم ثقافة الطهو السعودية بأسلوب سياحي متطور.