القيرقعاان
( بدعة التسول الجماعي )
وأعني بالبدعة: التعريف الشرعي والحكم على هذا الفعل.[1]
و التسول: أعني به المسألة من الناس وسؤالهم.
هذا بالنسبة للعنوان أما تفاصيل هذا البحث فنتناول مسألة تقع على الساحل الشرقي
للخليج العربي ويعتاد الناس فعلها، في يوم معين من كل سنة وهي مسالة ( القرقيعان
في البداية أحب أن أوضح للقارئ بأن القرقيعان كلمة ليس لها وجود في معاجم اللغة
العربية بل هي كلمة عامية مقتبسة من معنى الفعل إذ القرقيعان من قرع الأبواب.
اعتاد الناس في يوم وليلة الخامس عشر من شعبان وبعضهم في الخامس عشر من رمضان أيضا
وهم الأكثر، بأن يحتفلوا إحتفالا عاما يشارك فيه الجميع الكبار والصغار الذكور والإناث
والمحلات التجارية وبعض الجمعيات والفنادق والأندية الرياضية.
توفير الحلويات والمكسرات بكميات كبيرة وما أكثر ما يعرض من الكميات التالفة وبعضهم
يجهزها على شكل علب ويختلف أسلوب العرض من محل لآخر بأسعار مختلفة على حسب التجهيز
والكمية والطلب، بل نافسة بعض الفنادق بالتجهيز الكامل والله المستعان.
ومشاركة الكبار وذلك يكون بالاستعداد والإعداد والتجهيزات بتوفير الحلوى والمكسرات قبل
الإحتفال بيومين أو أكثر من المحلات التجارية وتجهيز أكياس خاصة للصغار يضعونها على
رقابهم وكل هذا من اجل إعطاء السائلين.
وبالنسبة للصغار فإنهم يجعلون على أعناقهم وصدورهم كيساً قد أعد لهذه المناسبة. ثم يتجولون في الحارة أو القرية يقرعون الأبواب و يسألون الناس أن يعطوهم مما عندهم
سواء كان من الحلوى أو من المكسرات أو غير ذلك، وبعض الأغنياء يوزعون نقوداً.
ويقولون :
( قرقع قرقع قريقعان بين قصير ورمضان ). وقصير هذا يعنون به شهر شعبان
( قرقع قرقع قرقيعان ) يعني طرقاً طرقاً للأبواب ( أعطونا الله
يعطيكم، بيت مكه يوديكم، يا مكه يا المعمورة).
ثم بعد ذلك يعودون أدراجهم بهذا الكسب لأن حقائب الرقاب قد امتلأت بل ربما عاد إلى
البيت وفرغ الأولى ثم التحق بالركب إلى الدار التي وصلوها وهكذا حتى منتصف الليل.
مع العلم بأن قبل هذا اليوم وبعده لا يفعل شيٌ من ذلك وهكذا في كل عام، يستعدون
ويفعلون نفس هذا الأفعال ويرددون هذه الألفاظ
ولاشك أن للغالب أثراً على المغلوب لاسيما وهذا الغالب من الصليبين وقد عرفوا بالاهتمام
بأعيادهم وطقوسهم التعبدية ومنها الإحتفالات التي لها أفعال خاصة وأزمنة خاصة وبحكم
تواجدهم في المنطقة ووجود حامية لهم فيها فلا يمنع أنهم كانوا يقيمون شعائرهم ومنها
عيد الحلوين، وقيل عيد الهلوين، وقيل الباربار الذي يفعل كل سنة ويكون في أواخر شهر
أكتوبر ووصف عيد الهلوين كالتالي.
في هذا اليوم عندهم يجتمع الأطفال ويحملون معهم سلال ويتجولون على المنازل ويقرعون
الأبواب ويعطون الحلوى وإذا أعطوا شكروا المعطي وان حرموا ابدوا تذمرهم فأصدروا أفعالاً
و أقوالاً توضح ضجرهم.
فلعلها انتقلت بسببهم إلى المنطقة بحكم السيطرة والجوار، وتم مع الزمن تغيير بعض
الأفعال والعبارات فأصبح الإحتفال على الوضع الموجود ألآن والمسمى بالقرقيعان.
ولكن هناك من يستبعد نسبة هذا الإحتفال للنصارى ؟؟
أقول: لا يستبعد مثل هذا ولا يستغرب فهناك شَبه يولد إشتباه فترك الشُبهة مطلوب وأتباع اليقين سلامة في الخروج من مشابهة النصارى في أعيادهم
وغيرها.
ولقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من مشابهة الفرس وأهل الكتاب وأخبر أن الأمة
ستسلك مسلكهم وتتبع سننهم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال ( ثم لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع
فقيل يا رسول الله كفارس والروم فقال ومن الناس إلا أولئك )[5].
ودليلها أنه أتي رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في سنن أبي داود قال
نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلا ببوانة فأتى النبي صلى
الله عليه وسلم فقال( إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة فقال النبي صلى الله عليه وسلم
( هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد قالوا لا قال هل كان فيها عيد من أعيادهم قالوا لا قال رسول الله أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا
يملك بن آدم )[12]. ومن خلال هذا الحديث العظيم تتبين لنا أهمية مراعاة الأحوال المصاحبة للفعل؟ وقصد
الفاعل؟ ومن يشابه؟
فقوله صلى الله عليه وسلم هل فيها وثن مراعاة للمكان وقوله هل فيها عيد مراعاة للزمان.
فسال عن الزمان؟ والمكان؟.
• و أما إن كانت هذه العادة من فعل المسلمين.
فينظر هل هي تخالف أصل متفق عليه ؟
أو شيئا من النصوص الشرعية ؟
فان وجد مخالفة فمردودة، لما ورد في الصحيحين من حديث عائشة قالت قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ).[13]
وفي لفظ لمسلم قال صلى الله عليه وسلم ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ).[14]
وهذه الرواية بوب لها النووي في شرح صحيح مسلم.
( باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور).[15]
ولقوله صلى الله عليه وسلم ( وما نهيتكم عنه فانتهوا ).[16]
وإن لم يوجد مانع، فحكمها إذاً الجواز لأنها من الأمور المباحة التي لا تمنعها الشريعة
ولا تأمر بها.
وبعد هذه القواعد والضوابط الشرعية في أفعال العباد:
نسأل عن هذا الإحتفال هل هو من احتفالات المسلمين؟
أو من احتفالات غيرهم؟
إن ثبت أنها من فعل غير المسلمين كالنصارى فهذه لا تجوز بحال وان تغيرت الأحوال
أو الأفعال والأقوال إذ العبرة بالأصل فإذا كان الأصل فاسد فكيف يبنى عليه غيره والنبي
صلى الله عليه وسلم نهى وحذر من مشابهة اليهود و النصارى في سائر أحوالهم فما بالك
فيما يتعلق بدينهم وأعيادهم فلاشك أن التحذير منه اشد.
والدليل على ذلك ما حذر منه رسول الهدى عن مشابهة عموم المشركين والكافرين وأهل
البدع.
قال البخاري صحيحه باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لتتبعن سنن من كان قبلكم عن
أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ثم لا تقوم الساعة حتى
تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع فقيل يا رسول الله كفارس والروم فقال ومن الناس إلا أولئك).[17]
وعن أبي سعيد الخدري قال قال رسول صلى الله عليه وسلم ( ثم لتتبعن سنن من كان قبلكم
شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن)[18].
و كما روى أبو داود في سننه عن بن عمر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من تشبه بقوم فهو منهم )[19].
قال ابن كثير من تشبه بقوم فهو منهم ففيه دلالة على النهي الشديد والتهديد والوعيد
على التشبه بالكفار في أقوالهم وأفعالهم ولباسهم وأعيادهم وعباداتهم وغير ذلك من
أمورهم التي لم تشرع لنا ولا نقر عليها.[20]
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من تشبه بقوم فهو منهم أو حشر معهم
فقيل من تشبه بهم في أفعالهم وقيل من تشبه بهم في هيئاتهم.[21]
قال شيخ الإسلام: وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من تشبه بقوم فهو منهم
) وقد روى البيهقي بإسناد صحيح في باب كراهية الدخول على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم
والتشبه بهم يوم نيروزهم ومهرجانهم عن سفيان الثوري عن ثور بن يزيد عن عطاء بن دينار
قال قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا تعلموا رطانة الأعاجم ولا تدخلوا على المشركين
في كنائسهم يوم عيدهم فان السخط ينزل عليهم فهذا عمر قد نهى عن تعلم لسانهم وعن مجرد
دخول الكنيسة عليهم يوم عيدهم فكيف من يفعل بعض أفعالهم أو قصد ما هو من مقتضيات
دينهم أليست موافقتهم في العمل أعظم من موافقتهم في اللغة أو ليس عمل بعض أعمال عيدهم
أعظم من مجرد الدخول عليهم في عيدهم وإذا كان السخط ينزل عليهم يوم عيدهم بسبب عملهم
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من تشبه بقوم فهو منهم ).
