بسم الله الرحمن الرحيم
كنت أنوي الكتابة عن موقف حدث لي مؤخراً مع أحد غير المسلمين .. ولكن .. اسمحوا لي بدايةً أن أنقل إليكم هذا الخبر .. على أن أعود لموقفي مع ذلك الرجل بعده ..
يقول الخبر :
مفكرة الإسلام:
أعرب [الأب برنابا وينكلر] المنصر الكبوشي الإيطالي بإقليم أتشيه غربي إندونيسيا عن استغرابه من رفض العديد من مسلمي الإقليم أخذ الملابس والأطعمة التي تقدمها المنظمات التنصيرية الكاثوليكية على الرغم من البرد القارس والجوع الشديد!
وحسب وكالة الأنباء التنصيرية [ميسنا] قال 'وينكلر': إن هذا الأمر مثير للقلق ويجب التعامل معه بحذر. وفي سياق متصل أضاف المنصر الإيطالي أنه يتحتم الاستعانة ببعض المسلمين في إيصال تلك المواد الإغاثية للمستهدفين من المسلمين.
ونقلت الوكالة عن 'وينكلر' قوله: إن الحاجة ماسة لتدخل بعض المسلمين في الأنشطة الكاثوليكية؛ ولهذا بدأنا يوم الثلاثاء الماضي التنسيق بمدينة سيبولجا من أجل إنشاء لجنة مختلطة [إسلامية - كاثوليكية] مخصصة للتنصير في إقليم أتشيه.
وعلى صعيد متصل ذكر المنصر أن أنحاءً أخرى في جزيرة سومطرة المنكوبة يرفض سكانها أخذ المعونات من المنظمات التنصيرية.
وتجدر الإشارة إلى أن أهل أتشيه يغلب عليهم التدين والتمسك بتعاليم الإسلام؛ كما يشتهر الإقليم بين الإندونيسيين باسم [بوابة مكة] حيث إنه يعد منطلق الحجاج والمعتمرين المسلمين إلى البيت الحرام بمكة المكرمة. كما يرى العديد من الأتشيهيين أن موجات المد الزلزالي العاتية كانت عقابًا من عند الله بسبب التقصير في إقامة شعائر الإسلام. أ.هـ ..
الله أكبر ..
أي عزة بعد هذه العزة .. وأي رفعة بعد هذه الرفعة .. رغم المُصاب الجلل .. رغم البرد القارص .. رغم الأجساد العارية .. والأقدام الحافية .. والبطون الخاوية .. ورغم العيون الباكية على فقد قريب أو حبيب أو عزيز .. رغم كل ذلك .. رغم كل شيء .. يأبون أن يمدُّون أيديهم إلى أيادي المُنصرين .. حتى وإن كانت تلك الأيادي تحمل ما هم بأمسِّ الحاجة إليه .. طالما كان الثمن ترك دين الله عز وجل .. دين التوحيد .. دين العزة والكرامة والإباء ..
لله درُّهم من قوم .. لله درُّهم .. لله درَّهم ..
أما موقفي الذي سبق وأن نوَّهت إليه .. فهو ذو صلة بالحدث ..
فقد كان هناك رجل غير مسلم أحتكُّ به بحكم العمل .. وكان هذا الرجل ضمن أُناس غيره على غير ملة الإسلام .. وكنت كما غيري نرفق بهم في تعاملنا .. ونهش في وجوههم .. لكسب قلوبهم .. وقد نفع الله بذلك ولله الحمد .. وأسلم بعض منهم .. وهم يُشاركوننا الآن الصلاة في مُصلانا .. بل وأحياناً يكونون هم من يؤذن للصلاة ..
المهم ..
كان هذا الرجل بالذات .. من أقسى المتواجدين من غير المسلمين .. وأكثرهم جلفاً وجموداً .. فإن نحن تبسمنا في وجهه .. عبس هو .. وإن نحن ألقينا عليه التحية .. لم ينطق هو ببنت شفة .. عابس الوجه على الدوام .. لحتى أنه كان يتحاشى الركوب معي في المصعد .. عندما يتصادف أن نتواجد هناك سوياً .. ويؤثر إما صعود الدرج بما في ذلك من مشقة .. وإما الإنتظار حتى يعود إليه المصعد مرة أخرى ..
تفاجأت بذلك الرجل قبل أمس .. عندما تقابلنا في أحد المكاتب وألقيت التحية .. فإذا به يرد وبكل حماسة .. والسرور يشع من وجهه .. والإمتنان بادٍ على مُحياه .. ثم ما لبث أن أقبل عليَّ وصافحني !!! ..
بادلته الإبتسامة .. ولكنه لاحظ علامات الاستغراب بادية على وجهي .. فقال مباشرة ودون أي تردد : لا تعجب أبداً .. فأنتم قد أثرَّتم فيَّ تأثيراً شديداً .. وجعلتموني أسهر تلك الليلة حتى الصباح !!! .. تعجبتُ من كلامه .. فأنا لم أفهم ما يرمي إليه ..
قال : نعم .. لقد أسرني ذلك التلاحم الذي أبديتموه تُجاه المنكوبين جراء الزلزال في شرق آسيا .. لقد شدَّني ذلك كثيراً بصورة لا يُمكن أن أصفها لك .. لحتى أني ظللت أُتابع التبرعات حتى وقت متأخرٍ جداً .. وسألت نفسي .. ما الذي يدفع بهؤلاء بالتبرع بأموالهم إلى أناس لا يعرفونهم .. وليس بينهم وبينهم أي علاقة ؟! .. وما الذي يجنونه مما يفعلون ؟! .. وماذا تُراهم ينتظرون من أولئك المنكوبين المعدمين أن يردوه لهم كعرفان بالجميل ؟! ..
وقلت في نفسي (ما زال الكلام له) .. إن الدافع لذلك هو دينكم .. فأنتم تحترمونه .. وتحترمون تعاليمه .. لذلك لا تنتظرون الرد إلا من ربكم .. لذلك .. فأنتم أُناس عظيمون .. على الرغم من كل محاولات التشويه والتضليل لهذا الدين .. ولكل ما هو مسلم .. إلا أنكم نسفتم كل ذلك بتلك الوقفة الصادقة .. مع أُناس لا تعرفونهم .. أ.هـ ..
سعدت كثيراً وتأثرت لما قاله .. فلم أكن أتوقع أن ذلك الرجل الجلف العبوس .. يحمل كل هذه الروح الشفافة .. وهنا .. يتبين أيضاً أهمية مثل هذه الوقفات الصادقة في مثل هذه الحوادث .. فهي تُؤثر كثيراً في نفسيات غير المسلمين .. فضلا عن المسلمين .. فهي تُشعرهم أن لهم إخواناً لا زالوا يشعرون بهم .. وإن بعُدت المسافات .. واختلفت اللغات .. وتعددت الجنسيات ..
وعذراً للإطالة .. وعدم ترتيب الأفكار ..
تحياتي ،،،
الروابط المفضلة