تأملت حرص النفس على ما منعت منه فرأيت حرصها يزيد على قدر قوة المنع, ورأيت في الشرب الأول أن أدم عليه السلام لما نهى على الشجرة, حرص عليها مع كثرة الأشجار المغنية عنها, وفى الأمثال" المرء حريص على ما منع, وتواق إلى ما لم ينل".
ويقال( لو أمر الناس بالجوع, لصبروا,و لو نهوا عن تفتيت البعر,لرغبوا فيه)),وقالوا: ما نهينا عنه إلا لشىء, وقد قيل {من البسيط}:
*وحب شىء إلى الإنسان ما منعا*
فلما بحثت عن سبب ذلك وجدت سببين:
أحدهما: أن النفس لا تصبر على الحصر’ فإنه يكفي حصرها في صورة البدن:
فإذا حصرت في المعنى بمنع, زاد طيشها.
ولهذا لو وقعد الإنسان في بيته شهراً, لم يصعب عليه.
ولو قيل له :لا تخرج من بيتك يوماً طال عليه.
والثاني:أنها يشق عليها الدخول تحت حكم, ولهذا تستلذُ الحرام, ولا تكاد تستطيب المباح, ولذلك يسهل عليها التعبد على ما ترى وتؤثر, لا على ما يؤثر.
الروابط المفضلة