بسم الله الرحمن الرحيم
ذكرنا في المرة السابقة كيف حدث التحول والنقلة الهائلة في المجتمع الأوروبي وكيف استغل اليهود تلك النقلة لتوظيفها في مصالحهم..حتى أصبحوا هم الرأسماليين الذين يملكون رؤوس الأموال..ويستحوذون على أكبر المبالغ المالية التي يمكن أن تمتلك..فجاءت الدعوة إلى الديمقراطية..
وقد كان الغربيون عموما إذا أرادوا أن يخرجوا عن الدين نظروا كيف كانت الحياة قبل وجود الدين فوجدوا الحضارة الرومانية واليونانية..وعندما نظروا في طريقة الرومان واليونان في الحكم وجدوا تجربة يرون أنها مفيدة وهي طريقة اليونان في الحكم..
فاليونانيون من أهل مدينة أثينا..اجتمعوا في السابق وأرادوا أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم.. ولأن المجتمع صغير..فقد كان ذلك في البداية أمرا سهلا أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم..فهم الذين يشرعون القوانين وينظمونها بشكل دقيق بالنسبة لهم..ولكن المجتمع الأوروبي يختلف عن مدينة أثينا فهو كبير الحجم واسع الأرجاء..فما ينفع أن يشارك فيه الناس كلهم-كما حصل عند اليونانيين-فأين المكان الذي يستطيع أن يجتمع فيه المجتمع الأوروبي؟..ثم من الذي سيسمع لهم كلهم؟..ومن يستطيع أن يأخذ بآرائهم جميعا؟..ومن ينظم هذه الأصوات؟..
فاقتضى ذلك وجود نواب عن الشعب...
إذا الديمقراطية تعريفها وحقيقتها هي أن تكون السيادة وأن يكون الحكم والتشريع للشعب نفسه..فالشعوب كما يقولون هي التي تملك حق المصير بالنسبة لها وهي التي تقرر شرائعها بنفسها....
ولأن الشعوب كبيرة وبالملايين..فكيف يمكن أن يختزل رأي الملايين هؤلاء؟؟..
يمكن أن يختزل عن طريق نواب أو ما يسمى "المجالس النيابية"..
وصورة المجالس النيابية هي أن توزع كل دولة إلى أقاليم..وكل إقليم يكون له مجلس ينوب عنه..فهذا الإقليم يكون مجلس..والآخر يكون مجلس والثالث مجلس....وهكذا..ثم كل مجلس يكون له نائب واحد ينوب عنه في مجلس واحد عام يسن القوانين والتشريعات..
وفي كل مرة من المرات يصير هناك انتخابات من الفئة الأساسية من المجتمع-العامة-تنتخب هؤلاء الأشخاص الذين يمثلونها عند الحكومة..ولهذا كل واحد من المرشحين من النواب يحاول يرضي منتخبيه قدر المستطاع..
لأنه إذا لم يرضهم ..حينئذ في العام الذي يليه سينتخبون غيره..لذا فإن الحملات الانتخابية فكرتها أن تنظر ماذا يريد هؤلاء الناس وتعدهم بتحسينات في الأوضاع وتعديلات وهكذا..
إذا تكونت الديمقراطية بهذه الطريقة..والمجالس النيابية هي التي تشرع القوانين للناس..
طيب..قد يقول قائل..وماذا في هذا؟؟!..وإذا كان هناك مجالس تشرع للناس ماذا في هذا؟!..
أقول لو نظرنا في الديمقراطية لوجدنا أنها تضع الدين جانبا..فالمرشح هو على حسب إرادة الجمهور فقد يكون مسلم أو غير مسلم لا يهم كما أنه يصوت بما يريد الجمهور سواء وافق الشرع أو لم يوافق فالمجالس النيابية ترى أن من حقها سن التشريعات والقوانين للناس في أمورهم الخاصة والعامة..وحينئذ لو طرح قضية مثل شرب الخمر فإنه يحق للمجالس النيابية هذه أن تحله أو تحرمه..بناء على ما يريد الشعب.. فإذا أراد الشعب تحليله جعلوا له قانونا يسمح بالخمور..أما إذا لم يرغب الشعب فيه..فعندئذ يوضع قانون يحرمه ويمنعه!!..
فالمشرع في الديمقراطية هو غير الله..حيث أن الشعب نفسه هو الذي يشرع هذه القوانين..
ولهذا فرح الغرب فرحا كبيرا بالديمقراطية..ما السبب؟
السبب في فرح الغرب بالديمقراطية بل إنه أصبح يعدها من أعظم مفاخره الإنسانية ..أن المجتمعات الأوربية كما ذكرنا سابقا كانت تحت سلطة الإقطاعيين وديكتاتوريتهم..بينما الديمقراطية استطاعت تجاوز الإقطاعيين حتى أعطت الشعوب حق التعليم والانتقال من مكان إلى مكان ولهذا من شعارات الثورة الفرنسية "دعه يمر إلى حيث يشاء ويعمل ما يشاء"..وأعطت الشعوب أيضا حق الانتقاد والتفكير والانتخاب والمشاركة السياسية..
فهذه الأمور أفرحتهم وحررتهم من جبر نظام الإقطاع وتسلطه..
ما هي عيوب الديمقراطية؟
ما الفرق بين الديمقراطية والشورى الإسلامية؟
ديمقراطية أم هي في حقيقتها ديكتاتورية؟..كيف؟
نكمل في الحلقات القادمة إن شاء الله تعالى..
الروابط المفضلة