هل للتغافل فن ؟؟
الحقيقة هي "نعم" ..
التغافل فن راق .. لا يتقنه الا محترفوا السعادة بإذن الله ..
وما نقصده بالتأكيد ليس التغافل عن الأمور الجيدة .. بل التغافل عن الأمور التي تضايق الإنسان
في حياته وتسبب له النكد والغضب ..
فمثلاً .. إذا كان هناك ازعاج شديد في البيت .. أصوات أطفال , مكنسة
كهربائية , شجارات , تفحيط في الشارع ،،
جرب أن تتغافل عن كل ذلك وتركز في أي عمل أنت في صدد القيام به .. او اشغل وقتك بأي
شيء .. وضع عقلك وذهنك في حالة "تغافل" تام عن كل ما يزعجه ..
جرب وحاول وستتعود على هذه القدرة والفن الرائع ..
التغافل جميل جداً .. خاصة عندما يكون حولك الكثير من ضغوطات الحياة ..
لا تركز في كل ما حولك من مضايقات .. بل اغفل عنها والتفت بعيداً ..
ان التركيز والتفكير في هذه الأمور وحديثك حولها بالشكوى والتذمر والتبرم يزيدك ألماً وتعباً ..
أما تغافلك عنها فيريح أعصابك .. ويمنحك طاقة لبقية يومك ..
حتى في حياتك الإجتماعية .. حاول أن تغفل عن بعض المكدرات .. مثل
سلوك هذا وكلام ذاك وماذا يقصد عندما قال ( ...... ) .. وسترتاح ..
من الصعب طبعاً أن تبقى في حالة غفلة أو تغافل تام طوال الوقت ..
كثيراً ما ينهار الانسان مهما حاول .. لكن التغافل أفضل من أن يبقى طوال الوقت متوتراً ..
وهو بالتأكيد لا يعني ان لا يحاول الإنسان ايجاد الحلول لمشاكله .. لكنه يفيد في التعامل مع
ضغوط الحياة البسيطة المتكررة والتي قد تدفعنا للجنون أحياناً ..
( تقول صاحبة المقال ) : أذكر فتاة
أعرفها .. كانت دائماً مبتسمة وسعيدة .. مهما حصل معها
من ظروف في دراستها أو مهما أساء البعض إليها .. كنت اعتقد أنها
لا تشعر بما يدور حولها ولا تهتم ..
لكنها أسرت لي ذات يوم :
" أنا أعرف كل ما يدور حولي .. لكني فقط اتغافل عنه ! "
تعجبت منها كثيراً .. وأدركت سر سعادتها وابتسامتها ..سبحان الله .. ..
فالتغافل لغةً : هو تعمد الغفلة ، و أرى من نفسه أنه غافلُ و ليس به غفلة
وهو تكلف الغفلة مع العلم والإدراك لما يتغافل عنه تكرماً وترفعاً عن سفاسف الأمور .
لا يخلو شخص من نقص ،ومن المستحيل يجد كل مايريده أحدنا في الطرف الآخر كاملاً..
كما أنه لا يكاد يمر وقت دون أن يشعر أحدنا بالضيق من تصرف عمله الآخر .
ولهذا على كل واحد منا تقبل الطرف الآخر والتغاضي عما لا يعجبه فيه من صفات ، أو طبائع ،
وكما قال الإمام أحمد بن حنبل "تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل".
قال الحسن: ما استقصى كريمٌ قط.
وقال سفيان: ما زال التغافل من شيم الكرام.
واعلم أن من الدهاء كل الدهاء التغافل عن كل ذنب لا تستطاع العقوبة عليه، ومن عداوة كل
عدو لا تقدر على الانتصار منه.
فأما التغافل عن ما لا يعني فهو العقل. وقد قال الحكماء: لا يكون المرء عاقلاً حتى يكون
عما لا يعنيه غافلاً.
لماذا سمي حاتم الأصم بذلك؟
قال أبو علي الدقاق: جاءت امرأة فسألت حاتماً عن مسألة ، فاتفق أنه خرج منها صوت في
تلك الحالة فخجلت
فقال حاتم : ارفعي صوتك فأوهمها أنه أصمّ فسرّت المرأة بذلك
وقالت : إنه لم يسمع الصوت فلقّب بحاتم الأصم. انتهى. [ مدارج السالكين ج2ص344 ] .
هذا الأدب الذي وقع من حاتم الأصم هو من أدب السادة . منقول
الروابط المفضلة