كان هناك ثلاثة أصدقاء تجمعهم حب المغامرة و الأخاء و لكن كانت حياتهم مليئة بالتعاسة و الحزن و الملل ..
كان وليد رجل مسالم و يساير أصدقائه في كل ما يقولونه و يفعلونه حتى و إن كان لا يعجبه , أما أمجد فقد كان شجاعاً و طموح يأمل بالغد قوياً شجاعاً , أما ياسر فقد كان شجاعاً طموحاً مثل أمجد و لكن سرعان ما كان صبره ينفذ يريد كل شيء بسرعة ..
و في ذات يوم و بينما هم في جلسة سمر في مكانهم المعهود . إذ دخل عليهم شيخ كبير تبدو عليه الحكمة , و لكن كانت تبدو عليه آثار السفر , فطلب منهم المساعدة في تزويده بالقليل من الماء و الطعام ..
ساعده الشباب في تزويده بما يريد , و عندما عرف أن الحزن متمكن منهم !! , أخبرهم بوجود نبتة عجيبة على جبل مرتفع و أنه من إستطاع أن يقطفها لسوف يصل إلى السعادة و يحقق النجاح في حياته .
فرح الأصدقاء الثلاثة و تعاهدوا على الذهاب , لكن الشيخ أخبرهم !!! أن الطريق وعرة و الوصول صعب , و ربما يواجهون متاعب و مخاطر كبيرة ..
و لكن الشباب لم يبالوا بما قاله الشيخ و قالوا نحن نتحدى كل العقبات و نحب المغامرات ..
و نستطيع أن نصل إلى أعلى القمم .
بعد أن إتفق الأصدقاء الثلاثة على يوم يجتمعون فيه ليبدأوا رحلتهم إلى ذلك الجبل الذي أخبرهم عنه الشيخ , أحضر كلاً منهم أشياء سوف يحتاجونها في رحلتهم التي ربما تطول أكثر مما يتوقعون .
وصلوا إلى مكان الجبل فهابهم إرتفاعه العظيم , الذي تتساوى قمته مع السحاب و كادوا أن يلغوا ما عزموا عليه خصوصاً وليد الذي كان خائفاً جداً لولا تصميم أمجد و ياسر على الصعود ..
بدأوا بالصعود مع شروق الشمس و كان كل واحد منهم يزيد من عزيمة صديقه , إستمر صعودهم حتى غروب الشمس ثم جلسوا يستريحون بعد أن وجدوا مكان يصلح لقضاءهم الليل فيه ..
و هكذا كانوا كل ما أشرقت الشمس واصلوا المسير و إذا غربت جلسوا يستريحون .
و في أحد الأيام هبت عاصفة ثلجية على الجبل و كانت عائقاً كبيراً أمام تقدمهم .
إختبأ الأصدقاء في أحد الكهوف حتى تنتهي العاصفة .
و هناك كان وليد غاضباً و خائفاً و صاح :
= أنتم السبب , أنتم من أحضرني إلى هنا , هل ترون كدنا أن نموت .
رد عليه أمجد غاضباً :
= لا تقل هذا الكلام إننا هنا من أجل هدف علينا تحقيقه و لن نعود حتى نصل إليه .
سكت وليد و نظر إلى ياسر الذي كان تائهاً يفكر .
مر عليهم أيام و هم بهذا الحال يختبئون من العاصفة حتى هدأت , خرجوا ليكملوا رحلتهم ..
و بينما هم يحاولون صعود بعض العتبات الصعبة إنزلقت قدم وليد و سقط إلى الأسفل و سقط معه قلب أمجد و ياسر لولا أنه تعلق بأحد الصخور البارزة ..
فحاولوا مساعدته و نجحوا في ذلك , و لكن بعد أن إلتقط وليد أنفاسه توجه إليهم غاضباً و قال:
= لن أكمل سأعود من حيث أتيت . لا أريد سعادة و لا نجاح بهذه الطريقة الخطرة .
حاول أمجد و ياسر أن يثنياه عن قراره و لكن صمم و لم يستمع لهم ...
إنتظروا حتى اليوم الثاني لكي يستريح وليد و ربما يفكر و يتخذ قراره بالإستمرار معهم ..
جاء اليوم التالي و وليد مصمم على رأيه بأنه سيعود و لن يستمر ..
ودع الأصدقاء بعضهم وبدأ وليد بالعودة بينما واصل أمجد و ياسر الرحلة .
ذاب الثلج الذي على الجبل و تحولت أنهاراً سريعة و شلالات سريعة الجريان و الإندفاع مما أغلقت كل الطرق نحو القمة فكر أمجد و قرر أن ينتظر حتى تخف سرعة إندفاع الشلالات و سرعة جريان الأنهار , و لكن هذا لم يعجب ياسر الذي كان متسرعاً جداً و لا يحب الإنتظار فقرر أن يذهب و يبحث عن طريق خالي من الثلوج الذائبة لكي يصل سريعاً , رفض أمجد هذا القرار المتسرع و قال لننتظر قليلاً حتى نرى ما سيحدث , و لكن ياسر رفض و خرج سريعاً لحق به أمجد خوفاً عليه حتى لا يصاب بأذى ..
مشوا مسافة ليست بالقصيرة و لكن سرعان ما واجهوا إنهيار ثلجي هربوا من مواجهته و صعدوا فوق صخرة كبيرة في آخر لحظة بفضل الله ..
