ولدي الحبيب /
أشواقي أبثها لك عبر سطور رسالتي هذه , والتي أظنها رسالتي الأخيرة .. فقد طالت غيبتك وأظن العمر لن يمهلني أكثر من هذا , ولن يمنحني الوقت حتى أراك .
وأتعجب من الدنيا ياولدي ، فقد كنت قديماً لاتتركني ولاترضى أن أبتعد عنك ولو قليلاً ، كنت تجري خلفي من حجرة لحجرة تمسك بثوبي كي أحملك وتظل أنفاسك قريبة مني , كنت تشعر بالسعادة وأنا ألعب معك وأجري خلفك وأحملك على ظهري ، وأتجول بك في أرجاء البيت بلا ملل , كنت تملأ البيت صراخاً إن خرجت بدونك فأعود إليك ولايتحمل قلبي صرخة من صرخاتك ، أضمك لصدري وأقبلك فأنسى كل متع الدنيا وأبقى جوارك دون حاجة للخروج والتنزه , وفوق كل ذلك ، اعتذرت عن العمل وتركته بلا عودة من أجل متعة البقاء معك , كنت أنتفض فزعاً عندما تصرخ أو تحزن ، أنهض من نومي وأحملك بين ذراعي أقبل خصلات شعرك وأتلو عليك ما استطعت من آيات الحفظ والأمان .
حين يصيبك المرض كنت أدعو الله أن يشفيك ويصيبني ما أصابك , تخور قواي ولايهدأ لي جفن حتى يتم شفاؤك ،
كنت دوما معي حتى في صلاتي أطيل سجودي وأدعو لك بطول العمر والصحة والسعادة .. وها هو حلمي قد تحقق ..!! أصبحت رجلاً ناضجاً قوياً ذو شخصية رائعة ناجحاً وشاباً يتمتع بكل مقومات الحياة السعيدة ،
أما أنا يابني فقد كبر سني واعتلى الشيب رأسي ورسمت الأيام التجاعيد وحفرتها على وجهي ، وربما خف عقلي كما تقول عني ..!
توقعت أن أجدك جانبي . تحنو علي وتخفف عني عناء السنين .. توقعت أن تظل متعلقاً بثوبي لاتريد فراقي .. ليس لرد الجميل ولكن لأجل الحب الذي جمعنا سنين , لأجل الدم الذي يسكن في عروقنا ..!
ياولدي تخنقني العبرات الآن فأجدك تتضجر من كلماتي وتتأفف من أفعالي , أسمع دعواتك في جوف الليل أن يعجل الله بخاتمتي وأن يرحمني ويأخذني إليه سريعا ، فتنهمر دموعي وتتساقط بغزارة ، وأتعجب وأنا أسأل نفسي :
علام هذه القسوة ..؟ ومن متي هذا الجفاء ..؟ هل جرد الخالق قلبك من العواطف فأصبح كالصخر لا تؤثر فيه العواطف ، أم انشغلت بمن هم أولى مني ..؟ أو أنكرت حبي لك ..؟ ونسيت أو تناسيت ما بذلته في تربيتك ؟
ألم يأن لقلبك القاسي أن يرفق ويشفق بمن تعبت وسهرت وضحت من أجل إسعادك ..؟
تتحجج بأعمالك وزوجتك ومسئولياتك لتهرب مني ولاتكلف نفسك عناء النظر إلى وجهي القبيح الذي ملأته الأيام بالتجاعيد وغطاه المرض بالصفار والشحوب ..!
قم ياولدي وارحل .. لاتكلف قلبك محبتي ولا تجلس معي وأنت تتضرر، وتتأفف ، وتنظر لساعتك مراراً .. قم وارحل وعندما تشتاق لحناني ، تعال لأضمك من جديد لصدري ..!
ارحل يا حبي الوحيد وإطمئن سأوصي الخادمة أن تبلغك حين يقبض الله روحي وأظنك حينها سترتاح وتتنفس الصعداء ..!!
وداعاً يا قلب أمك .. وداعاً يا فلذة كبدى ..!!!!
الروابط المفضلة