السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التفكر في خلق الله
آيات خلق الله تتجلى في آيات الذكر الحكيم
قيل لحكيم: " بما عرفت ربك؟" قال: " سماء ذات أبراج وليل داج وبحر يُزخر ونجوم تُزهِر، ألا تدل على السميع البصير ؟ "
وقيل لأحمد: "بما عرفت ربك ؟ " قال: " سبحان الله، البيضة صماء، ملساء، مغلقة، تفقس ويخرج منها حيوان سميع بصير، ألا تدل على سميعٍ بصير ؟ ".
وقيل للشافعي: " بما عرفت الله ؟ " قال: " سبحان الله، ورقة التوت تأكلها دودة الخز فتُخرِجُ حريرا، والنحل يُخرجُ عسلا، أفلا تدل على السميع البصير ؟ "
إن التفكر في خلق الله هو من أفضل السبل للوقوف على عظمة قدرة الله سبحانه وتعالى.
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ واخْتِلاَفِ الَّليْلِ والنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِلأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ الله قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا
بَاِطلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ (سورة ءال عمران / 190 و 191 ).
والقرآن الذي هو أفضل الذكر لأولي الألباب، يحوي مئات الحقائق العلمية في البحار والجبال والأرض والطب والنفس... وكلها تشهد على صدق قول الحق تبارك وتعالى: ﴿ سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ (فصلت/ 53).
آيات الله في الكون
تحدث القرآن الكريم عن كل شيء في هذا الكون الشاسع الذي يتجاوز امتداده امتداد خيال العقل البشري، فقبل 1400 سنة تحدث الله سبحانه وتعالى عن أشياء لم يتم اكتشاف مغزاها إلا في هذا العصر والأكيد أن الكثير الكثير من آيات الذكر الحكيم لم تُكتشف تجلياتها بعد.
لقد حدثنا الله في كتابه عن :
الجبال والتوازن الأرضي، فالجبال تملك جذوراً تمتد إلى داخل الغلاف الصخري بهدف تأمين التوازن، هذا ما اكتشفه العلماء حديثا، فالجبال إذن أوتاد.
هذه آية من آيات الله عز وجل، قصيرة بعدد كلماتها ولكنها غزيرة بمعانيها ودلالاتها وإعجازها، تصِفُ الجبال بكلمة واحدة وهي قوله تعالى: ﴿ وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً﴾ ([النبأ/ 7). والسؤال: هل جاء هذا المعنى في تشبيه الجبال بالأوتاد على سبيل المجاز، أم أن الجبال هي فعلاً أوتاد؟
في السنوات الماضية اكتشف العلماء أن كل جبل هو عبارة عن وتد يثبت الأرض في رحلة دورانها، وقد حدث هذا الاكتشاف أثناء دراسة القشرة الأرضية، فتبين أن للجبل كثافة تختلف عن الأرض من حوله، وأننا نرى من الجبال الجزء البارز منها، ولكن معظم أجزاء هذه الجبال تنغرز في باطن الأرض لآلاف الأمتار ولا نراها!
تماماً كالوتد، معظمُه في الأرض وجزء صغير منه بارز فوقها، هكذا حال الجبال معظم وزنها وحجمها يتركزان في باطن الأرض ولا يبرز منها إلا القليل فوق سطح الأرض. ولولا هذا التصميم للجبل لَكَانَ عبئاً على الأرض ولأَحدث هزات فيها فسبحان الذي قال: ﴿ وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ﴾ (النحل/ جز ء من آية 15)
والجبال تتحرك أيضا، فقد رصدت الأقمار الصناعية تحركات الجبال على سطح الأرض، وفسر العلماء هذه التحركات بأن الجبال تعوم على الطبقة الثانية من طبقات الأرض السبعة وهي شديدة الحرارة، وهذه الجبال تتحرك حركة خفية بفعل التيارات الحرارية العنيفة المتولدة تحتها، وهذه الحركة التي تحدث عنها العلماء اليوم تحدث عنها القرآن منذ 1400 سنة، يقول تعالى: ﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾ ( النمل-88) .
