انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
عرض النتائج 1 الى 10 من 10

الموضوع: {تفسير سورة الممتحنة}

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    الموقع
    مصر
    الردود
    383
    الجنس
    امرأة

    L22 {تفسير سورة الممتحنة}





    تفسير ما تيسر من سورة الممتحنة
    تفسير الآيات (1)
    ===============================
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1)




    شرح الكلمات
    {لا تتخذوا عدوى وعدوكم}: أي الكفار والمشركين.
    {أولياء تلقون إليهم بالمودة}: أي لا تتخذوهم أنصاراً توادونهم.
    {وقد كفروا بما جاءكم من الحق}: أي الإِسلام عقيدة وشريعة.
    {يخرجون الرسول وإياكم}: أي بالتضييق عليكم حتى خرجتم فارين بدينكم.
    {أن تؤمنوا بربكم}: أي لأجل أن آمنتم بربكم.
    {إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي ابتغاء مرضاتي}: فلاتتخذوهم أولياء ولا تبادلوهم المودة.
    {تسرون إليهم بالمودة}: أي توصلون إليهم خبر خروج الرسول لغزوهم بطريقة سرية.
    {ومن يفعله منكم}: أي ومن يوادهم فينقل إليهم أسرار النبي في حروبه وغيرها.
    {فقد ضل سواء السبيل}: أي أخطأ طريق الحق الجادة الموصلة إلى الإِسعاد.



    معنى الآيات
    فاتحة هذه السورة {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء...} الآيات.
    أولاً:أسباب النزول:
    نزلت في شأن حاطب بن أبي بلتعة وكان من المهاجرين الذين شهدوا بدراً

    روى مسلم في صحيحه عن على بن أبي طالب رضي الله عنه قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد فقال ائتوا روضة خاخ (موضع بينه وبين المدينة اثنا عشر ميلا) فإن بها ظعينة (امرأة مسافرة) معها كتاب فخذوه منها فانطلقنا نهادى خيلنا أي نسرعها فإذا نحن بامرأة قلنا أخرجي الكتاب، فقالت ما معي كتاب. فقلنا لتخرجن الكتاب، أو لَتُلْقِنَّ الثياب (أي من عليك) فأخرجته من عقاصها أي من ظفائر شعر رأسها فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا به من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
    فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا حاطب ما هذا؟ فقال لا تعجل عليّ يا رسول الله إني كنت امرءاً ملصقاً في قريش (أي كان حليفاً لقريش ولم يكن قرشياً) وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيه أن أتخذ فيهم يداً يحمون بها قرابتي، ولم أفعله كفراً ولا ارتداداً عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإِسلام وقد علمت أن الله ينزل بهم بأسه وإن كتابي لا يغنى عنهم من الله شيئاً، وأن الله ناصرك عليهم.

    فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق. فقال عمر رضي الله عنه دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه شهد بدراً، وما يدريك لعل الله أطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم .

    فأنزل الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا} أي يا من صدقتم الله ورسوله {لا تتخذوا عدوي وعدوكم} من الكفار والمشركين {أولياء} أي أنصاراً {تلقون إليهم بالمودة} أي أسرار النبي صلى الله عليه وسلم الحربية ذات الخطر والشأن.

    والحال أنهم قد كفروا بما جاءكم من الحق الذي هو دين الإِسلام بعقائده وشرائعه وكتابه ورسوله. يخرجون الرسول وإياكم من دياركم بالمضايقة لكم حتى هاجرتم فارين بدينكم، أن تؤمنوا بربكم أي من أجل أن آمنتم بربكم. أمثل هؤلاء الكفرة الظلمة تتخذونهم أولياء تدلون إليهم بالمودة. إنه لخطأ جسيم ممن فعل هذا.
    وقوله تعالى: {إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي} أي إن كنتم خرجتم من دياركم مجاهدين في سبيلي أي لنصرة ديني ورسولي وأوليائي المؤمنين وطلبا لرضاي فلا تتخذوا الكافرين أولياء من دوني تلقون إليهم بالمودة.

    وقوله تعالى: {تسرون إليهم بالمودة} أي تخفون المودة إليهم بنقل أخبار الرسول السرية والحال أني {أعلم} منكم ومن غيركم {بما أخفيتم وما أعلنتم}.

    وها قد أطلعت رسولي على رسالتكم المرفوعة إلى مشركي مكة والتى تتضمن فضح سر رسولي في عزمه على غزوهم مفاجأة لهم حتى يتمكن من فتح مكة بدون كثير إراقة دم وإزهاق أنفس.

    وقوله تعالى: {ومن يفعله منكم} أي الولاء والمودة للمشركين فقد ضل سواء السبيل أي اخطأ وسط الطريق المأمون من الانحراف يريد جانب الإِسلام الصحيح.



    فى ظلال الآيات
    *هذه السورة حلقة في سلسلة التربية الإيمانية والتنظيم الاجتماعي والدولة في المجتمع المدني . حلقة من تلك السلسلة الطويلة , أو من ذلك المنهج الإلهي المختار للجماعة المسلمة المختارة , التي ناط بها الله تحقيق منهجه الذي يريده للحياة الإنسانية , في صورة واقعية عملية , كيما يستقر في الأرض نظاما ذا معالم وحدود وشخصية مميزة ; تبلغ إليه البشرية أحيانا , وتقصر عنه أحيانا , ولكنها تبقى معلقة دائما بمحاولة بلوغه ; وتبقى أمامها صورة واقعية منه , تحققت يوما في هذه الأرض.


    *أما الناس الذين ينشأ هذا التصور المتميز في نفوسهم فلم يكونوا بمعزل عن واقع الحياة ومضطرب الأحداث , بل كانوا يصهرون في بوتقة الحوادث يوما بعد يوم , ومرة بعد مرة , ويعاد صهرهم في الأمر الواحد والخلق الواحد مرات كثيرة , وتحت مؤثرات متنوعة ; لأن الله الذي خلق هذه النفوس يعلم أنها ليست كلها مما يتأثر ويستجيب ويتكيف ويستقر على ما تكيف به منذ اللمسة الأولى . وكان يعلم أن رواسب الماضي , وجواذب الميول الطبيعية , والضعف البشري , وملامسات الواقع , وتحكم الإلف والعادة , كلها قد تكون معوقات قوية تغلب عوامل التربية والتوجيه مرة بعد مرة . وتحتاج في مقاومتها إلى التذكير المتكرر , والصهر المتوالي . . فكانت الأحداث تتوالى كما هي منسوقة في قدر الله , وتتوالى الموعظة بها . والتحذير على ضوئها , والتوجيه بهديها , مرة بعد مرة .


    *وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم في يقظة دائمة وإلهام بصير , بالتقاط الأحداث والوقائع والمناسبات في كل فرصة , واستخدامها بحكمة بالغة في بناء هذه النفوس . والوحي والإلهام يؤيدانه ويسددانه حتى تصنع تلك الجماعة المختارة على عين الله . بتوفيق الله . على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    *هذه السورة حلقة في سلسلة ذلك الإعداد الطويل , تستهدف - مع غيرها مما جاء في مثل موضوعها - إقامة عالم رباني خالص في ضمير المسلم . عالم محوره الإيمان بالله وحده , يشد المسلمين إلى هذا المحور وحده , بعروة واحدة لا انفصام لها ; ويبرئ نفوسهم من كل عصبية أخرى . عصبية للقوم أو للجنس أو للأرض أو للعشيرة أو للقرابة . ليجعل في مكانها جميعا عقدة واحدة . هي عقدة الإيمان بالله . والوقوف تحت راية الله . في حزب الله .

