بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-

نكمل اليوم ما بدأناه من هذه الحلقات .. ومع خيانة بائع الجولان والقنيطرة وسفّاح حماة وحلب ..

حينما كان حافظ الأسد وزيراً للدفاع في يونية 1967م أبلغ القيادة المصرية العسكرية ، أن هناك حشوداً عسكرية يهودية على الحدود السورية ، وكان البلاغ كاذباً .

والتقطت القيادة السياسية المصرية الطعم واتخذت إجراءات كلها كانت في خدمة أهداف العدو ، قبل أن تتأكد من صحة الخبر الذي أشاعه النظام السوري ، وكانت نكسة يونيو 1967م .

أذاع حافظ الأسد بلاغ سقوط القنيطرة المدينة السورية عام 1967م في يد اليهود قبل أن تسقط ، وكان الجنود السوريون على مشارف طبرية ، وحينما اتصل وزير الصحة السوري عبدالرحمن الأكتع – وكان بالقرب من فيق – بحافظ الأسد ، وقال له : أنا قرب فيق والقنيطرة لم تسقط في يد اليهود ، رد عليه وزير الدفاع السوري بالشتائم الهابطة ، وعرف الناس أن بيان سقوط القنيطرة مدبّر ومخطط له . راجع : الطريق إلى بيت المقدس ، للدكتور جمال عبدالهادي ( 3 / 80 ) .

نشرت مجلة المجتمع الكويتية في العدد ( 304 ) لسنة 1396هـ ، أنه قد صدرت أوامر من وزير الدفاع السوري إلى قوات الجيش السوري بالانسحاب من الجولان قبل الهجوم اليهودي عليها ، بل إنها أخلتها من سكانها يوم 5 يونيو 1967م ، ولكن بعض العسكريين رفض ، وقاتل اليهود حتى قتل في موقعه .

والأنكى من ذلك أن مندوب سورية في الأمم المتحدة على المسلمين أُمِرَ بإعلان سقوط القنيطرة في يد اليهود قبل أن تسقط ، ولكن المندوب اليهودي كذّب ذلك ، وقال : إن شيئاً من ذلك لم يحصل !!

إذاً كيف سقطت القنيطرة درة الجولان ؟ ولماذا سقطت ؟!!

في كتاب سقوط الجولان للأستاذ خليل مصطفى – كان ضابط استخبارات في الجيش السوري ، وهو يعاني حالياً في أقبية النظام ألوان التعذيب منذ أحد عشر عاماً بعد أن تم خطفه من بيروت - .

يتحدى الأستاذ خليل مصطفى مستشهداً برأي رجال الجغرافيا وضباط الاستراتيجية العسكرية أن تقسط هضبة الجولان المنيعة بالحرب !! ويشير في القسم الثاني من الكتاب إلى أمور منها :-

1- هروب قائد الجبهة أحمد المير إلى دمشق يوم المعركة متنكراً على حمار ، متحاشياً الركوب في سيارته العسكرية لئلا يعرفه الجنود .

2- رفض رفعت الأسد وعزت جديد القيام بالهجوم المعاكس لصد العدو ، بينما ارتدا إلى القصور الآمنة في دمشق .

ويشير الكاتب إلى البيانات والتصريحات التي أطلقت قبل الحرب وخلالها .. فقبل الحرب بأسبوعين يعلن حافظ أسد وزير الدفاع : أن الوقت قد حان لخوض معركة فلسطين ، وأن القوات السورية أصبحت جاهزة ومستعدة ليس فقط لرد العدوان الإسرائيلي ، وإنما للمبادرة لعملية تحرير الذات ونسف الوجود الصهيوني من الوطن العربي . جريدة الثورة السورية يوم ( 20 / 5 / 1967م ) .

وفي نفس الوقت الذي كان وزير الدفاع يدلي فيه بهذا التصريح الخطير .. كان قد أصدر أوامره إلى محافظ القنيطرة عبد الحليم خدام بترحيل أُسر النصيريين جميعاً مع أمتعتهم إلى دمشق .

