☆ الدّرس الأول ☆
المعوِّذتان هما سورتا الفلق والناس {قل أعوذ برب الفلق} ، و{قل أعوذ برب الناس}.
وتسميتهما بالمعوذتين مشهورة من عهد النبي صلى الله عليه وسلم
ففي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت:
(كان رسول الله صلى الله عليه سلم إذا أوى إلى فراشه نفث في كفيه بـ{قل هو الله أحد}
وبالمعوذتين جميعاً ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت يداه من جسده).
وفي جامع الترمذي وسنن ابن ماجة والنسائي من حديث سعيد الجُريريّ عن أبي نضرة العبدي
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجانّ وعين الإنسان حتى نزلت المعوذتان؛
فلما نزلتا أخذ بهما ، وترك ما سواهما).
وفي هذه التسمية أحاديث أخرى وآثارٌ عن الصحابة والتابعين.
وإذا قيل المعوذات فالمراد: سور الإخلاص والفلق والناس،
كما في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت:
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مَرِضَ أحد من أهله نفث عليه بالمعوّذات؛
فلما مرض مرضه الذي مات فيه جعلت أنفث عليه وأمسحه بيد نفسه لأنها كانت أعظمَ بركةً من يدي).
وفي صحيح البخاري وغيره من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى
يقرأ على نفسه بالمعوّذات وينفث.
قالت: (فلمَّا اشتدَّ وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها).
وقد ورد في الأحاديث ما يفيد مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على قراءة المعوذات والرقية بها؛
ففي صحيح البخاري أيضاً من حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كلَّ ليلة
جمع كفيه ثم نفث فيهما ؛ فقرأ فيهما: {قل هو الله أحد}، و{قل أعوذ برب الفلق}، و{قل أعوذ برب الناس} ؛
ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده؛ يبدأ بهما على رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات.
وفي هذا اللفظ ما يفيد هذا الترتيب: يجمع كفيه، ثم ينفث فيهما، ثم يقرأ مباشرة ، ثم يمسح جسده،
فتكون الرقية على الكفين وما فيهما من الريق الذي نفثه.
☆ فضل المُعوِّذتين ☆
فالمعوّذتان كرامة من الله تعالى لهذه الأمة، لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور مثلهما.
بل ثبت في صحيح مسلم من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:
((ألم تر آيات أُنزلتِ الليلة لم ير مثلهنَّ قط؟! {قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس})).
-وفي مسند الإمام أحمد وسنن النسائي عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال:
(اتبعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو راكبٌ فوضعت يدي على قدمه؛ فقلت:
أقرئني يا رسول الله سورة هود وسورة يوسف.
فقال: ((لن تقرأ شيئا أبلغ عند الله من {قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس})) ).
وفي رواية عند النسائي والحاكم :
(قال: ((يا عقبة اقرأ بـ{قل أعوذ برب الفلق} فإنك لن تقرأ سورة أحب إلى الله عز وجل وأبلغ عنده منها؛
فإن استطعت أن لا تفوتك فافعل)) ).
☆ نزول المُعوِّذتين ☆
الصحيح أن المعوذتين مدنيتان؛ ويدل على ذلك حديثان صحيحان:
الأول: حديث عقبة بن عامر في صحيح مسلم وسنن النسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:
((ألم تر آيات أُنزلتِ الليلة لم ير مثلهنَّ قط؟! {قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس})).
وعقبة بن عامر الجهني ممن أسلم بعد الهجرة.
وقول النبي صلى الله عليه سلم له: ((أنزلت الليلة)) يدل على حداثة نزولها عند التحديث.
والحديث الآخر: حديث أبي سعيد الخدري المتقدم آنفاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من الجان وعين الإنسان
حتى نزلت المعوذتان فلما نزلتا أخذهما وترك ما سواهما.
وأبو سعيد الخدري رضي الله عنه من صغار الأنصار من لدات أنس بن مالك وعبد الله بن عمر
قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهو غلام.
فالصحيح أن المعوذتين مدنيتان، وقد قال بذلك من المفسرين والقراء:
الثعلبي وأبو عمرو الداني وأبو معشر الطبري والبغوي وابن كثير وغيرهم.
وأما نزول المعوذتين بسبب حادثة سحر النبي صلى الله عليه وسلم ففيه خلاف؛
وقد فُصل القول فيه في كتاب جمهرة التفاسير ؛ فليطالعه من شاء.
لكن الخلاصة أن الحادثة صحيحة لكن نزول المعوذتين بسبب تلك الحادثة فيه خلاف ولبس.
وأمثل ما يستدل به على ذلك عن زيد بن الأرقم قال: (سحر النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود.
قال:فاشتكى فأتاه جبريل فنزل عليه بالمعوذتين، قال: إن رجلاً من اليهود سحرك ، والسحر في بئر فلان.
قال: فأرسل علياً فجاء به.
قال: فأمره أن يحلّ العُقد وتُقرأ آية؛ فجعل يقرأ ويحلّ حتى قام النبي صلى الله عليه وسلم كأنما أُنشِطَ من عقال).
وهذا الحديث رجاله ثقات، لكن ذكر نزول المعوذتين والرقية بهما من ذلك تفرد به أحمد بن يونس، وهو إمام ثقة،
لكن خالفه جماعة من الأئمة الثقات رووا هذا الحديث من غير هذه الزيادة.
فذكر نزول المعوذتين هنا والرقية بهما من السحر،
يُتبع غداً { الجزء الثّاني } بإذنِ الله
مع وضع السؤال
فكونوا بالقُرب يا رفقة الدّار
ما تهربوا
الروابط المفضلة