من كثرة الخوف و الهلع الذي اصاب ياسر ظل ساكناً لفترة زمنية أما أمجد فلم يحدثه ..
بعد أن إلتقط ياسر أنفاسه إعتذر من أمجد و اعترف بخطأه ..
إنفجر أمجد غاضباً و قال :
= عن ماذا تعتذر لقد كدنا أن نفقد حياتنا ...
لا يجدي الإعتذار يا ياسر , التعقل و التأني هو الأفضل في مثل هذه الحالات .
عادوا أدراجهم من حيث أتوا لأنه المكان الوحيد الآمن و الذي يعرفونه حالياً ..
مرت عدة أيام و امجد و ياسر يواصلون الصعود و الطريق تزداد وعورة و صعوبة , و في يوماً من الأيام و هم يصعدون إذا وجدوافي الطريق حفرة مليئة بالحيات و العقارب خاف أمجد و ياسر و ابتعدوا قليلاً و فكروا في طريقة كي يتجاوزا هذه الحيات و العقارب خصوصاً أنه لا توجد أي طريق اخرى إلا من فوق تلك الحفرة ..
و بينما هم يفكرون رأى ياسر جذع شجرة مرمي عن قرب و فكر بأن يمده بشكل مناسب بحيث لا يلامس الحيات و يستطيعون المشيء عليه دون أن تشعر بهم الحيات , و هنا وافقه أمجد على الفكرة و اتفقوا بأن لا يصدروا أي صوت حتى لا تتحرك و تلدغهم ..
مر أمجد و ياسر على الجذع بهدوء و لكن عندما كادوا يصلون إلى المكان الآمن تعلقت إحدى العقارب برجل ياسر و لدغته أمسك امجد صديقة حتى وصلوا إلى النهاية و أخرج حقيبة الإسعافات الأولية كان قد أحضرها معه و لحسن الحظ أن اللدغة كانت سطحية إستطاع أمجد أن ينقذه و طلب منه أن يستريحوا حتى الغد فربما اللدغة يكون لها أثر يجب أن يتأكد و لا يتعب نفسه فوجدوا مكان آمن يستطيعون البيات فيه ..
جلس الإثنان حول النار الذي أشعلها أمجد و خاف أن يكون قد أصاب اليأس من ياسر فحاول أن يرفع من معنوياته :
= الحمد لله لقد إقتربنا من القمة يا ياسر لا تخف فما هي إلا أيام قلائل تفصلنا عن القمة ..
رد ياسر ببرود :
= إن شاء الله المهم أن لايذهب كل هذا التعب و الجهد هباء .
= ماذا تعني ؟!!
= أن نصل إلى القمة و لا نجد أي نبتة و نكون قد خسرنا الوقت فقط .
= لا تقلق فأن الله لا يضيع اجر من أحسن عملا .. فلنحسن النية و سنجد ما نرغب به إن شاء الله ..
تحسن ياسر فواصل الصديقين الرحلة , مرت أيام قليلة خسر فيها أمجد و ياسر الكثير من وزنهما بسبب ما أصابهما من الجهد و التعب و الخوف الذي كانوا يواجهونه مع كل عثرة أو عقبة ..
و بعد كل هذا التعب و الجهد و التعاون الجميل وصلوا إلى القمة ..
فرح الصديقان و قام ياسر بإحتضان صديقه و رفعه أكثر في الهواء لقد نسي ضعفه بعد أن وصل لذلك المكان ..
و بعد أن إستراحا بحثا عن النبتة و لكنهم لم يجدوها و هنا خابت آمالهما , و تحولت سعادتهما إلى حزن و قلق مريع ..
غضب ياسر جداً و قام بأخذ عصا من الأرض و ظل يضرب بها يميناً و يساراً مثل المجنون , أمسكه أمجد بقوة و حاول أن يهدأه , و لكن دون فائدة ..
كان يصيح مثل المجنون و فجأة هدأ من ثورته , فاعتقد أمجد أنه سوف يستمع له :
= إنتظر يا صديقي فلربما لو صبرنا عدة أيام سوف تنبت هذه النبتة , و ظل أمجد يحدثه بفوائد الصبر و طعم النجاح الذي سوف يجنونه ..
و بينما أمجد يتحدث و ينظر للسماء حتى إلتفت فجأة وجد أن ياسر سوف يلقي بنفسه نحو الأسفل , ركض أمجد حتى يمسك بصديقه و يحاول أن يثنيه عن عزمه المجنون , و لكنه تأخر فقد سقط صديقه أمام عينيه ..
سقط أمجد على قدميه و بكى بكاءً شديداً فقد خسر صديقه , نعم لقد رمى نفسه أمامه و لم يستطع أن يمسكه ..
ظل أمجد وحيداً دون صديق في قمة هذا الجبل ليس معه أحد غير إحساسه بوجود الله معه .. و الأمل يعيش بداخله بأنه سوف يجد تلك النبتة ..
و بعد مرور عدة أيام ظهرت نبتة صغيرة تشق سطح التربة فعرف أمجد أنها هي نبتة السعادة و النجاح .. فظل يسقيها بما تبقى لديه من ماء حتى كبرت و أصبحت جاهزة للقطف ..
عاد أمجد لوطنه و بيته و في يده نبتة السعادة و النجاح التي حصل عليها ..
الروابط المفضلة