    *ودون إقامة هذا العالم تقف عقبات كثيرة - كانت في البيئة العربية وما تزال في العالم كله إلى اليوم - عقبات من التعصب للبيت , والتعصب للعشيرة , والتعصب للقوم , والتعصب للجنس , والتعصب للأرض . كما تقف عقبات أخرى من رغائب النفوس وأهواء القلوب , من الحرص والشح وحب الخير للذات , ومن الكبرياء الذاتية والالتواءات النفسية . . وألوان غيرها كثير من ذوات الصدور !

    *وكان على الإسلام أن يعالج هذا كله في الجماعة التي يعدها لتحقيق منهج الله في الأرض في صورة عملية واقعة . وكانت هذه الصورة حلقة في سلسلة هذا العلاج الطويل .

    *وكان بعض المهاجرين الذين تركوا ديارهم وأموالهم وأهليهم في سبيل عقيدتهم , ما تزال نفوسهم مشدودة إلى بعض من خلفوا هنالك من ذرية وأزواج وذوي قربى . وعلى الرغم من كل ما ذاقوا من العنت والأذى في قريش فقد ظلت بعض النفوس تود لو وقعت بينهم وبين أهل مكة المحاسنة والمودة ; وأن لو انتهت هذه الخصومة القاسية التي تكلفهم قتال أهليهم وذوي قرابتهم , وتقطع ما بينهم وبينهم من صلات !

    *وكان الله يريد استصفاء هذه النفوس واستخلاصها من كل هذه الوشائج , وتجريدها لدينه وعقيدته ومنهجه .وهو - سبحانه - يعلم ثقل الضغط الواقع عليها من الميول الطبيعية ورواسب الجاهلية جميعا - وكان العرب بطبيعتهم أشد الناس احتفالا بعصبية القبيلة والعشيرة والبيت - فكان يأخذهم يوما بعد يوم بعلاجه الناجع البالغ , بالأحداث وبالتعقيب على الأحداث , ليكون العلاج على مسرح الحوادث وليكون الطرق والحديد ساخن !

    *ولوقوف قليلا أمام هذا الحادث وما دار بشأنه:

    *أول ما يقف الإنسان أمامه هو فعلة حاطب , وهو المسلم المهاجر , وهو أحد الذين أطلعهم رسول الله [على سر الحملة . . وفيها ما يكشف عن منحنيات النفس البشرية العجيبة , وتعرض هذه النفس للحظات الضعف البشري مهما بلغ من كمالها وقوتها ; وأن لا عاصم إلا الله من هذه اللحظات فهو الذي يعين عليها .

    *ثم يقف الإنسان مرة أخرى أمام عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو لا يعجل حتى يسأل:" ما حملك على ما صنعت " في سعة صدر وعطف على لحظة الضعف الطارئة في نفس صاحبه , وإدراك ملهم بأن الرجل قد صدق , ومن ثم يكف الصحابة عنه:"

    *صدق لا تقولوا إلا خيرا " . . ليعينه وينهضه من عثرته , فلا يطارده بها ولا يدع أحدا يطارده . بينما نجد الإيمان الجاد الحاسم الجازم في شدة عمر:"إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين . فدعني فلأضرب عنقه" . . فعمر - رضي الله عنه - إنما ينظر إلى العثرة ذاتها فيثور لها حسه الحاسم وإيمانه الجازم . أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فينظر إليها من خلال إدراكه الواسع الشامل للنفس البشرية على حقيقتها , ومن كل جوانبها , مع العطف الكريم الملهم الذي تنشئه المعرفة الكلية . في موقف المربي الكريم العطوف المتأني الناظر إلى جميع الملابسات والظروف . .

    *ثم يقف الإنسان أمام كلمات حاطب , وهو في لحظة ضعفه , ولكن تصوره لقدر الله وللأسباب الأرضية هو التصور الإيماني الصحيح . . ذلك حين يقول:"أردت أن تكون لي عند القوم يد . . يدفع الله بها عن أهلي ومالي" . . فالله هو الذي يدفع , وهذه اليد لا تدفع بنفسها , إنما يدفع الله بها . ويؤكد هذا التصور في بقية حديثه وهو يقول:"وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع . . الله . . به عن أهله وماله" فهو الله حاضر في تصوره , وهو الذي يدفع لا العشيرة . إنما العشيرة أداة يدفع الله بها . .

    _ولعل حس رسول الله الملهم قد راعى هذا التصور الصحيح الحي في قول الرجل , فكان هذا من أسباب قوله صلى الله عليه وسلم]:" صدق . لا تقولوا إلا خيرا " . .

    *وأخيرا يقف الإنسان أمام تقدير الله في الحادث ; وهو أن يكون حاطب من القلة التي يعهد إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسر الحملة . وأن تدركه لحظة الضعف البشري وهو من القلة المختارة . ثم يجري قدر الله بكف ضرر هذه اللحظة عن المسلمين . كأنما القصد هو كشفها فقط وعلاجها ! ثم لا يكون من الآخرين الذين لم يعهد إليهم بالسر اعتراض على ما وقع , ولا تنفج بالقول:ها هو ذا أحد من استودعوا السر خانوه , ولو أودعناه نحن ما بحنا به ! فلم يرد من هذا شيء . مما يدل على أدب المسلمين مع قيادتهم , وتواضعهم في الظن بأنفسهم , واعتبارهم بما حدث لأخيهم . . .

    *والقرآن هنا يعالج حالة نفسية أوسع من حادث حاطب الذي تواترت به الروايات , بمناسبة وقوع هذا الحادث , على طريقة القرآن . عالج مشكلة الأواصر القريبة , والعصبيات الصغيرة , وحرص النفوس على مألوفاتها الموروثة ليخرج بها من هذا الضيق المحلي إلى الأفق العالمي الإنساني .

    * لينشيء في هذه النفوس صورة جديدة , وقيما جديدة , وموازين جديدة , وفكرة جديدة عن الكون والحياة والإنسان , ووظيفة المؤمنين في الأرض , وغاية الوجود الإنساني .


    من هداية الآيات
    0 - حرمة موالاة الكافرين بالنصرة والتأييد والمودة دون المسلمين.
    0- الذي ينقل أسرار المسلمين الحربية إلى الكافرين على خطر عظيم وإن صام وصلى.

    0فضل أهل بدر وكرامتهم على الله عز وجل.
    0- قبول عذر الصادقين الصالحين ذوى السبق في الإِسلام إذا عثر أحدهم اجتهاداً منه.

    جزاكم الله خيراُ على طيب المتابعة
    انشرى ليكن لكَ لاجر فالدال على الخير كفاعله
    _______________________________
    تفسير
    تفسير ابن كثير [ تفسير القرآن العظيم ]
    الجزائرى[ أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير]
    [في ظلال القرآن الكريم سيد قطب]



  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    الموقع
    مصر
    الردود
    383
    الجنس
    امرأة




    ( تفسير ما تيسر من سورة الممتحنة)
    الآية2،3
    {إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2) لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3)}



    .شرح الكلمات:

    {إن يثقفوكم}: أي أن يظفروا بكم متمكنين منكم من مكانٍ ما.
    {يكونوا لكم أعداء}: أي لا يعترفون لكم بمودة.
    {ويبسطوا إليكم أيديهم}: أي بالضرب والقتل.
    {وألسنتهم بالسوء}: أي بالسب والشتم.
    {وودوا لو تكفرون}: أي وأحبوا لو تكفرون بدينكم ونبيكم وتعودون إلى الشرك معهم.
    {لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم}: أي إن توادوهم وتسروا إليه بالأخبار الحربية تقرباً إليهم من أجل أن يراعوا لكم أقرباءكم وأولادكم المشركين بينهم فاعلموا أنكم لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة.
    {يوم القيامة يفصل بينكم}: أي فتكونون في الجنة ويكون المشركون في أولاد وأقرباء وغيرهم في النار.



    معنى الآيات:
    0قوله تعالى: {إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء ودوا لو تكفرون} أي أنهم أعداؤكم حقاً إن يثقفوكم أو يظفروا بكم متمكنين منكم يكونوا لكم أعداء ولا يبالون بمودتكم إياهم، ويبسطوا إليكم أيدهم بالضرب والقتل وألسنتهم بالسب والشتم وتمنوا كفركم لتعودوا إلى الشرك مثلهم.