أليس هذا إعجازا واضحا يشهدُ على إعجاز هذا القرآن.
أمواج عاتية وظلمات في المحيط: لقد تفاجأ العلماء في السنوات الأخيرة باكتشافهم أن في أعماق المحيط يوجد ظلام دامس وأمواج عاتية، وهذه الأمواج تختلف عن الأمواج السطحية التي تحجب عنها أشعة الشمس فسبحان الذي قال: ﴿ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ﴾ (النور/ جزء من آية 40).
الجواري الكنس: هي حقيقة لم يتوصل إليها العلماء إلا في القرن العشرين وهي أن في البناء الكوني توجد ثقوب سوداء في مركز الدوامة لا تُرى أبدا، تجري بسرعات كبيرة وتشفط وتكنس أي شيء يقترب منها فهي تعمل مثل مكانس كونية عملاقة فسبحان الذي قال منذ 1400 سنة: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّس
الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ﴾ (التكوير/ 15و16)، "والخنس" تعني التي لا تُرى و"الكنس" تعني التي تكنِس وتجذّب و"الجوارِ" أي التي تجري.
الوردة المدهنة: لقد تحدث القرآن عن الظواهر العلمية واستعملها كدليل علمي على أن يوم القيامة لا ريب فيه.
وفي وقت ليس بالبعيد، التقطت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" نجما ينفجر ويكون شكلا يشبه الوردة المدهونة بدهان أحمر، ولذلك أطلق عليها علماء الغرب "الوردة الحمراء المدهنة".
ومن عجائب القرآن التي لا تنتهي أنه حدثنا عن هذا المشهد الذي هو صورة مصغرة من أهوال يوم القيامة في قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ﴾ (الرحمن/37)، فانظروا معي كيف يستخدم علماء الغرب التعبير القرآني ذاته.
مرج البحرين: في عصرنا الحاضر اكتشف العلماء أن مياه النهر العذب تخترق البحر لمئات الأمتار في منطقة المصب، وعلى الرغم من الملوحة الزائدة لمياه البحر فلا يطغى أحدهما على الآخر ويبقى التوازن قائما لآلاف السنين وفق قوانين فيزيائية محكمة بتقدير من الخالق عز وجل. هذا الاكتشاف ذكره القرآن في آية عظيمة، يقول تبارك وتعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا ﴾ (الفرقان – 53 ).
عندما تلتقي النار بالماء: هي صورة رائعة من موقع "ناشيونال جيوقرافيك" لجانب من جزيرة هاواي، فيها مشهد مهيب يظهر عظمة الخالق وقدرته في خلقه، حيث تمتزج النار بالبحر، فلا الماء على كثرته يُطفئ النار ولا النار على شدتها تبخر الماء، ويبقى هذا المشهد في توازن عجيب خلال آلاف السنين، فسبحان الذي قال: ﴿ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ ﴾ (الطور/6) و" المسجور" أي المشتعل.
آيات الله في خلق الإنسان
إننا مهما تكلمنا ومهما بحثنا ومهما اكتشفنا ومهما بلغنا من درجات سلم العلم ومهما استنفذنا أقلامنا فلن نوفي إعجازات كتاب الله حقه ولو في صفحة واحدة من صفحاته.
فعن ماذا يمكن أن نتحدث ؟
عن إعجاز هذا القرآن في خلق الإنسان ؟، فيتحدى الله بتسوية بنانه،
﴿ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ﴾ (القيامة/4)، ليكشف العلماء الآن أن كل إنسان على وجه الأرض منذ سيدنا آدم عليه السلام وحتى هذا العصر له بصمة خاصة به لا يشاركه فيها غيره.
أم نتحدث عن الناصية وهي المنطقة الأمامية من الدماغ والتي اكتشف العلماء في عصرنا الحديث أن منطقة الناصية هي أهم مناطق الدماغ في التفكير السليم والقيادة والإبداع وفي إشارة قرآنية رائعة قول سيدنا هود عليه السلام: ﴿ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ (هود/56)، فهل علمنا الآن لماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ناصيتي بيدك)؟.