فإن قال قائل: أنا لا نقصد التشبه بهم فيقال له: نفس الموافقة والمشاركة لهم في
أعيادهم ومواسمهم حرام بدليل ما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
نهى عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت غروبها وقال صلى الله عليه وسلم:
( إنها تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار ) والمصلي لا يقصد ذلك، إذ لو
قصده كفر لكن نفس الموافقة والمشاركة لهم في ذلك حرام.[23] هـ وهذ الحكم ينطبق على هذا الاحتفال.
فلماذا هذا الإبتهاج والسرور وتخصيصه في هذه الأيام بالفرح فيها والمرح بها ولبس
الجديد والإستعداد كالعيد من شراء المكسرات والحلويات وغيرها من الاستعدادات والتوسعة
في المآكل
وما كنت أظن أن هذا الإحتفال يصل به الإحتفاء والتعظيم والإستعداد لهذه الدرجة.
وقبل أن أنقل كلام أهل العلم في حكم هذا الإحتفال.
أقول مستعينا بالله في الرد على هذه النقول وهذه المقالات التي كتبت في هذه الجرائد
من بعض الناس وهي تدور على الأتي:
أن هذا الإحتفال يعتبر من العادات الاجتماعية الجميلة التي يجب أن نشيد بها إذ يظهر
فيها التكافل الإجتماعي.
والترابط الأسرى.
والسخاء.
والكرم. والعطاء.
فهي عادة كسائر العادات مثل أنواع الأكلات والأطعمة كما قال بعضهم.
وبعضهم يقول هذا فلكلور شعبي موروث من الأجداد ؟! ولا علاقة له بالدين وليس تشبه
بالنصارى وأعيادهم ولا بالرافضة وموالدهم و إنما عادة ربى عليها الصغير وشاب عليها
الكبير فلماذا النكير والتحذير.
ومنهم من يقول عيد الأطفال.
ومنهم من يقول ليلة مفتوحة وغير ذلك مما تقدم.
• أقف هنا وقفات مع بعض النقول التي تقدمت، من بعض الكتاب الذين تدفعهم رغبة الكتابة
للكتابة دون النظر عن ماذا يكتب؟
وما حكم ما يكتب؟
ولمن يكتب؟
قال تعالى( ستكتب شهادتهم ويسالون)[28].
وأي تكافل وهو تغافل وتجاهل لأحاسيس الأطفال.
• ثم إنه لمن التناقض أن يحث الأبناء على المسالة وقرع أبواب الناس؟
ثم ينهى عن أن يسال الناس شيء بعد ذلك!!!
• ثم ما وجه تشبيهها بالأكلات الشعبية كالهريسة!! وغيرها فسقوط هذا القول كاف في الرد
عليه.
• ثم لماذا نمرر لبعض البدع والمخالفات الشرعية.
تحت ستار ما يسمى بالفلكلور الشعبي، أو العادات، أو بالموروث عن الأجداد.
إن ما سار عليه الأجداد من أمورٍ حميدة حث عليها الشرع لا بأس بالإقتداء بهم لحث
الشرع عليها و أما ما هو مخالف لا عذر لنا في تركه وقد تبين لنا حكمه عفا الله عنا
وعنهم..
يقول الإمام الذهبي:
لا يقول جاهل أفرح أطفالي.
أفما وجدت يا مسلم ما تفرحهم به إلا بما يسخط الرحمن ويرضي الشيطان وهو شعار الكفر
والطغيان.
فبئس المربي أنت! ولكن هكذا تربيت.
وهناك أسباب تجعل هذا الاحتفال لا يجوز:
فسبب كونه لا يجوز:
لأن تكرار هذا الإحتفال في كل سنة في يوم معين بهيئة خاصة لمن البدع في الدين التي
حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ تحديد فعل مخصوص بزمان مخصوص من المحدثات
لأن فيه مضاهاة للأعياد الإسلامية المعروفة ومن أحدث عيدا غيرها فهو مبتدع و إنما
سمي العيد عيدا من العود والتكرار ومن أسماء هذا الإحتفال عندهم (حال وعاد ).
قال شيخ الإسلام: العيد اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد عائدا إما
بعود السنة أو بعود الأسبوع أو الشهر ونحو ذلك.[30]
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى العيد ما يعتاد مجيئه وقصده من زمان ومكان مأخوذ
من المعاودة والاعتياد.[31]
ومما جعلته لا يجوز:
لإن هذه الساعة التي ينشرون فيها صبيانهم هي من ساعات الشياطين التي يخشى على الأطفال
أن يصيبهم أذنً فيها بل امرنا أن نحبس الصبيان هذه الساعة.
الصفحه لاتكفي والتكمله تحت
وشكرا
الروابط المفضلة