    0وقوله تعالى: {لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم} الذي واددتم الكفار من أجلهم من عذاب الله في الآخرة إذ حاطب كتب الكتاب من أجل قرابته وأولاده فبين تعالى خطأ حاطب في ذلك.
    0وقوله تعالى: {يوم القيامة يفصل بينكم} بأن تكونوا في الجنة أيها المؤمنون ويكون أقرباؤكم وأولادكم المشركون في النار فما الفائدة إذاً من المعصية من أجلهم؟! والله بما تعملون بصير فراقبوه واحذروه فلا تخرجوا عن طاعته وطاعة رسوله.



    فى ظلال الآيات
    (إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء). .
    *فلا تعرض لهم فرصة يتمكنون فيها من المسلمين حتى يتصرفوا معهم تصرف العدو الأصيل . ويوقعوا بهم ما يملكون من أذى ومن تنكيل بالأيدي وبالألسنة وبكل وسيلة وكل سبيل .
    *و يبين تعالى شدة عداوتهم، تهييجا للمؤمنين على عداوتهم،
    والأدهى من هذا كله والأشد والأنكى:
    (وودوا لو تكفرون). .

    *وهذه عند المؤمن أشد من كل أذى ومن كل سوء يصيبه باليد أو اللسان . فالذي يود له أن يخسر هذا الكنز العزيز . كنز الإيمان . ويرتد إلى الكفر , هو أعدى من كل عدو يؤذيه باليد وباللسان !
    والذي يذوق حلاوة الإيمان بعد الكفر , ويهتدي بنوره بعد الضلال , ويعيش عيشة المؤمن بتصوراته ومداركه ومشاعره واستقامة طريقه وطمأنينة قلبه يكره العودة إلى الكفر كما يكره أن يلقى في النار . أو أشد . فعدو الله هو الذي يود أن يرجعه إلى جحيم الكفر وقد خرج منه إلى جنة الإيمان , وإلى فراغ الكفر الخاوي بعد عالم الإيمان المعمور .
    (لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم . يوم القيامة يفصل بينكم . والله بما تعملون بصير). .
    _إن المؤمن يعمل ويرجو الآخرة . يزرع هنا وينتظر الحصاد هناك . فلمسة قلبه بما يكون في الآخرة من تقطيع وشائج القربى كلها إذا تقطعت وشيجة العقيدة , من شأنها أن تهون عنده شأن هذه الوشائج في فترة الحياة الدنيا القصيرة ; وتوجهه إلى طلب الوشيجة الدائمة التي لا تنقطع في دنيا ولا في آخرة:
    ومن ثم يقول لهم: (لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم). . التي تهفون إليها وتتعلق قلوبكم بها و وتضطركم إلى موادة أعداء الله وأعدائكم وقاية لها - كما حدث لحاطب في حرصه على أولاده وأمواله - وكما تجيش خواطر آخرين غيره حول أرحامهم وأولادهم الذين خلفوهم في دار الهجرة . لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم . ذلك أنه (يوم القيامة يفصل بينكم). . لأن العروة التي تربطكم مقطوعة . وهي العروة التي لا رباط بغيرها عند الله .
    (والله بما تعملون بصير). . مطلع على العمل الظاهر والنية وراءه في الضمير .

    .من هداية الآيات:

    بيان أن الكافرين لا يرحمون المؤمنين متى تمكنوا منهم لأن قلوبهم عمياء لا يعرفون معروفاً ولا منكراً بظلمة الكفر في نفوسهم وعدم مراقبة الله عز وجل لأنهم لا يعرفونه ولا يؤمنون بما عنده من نعيم وجحيم يوم القيامة.
    فضل أهل بدر وكرامتهم على الله عز وجل.
    2-- قبول عذر الصادقين الصالحين ذوى السبق في الإِسلام إذا عثر أحدهم اجتهاداً منه.
    3- عدم انتفاع المرء بقرابته يوم القيامة إذا كان مسلماً وهم كافرون.




    اللهم علمناو أدبنا بالقرآن كما علمت وأدبت صحابةنبيك صلى الله عليه وسلم
    جزى الله من قرأ وعمل ونشر خيراً فالدال على الخير كفاعله ورُب حامل فقه الى من هوافقه منه.

    ______________________________
    أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
    في ظلال القرآن الكريم سيد قطب
    الجزائرى أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير





  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    الموقع
    مصر
    الردود
    383
    الجنس
    امرأة



    ( تفسير ما تيسر من سورة الممتحنة)
    .(تفسير الآية (4))
    {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا
    لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
    كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا
    حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ
    وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا
    عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) }





    شرح الكلمات:

    {قد كان لكم}: أي أيها المؤمنون.
    {أسوة حسنة}: أي قدوة صالحة.
    {في إبراهيم والذين معه}: من المؤمنين فأتسوا بهم.
    {إذ قالوا لقومهم}: أي المشركين.
    {إنا براء منكم ومما تعبدون من}: أي نحن متبرئون منكم، ومن أوثانكم التي تعبدونها.
    {دون الله كفرنا بكم}: أي جحدنا بكم فلم نعترف لكم بقرابة ولا ولاء.
    {وبدا بيننا وبينكم العداوة}: أي ظهر ذلك واضحاً جلياً لا لبس فيه ولا خفاء {والبغضاء}.
    {حتى تؤمنوا بالله وحده}: أي ستستمر عداوتنا لكم وبغضنا إلى غاية إيمانكم بالله وحده.
    {وإليك أنبنا}: أي رجعنا في أمورنا كلها.



    معنى الآية:

    ( 4 ) قد كانت لكم-أيها المؤمنون- قدوة حسنة في إبراهيم عليه السلام والذين معه من المؤمنين، حين قالوا لقومهم الكافرين بالله: إنا بريئون منكم وممَّا تعبدون من دون الله من الآلهة والأنداد، كفرنا بكم، وأنكرنا ما أنتم عليه من الكفر، وظهر بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا ما دمتم على كفركم، حتى تؤمنوا بالله وحده، لكن لا يدخل في الاقتداء استغفار إبراهيم لأبيه؛ فإن ذلك إنََّما كان قبل أن يتبين لإبراهيم أن أباه عدو لله، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه، ربنا عليك اعتمدنا، وإليك رجعنا بالتوبة، وإليك المرجع يوم القيامة.




    فى ظلال الآيات:
    الدعوة للإقتداء بإبراهيم ومن معه في الولاء والبراء

    ♦ثم تأتي الجولة الثالثة فتصل المسلمين بأول هذه الأمة الواحدة:أمة التوحيد . وهذه القافلة الواحدة:قافلة الإيمان . فإذا هي ممتدة في الزمان , متميزة بالإيمان , متبرئة من كل وشيجة تنافي وشيجة العقيدة . . إنها الأمة الممتدة منذ إبراهيم . أبيهم الأول وصاحب الحنيفية الأولى . وفيه أسوة لا في العقيدة وحدها , بل كذلك في السيرة , وفي التجارب التي عاناها مع عاطفة القرابة ووشائجها ; ثم خلص منها هو ومن آمن معه , وتجرد لعقيدته وحدها:

    ♦وينظر المسلم فإذا له نسب عريق , وماض طويل , وأسوة ممتدة على آماد الزمان . وإذا هو راجع إلى إبراهيم , لا في عقيدته فحسب , بل في تجاربه التي عاناها كذلك . فيشعر أن له رصيدا من التجارب أكبر من رصيده الشخصي وأكبر من رصيد جيله الذي يعيش فيه . إن هذه القافلة الممتدة في شعاب الزمان من المؤمنين بدين الله , الواقفين تحت راية الله , قد مرت بمثل ما يمر به , وقد انتهت في تجربتها إلى قرار اتخذته . فليس الأمر جديدا ولا مبتدعا ولا تكليفا يشق على المؤمنين . . ثم إن له لأمة طويلة عريضة يلتقي معها في العقيدة ويرجع إليها , إذا انبتت الروابط بينه وبين أعداء عقيدته . فهو فرع من شجرة ضخمة باسقة عميقة الجذور كثيرة الفروع وارفة الظلال . . الشجرة التي غرسها أول المسلمين . . إبراهيم . .

