أمهات تحت الأسر
يهل عيد الأم ولا تزال 80 أسيرة فلسطينية يقبعن داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي. الأسيرات الثمانون نقلنَ قبل شهر ونصف من سجن الرملة للنساء إلى سجن تلموند هشارون، ولا تزال 9 أمهات فلسطينيات يقبعن في السجن، إضافةً إلى طفلين, هما وائل ابن الأسيرة ميرفت طه، والآخر نور ابن الأسيرة منال غانم. ويوجد 6 قاصرات أقل من 18 عاماً داخل السجن.
وذكر تقرير صادر عن نادي الأسير الفلسطيني، تلقي المركز الصحافي الدولي في الهيئة العامة للاستعلامات نسخةً عنه، أنه تم اعتقال ما يقارب الـ 500 امرأة فلسطينية في السجون الإسرائيلية خلال الثلاث سنوات من انتفاضة الأقصى التي اندلعت في الثامن والعشرين من أيلول 2000، في أكبر حملة اعتقالات طالت المرأة الفلسطينية منذ عام 1967. وقد شهدت السجون الإسرائيلية عمليات قمع وممارسات وحشية بحق الأسيرات الفلسطينيات، حيث تعرضن لأكثر من مرة للتنكيل والضرب والرش بالغاز، ناهيك عن سلسلة من العقوبات القاسية كالعزل الانفرادي ومصادرة محتوياتهن وحرمانهن من الزيارات.
وفي النداء الأخير الذي وجهته الأسيرات إلى مؤسسات حقوق الإنسان، وصفت الأسيرات حالة الوحشية والسادية التي تعرضن لها بالقول: "لا نستطيع أن نصف هؤلاء السجانين... حتى أن وصفهم بالوحوش لا يوفيهم حقهم. فلا يتعاملون معنا إلا بالضرب... إن السجانين يتعمدون إجبار الأسيرات على التعري بالكامل بحجة التفتيش الجسدي... إذلال وانحطاط لا يصدق".
وجاء في النداء: "لقد تم الاعتداء على الأسيرة سعاد أبو حمد، وهي نائمة في فراشها، بعد أن اقتحم الحراس الزنزانة... لقد ربطوا يديها ثم جروها على الأرض ثم رموا بها على النقالة، وعندما قمنا بالاحتجاج على ذلك, اقتحمت قوة من الجنود غرفنا وزنازيننا وبدؤوا رشنا بخراطيم المياه".
وتساءلت الأسيرات في النداء: "كيف يرضى الفلسطينيون والعرب بهدر عرضهم وشرفهم على يد الأعداء؟ لماذا لا تسألون عن الرضيع نور, ابن الخمسة شهور, ووائل, ابن العام...؟ وماذا عن الأسيرة سونا الراعي، التي قضت 6 سنوات لم ترَ فيها ابنتها الصغيرة..."؟.
وأضاف النداء: "لا نستفيد من المسيرات ولا كلمات القادة عبر الفضائيات، حتى الصليب الأحمر لا يسعى للاطمئنان علينا، وحتى محطات التلفزيون لا تخصص برامج لمتابعة قضيتنا ولا الإذاعات".
ويشير التقرير أن الأسيرات الفلسطينيات يفتقدن داخل السجن للحد الأدنى من مقومات الحياة. لا يوجد أثاث في الغرف. الملابس غير كافية. لا يوجد كتب ومواد ثقافية. وفي ظل وجود ما يسمى المنع الأمني من زيارات الأهالي لمعظم الأسيرات من الضفة الغربية، تتفاقم مشكلة الأسيرات, لا سيما وأن إدارة السجون لا تقوم بتوفير مستلزماتهن.
ويذكر التقرير أن الأسيرات يقمن بخطوات احتجاجية مستمرة، من خلال إعلان الإضراب عن الطعام أو إعلان الإضراب عن الفورة، إلا أن إدارة السجن تتعامل مع هذه الخطوات بطريقة وحشية وهمجية، حيث يتم ضرب الأسيرات بالهراوات، ويتم عزلهن لفترة طويلة وحرمانهن من "الكانتين" ومن زيارة الأهالي وزيارة المحامين. كما يقول، إن حكومة إسرائيل ترفض التعامل وفق المعايير الإنسانية بخصوص الأسيرات، وتعتبرهن إرهابيات.
ويذكر التقرير أن الأم التي تلد داخل المعتقل تستفيد من إنزال ثلث مدة حكمها، بسبب رضيعها، إلا أن هذا الأمر لم يطبق على الأسيرات الفلسطينيات، بل قد تمت زيادة حكم الأسيرة ميرفت طه بعد إنجابها لصغيرها وائل داخل المعتقل. كما يوضح التقرير أن إسرائيل تفرض إجراءات مشددة على زيارة المحامين للأسيرات، وكثيراً ما يتم ترك المحامي لعدة ساعات داخل غرفة الانتظار، وتتم الموافقة على الزيارة بعد تنسيق مسبق لها مع السلطات الإسرائيلية. وأكد التقرير، أن عدداً كبيراً من الأسيرات يعانين من أمراض صعبة ولا يقدم لهن العلاج، ويذكر أن الأسيرة منال غانم، التي أنجبت طفلها نور داخل المعتقل، تعاني من مرض (الثلاسيميا). مشيراً أن الأسيرة منال أطلقت على ابنها اسم نور، لكنه لم يرَ نور الحياة إلا داخل السجن بين الحديد والجدران المغلقة.
ويفيد التقرير أن الأسيرات اتخذن موقفاً صارماً من تركيب ألواح زجاجية في غرف الزيارات بدلاً من الشبك، حيث امتنعن عن استقبال الزيارات حتى يتم تغييره واستبداله. ويذكر أن ممثلة الأسيرات آمنة منى، تم عزلها في زنزانة انفرادية في سجن الرملة، بعد أن تعرضت لاعتداء وحشي، مشيراً أن إدارة السجن تحاول أن لا تعترف بممثلة الأسيرات لضرب الوحدة الداخلية والاعتقالية. ويوضح أن الأسيرة المحررة وصفية أبو عجمية من الدهيشة، تحدثت عن الطعام السيئ والإهمال الطبي، ووصفت عمليات القمع التي جرت في سجن شارون بأنها كانت تستهدف قتل وإركاع الأسيرات.
وأخيراً يقول التقرير: "في عيد الأم، لا وردة تصل للأم الأسيرة، لا قبلة ولا زيارة. وحيدة هناك في عالم متوحش يحكمه الجلادون والبرابرة. صراخ الأم الأسيرة يزلزل كل الضمائر والنفوس، وصوتها يفيض كأنه الحليب الأول".
الروابط المفضلة