11. أن في قيادة المرأة للسيارة فتحاً لباب مسدود أمام النساء المنحطات في دينهن وخلقهن في زيادة الشر ونشر الرذيلة في المجتمع ، وفي منعهن عن القيادة تضييق لهن عن التوسع في ذلك ، وهذا هو الواجب .
12. أن قيادة المرأة للسيارة من دواعي زيادة اعتماد الرجل على زوجته في قضاء حاجيات البيت كتوصيل الأولاد إلى المدرسة وزيارة الأقارب وشراء الأغراض المنـزلية ونحو ذلك من الأمور التي ربما تتطلب السفر إلى المدن المجاورة ، وفي هذا من إرهاق المرأة بالواجبات المنـزلية ما لا يخفى .
وهنا قد يقول قائل : أن المرأة في بيتها أميرة ومديرة ومدبرة لشؤون حياتها الزوجية ، وهذا يقتضي السماح لها بقيادة السيارة لتغطية حاجياتها المنـزلية !
فنقول إن هذا الاقتضاء غير صحيح ، فإن المرأة إن كانت ذات زوج فزوجها مسؤول عن تأمين حاجاتها من خارج منـزلها كما قال تعالى (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) ، وإن لم تكن ذات زوج فأهلها من الرجال مسؤولون عن ذلك ، وقد يكون لديها أو لدى زوجها من اليسار ما يمكِّنه من تأمين خادم يقوم بتلبية طلبات المنـزل من خارجه.
13. أن في اعتماد الرجال على النساء في قضاء حاجيات البيت ضرراً على الرجال أنفسهم ، من جهة أن في ذلك ذوباناً لشخصياتهم أمام الأولاد وأمام المرأة أيضا ، ونقص الغيرة والرجولة ، وعدم هيبة الأولاد لهم ، بخلاف ما لو كان الرجل هو القائم على شئون البيت الداخلية والخارجية فإنه سيكون له مكانة في البيت ، والعكس بالعكس .
14. أن قيادة المرأة للسيارة وما يلحق ذلك من كثرة الخروج من المنـزل يترتب عليه أيضا تفريط في حق البيت والأولاد بقدر ما تخرج ربته منه ، ومن المعلوم أن العناية بشئون البيت هي الوظيفة الأساسية للمرأة المسلمة ، ونحن نرى الآن ثمرات خروج المرأة للعمل لفترة بسيطة محددة ، كالتدريس مثلا ، فأصبحت التربية والحضانة في كثير من بيوت الموظفات من مهمات الخدم ، وغالبهم من الأعاجم الذين لا يحسنون تربية الأولاد ، وربما كانوا من النصارى أو الوثنيين ! وهنا تكون المصائب الثلاث : الأولى أن الأب لا يقوم بشؤون بيته ، والأم لا تقوم بشؤون منـزلها ، والأولاد بيد الخدم ، ومن ثم على المجتمع السلام .
15. أن إقبال بعض النساء – هداهن الله – على قيادة السيارة ليس نابعا من حاجتهن لذلك ، وإنما هو تقليد للغرب الكافر ، أو بدافع الإعجاب بالنفس وحب الظهور والتفاخر أمام بنات جنسهن ، فالدافع هو اتباع الهوى ، ليس إلا ، وقد نهى الله عموم الناس عن اتباع الهوى فقال (ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله). والواجب أن يكون الإنسان معتزا بعاداته التي ليس فيها مخالفة للشريعة ، وألا يكون ذنبا لغيره ، فهذا ضعف وخور ، وذل وتبعية ، كيف والأمر مرتبط بدينه وآخرته ؟
وفي هذا أيضا إجابة أيضا على المطالبين بقيادة المرأة للسيارة بحجة كثرة السائقين الأجانب ! إذ أن الحال في دول الخليج التي سمحت بقيادة المرأة خير شاهد على بطلان هذا الكلام ، ففي الوقت الذي تقود المرأة عندهم السيارة يوجد السائقون في معظم البيوت ، بسبب أن قيادة المرأة كما ذكرنا لم تكن للحاجة - كما يذكر المطالبون بها عندنا - بل كانت من قبيل الترفه ، فلم يستغنوا بها عن السائق الأجنبي.