    ♦مر إبراهيم والذين معه بالتجربة التي يعانيها المسلمون المهاجرون . وفيهم أسوة حسنة: (إذ قالوا لقومهم:إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله , كفرنا بكم , وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده). .

    ♦فهي البراءة من القوم ومعبوداتهم وعباداتهم . وهو الكفر بهم والإيمان بالله . وهي العداوة والبغضاء لا تنقطع حتى يؤمن القوم بالله وحده . وهي المفاصلة الحاسمة الجازمة التي لا تستبقي شيئا من الوشائج والأواصر بعد انقطاع وشيجة العقيدة وآصرة الإيمان . وفي هذا فصل الخطاب في مثل هذه التجربة التي يمر بها المؤمن في أي جيل . وفي قرار إبراهيم والذين معه أسوة لخلفائهم من المسلمين إلى يوم الدين .

    ♦ولقد كان بعض المسلمين يجد في استغفار إبراهيم لأبيه - وهو مشرك - ثغرة تنفذ منها عواطفهم الحبيسة ومشاعرهم الموصولة بذوي قرباهم من المشركين . فجاء القرآن ليشرح لهم حقيقة موقف إبراهيم في قوله لأبيه: (لأستغفرن لك). .

    _فلقد قال هذا قبل أن يستيقن من إصرار أبيه على الشرك . قاله وهو يرجو إيمانه ويتوقعه: (فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه). . كما جاء في سورة أخرى .

    ويثبت هنا أن إبراهيم فوض الأمر كله لله , وتوجه إليه بالتوكل والإنابة والرجوع إليه على كل حال:

    (وما أملك لك من الله من شيء . ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير). .

    وهذا التسليم المطلق لله , هو السمة الإيمانية الواضحة في إبراهيم يبرزها هنا ليوجه إليها قلوب أبنائه المسلمين . كحلقة من حلقات التربية والتوجيه بالقصص والتعقيب عليه , وإبراز ما في ثناياه من ملامح وسمات وتوجيهات



    من هداية الآيات:
    1- وجوب الاقتداء بالصالحين في الإِيتساء بهم في الصالحات.
    2- حرمة موالاة الكافرين ووجوب معاداتهم ولو كانوا أقرب قريب.
    3- كل عداة وبغضاء تنتهى برجوع العبد إلى الإِيمان والتوحيد بعد الكفر والشرك.




    جزى الله خيرا من قرأ وعَِمل ونشر
    ،فالدال على الخير كفاعله ورُب حامل
    فقه الى من هو
    افقه منه.


    ______________________________
    التفسير الميسر لمجموعة من علماء السنه
    في ظلال القرآن الكريم سيد قطب
    الجزائرى أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير








  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    الموقع
    مصر
    الردود
    383
    الجنس
    امرأة





    ( تفسير ما تيسر من سورة الممتحنة)
    .(تفسير الآية (5،6)


    رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5) لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6)}




    .شرح الكلمات:
    {ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا}: أي بأن تظهرهم علينا فيفتنوننا في ديننا ويفتتنون بنا يرون أنهم على حق لما يغلبوننا.
    {لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة}: أي لقد كان لكم أيها المؤمنون في إبراهيم والذين معه أسوة حسنة.
    {لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر}: أي هي أسوة حسنة لمن كان يؤمن بالله ويرجو ما عنده يوم القيامة.
    {ومن يتول}: أي لم يقبل ما أرشدناه إليه من الإِيمان والصبر فيعود إلى الكفر.
    {فإن الله غني حميد}: أي فإن الله ليس في حاجة إلى إيمانه وصبره فإنه غنيٌّ بذاته لا يفتقر إلى غيره، حميد أي محمود بالآئه وإنعامه على عباده.


    ( 5 ) ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا بعذابك لنا أو تسلط الكافرين علينا فيفتنونا عن ديننا، أو يظهروا علينا فيُفتنوا بذلك، ويقولوا: لو كان هؤلاء على حق، ما أصابهم هذا العذاب، فيزدادوا كفرًا، واستر علينا ذنوبنا بعفوك عنها ربنا، إنك أنت العزيز الذي لا يغالَب، الحكيم في أقواله وأفعاله.

    ( 6 ) لقد كان لكم- أيها المؤمنون- في إبراهيم عليه السلام والذين معه قدوة حميدة لمن يطمع في الخير من الله في الدنيا والآخرة، ومن يُعْرِض عما ندبه الله إليه من التأسي بأنبيائه، ويوال أعداء الله، فإن الله هو الغنيُّ عن عباده، الحميد في ذاته وصفاته، المحمود على كل حال.
    كقوله ( إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ) [ إبراهيم : 8 ] .

    وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : ( الغني ) الذي قد كمل في غناه ، وهو الله ، هذه صفته لا تنبغي إلا له ، ليس له كفء ، وليس كمثله شيء ، سبحان الله الواحد القهار . ) الحميد ) المستحمد إلى خلقه ، أي : هو المحمود في جميع أفعاله وأقواله ، لا إله غيره ، ولا رب سواه






    فى ظلال الآيات:



    ويستطرد لهذا في إثبات بقية دعاء إبراهيم ونجواه لمولاه:
    ♦(ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا). .

    فلا تسلطهم علينا . فيكون في ذلك فتنة لهم , إذ يقولون:لو كان الإيمان يحمي أهله ما سلطنا عليهم وقهرناهم ! وهي الشبهة التي كثيرا ما تحيك في الصدور , حين يتمكن الباطل من الحق , ويتسلط الطغاة على أهل الإيمان - لحكمة يعلمها الله - في فترة من الفترات . والمؤمن يصبر للابتلاء , ولكن هذا لا يمنعه أن يدعو الله ألا يصيبه البلاء الذي يجعله فتنة وشبهة تحيك في الصدور .

    وبقية الدعاء:
    ♦(واغفر لنا). .

    يقولها إبراهيم خليل الرحمن . إدراكا منه لمستوى العبادة التي يستحقها منه ربه , وعجزه ببشريته عن بلوغ المستوى الذي يكافئ به نعم الله وآلاءه , ويمجد جلاله وكبرياءه فيطلب المغفرة من ربه , ليكون في شعوره وفي طلبه أسوة لمن معه ولمن يأتي بعده .

    ويختم دعاءه وإنابته واستغفاره يصف ربه بصفته المناسبة لهذا الدعاء:

    ♦(ربنا إنك أنت العزيز الحكيم). .
    العزيز:القادر على الفعل , الحكيم:فيما يمضي من تدبير .

    وفي نهاية هذا العرض لموقف إبراهيم والذين معه , وفي استسلام إبراهيم وإنابته يعود فيقرر الأسوة ويكررها ; مع لمسة جديدة لقلوب المؤمنين:

    ♦(لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر . ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد). .
    فالأسوة في إبراهيم والذين معه متحققة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر . وهؤلاء هم الذين يدركون قيمة التجربة التي عاناها هذا الرهط الكريم , ويجدون فيها أسوة تتبع , وسابقة تهدي . فمن كان يرجو الله واليوم الآخر فليتخذ منها أسوة . . وهو تلميح موح للحاضرين من المؤمنين .

    ♦فأما من يريد أن يتولى عن هذا المنهج . من يريد أن يحيد عن طريق القافلة . من يريد أن ينسلخ من هذا النسب العريق . فما بالله من حاجة إليه - سبحانه - (فإن الله هو الغني الحميد). .

