تأملات ووقفات (1) مناهج التعليم
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود قبل أن أشرع في المقالة أن أنبه الأخوة إلى ضرورة قراءة المقال كله لاستخلاص أفكاره والوقوف عليه ، فلعل القراءة المجنزأة أن تغير المراد ،،، وفقكم الله ،،
رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي ،،،
أبرزت الأحداث تياراً قوياً في الغرب وفي الولايات المتحدة خصوصاً يحذر من مناهج التعليم الإسلامية التي تغذي الإرهاب ورفض الآخر وتحرم التعايش السلمي ...إلى آخر تلك المعزوفة النشاز ، وظاهرهم على تولي كبر هذا الكيد بعض المحسوبين علينا من أبناء جلدتنا فنفخوا الأبواق منددين ومحذرين ، وكان نصيب مناهجنا في المملكة نصيب الأسد من هذه الحملة الشعواء ، مع أنه لم تسلم بلد من بلدان المسلمين من أوار ونار هذه الحملة الظالمة .
ولأجل الوقوف على هذا الموضوع الهام والخطير رأيت من الضرورة بمكان أن يطرح على بساط البحث والمناقشة ، وأريد أن أبين أنه يهمني هنا مناقشة بعض أقلام بني جلدتنا التي نادت بضرورة التغيير في المناهج فقط دون غيرها من أقلام الأعداء .
وأود البداية من خلال الأسئلة التالية :
هل كل مناهجنا تحتاج إلى إعادة نظر ؟
ومن يقيم المناهج ؟
ولماذا جاءت المناداة بالتغير في هذا الوقت بالذات ؟
أقول وبالله التوفيق :
تقرير قضية التغيير :
لا شك أن البشر في تطور مستمر ، وعجلة الحياة تدور إلى الأمام دائماً ، ولهذا التطور تبعاته من بروز علوم وتطور أخرى واندثار ثالثة وهكذا ، ولكن السؤال الذي ينبغي أن يطرح في هذا المقام هل كل العلوم تجري عليها هذه السُّنة ؟
من المعلوم عندنا أن الإسلام جاء شاملاً لكافة نواحي الحياة ، وتكفل الله تعالى أن يجعله صالحاً لكل زمان ومكان ، ومن هذا المنطلق نقول : إن العلوم ليست على درجة واحدة إذ هي على أقسام :
فهناك علوم محرم تعلمها وتعليمها ، بل قد يصل حكم تعلمها وتعليمها إلى الكفر كعلم السحر . فمثل هذا لا يستريب عاقل بأنه من العلوم المرفوضة شرعاً وعقلاً .
وهناك علوم ثابتة لا يمكن أن تتغير وهي تلك التي تتعلق بعقيدتنا وإيماننا من أركان الإيمان الستة إلى ما يتعلق بأبواب الإيمان ومتعلقاته ، فهذه عقيدة راسخة عليها نحيا وعليها نموت ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتغير أو أن تندثر أو تجرفها تيارات السنين وسوافي الأيام . بقي عندنا نوعان من العلوم ؛ العلوم الشرعية القائمة على الاجتهاد والنظر وهي التي تتعلق بحياة الناس وجاء الدليل فيها محتملاً لرأيين أو نظرين لا تلك التي فيها نصوص قاطعة بالتحليل أو التحريم ، فهذه- أعني المتغيرة- تتغير فيها الفتوى بتغير الزمان والمكان ، وتتنافس فيها الأفهام في التدليل والتعليل . وهناك العلوم التطبيقية والعلوم الإنسانية والتي لا تتصادم مع شريعة الله تعالى و تسعى إلى عمارة الكون بالصلاح والاستفادة من خيرات الأرض لصالح البشرية جمعاء فهذه أيضاً تحتاج من حين لآخر إلى إعادة نظر وترتيب وفق الحاجة والتطور .
ولنعد الآن إلى الأسئلة التي طرحتها في بداية هذه المقالة ، هل كل مناهجنا تحتاج إلى إعادة نظر ؟ والجواب يظهر مما سبق على حسب التفصيل السابق .
ولكن ما نراه أن الأسهم توجهت إلى الجانب الثابت الذي لا يمكن لنا أن نغيره إلا بأن ننسلخ من ديننا وعقيدتنا ، وصدق الحق تبارك وتعال { ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم } ، { ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء } ، { ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم } . ولم تتوجه إلى ما يتعلق بالجانب المتغير خصوصاً ما يتعلق بالعلوم التطبيقية والعلوم الإنسانية ، فحيث تثقل عقول أبنائنا بدراسة النظريات الرياضية والفزيائية ونحوها مما عفى عليها الزمن ، وتدرس من علوم الحاسب العلوم البدائية ، لا نجد من تلك الأقلام توجهاً جاداً نحو اقتراح التغيير ومواكبة العصر والتطور .
أما السؤال الثالث : لماذا جاءت المناداة في هذا الوقت ؟ فالإجابة عليها يعرفها الرضع من أطفالنا ، فالسبب الحقيقي وراء هذه الدعوة الماكرة هو الاستجابة لنداءات الغرب بأن مناهجنا الدينية تغذي الإرهاب !! وإني لأتساءل إن ثبت أكرر إن ثبت أن 19 شخصاً من أبنائنا هم وراء أحداث نيويورك وواشنطن فهل نحكم على مناهج تعلم 20000000 عشرين مليون شخص بأنها تغذي الإرهاب والتطرف ، بل على مناهج مليار مسلم ؟ ، وأرجع الكرة في ملعب تلك الأقلام : ما تقولون في مناهج أمة تغذي وتساعد دولة مستبدة محتلة ظالمة على شعب أعزل محروم ، وتحرم عليه أن يدافع عن نفسه ؟
ثم لماذا لم ينل الصين أو اليابان مثلاً هذا التطرف الذي تغذيه مناهجنا ؟
روى الإمام أحمد وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( يأتي على الناس سنوات خداعة يكذب فيها الصادق ويصدق فيها الكاذب ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين ويتكلم في الناس الرويبضة )) قيل : ومن الرويبضة يا رسول الله ؟ قال : (( التافه يتكلم في أمور العامة )) .
هذا زمن انقلاب الموازين ،،،
أما من يملك حق تغيير المناهج ، فأترك الإجابة عليه للأخوة والأخوات ، فما عساكم تقولون ؟!!!
أخوكم صوت الأحساء
الروابط المفضلة