بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قبل شهرين تقريباً كتبت خبر وفاة قريبي عزام ـ الشاب ذو الخمسة وعشرين ربيعاً ـ وزوجته في حادث مروري وبقاء ابنتهما الجوهرة على قيد الحياة ذات العامين ... هنـــــــا
وقد حكت لي قريبتي قبل يومين عن هذه الطفلة الصغيرة ما أقظ مضجعي ولم أستطع تلك الليل النوم جيداً من التفكير في أمرها
حيث ذكرت لي أن الطفلة الصغيرة في الأيام الأولى تصعد إلى الطابق العلوي لفيلا جدها حيث كان منزلهما وتطرق الباب على أهلها وتنتظر والدتها ووالدها الحبيبان أن يفتحا لها الباب فتمكث وقتاً ثم تعود أدراجها لجدتها ... فعلت ذلك عدة مرات وعندما يأست أن يفتحوا لها الباب ـ وأنى لهم أن يجيبوها ـ تركت هذا الأمر ولم تعُد تطرق الباب ....
وعندما ترى أحداً من أعمامها يرتدي شيئاً لوالدها ـ رحمه الله ـ تقول ببراءة الطفولة " هذا حق بابا "
.... لكِ الله يا صغيرة ....
هي طفلة لا تدرك ما يدركه الكبار .... لا تدرك أن والدها ووالدتها لن يعودان لها إلى يوم الدين .... لا تدرك أن من كان يضمها ويقبلها ويشفق عليها ويحبها قد مات ....
لو كانت تدرك ذلك لبكت بدل الدموع الدم على فراق الصدر الحنون
وقد توفى والداها في حادث أليم نجت منه الصغيرة بفضل الله .... وقد كانت والدتها رفضت حضور زفاف خوفاً من المنكرات .... فحصل الحادث بعد انتهاء الزفاف وماتت .... يالها من خاتمة حسنة نسأل الله من فضله ...وقد كان والدها ـ رحمه الله ـ من الصالحين المتفوقين الموهوبين رحمه الله وعوضه خيراً في جنات النعيم ...
أما والدة الشاب ووالده فمصابهم عظيم في فقد أكبر أبنائهم ...
هل كانت أمه ستفرح بتخرج ابنها وحصوله على الوظيفة وهي تعلم أنها ستودعه بعد أعوام قلائل !!
وهل كانت ستفرح يوم زفافه لو علمت أنها ستودعه بعد ثلاثة أعوام !!
وهل كانت سترضى أن يذهب إبنها للزفاف لو علمت أنها ستودعه بعد سويعات قلائل !!
لكن قضاء الله فوق كل شيء
قال تعالى {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ }الحجر99
وقال صلى الله عليه وسلم "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني"
ويقول الشعراء
سألت الدار تخبرني عن الأحباب ما فعلوا ؟
قالت أناخ القوم أياماً ثم ارتحلوا
قلت فأين أطلبهم وأي منازل نزلوا ؟
قالت بالقبور ولقد لقوا والله ما عملوا
ولدتك أمك يا ابن آدم باكياً والناس حولك يضحكون سروراً
فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا في يوم موتك ضاحكاً مسروراً
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول ..
فلنعمل لذلك المصرع العظيم ولنتب إلى الله قبل حلول الأجل ونترك التسويف حتى لا يداهمنا الموت على حين غفلة فنقول { رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ } فيقال لنا { كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ }المؤمنون ( 99 ـ 100 )
~*~ عِبرة ~*~
كان عثمان بن عفان - رضي الله عنه - إذا وقف على القبر بكى حتى يبل لحيته، فقيل له: " تذكر الجنة والنار ولا تبكي، وتبكي من هذا؟"، قال:" إن رسول الله قال: (إن القبر أول منازل الآخرة، فإن نجى منه أحد فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعد أشد منه)
وما من منظر قط إلا والقبر أفظع منه
اللهم اجعل قبورنا خير منازلنا بعد فراق هذه الدنيا ... واجمعنا بأحبانا في مستقر رحمتك
وأذكركن الدعاء لعزام وزوجته بالرحمة والمغفرة ..... ودعواتكم لوالده ووالدته بالصبر على المصاب وكذلك والد ووالدة الزوجة .... ودعواتكم للصغيرة بالشفاء وأن يجعلها الله ولداً صاحاً تذكر والديها بالخير وتبرهما ...
ولا تنسوا المسلمين والمسلمات أحيائهم وأمواتهم من دعواتكم
أختكن ومحبتكن في الله
أم المقداد
الخميس
الســــــــــ10:47 ص ــــــــاعة
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الروابط المفضلة