- 4 -
المتكلمون بالدين
اللواء الركن محمود شيت خطاب
رحمه الله تعالى
أمتنا تفتقر إلى علماء عاملين لا إلى علماء قوالين
والمتكلم بالدين – في أول مزاياه- أن يكون عالماً متيناً، عاملاً بعلمه، يثق بأن تعليم الإسلام أعظم التعاليم وأنقاها وأقدرها عل معالجة مشاكل الحياة. فإذا لم يكن عالماً متيناً ، فإنه يهرف بما لا يعرف، ويفتي بما لا يعلم، ويقود إلى الضلال لا إلى الهدى. وإذا لم يكن عاملاً بعلمه، فإنه لا يؤثر في الناس، ولا يكون قدوة حسنة لهم يقتدون به ويقتفون آثاره. وإذا لم يكن مؤمناً غاية الإيمان بعظمة هذا الدين وصلاحيته مرشداً في الحياة الدنيا وهادياً إلى الطريق المستقيم الذي يؤدي إلى الجنة، فإنه يكون متحمساً ولا يصدر عن قناعة تامة وإيمان عظيم.
ولو سئلت: أيّهما تُفضل عالم متين لا يعمل بعلمه أو يعمل ببعضه، أو عالم أقل من الأول علماً وأكثر عملاً؟ لأجبت بدون تردد: أفضل الأقل علماً الأكثر عملاً؛ لأننا بحاجة إلى علماء عاملين لا إلى علماء قوالين!. ومن أعجب العجب في أمر هذا الدين العظيم أن كثيراً ممن نشروا الدعوة شرقاً وغرباً كانوا تجاراً يجوبون الأقطار، علمهم قليل، ولكنهم كانوا مثالاً رائعاً لتطبيق تعاليم الإسلام ومبادئه، فكانوا بسيرتهم الحميدة مثالاً شخصياً لغيرهم من المسلمين وغير المسلمين أيضاً. وقد قال غير المسلمين لأنفسهم: لو لم يكن دين هؤلاء عظيماً، لما كانت سيرتهم عظيمة. وهكذا أقبلوا على الإسلام، ودخلوا في دين الله أفواجا.
أعرف رجالاً صالحين علمهم قليل، ولكن عملهم صالح، استطاعوا أن يستقطبوا كثيراً من الناس، يلتفون حولهم، ويقتبسون منهم العمل الصالح، ويتوجهون إلى الله بعقولهم وقلوبهم. وأعرف علماء من الطراز الأول علماً وتفقها، ولكنهم منصرفون إلى كتبهم وسمعتهم التي لا يحسدون عليها.
الروابط المفضلة