16. أنه مما لا شك فيه أن حوادث السيارات أمر منتشر كثيرا في المدن ، وفي قيادة المرأة للسيارة مضاعفة لتلك الحوادث لأن عدد السيارات سيزيد تلقائيا ، كيف وقد عُلم أن المرأة ضعيفة السيطرة على نفسها فضلا عن سيارتها ، خصوصا إذا حصل لها شيء من الأمور التي تعرُض لكل قائد سيارة كانفجار إطار أو اعتراض شخص أو سيارة أمامها ، فإذا داهمها الخطر عجزت عن التصرف ، وربما هلكت أو أهلكت ، ناهيك عما يحصل في الحوادث من الترويع وانكشاف العورات ، والله الحافظ .
17. أن قيادة المرأة للسيارة سيترتب عليها زيادة أعباء مالية على كاهل الأسرة ، وذلك بقيمة السيارة وما يلحق ذلك من مصاريف الوقود والصيانة ونحو ذلك ، لا سيما والمرأة بطبيعتها تحب الكمال في كل حاجاتها ، فلعلها كلما ظهر طراز جديد من السيارات أصرت على شرائه ولو كلفها ذلك مالاً كثيراً ، وقد أمر الله بالاقتصاد في الإنفاق ، قال تعالى (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) ، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم إني أسألك القصد في الغنى والفقر ".
18. أن زيادة الأعباء المالية على الأسرة ستضطر المرأة إلى البحث عن وظيفة لتجد منها دخلا يسد الأعباء المالية الجديدة ، وهذا فيه زيادة أعباء مالية وبدنية على المرأة ، كما أن فيه تفريطاً بحقوق البيت الذي تركته للخدم بدون حاجة ماسة .
19. أن في قيادة المرأة للسيارة فتح باب لشرور كثيرة أخرى ! فمن ذلك فقدان الاستقرار البيتي ، والسفر بدون محرم ، والخلوة بالرجال الأجانب ، ولن يستطيع أحد أن يضبط ذلك كله لا أهل الحسبة ولا رب البيت ولا حتى ولي الأمر ، بخلاف المرأة اللازمة بيتها فإن أولادها سيشعرون بدفء الأمومة وجمال الاستقرار البيتي ، وتربيتهم على العفة والحياء ، وشعورهم بمكانة والدهم في البيت ، ووجود الترابط فيما بينهم لكثرة اجتماعهم في البيت بخلاف الأسرة التي لا يعرف كل واحد فيها أين مكان الآخر !
20. أن في المطالبة بقيادة المرأة معصية لولاة الأمور وهم الأمراء والعلماء ، فأما الأمراء فقد بين الأمير نايف بن عبد العزيز حفظه الله - رجل الأمن الأول – أن هذا الأمر مرفوض جملة وتفصيلا في مجتمعنا ، وليس عند الحكومة أدنى توجه لذلك بل التوجه نحو محاربته ، لأنه سيسبب زيادة في معدلات الجريمة والاعتداء .
وأما العلماء فقد أفتى السادة العلماء أئمة الدين الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ عبد الرزاق عفيفي والشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمهم الله والشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين والشيخ صالح بن فوزان آل فوزان وغيرهم حفظهم الله من أهل العلم والخبرة والعدل والإنصاف والنظر في عواقب الأمور والحرص على حماية أديان الناس وأعراضهم بتحريم ذلك ، فالواجب طاعتهم لأنهم أمروا بطاعة الله ، قال تعالى (ولو ردوه إلى الله والرسول وأولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : " من يطع أميري فقد أطاعني ، ومن عصا أميري فقد عصاني" ، والله أعلم .
وخلاصة القول خمسة أمور :
1. أن قيادة المرأة للسيارة تعتبر وسيلة عظيمة لحصول الشرور ، ومن قواعد الشريعة أن ما كان وسيلة إلى محرم فهو محرم ، فالواجب على المسلم أن يبتعد عما يقربه إلى الشر والهلاك وعما فيه مضرة له في دينه ، لقول ربنا تبارك وتعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه ".
