بسم الله.. عونك اللهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ذكر الشيخ غزلان في كتابه "البيان في مباحث القرآن" أن جمع الشيء في اللغة هو: استقصاؤه والإحاطة به ، وذلك بطريقتان ؛ هما: حفظه كله ، أو كتابته كله ، فالأولى في الصدور ، والثانية في السطور.
فمثال ذلك ما ورد عن أنس –رضي الله عنه-: " جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة...." الحديث [متفق عليه] ، والمعنى: أي أتم حفظه ، والثاني: قول أبي بكر –رضي الله عنه- لزيد بن ثابت –رضي الله عنه-: "تتبع القرآن فاجمعه" [صحيح] ، أي: اكتبه.
** أولا: جمع القرآن بمعنى حفظه:
بدأ هذا الجمع من أول نزول القرآن ، وكان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أول الحفاظ وسيدهم ، قال تعالى: ((لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ)) ، فكان يقرأ به في قيامه ، وكان يعارضه به جبريل في كل عام مرة [[فعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف كل عام عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما وكان يعرض عليه القرآن في كل عام مرة فلما كان العام الذي قبض فيه عرض عليه مرتين" صححه شيخنا الألباني- رحمه الله-].
أما صحابته –صلى الله عليه وسلم ، ورضي الله عنهم جميعا- فقد عُرفوا بقوة حفظهم واشتهروا بذلك ، هذا بجانب حرصهم الشديد على القرآن ، وحث النبي –صلى الله عليه وسلم- لهم على تعلمه وقراءته والعمل به ، ولذا قال ابن الجزري: "إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور ، لا على خط المصاحف والكتب ، وهذه أشرف خصيصة من الله –عز وجل- لهذه الأمة" .
أما ما ورد من أحاديث في حصر القرآن في أربعة ، مثل ما رواه البخاري ومسلم عن أنس –رضي الله عنه- أنه قال: " جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد قيل لأنس من أبو زيد ؟ قال أحد عمومتي" ، فمن أمثل ما قيل في توجيه رواية أنس ما ذكره الحافظ ابن حجر –رحمه الله- ، وملخصه: أن أول الحديث كان فيه نوع تفاخر بين الأوس والخزرج ، فتفاخر الأوس بأربعة ، وتفاخر الخزرج بأربعة جمعوا القرآن ، ثم ذكر أنه قد يراد هذا الحصر في الخزرج فقط ، فلا ينفي ذلك عن غيرهم من الصحابة. ثم ذكر أن الظاهر من أحاديث كثيرة ، حفظ أبي بكر الصديق –رضي الله عنه- للقرآن في حياة النبي –صلى الله عليه وسلم- ، وقد قدمه النبي –صلى الله عليه وسلم- للصلاة بالناس ، وقد قال: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله".
وذكر عن عليّ –رضي الله عنه- أنه جمع القرآن على ترتيب النزول بعد وفاة النبي –صلى الله عليه وسلم- ، وابن عمر ، وابن مسعود ، وسالم مولى أبي حذيفة ، روي عنهم جمعهم للقرآن ، وغيرهم كثير.
** ثانيا: جمع القرآن بمعنى كتابته:
لكتابة القرآن ثلاثة عهود:
- عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- .
- عهد أبي بكر الصديق –رضي الله عنه- .
- عهد عثمان بن عفان –رضي الله عنه- .
الرسالة القادمة إن شاء الله تعالى: "جمع القرآن –كتابةً- في عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- ".
منقول باختصار وتصرف من: " الموسوعة القرآنية المتخصصة " – وزارة الأوقاف المصرية.
منقول
الروابط المفضلة