أم نتحدث عن القلب الذي اكتشف العلماء أنه ليس مجرد مضخة إنما يحتوي على مجال كهربائي أقوي من الدماغ بكثير وإنما أيضا هو المسئول على توجيه الدماغ وأجهزة الجسد في عملها فسبحان الذي قال:
﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا ﴾ (الحج/ جزء من آية 46) .
أم عن الدراسات التي كشفت عن أضرار الجماع المتعددة عندما تكون المرأة حائض، ألم يقل الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ﴾ (البقرة-222)، وغير ذلك الكثير الكثير.
آيات الله في خلق الحيوان
أم نتحدث عن إعجازات الآيات القرآنية في الحيوان فلا شك أن كثيرا منا تساءل في نفسه عندما اعترضه قول الله سبحانه وتعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ (النمل/ 18)، النمل يتحطم ؟؟؟، أليس النمل كائنا حيا وجسمه ككل الكائنات طري ؟، فكيف يتحطم ؟.
لقد اكتشف العلماء حديثا أن جسم النملة مزود بهيكل عظمي خارجي صلب، يعمل على حمايتها ودعم جسدها الضعيف، هذا الغلاف العظمي الصلب كـ"الزجاج" يفتقر للمرونة، ولذلك حين تعرضه للضغط فإنه يتحطم كما يتحطم الزجاج، فسبحان العلام بدقة تفاصيل خلقه.
وكذلك كلمة "مساكنكم" من نفس الآية هي تسمية دقيقة جدا من الناحية العلمية وتشهد على إعجاز القرآن، فقد اكتشف العلماء أن هذه المساكن تضاهي تلك التي يصنعها البشر، فهي مزودة بكل ما تحتاجه النملات من غرف خاصة لتخزين الغذاء وفتحات تهوية وغرف خاصة للصغار ووسائل تعقيم... فسبحان الذي ألهمها هذه البراعة في الهندسة والتصميم.
وهذه الذبابة الحشرة الضعيفة - ضعيفة في نظرنا، لان الباحثين أثبتوا أن لدى الذبابة قدرات فائقة – حيث يعالج دماغها المعلومات ويرسم الخطط خلال العُشْرْ من الثانية (1/10)، الشيء الذي يمنحها قدرة عالية على المناورة والدفاع عن نفسها، فسبحان الذي ضربها لنا مثلا في كتابه فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ﴾ ( الحج/ 73).
وفي عالم الطيور، ظاهرة أثارت دهشة العلماء وهي تحليق الطيور وفي دماغها نظام يعلمها ويهديها لكسب الرزق وإطعام صغاره وأكدوا أن جميع الكائنات الحية "مبرمجة" بشكل مسبق لتؤدي عملها على أكمل وجه وبشكل يضمن تكاثرها واستمرارها فسبحان الذي ﴿ أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ (طه/ جزء من آية 50).
وفي إطار نفس الآية، اكتشف العلماء أن النبات يستغيث ببعض الحشرات الكبيرة لإنقاذه من الحشرات الصغيرة، حيث يطلق النبات مواد كيميائية تجذب الحشرات الكبيرة فتأتي وتلتهم الحشرات الصغيرة وهكذا يتخلص النبات منها، فسبحان الذي ﴿ أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ (طه/ جزء من آية 50).
[CENTER]المقدمة: مقتطفات من محاضرة للشيخ عائض القرني بعنوان " وقل سيروا في الأرض "
[/CENTER]
الموضوع: من الموقع الالكتروني "أسرار الإعجاز العلمي في القرآن والسنة"
[CENTER]مختارات انتقيتها ومتفرقات جمعتها من الموقع
[CENTER]وحاولت تبسيط المعلومة أثناء تلخيصها وتنسيقها حتى تعم الفائدةأرجو أن أكون قد وُفِّقت
الروابط المفضلة