2. أن واقع النساء في البلاد التي تقود فيها المرأة السيارة خير شاهد على ما قررنا آنفا ، فالواجب الحذر وألا يجعل الإنسان نفسه محطة تجارب لربما أوبقت دنياه وآخرته ، وكانت عاقبتها سيئة على سمعته وعرضه ، والعاقل من اتعظ بغيره لا من اتعظ بنفسه .
3. إن أمر قيادة المرأة للسيارة هي خطوة أولى ستتبعها خطوات كثيرة ، وحبة أولى في عقد إذا انفرط تلتها باقي الحبات ، والمعصوم من عصمه الله عز وجل .
4. أن الذين ينادون بقيادة المرأة للسيارة هم الذين ينادون بحرية المرأة ومساواتها بالرجل ، والحق أنهم يريدون بذلك حرية الوصول إليها ، والتمتع بها ، معترضين بذلك على شرع الله المنـزل ، وما جبلت عليه فطرة المرأة ، وما اتفق عليه السادة العلماء ، أئمة الدين في هذه البلاد حماها الله .
5. أن الذين يطالبون بذلك ليسوا من أهل الدين والاستقامة ، والجهاد والحسبة ، بل هم إما علمانيون يظهرون الإسلام ويبطنون التمرد على أحكام الشرع ، أو فساق يريدون التمتع بالمرأة ، أو جهال حسنوا النوايا ، لا يقدرون عواقب الأمور ، يمشون وراء كل ناعق بحجة الحضارة والمدنية – زعموا – والله الهادي .
شبهة والجواب عليها
يحتج بعضهم بالضرورة ، حيث أن هناك أسراً لا يوجد من يعولهم ، وأرامل لا ولي يقوم على شؤونهم ، والسماح لنساء هؤلاء بالقيادة فيه دفع لحاجتهم ، وتخفيف لضرورتهم !
قلت : وهذا القول باطل من أربعة وجوه :
1. أن أحكام الشرع مبنية على المصلحة الراجحة ، لا المغمورة ، ولا يشك عاقل في ترجح مفاسد قيادة المرأة للسيارة على مصالحها ، لكون المصلحة المذكورة تختص بفئة قليلة من المجتمع – لو سلمنا بذلك - ، بينما المفسدة عامة على المجتمع بأكمله ، فليس من العدل في شئ أن يُغض النظر عن المفاسد الكبيرة في سبيل تحقيق مصالح يسيرة .
2. أن غالب المطالبين والمطالبات بقيادة المرأة هم من الموسرين ، وليسوا من المعسرين ، بدليل أنك تجد عند الواحد منهم عدة سيارات ، بل لكل منهم في الغالب سائق أو عدة سائقين ، كما هو الحال في بعض الدول . فدل ذلك على أن هذه الحجة غير صحيحة ، وأن للمطالبين رغبات وأهدافاً أخرى ، وليس المقصود نصرة الأرامل فتلك شنشنة نعرفها من أخزم ، وإن وراء الأكمة ما وراءها !
3. أن الأرامل والمحتاجات في المجتمع لن يستفدن من السماح للمرأة بقيادة السيارة شيئا ، لأن غالبهن لا يستطيع شراء السيارة فضلاً عن تحمل تبعاتها لكونهن لا يستطعن تحمل تبعات بيوتهن أصلا !
4. أن أمهات الأسر الفقيرة إذا كن بحاجة إلى قيادة السيارة فليحضرن سائقاً يقضين به ضرورتهن - مع عدم الخلوة بهن بحال من الأحوال .
5. أن كثيرا من حاجات النقل الضرورية للأسرة قد وفرتها الدولة حفظها الله ، فالتعليم العام والجامعي يتوفر فيه حافلات نقل مجانية ، والمستشفيات قد وفرت لها الدولة سيارات الإسعاف لنقل المرضى من أي مكان في البلد إلى المستشفيات ، فضلا عن الجمعيات الخيرية التي تقوم على الأسر المحتاجة ، والترابط الاجتماعي المتميز في هذا البلد بين غالب الأقارب والجيران .
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الروابط المفضلة