بسم الله الرحمن الرحيم
نكمل تلك الرسالة العظيمة رسالة تحكيم القوانين للشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله
يقول الشيخ رحمه الله تعالى:
*وعكس ما عليه القانونيون من حكمهم على القانون بحاجة العالم (بل ضرورتهم)إلى التحاكم إليه،وهذا سوء ظن صرف بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم،
معنى هذا أن من يقول لابد أن نتحاكم إلى القوانين في أي شيء..سواء في قانون العقوبات كما يسمونها أو الجزاء أو في القانون المدني أو القانون التجاري أو في المعاملات العمالية أو أي جانب من ذلك..فإنه ينطبق عليه أنهم يسيئون الظن ويتنقصون ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ..لأن معنى كلامهم أن الله سبحانه وتعالى إما أنه لم يعلم بأن العصر سيتغير وأن الأحوال سوف تتطور-فمن قال ذلك أو اعتقده فقد كفر-...أو أنه يقول بأنه يعلم ولكن ما أنزل في ذلك أحكاما فيكون –وتعالى الله عن ذلك- قد تركنا هملا في أمور عظيمة نحتاجها ويكون هذا الكتاب ليس فيه تفصيل كل شيء ويكون أمره بأن نحتكم إلى الله ورسوله في كل شيء وأن نرد ما تنازعنا فيه من شيء إلى الله..يكون ذلك كله لغو لأنه يأمرنا أن نرجع إليه في كل شيء في حين أنه لم يبين ولم ينزل أحكاما لكل شيء وهذا تناقض لا يفعله أي عاقل فكيف بالله-تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا-..فهو سبحانه العليم الحكيم وهو الذي أمرنا أن نجتهد وجعل للمجتهد المصيب أجرين وللمخطيء أجر حتى نستنبط الأحكام من هذا الكتاب..ولا يمكن أن يقع شيء خارج عن هذا الكتاب أبدا..
يقول الشيخ:
ومحض استنقاص لبيان الله ورسوله،والحكم عليه بعدم الكفاية للناس عند التنازع،وسوء العاقبة في الدنيا والآخرة إن هذا لازم لهم.
أي لابد أن يلزمهم أنهم ينتقصون الكتاب والسنة ويحكمون عليهما بعدم الكفاية..أو يذعنوا ويسلموا الأمر إلى شرع الله..
يقول:
*وتأمل أيضا في الآية الثانية من العموم،وذلك في قوله تعالى ((فيما شجر بينهم))فإن اسم الموصول
واسم الموصول هنا هو "ما" وهو بمعنى الذي ..واسم الموصول وصلته من صيغ العموم عند الأصوليين..
يقول:
مع صلته مع صيغ العموم عند الأصوليين وغيرهم،وذلك العموم والشمول هو من ناحية الأجناس والأنواع،كما أنه من ناحية القدر
يعني من ناحية النوع مالا أو عرضا أو دما أو حقوقا بين الدول أو بين الدولة والفرد أو بين جماعة وجماعة أو بين فرد وفرد أيا كانت..كل ذلك داخل من ناحية النوع..ومن ناحية المقدار في ريال في مليون في فلس في درهم في مائة دينار..مليارات....الخ..كل ذلك يدخل في عموم قوله "فيما شجر بينهم"..
يقول رحمه الله:
فلا فرق بين نوع ونوع ،كما أنه لا فرق بين القليل والكثير ،وقد نفى الله الإيمان عن من أراد التحاكم إلى غير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم،من المنافقين كما قال تعالى ((ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلاالا بعيدا))
فإن قوله تعالى((يزعمون)) تكذيب لهم فيما ادعوه من الإيمان ،فإنه لا يجتمع التحاكم إلى غير ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم،مع الإيمان في قلب عبد أصلا،بل أحدهما ينافي الآخر،
وانظروا في بداية الآية إلى قول "ألم تر"..هذا أسلوب يستلفت الذهن والفكر..أي انظر، تأمل ، تعجب ..أيها المخاطب.. ثم قال "يزعمون" ..هم لم يؤمنوا حقيقة ولكنهم يزعمون والزعم هو الكذب ..فلان يزعم كذا أي يقوله ولا صحة لقوله..
ثم لاحظوا كلمة "يريدون"..يعني هم إلى الآن ما تحاكموا أصلا ولم يرجعوا إليه ولم يلزموا الناس به بالقوة كما في كثير من الدول اليوم.. ولكنهم (((((يريدون))))) مجرد يريدون ويستسيغون ذلك ويرون أنه لا بأس به ..ومع ذلك نفى عنهم الإيمان ووصفهم بالضلال..لمجرد أنهم يريدون..وكما قال أهل العم بأن الأمر يتعلق بالإرادة فإن الإنسان قد يكفر وإن لم يفعل الكفر فإذا أراد الإنسان الكفر فإنه يكفر بذلك فلو استحله مثلا كفر..
مثال على ذلك مثلا بعض الناس لا بنك لديه بل ولا درهم ولا دينار ولكنه يدافع عن أكلة الربا وعن البنوك..فمجرد كونه دافع عنهم فحاله مثل حالهم وعليه من الإثم مثل الذي عليهم ..فإن استحلوا أكل الربا ودافع عنهم فإنه يكفر وإن لم يأكل الربا...وهكذا..
يقول الشيخ:
والطاغوت مشتق من الطغيان ،وهو:مجاوزة الحد.
فكل من حكم بغير ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم،أو حاكم إلى غير ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم،
فقد حكم بالطاغوت وحاكم إليه.
*وذلك أن من حق كل أحد
"من حقه"
يعني من واجبه
يقول:
أن يكون حاكما بما جاء به النبي فكل من حكم بغير ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم،أو حاكم إلى غير ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم،
،فقط لا بخلافه
فلا يحق لأحد أن يحكم أو يريد التحاكم إلى خلاف ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم..
يقول رحمه الله:
كما أن من حق كل أحد أن يحاكم إلى ما جاء به النبي فكل من حكم بغير ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم،أو حاكم إلى غير ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ،فمن حكم بخلافه أو حاكم إلى خلافه فقد طغى وجاوز حده حكما أو تحكيما ،
فصار بذلك طاغوتا لتجاوزه حده..
إما أن يكون هو طاغوتا تجاوز حده وافترى على الله الكذب وقال أنا أشرع للناس ما فيه المصلحة ..واعترض على أحكام الله فمثلا يعترضون على حد الرجم للزاني وبعضهم تجرأ وقال إن في الرجم وحشية-نعوذ بالله من المكفر والضلال-فيضعون مثلا بدل الرجم غرامة وسجن مثلا..فمن شرع مثل ذلك فهو طاغوت..تجاوز حده..
والله تعالى أعلم،،،
ونكمل في المرات القادمة إن شاء الله
الروابط المفضلة