تفسير سورة الملك
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)
أى تمجد وتعالى الله العلى الكبير الذى بيده ملك السماوات والارض يتصرف فيهما كيف يشاء وهو سبحانه له القدره التامه على كل شئ
الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)
أى أنه سبحانه وتعالى الذى أوجد الحياة والموت فأحيا من يشاء وأمات من يشاء لأنه هو الواحد القهار المتصرف فى شئون العباد ومنها الموت والحياه
وقد قدم الله الموت على الحياه فى الآيه لأن للموت هيبه تهز النفوس
ولقد ثبت أن الميت يسمع ويحس وهو فى قبره كما قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن أحدكم أذا وضع فى قبره وتولى عنه أصحابه وإنه ليسمع قرع نعالهم
فالموت هو مفارقة الروح للجسد و ذهاب الروح الى حياة البرزخ لتبقى فيها حتى يوم القيامة
ويفنى الجسد ويتحول الى تراب
وقد خلقكم الله وأحياكم ليمتحنكم و يختبركم أيها الناس فيرى المحسن منكم من المسئ
وهو العزيز أى الغالب فى أنتقامه ممن عصاه
وهو الغفور لمن تاب وأناب إليه
الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ۖ مَا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَـٰنِ مِنْ تَفَاوُتٍ ۖ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِنْ فُطُورٍ (3)
وهو الذى خلق السموات وهى سبع سموات طباقا أى بعضها فوق بعض كل سماء تعتبر كالقبة للاخرى والسماء ألتى نراها هى السماء الدنيا
ويأمرنا الله بالنظر فى خلق السماء هل ترى من شقوق او تصدع أو خلل بل غايه فى ألاتقان والجمال
ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4 )
أرجع بصرك مره آخرى وتأكد من الاحكام و ألاتقان
لأن الانسان أذا نظر للشئ مرة واحدة قد لا يرى عيبه أما أذا نظر مرتين فقد تبين كل شئ
سوف يرجع إليك بصرك وهو خاشعا ذليلا من قدرة الله الذى أحسن كل شيئا صنعه
وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ ۖ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ(5)
ولقد زين الله السماء الدنيا
بالكواكب والنجوم لثلاث اسباب:
1
زينه للسماء و تضئ الليل
2
للاهتداء بها كعلامات فى البر والبحر اثناء السفر
3
رجوما للشياطين الذين يحاولون استراق السمع لما يحدث فى الملئ الاعلى فهى ترسل عليهم شهوبا لتحرقهم فى الدنيا ولهم فى الاخره عذاب النار فى السعير
وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6)
أى للكافرين بربهم أيضا عذاب جهنم فليس العذاب مخصوص للشياطين بل هو لكل كافر بالله سواء من الإنس أو الجن
وهذا المصير البائس لمن يكفر بالله
إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7)
فى هذه الآيه يصف الله سبحانه وتعالى جهنم وما فيها من العذاب والأهوال والأغلال وحال من يلقى فيها كما يلقى الحطب فى النار فهم يسمعون لها صوتا منكرافظيعا لشدة توقدها وغليانها وفوارنها وهىتطلق صوت كصوت القدر الذى يغلى و يفور من شدة الغضب ومن شدة اللهب
تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8)
جهنم وهى على هذا الحال كل ما ألقى فيهافوج من الكافرين تكاد تتقطع وتنفصل عن بعضها من شدة الغيظ وشدة كرهها لهؤلاء الكافرين وجهنم عليها ملائكة غلاظ أشداء لا يعصون لله أمرا ويسمون بزبانية جهنم فيسألون الكافرين ألم يأتكم رسول ووضح لكم أن عقاب الله واقع على من يكفر بالله الواحدالاحد وقد بلغوكم عن عذاب جهنم ؟ وهذا السؤال يزيد من الالم والحسره فى نفوس الكافرين ويشعرون بالندم لتكذيبهم بما جاء به الرسل
قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9)
قالوا نعم لقد جاءنا رسول منذر و أخبرنا عن الله و آياته ولكننا كذبنا و أنكرنا ولم نصدق و قولنا ما أنزل الله من شئ و قلنا للرسل أنتم فى ضلال واضح
وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10)
ويقول الكافرين لو كانت لنا عقول لنعقل به ما جاء به الرسل أو أستمعنا لهم أستماع العاقل ما كان هذا مصيرنا وما كنا من سكان جهنم وما كنا من الخالدين فيها
يتبع
الروابط المفضلة