    وتنتهي الجولة وقد عاد المؤمنون أدراجهم إلى أوائل تاريخهم المديد , ورجعوا بذكرياتهم إلى نشأتهم في الأرض ; وعرفوا تجاربهم المذخورة لهم في الأجيال المتطاولة , ورأوا القرار الذي انتهى إليه من مروا بهذه التجربة ; ووجدوها طريقا معبدة من قبل ليسوا هم أول السالكين فيها .

    والقرآن الكريم يؤكد هذا التصور ويكرره ليتصل ركب المؤمنين , فلا يشعر بالغربة أو الوحشة سالك - ولو كان وحده في جيل ! ولا يجد مشقة في تكليف نهض به السالكون معه في الطريق !
    __________________________________________________ ______
    ��من هداية الآيات:
    1- وجوب الاقتداء بالصالحين في الإِيتساء بهم في الصالحات.
    2- حرمة موالاة الكافرين ووجوب معاداتهم ولو كانوا أقرب قريب.
    3- كل عداة وبغضاء تنتهى برجوع العبد إلى الإِيمان والتوحيد بعد الكفر والشرك.
    4- لا يجوز الاقتداء في غير الحق والمعروف فإذا أخطأ العبد الصالح فلا يتابع على الخطأ.
    5- وجوب تقوية المؤمنين بكل أسباب القوة لأمرين الأول خشية أن يغلبهم الكافرون فيفتنوهم في دينهم ويردوهم إلى الكفر والثاني حتى لا يظن الكافرون الغالبون أنه معلى حق بسبب ظهورهم على المسلمين فيزدادوا كفراً فيكون المسلمون سبباً في ذلك فيأثمون للسببية في ذلك.

    اللهم أدبنا وعلمنا بالقرآن كما علمت وأدبت صحابةنبيك صلى الله عليه وسلم
    جزى الله من قرأ وعمل ونشر خيراً فالدال على الخير كفاعله ورُب حامل فقه الى من هوافقه منه.

    تفسير ابن كثير [ تفسير القرآن العظيم ] -
    أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
    في ظلال القرآن الكريم سيد قطب
    الجزائرى أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير




    

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الموقع
    الصَاحِبُ الذي لاَيخذِلُ صَاحِبه أبدا *كتاب ربي*
    الردود
    19,607
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    6
    التكريم
    • (القاب)
      • درة صيفنا إبداع 1432هـ
      • إبداع الكلمة
      • بصمة مبدعة
      • باحثة متألقة في الصوتيات
      • فراشة الحلم والأناة
    (أوسمة)

    جزاك الله كل خير ونفع بك وجعلك منبرا من منابر الدعوة


    كل ما زاد الإنسان قربا إلى الله زادت ولاية الله للعبد وكل ما زادت الولاية
    زاد عطاء الله لك (توفيق , سداد , حفظ ورعاية , تأييد , يلطف بك )

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    الموقع
    مصر
    الردود
    383
    الجنس
    امرأة
    جزاكِ الله خيرا وبارك فيكِ وكثر من امثالكِ واحسن اليكِ دمتِ موفقه فى رعاية الرحمن

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    الموقع
    مصر
    الردود
    383
    الجنس
    امرأة



    ( تفسير ما تيسر من سورة الممتحنة)
    .(تفسير الآية (7،8)
    {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7) لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ(4).



    .شرح الكلمات:
    {عاديتم منهم}: أي من كفار قريش بمكة طاعة لله واستجابة لأمره.
    {مودة}: أي محبة وولاء وذلك بأن يوفقهم للإِيمان والإِسلام فيؤمنوا ويسلموا ويصبحوا أولياءكم.
    {والله قدير}: أي على ذلك وقد فعل فأسلم بعد الفتح أهل مكة إلا قليلاً منهم.
    {لم يقاتلوكم في الدين}: أي من أجل الدين.
    {أن تبروهم}: أي تحسنوا إليهم.
    {وتقسطوا إليهم}: أي تعدلوا فيه فتنصفوهم.
    {إن الله يحب المقسطين}: أي المنصفين العادلين في أحكامهم ومن ولوا.


    معنى الآيات:

    7 ) عسى الله أن يجعل بينكم- أيها المؤمنون- وبين الذين عاديتموهم من أقاربكم من المشركين محبة بعد البغضاء، وألفة بعد الشحناء بانشراح صدورهم للإسلام، والله قدير على كل شيء، والله غفور لعباده، رحيم بهم.
    ( 8 ) لا ينهاكم الله -أيها المؤمنون- عن الذين لم يقاتلوكم من الكفار بسبب الدين، ولم يخرجوكم من دياركم أن تكرموهم بالخير، وتعدلوا فيهم بإحسانكم إليهم وبرِّكم بهم. إن الله يحب الذين يعدلون في أقوالهم وأفعالهم. الذين ينصفون الناس، ويعطونهم الحقّ والعدل من أنفسهم، فيبرّون من برّهم، ويُحْسنون إلى من أحسن إليهم.



    فى ظلال الأيات:
    فى هذه الآيات تصنيف الكفار حسب العداوة ووضع القاعدة الإسلامية الكبرى في العلاقات الدولية بين المسلمين وغيرهم , فيجعل المقاطعة والخصومة خاصة بحالة العداء والعدوان . فأما حين ينتفي العداء والعدوان فهو البر لمن يستحق البر , وهو القسط في المعاملة والعدل.
    إن الإسلام دين سلام , وعقيدة حب , ونظام يستهدف أن يظلل العالم كله بظله , وأن يقيم فيه منهجه , وأن يجمع الناس تحت لواء الله إخوة متعارفين متحابين . وليس هنالك من عائق يحول دون اتجاهه هذا إلا عدوان أعدائه عليه وعلى أهله . فأما إذا سالموهم فليس الإسلام براغب في الخصومة ولا متطوع بها كذلك ! وهو حتى في حالة الخصومة يستبقي أسباب الود في النفوس بنظافة السلوك وعدالة المعاملة , انتظارا لليوم الذي يقتنع فيه خصومه بأن الخير في أن ينضووا تحت لوائه الرفيع . ولا ييأس الإسلام من هذا اليوم الذي تستقيم فيه النفوس , فتتجه هذا الاتجاه المستقيم .
    وفي الآية الأولى من هذا المقطع إشارة إلى هذا الرجاء الذي لا يغلب عليه اليأس ; في معرض التخفيف على نفوس بعض المهاجرين , وتغذية قلوبهم المتعبة بمشقة المقاطعة والحرب للأهل والعشيرة:
    (عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة). .
    وهذا الرجاء من الله , معناه القطع بتحققه . والمؤمنون الذين سمعوه لا بد قد أيقنوا به , ولقد وقع بعد هذا بوقت قصير أن فتحت مكة , وأن أسلمت قريش , وأن وقف الجميع تحت لواء واحد , وأن طويت الثارات والمواجد , وأن عاد الجميع إخوة مؤتلفي القلوب .
    (والله قدير). . يفعل ما يريد بلا معقب .
    (والله غفور رحيم). . يغفر ما سلف من الشرك والذنوب . .
    وإلى أن يتحقق وعد الله الذي دل عليه لفظ الرجاء رخص الله لهم في موادة من لم يقاتلوهم في الدين ولم يخرجوهم من ديارهم . ورفع عنهم الحرج في أن يبروهم , وأن يتحروا العدل في معاملاتهم معهم فلا يبخسونهم من حقوقهم شيئا . ولكنه نهى أشد النهي عن الولاء لمن قاتلوهم في الدين وأخرجوهم من ديارهم وساعدوا على إخراجهم . وحكم على الذين يتولونهم بأنهم هم الظالمون . . ومن معاني الظلم الشرك بالرجوع إلى قوله تعالى: (إن الشرك لظلم عظيم). . وهو تهديد رهيب يجزع منه المؤمن , ويتقي أن يدخل في مدلوله المخيف !
    وتلك القاعدة في معاملة غير المسلمين هي أعدل القواعد التي تتفق مع طبيعة هذا الدين ووجهته ونظرته إلى الحياة الإنسانية , بل نظرته الكلية لهذا الوجود , الصادر عن إله واحد , المتجه إلى إله واحد.