3- ثم يشير الكاتب في مكان آخر من الكتاب إلى بعض الأمور الأساسية ليثبت من ثم بالبراهين القطعية الدقيقة أن المؤامرة كانت معدة ومتفقاً عليها مسبقاً ، ويسوق الدليل تلو الدليل .. بدءاً بسحب قوات الطوارئ .. وانتهاء بالبلاغ رقم ( 66 ) الذي أعلن فيه وزير الدفاع آنذاك سقوط القنيطرة قبل سقوطها بعشرين ساعة !! ودخول اليهود إليها دون قتال .

وفي نفس الوقت طلب وزير الدفاع من الجيش الإنسحاب من الجولان ، ومن ثم لاذ الضباط وأفراد من الجيش بالفرار ، ليعلن النظام - وعلى رأسه صلاح جديد – انتصاره على اليهود طالما أن اليهود أخفقوا في إسقاط النظام !! ولاعبرة لسقوط الجبهة في نظر النصيريين طالما أنهم على رأس الحكم .. ثم ماذا ؟!!

لقد كوفئ وزير الدفاع ليصبح رئيساً للجمهورية ، بعد أن جسدت آمال اليهود في الجولان وفي فلسطين بوجود حافظ الأسد .. حافظ الأسد ..

ألقاب مملكة في غير موضعها **** كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد

كيف سقطت القنيطرة ؟

بالرجوع إلى وثائق وزارة الدفاع السورية قبل حرب يونيو عام 1967م ، يقف المراقب على أمور أساسية ، هي عبارة عن إستراتيجية السقوط التي رسمها النظام الطائفي آنذاك ، منها :-

1- تسريح الضباط المسلمين الأكفاء من الجيش السوري .

2- تعيين العسكريين من صبيان الطائفية في مراكز القوى العسكرية وقيادة الجبهة المواجهة للعدو اليهودي ، مثل الدرزي سليم حاطوم ، والنصيري عزت جديد ورفعت الأسد .

3- تسليم وزارة الدفاع ومؤسساتها لغير المسلمين من أبناء الأقليات الطائفية .

حافظ الأسد .. هذا الخائن الذي قتل مروان حديد وإخوانه .. وهو الذي فتح السجون للرجال والنساء ، وفي سجن تدمر انتهكت أعراض النساء المسلمات وحملن سفاحاً من جند الأسد .. وهو الذي أصدر الأوامر بتسوية مدينة حماة بالأرض بعد تدميرها وقتل كل من فيها من المسلمين ، ومن الذي قتل بنان علي الطنطاوي وزوجها في ألمانيا ؟؟ وهو الذي فتح ذراعيه لهنري كيسنجر اليهودي الأمريكي لتوقيع اتفاقية الفصل الثانية ..

نقل صاحب كتاب سقوط الجولان قول كبير المراقبين لهيئة الأمم المتحدة على المسلمين : أن كل شبر من أرض الجولان يساوي منجماً من الذهب لكثرة ما يغل من حبوب .. وأما المراقبون العسكريون فهم يرون في جبهة الجولان المنيعة تسعة خطوط .. ومع ذلك سقطت بسبب الخائن ..

ولا ينسى الناس تاريخ حزب البعث العربي الاشتراكي .. لقد كان أول حزب يفاوض اليهود عام 1958م .. ومن بعد منعوا الفدائيين من المورر من حدودهم إلى فلسطين المحتلة .. انظر : أمل والمخيمات الفلسطينية ( وجاء دور المجوس الجزء الثاني ) لعبد الله محمد الغريب ( ص 249 ) .

وإلى اللقاء في الحلقة القادمة ومع .. ذبح أهل السنة من الفلسطينيين واللبنانيين في تل الزعتر ، وبخيانة النصير عام 1976م ..

أخوكم : أبو عبد الله الذهبي ..