    من هداية الآيات:
    1- بيان حكم الموالاة الممنوعة والمباحة في الإِسلام.
    2- الترغيب في العدل الإِنصاف بعد وجوبهما للمساعدة على القيام بهما.
    3- تقرير ما قال أهل العلم: أن عسى من الله تفيد وقوع ما يرجى بها ووجوده لا محالة. بخلافها من غير الله فهي للترجى والتوقع وقد يقع ما يُتَرجى بها وقد لا يقع.
    تفسير
    الطبرى جامع البيان عن تأويل آي القرآن
    أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
    في ظلال القرآن الكريم سيد قطب
    الجزائرى أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير



  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    الموقع
    مصر
    الردود
    383
    الجنس
    امرأة


    تفسير ما تيسر من سورة الممتحنه
    (9) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)}

    شرح الكلمات:
    {وظاهروا على إخراجكم}: أي عاونوا وناصروا العدو على إخراجكم من دياركم.
    {أن تولوهم}: أي تتولهم بالنصرة والمحبة.
    {فأولئك هم الظالمون}: لأنهم وضعوا الولاية في غير موضعها، والظلم هو وضع الشيء في غير موضعه.

    .معنى الآيات:
    ( 8 ) لا ينهاكم الله -أيها المؤمنون- عن الذين لم يقاتلوكم من الكفار بسبب الدين، ولم يخرجوكم من دياركم أن تكرموهم بالخير، وتعدلوا فيهم بإحسانكم إليهم وبرِّكم بهم. إن الله يحب الذين يعدلون في أقوالهم وأفعالهم.
    ( 9 ) إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم بسبب الدين وأخرجوكم من دياركم، وعاونوا الكفار على إخراجكم أن تولوهم بالنصرة والمودة، ومن يتخذهم أنصارًا على المؤمنين وأحبابًا، فأولئك هم الظالمون لأنفسهم، الخارجون عن حدود الله.



    _إن الإسلام دين سلام , وعقيدة حب , ونظام يستهدف أن يظلل العالم كله بظله , وأن يقيم فيه منهجه , وأن يجمع الناس تحت لواء الله إخوة متعارفين متحابين . وليس هنالك من عائق يحول دون اتجاهه هذا إلا عدوان أعدائه عليه وعلى أهله . فأما إذا سالموهم فليس الإسلام براغب في الخصومة ولا متطوع بها كذلك ! وهو حتى في حالة الخصومة يستبقي أسباب الود في النفوس بنظافة السلوك وعدالة المعاملة , انتظارا لليوم الذي يقتنع فيه خصومه بأن الخير في أن ينضووا تحت لوائه الرفيع . ولا ييأس الإسلام من هذا اليوم الذي تستقيم فيه النفوس , فتتجه هذا الاتجاه المستقيم .
    _
    وإلى أن يتحقق وعد الله الذي دل عليه لفظ الرجاء رخص الله لهم في موادة من لم يقاتلوهم في الدين ولم يخرجوهم من ديارهم . ورفع عنهم الحرج في أن يبروهم , وأن يتحروا العدل في معاملاتهم معهم فلا يبخسونهم من حقوقهم شيئا . ولكنه نهى أشد النهي عن الولاء لمن قاتلوهم في الدين وأخرجوهم من ديارهم وساعدوا على إخراجهم . وحكم على الذين يتولونهم بأنهم هم الظالمون . . ومن معاني الظلم الشرك بالرجوع إلى قوله تعالى: (إن الشرك لظلم عظيم). . وهو تهديد رهيب يجزع منه المؤمن , ويتقي أن يدخل في مدلوله المخيف !
    وتلك القاعدة في معاملة غير المسلمين هي أعدل القواعد التي تتفق مع طبيعة هذا الدين ووجهته ونظرته إلى الحياة الإنسانية , بل نظرته الكلية لهذا الوجود , الصادر عن إله واحد , المتجه إلى إله واحد


    .من هداية الآيات:
    1- بيان حكم الموالاة الممنوعة والمباحة في الإِسلام.
    2- الترغيب في العدل الإِنصاف بعد وجوبهما للمساعدة على القيام بهما.
    3- تقرير ما قال أهل العلم: أن عسى من الله تفيد وقوع ما يرجى بها ووجوده لا محالة. بخلافها من غير الله فهي للترجى والتوقع وقد يقع ما يُتَرجى بها وقد لا يقع.
    أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
    في ظلال القرآن الكريم سيد قطب
    الجزائرى أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير



  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    الموقع
    مصر
    الردود
    383
    الجنس
    امرأة




    تفسير ما تيسر من سورة الممتحنه
    .تفسير الآيات (10- 11):
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10) وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (11)}


    . شرح الكلمات:

    {إذ جاءكم المؤمنات مهاجرات}: أي المؤمنات بألسنتهن مهاجرات من الكفار.
    {فامتحنوهن}: أي اختبروهن بالحلف أنهن ما خرجن الا رغبة في الإِسلام لا بغضاً لازواجهن، ولا عشقا لرجال من المسلمين.
    {فإن علمتموهن مؤمنات}: أي صادقات في إيمانهن بحسب خلفهن.
    {فلا ترجعوهن إلى الكفار}: أي لا تردوهن إلى الكفار بمكة.
    {لا هن حل لهم ولا هم يحلون}: لا المؤمنات يحللن لأزواجهن الكافرين، ولا الكافرون {لهن} يحلون لأزواجهم المؤمنات.
    {وآتوهم ما أنفقوا}: أي وأَعطوا الكفار أزواج المؤمنات المهاجرات المهور التي أعطوها لأزواجهم.
    {ولا جناح عليكم أن تنكحوهن}: أي مهورهن، وإن لم يتم طلاق من أزواجهن لانفساخ {إذا آتيتموهن أجورهن} العقد بالإِسلام. وبعد انقضاء العدة في المدخول بها وباقى شروط النكاح.
    {ولا تمسكوا بعصم الكوافر}: أي زوجاتكم، لقطع إسلامكم للعصمة الزوجية. وكذا من ارتدت ولحقت بدار الكفر. إلا أن ترجع إلى الإِسلام قبل انقضاء عدتها فلا يفسخ نكاحها وتبقى العصمة إن كان مدخولا بها.
    {واسألوا ما أنفقتم}: أي أطلبو ما أنفقتم عليهن من مهور في حال الارتداد.
    {وليسألوا ما أنفقوا}: أي على المهاجرات من مهور في حال إسلامهن.
    {وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار}: أي بأن فرت امرأة أحدكم إلى الكفار ولحقت بهم ولم يعطوكم مهرها فعاقبتم أي الكفار فغنمتم منهم غنائم.
    {فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا}: أي فأعطوا الذي ذهبت أزواجهم إلى الكفار مثل أنفقوا عليهن من مهور.
    {واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون}: أي وخافوا الله الذي أنتم بهمؤمنون فأدوا فرائضه واجتنبوا نواهيه.


    _


    .معنى الآيات:

    ( 10 ) يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، إذا جاءكم النساء المؤمنات مهاجرات من دار الكفر إلى دار الإسلام، فاختبروهن؛ لتعلموا صدق إيمانهن، الله أعلم بحقيقة إيمانهن، فإن علمتموهن مؤمنات بحسب ما يظهر لكم من العلامات والبينات، فلا تردُّوهن إلى أزواجهن الكافرين، فالنساء المؤمنات لا يحلُّ لهن أن يتزوجن الكفار، ولا يحلُّ للكفار أن يتزوجوا المؤمنات، وأعطوا أزواج اللاتي أسلمن مثل ما أنفقوا عليهن من المهور، ولا إثم عليكم أن تتزوجوهن إذا دفعتم لهنَّ مهورهن. ولا تمسكوا بنكاح أزواجكم الكافرات، واطلبوا من المشركين ما أنفقتم من مهور نسائكم اللاتي ارتددن عن الإسلام ولحقن بهم، وليطلبوا هم ما أنفقوا من مهور نسائهم المسلمات اللاتي أسلمن ولحقن بكم، ذلكم الحكم المذكور في الآية هو حكم الله يحكم به بينكم فلا تخالفوه. والله عليم لا يخفى عليه شيء، حكيم في أقواله وأفعاله.
    ( 11 ) وإن لحقت بعض زوجاتكم مرتدات إلى الكفار، ولم يعطكم الكفار مهورهن التي دفعتموها لهن، ثم ظَفِرتم بهؤلاء الكفار أو غيرهم وانتصرتم عليهم، فأعطوا الذين ذهبت أزواجهم من المسلمين من الغنائم أو غيرها مثل ما أعطوهن من المهور قبل ذلك، وخافوا الله الذي أنتم به مؤمنون.



    فى ظلال الآيات_

    •وقد ورد في سبب نزول هذه الأحكام أنه كان بعد صلح الحديبية الذي جاء فيه:"على ألا يأتيك منا أحد وإن كان على دينك إلا رددته إلينا" . . فلما كان الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه بأسفل الحديبية جاءته نساء مؤمنات يطلبن الهجرة والانضمام إلى دار الإسلام في المدينة ; وجاءت قريش تطلب ردهن تنفيذا للمعاهدة . ويظهر أن النص لم يكن قاطعا في موضوع النساء , فنزلت هاتات الآيتان تمنعان رد المهاجرات المؤمنات إلى الكفار , يفتن في دينهن وهن ضعاف .
    وأول إجراء هو امتحان هؤلاء المهاجرات لتحري سبب الهجرة
    قال ابن عباس:كان يمتحنهن:بالله ما خرجت من بغض زوج , وبالله ما خرجت رغبة عن أرض إلى أرض , وبالله ما خرجت التماس دنيا , وبالله ما خرجت إلا حبا لله ورسوله .

    وهذا هو الامتحان . . وهو يعتمد على ظاهر حالهن واقرارهن مع الحلف بالله . فأما خفايا الصدور فأمرها إلى الله , ولا سبيل للبشر إليها: (الله أعلم بإيمانهن . .)فإذا ما أقررن هكذا (فلا ترجعوهن إلى الكفار). .
    (لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن). .
    وكان الأمر في أول الهجرة متروكا بغير نص , فلم يكن يفرق بين الزوجة المؤمنة والزوج الكافر ; ولا بين الزوج المؤمن والزوجة الكافرة , لأن المجتمع الإسلامي لم يكن قد استقرت قواعده بعد . فأما بعد صلح الحديبية - أو فتح الحديبية كما يعتبره كثير من الرواة - فقد آن أن تقع المفاصلة الكاملة ; وأن يستقر في ضمير المؤمنين والمؤمنات , كما يستقر في واقعهم , أن لا رابطة إلا رابطة الإيمان , وأن لا وشيجة إلا وشيجة العقيدة , وأن لا ارتباط إلا بين الذين يرتبطون بالله .
    ومع إجراء التفريق إجراء التعويض - على مقتضى العدل والمساواة - فيرد على الزوج الكافر قيمة ما أنفق من المهر على زوجته المؤمنة التي فارقته تعويضا للضرر . كما يرد على الزوج المؤمن قيمة ما أنفق من المهر على زوجته الكافرة التي يطلقها من عصمته .
    وبعد ذلك يحل للمؤمنين نكاح المؤمنات المهاجرات متى آتوهن مهورهن
    (وآتوهم ما أنفقوا , ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن . ولا تمسكوا بعصم الكوافر ,واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا).

    ثم يربط هذه الأحكام كلها بالضمانة الكبرى في ضمير المؤمن . ضمانة الرقابة الإلهية وخشية الله وتقواه:
    (ذلكم حكم الله يحكم بينكم , والله عليم حكيم). .
    وهي الضمانة الوحيدة التي يؤمن عليها من النقض والالتواء والاحتيال . فحكم الله , هو حكم العليم الحكيم . وهو حكم المطلع على ذوات الصدور . وهو حكم القوي القدير . ويكفي أن يستشعر ضمير المسلم هذه الصلة , ويدرك مصدر الحكم ليستقيم عليه ويرعاه . وهو يوقن أن مرده إلى الله .
    فإذا فات المؤمنين شيء مما أنفقوا , بامتناع الكوافر أو أهليهن من رد حق الزوج المؤمن - كما حدث في بعض الحالات - عوضهم الإمام مما يكون للكافرين الذين هاجرت زوجاتهم من حقوق على زوجاتهم في دار الإسلام , أو مما يقع من مال الكفار غنيمة في أيدي المسلمين:
    (وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا)ويربط هذا الحكم وتطبيقاته كذلك بالضمان الذي يتعلق به كل حكم وكل تطبيق:
    (واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون). .
    وهي لمسة للمؤمنين بالله عميقة الأثر في القلوب .
    وهكذا تكون تلك الأحكام بالمفاصلة بين الأزواج تطبيقا واقعيا للتصور الإسلامي عن قيم الحياة وارتباطاتها ; وعن وحدة الصف الإسلامي وتميزه من سائر الصفوف ; وعن إقامة الحياة كلها على أساس العقيدة , وربطها كلها بمحور الإيمان ; وإنشاء عالم إنساني تذوب فيه فوارق الجنس واللون واللغة والنسب والأرض . وتبقى شارة واحدة تميز الناس . . شارة الحزب الذي ينتمون إليه . . وهما حزبان اثنان:حزب الله وحزب الشيطان . .





    .من هداية الآيات:


    1- وجوب امتحان المهاجرة فإن علم اسلامها لا يحل إرجاعها إلى زوجها الكافر لأنها لا تحل له، واعطاؤه ما أنفق عليها من مهر. ويجوز بعد ذلك نكاحها بمهر وولي وشاهدين إن كانت مدخولا بها فبعد انقضاء عدتها وإلا فلا حرج في الزواج بها فوراً.
    2- حرمة نكاح المشركة.
    3- لا يجو الإبقاء على عصمة الزوجة المشركة، وللزوج المسلم الذي بقي زوجته على الكفر، أو ارتدت بعد إسلامها أن يطالب بما أنفق عليها من مهر وللزوج الكافر الذي أسلمت زوجته وهاجرت ان يسأل كذلك ما أنفق عليها.
    4- ومن ذهبت زوجته ولم يُردّ عليه شيء مما أنفق عليها، ثم غزا المسلمون تلك البلاد وغنموا فإن من ذهبت زوجته ولم يعوض عنها يعطى ما أنفقه من الغنيمة قبل قسمتها. وإن لم تكن غنيمة فجماعة المسلمين وإمامهم يساعدونه ببعض ما أنفق من باب التكافل والتعاون.
    5- وجوب تقوى الله تعالى بتطبيق شرعه وانفاذ أحكامه والرضا بها.



    المراجع_
    يسر التفاسير لكلام العلي الكبير
    في ظلال القرآن الكريم سيد قطب
    الجزائرى أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير





  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Dec 2014
    الموقع
    مصر
    الردود
    383
    الجنس
    امرأة




    تفسير ما تيسر من سورة الممتحنه

    .تفسير الآيات (12- 13):

    {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13)}

    شرح الكلمات:

    {إذا جاءك المؤمنات يبايعنك}: أي يوم الفتح والرسول صلى الله عليه وسلم على الصفا وعمر أسفل منه.
    {فبايعهن}: أي على أن لا يشركن بالهل شيئاً إلى ولا يعصينك في معروف.
    {أن لا يشركن بالله}: أي أي شيء من الشرك أو الشركاء.
    {ولا يقتلن أولادهن}: أي كما كان أهل الجاهلية يقتلون البنات وأداً لهن.
    {ولا يأتين ببهتان يفترينه}: أي بكذب يكبذنه فيأتين بولد ملقوط وينسبنه إلى الزوج وهو ليس بولده.
    {ولا يعصينك في معروف}: أي ما عرفه الشرع صالحاً حسناً فأمر وانتدب إليه. أو ما عرفه الشرع منكراً محرماً.
    {فبايعهن}: أي اقبل بيعتهن.
    {واستغفر لهن الله}: أي أطلب الله تعالى لهن الغفرة لما سلف من ذنوبهن وما قد يأتي.
    {قوماً غضب الله عليهم}: أي اليهود.
    {قد يئسوا من الآخرة}: أي من ثوابها مع إيقانهم بها، وذلك لعنادهم النبي مع علمهم بصِدْقِهِ.
    {كما يئس الكفار من أصحاب القبور}: أي كيأَس من سبقهم من اليهود الذين كفروا بعيسى وماتوا على ذلك فهم أيضاً قد يئسوا من ثواب الآخرة.





    معنى الآيات

    ( 12 ) يا أيها النبي إذا جاءك النساء المؤمنات بالله ورسوله يعاهدنك على ألا يجعلن مع الله شريكًا في عبادته، ولا يسرقن شيئًا، ولا يزنين، ولا يقتلن أولادهن بعد الولادة أو قبلها، ولا يُلحقن بأزواجهن أولادًا ليسوا منهم، ولا يخالفنك في معروف تأمرهن به، فعاهدهن على ذلك، واطلب لهن المغفرة من الله. إن الله غفور لذنوب عباده التائبين، رحيم بهم.

    ( 13 ) يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله، لا تتخذوا الذين غضب الله عليهم؛ لكفرهم أصدقاء وأخلاء، قد يئسوا من ثواب الله في الآخرة، كما يئس الكفار المقبورون، من رحمة الله في الآخرة؛ حين شاهدوا حقيقة الأمر، وعلموا علم اليقين أنهم لا نصيب لهم منها، أو كما يئس الكفار مِن بَعْث موتاهم -أصحاب القبور-؛ لاعتقادهم عدم البعث.




    فى ظلال الآيات
    • مبايعة المؤمنات
    ثم بين لرسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يبايعهن على الإيمان , هن وغيرهن ممن يردن الدخول في الإسلام . وعلى أي الأسس يبايعهن:

    •هذه الأسس هي المقومات الكبرى للعقيدة , كما أنها مقومات الحياة الاجتماعية الجديدة . .

    • إنها عدم الشرك بالله إطلاقا . . وعدم إتيان الحدود . . السرقة والزنا . . وعدم قتل الأولاد . . إشارة إلى ما كان يجري في الجاهلية من وأد البنات , كما أنه يشمل قتل الأجنة لسبب من الأسباب . . وهن أمينات على ما في بطونهن . . (ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن). . قال ابن عباس:يعني لا يلحقن بأزواجهن غير أولادهن . وكذلك قال مقاتل . ولعل هذا التحفظ - بعد المبايعة على عدم الزنا - كان للحالات الواقعة في الجاهلية من أن تبيح المرأة نفسها لعدة رجال , فإذا جاءت بولد , نظرت أيهم أقرب به شبها فألحقته به , وربما اختارت هي أحسنهم فألحقت به ابنها وهي تعلم من هو أبوه !

    وعموم اللفظ يشمل هذه الحالة وغيرها من كل بهتان مزور يدعى . ولعل ابن عباس ومقاتل خصصاه بذلك المعنى لمناسبة واقعة وقتذاك .

    • (ولا يعصينك في معروف). . وهو يشمل الوعد بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما يأمرهن به . وهو لا يأمر إلا بمعروف . ولكن هذا الشرط هو أحد قواعد الدستور في الإسلام , وهو يقرر أن لا طاعة على الرعية لإمام أو حاكم إلا في المعروف الذي يتفق مع دين الله وشريعته . وأنها ليست طاعة مطلقة لولي الأمر في كل أمر ! وهي القاعدة التي تجعل قوة التشريع والأمر مستمدة من شريعة الله , لا من إرادة إمام ولا من إرادة أمة إذا خالفت شريعة الله . فالإمام والأمة كلاهما محكوم بشريعة الله , ومنها يستمدان السلطات !

    •فإذا بايعن على هذه الأسس الشاملة قبلت بيعتهن . واستغفر لهن الرسول صلى الله عليه وسلم عما سلف (إن الله غفور رحيم). . يغفر ويرحم ويقيل العثرات .

    • النهي عن موالاة الكفار

    _يجيء هتافا للذين آمنوا باسم الإيمان , وبالصفة التي تميزهم عن سائر الأقوام , إذ تصلهم بالله وتفصلهم عن أعداء الله .

    _وقد وردت بعض الروايات بأن المقصود بالقوم الذين غضب الله عليهم هم اليهود , استنادا إلى دمغهم بهذه الصفة في مواضع أخرى من القرآن . ولكن هذا لا يمنع من عموم النص ليشمل اليهود والمشركين الذين ورد ذكرهم في السورة , وكل أعداء الله . وكلهم غضب عليه الله . وكلهم يائس من الآخرة , لا يعلق بها رجاء , ولا يحسب لها حسابا كيأس الكفار من الموتى - أصحاب القبور - لاعتقادهم أن أمرهم انتهى , وما عاد لهم من بعث ولا حساب .






    من هداية الآيات

    1- مشروعية أخذ البيعة لإِمام المسلمين ووجوب الوفاء بها.
    2- حرمة الشرك وما ذكر معه من السرقة والزنا وقتل الأولاد والكذب والبهتان وإلحاق الولد بغير أبيه.
    3- حرمة النياحة وما ذكر معها من شق الثياب وخمش الوجوه والتحدث مع الرجال الأجانب.
    4- بعد الحرة كل البعد من الزنا إذ قالت هند وهي تبايع أو تزني الحرة؟ قال لا تزني الحرة.
    5- حرمة مصافحة النساء لقوله صلى الله عليه وسلم في البيعة إني لا أصافح النساء.
    6- حرمة موالاة اليهود بالنصر والمحبة.




    تم تفسير سورة الممتحنة ولله الحمد والمنه وبإذن الله تعالى نبدأغداً فى تفسير سورةالصف هدانا الله للعمل بكتابه وسنة نبية وبارك الله فيمن تابع وجزى الله خيراً من نشر فالدال على الخير كفاعله ورُب حامل فقه الى من هو أفقه منه.
    ______________________________________


    المراجع_

    التفسير الميسر لمجموعة من العلماء.
    في ظلال القرآن الكريم سيد قطب
    الجزائرى أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير




مواضيع مشابهه

  1. تفسير سورة النبأ من تفسير ابن عثيمين رحمه الله
    بواسطة ابومحمود السلفي في روضة السعداء
    الردود: 0
    اخر موضوع: 26-06-2009, 10:21 PM
  2. تفسير سورة الماعون
    بواسطة روينة في دار لكِ لـ تحفيظ القرآن
    الردود: 6
    اخر موضوع: 10-11-2008, 02:16 PM
  3. المتدينة -- الممتحنة
    بواسطة mayoutta في الملتقى الحواري
    الردود: 2
    اخر موضوع: 12-05-2008, 02:08 PM
  4. تفسير آية (11) من سورة البقرة
    بواسطة أيمن دراوشة في روضة السعداء
    الردود: 1
    اخر موضوع: 30-06-2005, 12:43 AM
  5. تفسير سورة الاخلاص
    بواسطة النورس في روضة السعداء
    الردود: 6
    اخر موضوع: 28-02-2001, 02:30 PM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